أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوخنا أوديشو دبرزانا - حنانيا المتخاذل















المزيد.....

حنانيا المتخاذل


يوخنا أوديشو دبرزانا

الحوار المتمدن-العدد: 6632 - 2020 / 7 / 31 - 13:47
المحور: الادب والفن
    


حنانيا ماذا تفعل هنا في هذه القفار وفي هذا الوقت المتأخر؟ لو لم اعرفك لما وقفت ولولا معرفتي بك لقلت أي مجنون هذا ؟ صعد حنانيا مبتسماً دون أي رد , إنه ((جاجو)) وهو تحريف لغاية التحبب لاسم لازا وليس مفهوماً لأي أشوري لماذا هذا التحريف بالاسماء فمثلا يوخنا يلقبونه بجنو أو كنو ويونان بنانتو وعمانوئيل بمانو وقس على ذلك صفحات من الأسماء المحورة أهي رغبة فطرية بالعودة إلى أسمائهم الوثنية قبل قبولهم المسيحية تيمناً بأسماء الالهة والملوك المنتهية بعضها بالواو؟ أو ربما من الموروثات القابعة خلف أحاسيسهم
عدم رد حنانيا يعود لسببين أولهما وجوده في هذه المنطقة أمر يعنيه وحده ولا رغبة له بمشاركة الآخرين به . ثانياً جاجو هذا السليط اللسان قد يستوعب بعد حين وبعد جهد الشرح ولكن ليس في ظرف كهذا في سيارة تنقل ما يزيد عن ثلاثين راكباً . تكرار تواجده في
هذا المكان يثير استغراب أغلب سائقي خطوط الحسكة والبلدات والقرى المرتبطة بها من الطرف الشمالي لنهر الخابور وكذلك المسافرين من معارفه .
المرة الأولى كانت صدفة اكتشافه الراحة في عزلته في هذا الموقع الجبلي حيث كان في طريقه إلى قريته هاربا من المدينة هاربا من ذاته هارباً من التقييم لقد تزاوجت الحكمة مع الجبن والتخاذل ,عبثاً يحاول فصلهما فالحكمة قالت لا تركب السيل الجارف من دون وسيلة للنجاة والشهامة قالت من الجبن ألا تحاول إنقاذ من كان يستغيث ويتوسل الانقاذ . وتبقى تلك الأنات و الصرخات والتوسلات أخاديداً محفورة في ضميره لعدم مجابهته اولئك الاوغاد أبو عزوز مسؤول مفرزة الأمن السياسي وابنه الطالب الجامعي .
قبل الوصول إلى منحدر جبل(( الحًمة ))المطل على سهول القرى المستلقية بوداعة على كتف نهر الخابور طلب من السائق الوقوف . فضل عدم تكملة المشوار , لم يرغب الذهاب إلى الضيعة محبطاً وكئيباً . لن يهتم لما سيقوله عنه السائق والركاب وما يراودهم من ظنون . نزل غير آبه لغادة مرحة العينين رمته مرارا بنظرات مضيافة .
هروبه من المدينة أو هروبه من ذاته مرده عجزه و جبنه في تخليص فيكتورمن الكابل الرباعي والرفس والدعس على الرأس وعصي الخيزران المنهالة على الجسد المنهك بالعقاقير والادوية المهدئة لحالته . أناته وصراخه أيقظ الحارة العسكرية في مدينة الحسكة من قيلولتها في ذلك اليوم القائظ . للأسف الحارة جبانة . هذه الحارة المكنية بالعسكرية تيمناً بأولئك الأبطال من الكتيبة الكلدو اشورية التي ساهمت في تحرير الجزيرة السورية من نير وخوازيق الاستعمار العثماني . هذا ما تدل عليه وتشهد له تلك الثكنة المطلة على المدينة . حال هذا الحي صورة عن حال سوريا الكل يمشي مع الحيطان ومن ربه يطلب الستر . مرة تجرأ أحدهم بالقول لعنة الله على مدينة يحكمها رقيب ومساعد فأستضيف لشرب فنجان قهوة في مفرزة الرقيب . أما القهوة المرة فشُربت في خيمة عزائه بعد حين حيث مات قهراً . أما منقذ فيكتور كان مساعدا ً في السلك ذاته ومن طائفة ذلك النذل . كان المساعد أبو حاتم وافراد عائلته موضع محبة واحترام أهل الحارة وكثيراً ما صرح لأصدقائه وجيرانه برغبته للعودة إلى سلك الشرطة المدنية رافضاً هذه الوظيفة الحقيرة المفروضة عليه حيث انتدب إليها دون علمه .
ليس من أحد يعرف عن فيكتور أكثر مما يعرفه حنانيا . علاقة روحية كانت تجمع عائلتيهما بعيدة عن أي مصلحة أو منفعة أو قرابة , مجرد صداقة عائلية . فِعلَة ابو عزوز وابنه الشنيعة سببها شتم فيكتور لجمال عبد الناصر وحافظ الأسد أما الغاية الحقيقية هي إثارة الرعب في قلوب أهل الحارة العسكرية أي جعل من الضرب المبرح لفيكتور رسالة تحذير لأهل الحي وبالتالي للمدينة بأكملها هذا ما كان يكرره بأعلى صوته والله راح أو أدبكم والله يا عملاء يا خونة الثورة وذلك لتذمر أهل الحي من عنجهيته وبالأخص بعد استيلائه على دار المتعهد أدونيس عنوة وكأن ظلم محافظ الجزيرة آنذاك لأدونيس لم يكن كافياً . مشكلة المسكين أدونيس نزاهته و جهله بأصول اللعب مع الجرذان فقد رست عليه مناقصة بناء مركز حكومي في المدينة . كان عليه مشاركتهم على مبدأ أعطي التسعة واكتفي بالواحد لذا لم تصرف مستحقات ما أنجزه من أعمال فأدى ذلك إلى الإفلاس والاستيلاء على داره .غادر الوطن ومات قهراَ في غربته . السبب الأخر لفعلة أبو عزوز رغبته في فرض نفسه كرؤساء باقي المفارز الامنية الأخرى حيث كان جديدا على المهمة
شتائم فيكتور كانت سابقاً لعبد الناصر وأمين الحافظ ونور الدين الأتاسي أي للرؤساء السابقين لكنه لم ينس الإشادة بالرئيس ناظم القدسي وما من أحد وبخه ولم يبال أي مسؤول حزبي أو أمني في تلك الازمنة بل كانوا يهزون رؤوسهم تأسفاً للحالة التي وصل إليها ذلك المهذب الوسيم الخلوق حتى شتائمه كانت في غاية التهذيب, فقط عبارة ((فيكتور أتاك الشرطي )) من صبي أرعن كافية لاثارة واحالة فيكتور الوديع إلى زوبعة هوجاء وهو أيضاً كان مؤمناً بالزوبعة شعارا ذلك الشعارأيضاً من أسباب حالته المرضية .
لم يكن أولاد الحي الأصليين يثيرونه فهم على العكس ودودين معه, يبادلهم محبتهم جميعهم سمعوا من آبائهم عن الأستاذ فيكتور عن طيبته وسمو أخلاقه قبيل مرضه حيث عمل مدرساً في مدرسة كنيسة الكلدو اشورية يوم كان للكنيسة مدرسة . إنما أبناء نزلاء الحي ممن رحلوا من قرى المحافظة أو من المحافظات الأخرى بينهم عائلات مطرودة بحكم العادات والتقاليد العشائرية وبعض آخر موظفين انتدبوا للعمل في الحسكة كذاك المساعد المتقاعد المتباهي بإنجازاته في سلك الأمن السياسي أيام المكتب الثاني أيام جمال عبد الناصر والوحدة السورية المصرية التي لم تكن اقل شناعة عما يحدث الآن . يُعتقد هو من سرب لأبنائه وأقرانهم بما يهيج فيكتور.
لقد كان الشيوعيون والقوميون السوريون أهدافاً مستباحة للمكتب الثاني معرضين للاعتقال والاهانة والتصفية كما حدث للشيوعي فرج الله الحلو المذاب في الاسيد وكما حدث لأحد أبناء المدينة من القوميين السوريين حيث حوصر في جزيرة على الخابور جنوب الحسكة وشوهدت جثته مخترقة بغصن حاد لشجرة صفصاف . ما حدث لفيكتور كما يروي حنانيا مختلف تماماً فقد أفشى سراًأدى إلى هروب مطلوبين واكتشفوا أثناء التحقيق معه انتمائه أيضاً للحزب القومي السوري فقصته كالآتي . تقديراً لإخلاص والده كحارس لقائد شرطة المحافظة عمل قائد الشرطة على نقل فيكتور إلى دائرة الأمن العام في الحسكة أثناء أدائه للخدمة الإلزامية المفروضة على شباب الوطن السوري كي يكون قريباً من أهله . في مناوبة ليلية لفيكتور تلقى برقية سرية تأمر باعتقال تسعة من شيوعيي المدينة وكانوا من مختلف التركيبة الفسيفسائية الاثنية للجزيرة السورية بينهم زملاء أيام دراسته الابتدائية والاعدادية فبدل أن يُبَلغ قادته غامر وبلغ أحدهم رغم العداء بين الشيوعيين والقوميين السوريين آنذاك . أولئك الشيوعيون تمكنوا من الهروب أما هو اقتيد إلى قيادة المكتب الثاني في مدينة القامشلي وتعرض لشتى أنواع التعذيب من قلع الأظافر والصعق الكهربائي وإطفاء السجائر على جسده والضرب على الرأس مما سبب له أرتجاجاً في المخ ومرضاً نفسياً ظل مرافقه إلى يوم رقاده على رجاء القيامة . لقد كانت خدمة قائد الشرطة نقمة على العائلة ولم يسع لمساعدته وتخليصه . كان ذاك القائد أسير العقدة العروبية الناصرية وربما أسير تربية بيتية متزمتة متجردة من إنسانيتها فهو من وقع أمر اعتقاله وإحالته إلى قيادة المكتب الثاني علماً كان بإمكانه تفادي ذلك أما فيكتور المتحرر من عقدة الالتزام أضحى ضحية حسه الإنساني النبيل المتجذر من بيئته العائلية . حقاً كانت شتائم فيكتور الجواب العفوي الصادق للمستبدين .
كان فيكتور تقياً مؤمناً ذو صوت وأداء رائعين للتراتيل من ميامر مار أفرام السرياني ومار نرساي تعود حنانيا سماعه ليس في الكنيسة لكن في كل صباح من أيام الآحاد حيث يزورهم ليتناول فطوره مع حنانيا وعائلته ويلاعب أبناء حنانيا .
ما زال حنانيا متذكرا ليلة عرسه حينما اقترب منه فيكتور مهنئاً ومردداً مقولة أنطون سعادة إن فيكم قوة لو استغلت لغيرت العالم !!
كثيراً ما ناقش حنانيا فيكتور في ايديولوجية أنطون سعادة منتقداً في أربعة أمور أولهما الجغرافية حيث حنانيا كان يؤكد على سوريا والعراق ولبنان فقط هي الوطن السوري وثانيهما معاداة اليهودية ففي منافاة وجود اليهودية في فلسطين منافاة للمسيحية والإسلام معا فليكن لليهود لهم كيانهم . فقط فيكتور كان يتفق مع حنانيا في فكرة منافاة العنف وكذلك في موضوع اللغة التي أعتبرها (أنطون سعادة ) مجرد وسيلة للتفاهم
بعد مغادرته الباص سار بين شجيرات الصنوبر والسرو والكينا القزمة فسكان هذه المنطقة لا يدعونها تكبر كأن لهم عداوة مع الشجر رغم محاولات الحكومات المتعاقبة تشجير الجبال والبادية وتسوير المدينة بشريط من الغابات . إن نزعة البداوة ما زالت ماثلة رغم تمليكهم للأراضي الزراعية بموجب قوانين الإصلاح الزراعي الجائرة ربما الأجيال القادمة ستعشق أيضاً الأشجار . الأرض ستعلمهم لاحقا محبة الشجر مثلما علمتهم زراعة القطن . هذه الغابة يعرفها جيدا فعلى بعد ثلاثمائة وخمسين مترا من الطريق شجرات غرسها مع زملائه تحت نظر محافظ الحسكة آنذاك حيث كان يراقبهم و يسمع أحاديثهم تذكر حنانيا حين فاجأهم بقوله (برافوشباب سيأتي يوم ويتنزه أولادكم في هذا المكان ). كان ذلك يوم عيد الشجرة . هذه الشجيرات من المفروض أن تكون أشجاراً باسقة وارفة الظلال عمرها يتجاوز عقداً من الزمن لكن خبز الصاج يلتهم أغصانها كلما امتدت في العرض أو أمتشقت في الطول . تعمق في الغابة أكثر بين كتل الصخور البازلتية ماشياً بتأن متحاشياً إزعاج هامات شقائق النعمان المتراقصة مع النسمات كم تمنى لو بإمكانه السير دون أن تلامس ارجله هذا الروض وتخدش نعومة البابونج وتزعج بتلات الزعتر إنه مهرجان الألوان . شتاء هذه السنة كان رحيما سخياً بالامطار والثلوج .
توجه صوب الغرب بلغ المنحدر المشرف على سهول الخابور بساط أخضر على مد البصر يتخلله شريط متماوج زاهي الألوان بشائر التفاح والمشمش والرمان والنبيذ . إنه شريط قرى الخابور الآشورية تلك القرى المستلقية بوداعة على كتف حبيبها ذلك النهر الوديع .في أماسيها تمتزج روائح البخور والعرق والزيزفون ويطيب شرب شاي ((الدشلاما)) وعلى الصفصاف يترنح الدرغل ليلاً لأغاني السكارى وفي عشه تحت سقوف دورهم الطينية يضحك العصفور الدوري الازعر على وقع همهمات وقهقهات وأحاديث العشق ونكاتها.
في هذا المكان في المرة القادمة لن يكون وحيدا هذا السجاد هذا المنسوج الإلهي ستشاركه به صديقته .
حينما بلغ المنحدر رأى الصخرة تلك الكتلة البازلتية المتميزة عن مثيلاتها التي تتراءى له دائما من السيارة في حال صعود الجبل حين العودة إلى الحسكة كم كان يتمنى أن تكون له تلك اليد الذكية كما لصديقيه دنخا واوديشو لكان أمضى وقته في نحت ما يخلد هذا الزمان كما خلد الفنان الآشوري القديم الثور المجنح كما خلد الفنان الإغريقي افروديت والفنان الروماني موسى وفينوس . في المرات القادمة سيجلب المنظار الألماني هدية العم كيوركيس هذا المنظار الذي حصل عليه العم كيوركيس بقتل ضابط ألماني كان يتقدم الجيش التركي في الحرب العالمية الأولى . بهذا المنظار سيمتع النظر بهذا الجمال الممتد من جبل((الحًًمة )) الى جبل عبد العزيزجنوباً إلى تل مغاص غربا حيث يحجب جبل ((الحًمة )) هناك امتداد النظر إلى منابع النهر وسيلقي بنظرة إلى جبل الكوكب شرقاً
كان هروباً آنياً في خلوته . على تلك الصخرة تلاطمت التساؤلات في رأسه مرة أخرى ماذا كان سيحدث لو تدخل لوحده ؟ هل كان سيتعرض لما تعرض له فيكتور؟ هل كانوا يلفقون له تهمة ؟ ماذا لو عرفوا أنه منتمي لتنظيم سياسي مناوئ ؟ماذا لو حَرَض أهل الحي للتحرر من عقدة خوفهم ؟ في ذلك أيضاً مصيبة كانوا يستقدمون قوات ويُتَهم أهل الحي بالعصيان والتمرد على الدولة كما حدث لقرية تل كوران ((جيلو)) الخابورية أيام عبدالناصر عندما هب أهل القرية لنجدة المختار من براثن مدير الناحية وشرطته فاعتبر تمرداً ونيلاً من هيبة الدولة ولولا وقوع الانفصال وتحرر سوريا من عبد الناصر لكان مصيرهم مجهولا بحسب القوانين الجائرة لعبد الناصر . بعد توديع الشمس لهذا القسم من الكرة الأرضية على موعد اللقاء في فجر قادم جديد داعية الرعاة والفلاحين لتوديع قطعانهم وحقولهم والعودة إلى أحضان دورهم الحنينة , على حنانيا ايضاً العودة , فكان ذلك الباص و((جاجو)) آخر سائق عائد إلى المدينة . وصل المدينة شارد الذهن سارحا في فضاء ذلك النهار الطويل وجد نفسه في الحارة العسكرية وبيد متراخية تطرق الباب بخجل . خجله من مواجهة فكتور أو ممن سيفتح له باب الدار. كانت الساعة تقارب التاسعة مساء وفيكتور يتألم وأنينه يتناهى لأسماع الزوار في الحديقة ولج حنانيا غرفة فيكتور حاول فيكتور مد يده مصافحا . ارتمت اليد انحنى حنانيا وقبلها معتقداً وإن لم يكن مؤمنا الكفاية إن السجود للسيد المسيح هو سجود لآلامه , لآلام الإنسان . أزاحت شقيقته الغطاء عن النصف الاعلى من جسده كدمات وخارطة مسارات متقاطعة رسمتها السياط بالازرق والاحمر على الظهر والصدر وجروح عميقة في الرأس وتخاله فاقداً لعينه اليمنى . قالت لقد زارنا الطبيبا ن حنا ويوحنا كشفا عليه ووصفا الأدوية الضرورية . قرر حنانيا السهر على فيكتور ليدع شقيقاته وأباهم المفجوع ليرتاحوا ليكون هو مع فيكتور بدل أن يكون فيكتور معه مؤرقاً . ربما بذلك بعض من التكفير عن تخاذله .
بعض من أحاديث الزوار كان مشمئزاً الى حد القرف طبعاً نتيجة الجهل أو الخوف كأن يبلغ عن الفاعل لرئيسه المباشر وأخر يقترح يأن تقدم الشكوى إلى (( أبو جاسم )) مشيداً بأخلاقه ومناقبه . إنه الحاكم الفعلي للجزيرة فهو مسؤول الفرع الأمني الاقوى وما أدراك من يكون أبو جاسم !! إنه روح حافظ الأسد تحوم على الجزيرة الذي جعل من أبناء الجزيرة نفوساً خاوية خربة يعشعش فيها البغض والعداء بعدما كانت نفوساً تغمرها المحبة والاحترام وخلافاتهم نادراً ما وصلت للقضاء . أبو جاسم مع الأكراد ضد العشائر العربية والسريان الآشوريين ومع السريان الآشوريين ضد الأكراد والعشائر العربية ومع العشائر العربية ضد الأكراد والسريان الآشوريين مع بعض الاكراد ضد الأكراد ومع العرب ضد العرب ومع السريان الآشوريين ضد بعضهم معتمداً على الحثالة من أبناء الاثنيات والطوائف والعشائر , يلعب مع الكل ويلعب على الكل غير متزوج لكن لا ينام ليلته أعزباً يمكن تكنيته بأبي الجواسم لأمهات من مختلف اثنيات وعشائر وطوائف المحافظة . إحداهن وبعفوية أقترحت إيصال الشكوى بواسطة إحدى حسناوات المدينة من زائرات لياليه أو عن طريق أحد القساوسة المقربين ذاك الذي يكني نفسه وأحد الأئمة بمسؤولي المفرزة الأمنية الروحية , لكن الشقيقات رفضن الاقتراح لكن أحداً لم يتجرأ بالتعليق أكثر فكل يشك بالآخر أو كما يقال للحيطان آذان . ويروى أنه التقى مرة ورفقة المحافظ وأمين فرع حزب البعث الحاكم بأحد القساوسة البسطاء الطيبين من قرى الخابور فهب القس لملاقاته ومصافحته بحرارة دون اكتراث بالآخرين فحاول تذكير القس بهما معرفاً بمكانتهما من باب اللياقة لكن القس لم يبال فأعاد التجربة للمرة الثانية فأجابه القس بعربية ركيكة ((أأرف أأرف يا أبا جاسم هذول كلهم خرجي مرجي كلهم فراطة أنت كله )) أي بمعنى نعم اعرفهم إنهم خردة وعملة من أصغر الفئات فأنت الكل بالكل .
بعد فترة شفي فيكتور من جروحه لكن جرحاً أكثر عمقاً ترك فيه وفي نفوس اهله ومحبيه وظلت كلمة الشرطي تستفزه ولم يتوان عن شتائمه إلى يوم رقاده الأخير على رجاء القيامة .
في نهاية الربيع العاشر بعد الالفية الثانية للميلاد . بكاه حنانيا كثيرا في غربته. في منتصف الربيع التالي انطلق الشباب السوري الجميل متجاوزاً أسوار الخوف مطالباً بالحرية لكن الحناجر الصادحة بأهازيج وأغاني الحب استؤصلت وقطعت أوصال الأطفال وهتكت أعراض والموت المكدس في براميل هبط من السماء وأمام فرن حلبايا مساء خميس الاسرار حسب التقويم الشرقي لبعض الكنائس ذكرى العشاء الأخير للسيد المسيح قبل أن يصلب مزج الخبز بالدم وفي مدن وبلدات أخرى انطلقت أنصال السكاكين مكبرة بالله وفي أخرى زغردت بنادق مغربلة بإسم الطائفة أجساداً بريئة
أما شتائم فيكتورللمستبد ((العن روحك يا حافظ )) أضحت على لسان كل سوري شريف غيور من حيطان مدرسة الأطفال في درعا إلى الجبل المجاور وإلى البحر وسهول الجزيرة وحدود لبنان وما زال الشباب الجميل يرقص(سكابا يا دمع العين سكابا على سوريا وشبابها ) قى الإصرار ويبقى الحلم بسوريا بيتاً للجميع دعائمه العدل والمساواة وسقفه الحرية . أما حنانيا ما زال يعيش تخاذله مقهورا لقد خذل نفسه قبل خذلانه لرفاقه , على الأقل أولئك تحرروا من خوفهم أما هو فما زال لابسه ما زال كابتاً غصته على كل مضطهد كما كبتها يوم كان طفلا في السادسة وانفجرت بكاء بينما أباه يقرأ سيرة يوسف الصديق و غدر وظلم إخوته . يوسف السوري ما زال مغيبا ربما في سجون وزنازين أو ربما في المقابر ويعقوب ما زال هائماً سارحاً يسأل عنه كل سلالات الذئاب وأسفاه ليس من جواب .

يوخنا اوديشو دبرزانا سكوكي في 25تموز 2020



#يوخنا_أوديشو_دبرزانا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ممن الأعتذار ؟ من المشانق أم من أردوغان ؟


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوخنا أوديشو دبرزانا - حنانيا المتخاذل