أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نوفل شاكر - نوستالجيا وطنية!














المزيد.....

نوستالجيا وطنية!


نوفل شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 6681 - 2020 / 9 / 19 - 00:11
المحور: الادب والفن
    


...........................

" لقد ورث البعث مع استلامه للحكم عقدة " فقدان السلطة" التي شكلت هاجساً مرعباً للقيادة البعثية... لذلك فلم يكن العمل بشعار " جئنا لكي نبقى" محض ألفاظ. كان تصميماً جدياً على البقاء. بكل السبل ومهما كان الثمن. وخلف هذا يكمن الطابع الدموي للنظام وقيادته، وتكمن فيه أيضاً بعض أوجه سياسة التحالفات والمناورات السياسية المؤقتة والدائمية".

سلام عبود، " ثقافة العنف في العراق".


من يبحث في طبيعة الأسباب التي جعلت حزباً ك " حزب البعث العربي الإشتراكي" يحتفظ ويحافظ على السلطة في العراق لحقبة تمثلت بثلاثة عقود ونصف، سيجد بأنّ من أحد هذه الأسباب وأهمها هو نجاح هذا الحزب في عملية تبعيث المؤسسة العسكرية.

إنّ عملية تبعيث المؤسسة العسكرية، هي تطورٌ حتمي لطبيعة تداول السلطة في العراق، هذا التداول القائم على الصيغة العسكرية، وبذلك فإنّ الاعتماد على المؤسسة العسكرية كان غير آمن ومضمون العواقب، مالم يتم تحويل الجيش إلى مؤسسة محتكرة بعثياً.

لكنّ الخطوة الأكثر خطورة من ذلك، كانت التي حققها صدام حسين ( المدني الذي يحمل أعلى رتبة عسكرية) في السير بأشواط أوسع في عسكرة المجتمع، محققاً بذلك شكلاً فريداً لإدارة السلطة، يتمكن فيه باختصار إدارة المجتمع، بما في ذلك الجوانب المدنية.

إن علاقة العسكر بالسلطة ترجع بداياتها إلى بداية تأسيس ما يسمى ب " الحكم الوطني في العراق". فقد كان رموز المؤسسة العسكرية هم أول من استُمزج في تعيين الملك فيصل الأول، وتولى قادتها مراكز سياسية، وشغل العسكريون 61‎%‎ من المناصب الوزارية للفترة1921- 1958

إنّ طبيعة النظام الملكي في العراق، أدّت إلى تكريس الوجود العسكري في الحياة الاجتماعية والسياسية، من خلال الهيمنة على الوظائف الحساسة في هيكل الدولة الفتية، حتى المدنية منها، كالمديرين العامين، ومتصرفي الألوية، ومديري الأقضية والنواحي وغيرها من الوظائف.

لقد تم تعظيم دور الجيش في تشكيل الدولة، من خلال تحويله إلى جهاز قمعي لمصلحة الدولة، وأسناد مهمات قمع الانتفاضات والثورات المستمرة، وأبرزها قمع الإنتفاضة الكردية 1931. والإبادة الجماعية للآشوريين 1933. وقمع الآيزيديين 1935. وسحق عشائر الديوانية 1936.

إنّ شعار " ألله... الملك... الشعب" كان شعاراً شائعاً في الدول ذات الأنظمة الملكية. لكن في العراق فقد تم تحوير هذا الشعار ليصبح " الجيش" بديلاً عن " الله" يحظى بقبول المزاج " الوطني" ليصبح العقيدة التي قامت عليها الدولة العراقية.

إنّ هذه العقيدة " الوطنية" هي التي مكّنت العسكريين من السيطرة على مقاليد الأمور، بعد أن تحولت الدبابة إلى مفردة للغزل السياسي في العراق، فحدثت انقلابات 1936 و1941 و1958 وانتقلت قيادة السلطة بأيدي عسكريين محترفين، بل أن ضابطاً عسكرياً كعبد السلام عارف، ابتدع نصاً دستورياً في 1964 منح بموجبه " مجلس الدفاع الوطني" الحق بمشاركة مجلس الوزراء في تعيين رئيس الجمهورية.

ولقد وصلت العقيدة " الوطنية" ذروتها على أيدي البعثيين الذين قاموا بتحويل حزب البعث بأسره إلى مؤسسة عسكرية استخبارية ترتدي ثياباً مدنية ( السفاري). من ثم جرى بعد ذلك تحويل المجتمع كله إلى العسكرتاريا عن طريق قوانين عسكرية: التعبئة العامة، قوات الاحتياط، الجيش الشعبي، الفدائيين، الأشبال، تمديد فترة الخدمة العسكرية، شمول خريجي الكليات بالخدمة العسكرية.

إنّ كل الرؤساء ارتدوا البدلات المدنية... حتى العسكريين منهم، بينما ظلّ صدام يصر على ارتداء البزة العسكرية، ويلبس قادته ووزراءه هذه البزة، بما فيهم وزراء الصحة والنفط والري والتخطيط والثقافة والتربية والصناعة والتعليم العالي!

وصلت ظاهرة العسكرتاريا إلى قمتها، عندما تمت عملية عسكرة الثقافة تحت شعار " أدب المعركة" والتي قدمت " مسابقات قادسية صدام" و " نص المعركة" و " قصيدة الفاو" و " نص الفاو" وقد انخرطت شريحة كبيرة من الأدباء وصُنّاع الثقافة في هذه المسابقات، محققين بذلك تتويجاً ثقافياً مشيناً مشرعناً للعنف والعسكرة التي يقودها صدام في العراق.

وقد ترجم بعض الكتاب، عقلية العنف السلطوي هذه، بقصص وأعمال أدبية، حصدوا فيها الجوائز. تأمل هذا النص المرعب من رواية " خط أحمر " لجاسم الرصيف: " الإعدام هو الحل ( الوحيد) للصوص ورجال الطابور الخامس في الحرب. الحزم هو الحزم. وإلا لن يكون الشرق شرقاً. أجل. ولن يكون للتخلف والخواء معنى بدون( الموت الشرس) مادامت ثمة عقول تريد ذلك وتبحث عنه".

إنّ هذا النص يلخص عقيدة الدولة القومية بكل تجلياتها، هذه العقيدة التي تؤسس لمفهوم الوطنية عن طريق العنف ولغة العسكر. إن الطقس الثقافي _ كوسط ناقل للموروثات الثقافية والاجتماعية_ يمكن له أن يظهر بطرق معقدة، من ضمنها صور مموهة تحمل دعوة إلى حب الوطن!

يكتب وارد بدر السالم ( أحد شعراء قادسية صدام) : " واحترقت قلوبنا على حاضر كان بالإمكان أن يبقى حاضرنا الذي رضينا به بعد الحرب الأولى، حاضر السلام الذي كان ملكنا، الحاضر الذي انتزعناه من أسنان تلك الحرب بالدماء والشهداء والصبر الرجولي الطويل". ليس وارد الوحيد الذي ظلّ يحتفظ بهذه ال" نوستالجيا"، فكثيرون غيره تضجُّ صدورهم بالحنين إلى أيام صدام وقادسياته المجيدة، لذلك نراهم يتحسرون بألم على أيامها وأجوائها المثيرة للشجن! يحدثك بألم وحسرة عن أيامها الذهبية ويقول لك بتحسف: " كانت دولة!"



#نوفل_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الويل لثقافةٍ تقودها شخصياتٌ بوفارية
- لن ننسى... كيلا يتناسل الشر!
- القرن الأميركي لن يكون أميركياً


المزيد.....




- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نوفل شاكر - نوستالجيا وطنية!