أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن عبود النخيلة - ثنائية المادة والصورة : ارسطو وافلوطين ومقاربات الميتامسرح















المزيد.....

ثنائية المادة والصورة : ارسطو وافلوطين ومقاربات الميتامسرح


حسن عبود النخيلة

الحوار المتمدن-العدد: 6612 - 2020 / 7 / 7 - 17:48
المحور: الادب والفن
    


إن الفلسفة (الأرسطية) في مهيمناتها البارزة من شأنها أن تمنح توجهاً فكرياً يعطي صورة ملامسة للممارسة الميتامسرحية - فإن ما يلفت الانتباه - هو تلك الحرية الفنية المتمخضة عن النظرية الأرسطية ، إذ لم يكن (أرسطو) يشابه (أفلاطون) في ذهابه إلى ربط الصورة الفنية بالمُثل اللامنتمية إلى العالم الأرضي ، إن مُثل (أرسطو) هي مُثل ملموسة ، وفي متصرف الفنان ، إذ أنها (( لا تقع في الماوراء ، بل هي موجودة في الواقع ))(1) . وتأتي الحرية الفنية المطلقة لدى (أرسطو) حصيلة لثقته بالفنان الإنسان ، ومكانته في الحياة التي تجعل منه أعلى مرتبة من المثل نفسها ، وهذا ما يتيح إليه إمكانات التصرف في إعادة إنتاج المثل إلى درجة إن يكون كمالها الصوري مقترناً به ، وبذلك فهو من ينتشلها من عالم العدم إلى عالم الوجود بخاصة ، وان مهمة الفنان عند (أرسطو) وإمكاناته المعرفية تتحدد في عثوره (( على الأشكال الدائمة التي تكمن وراء الظواهر المتبدلة للطبيعة ))(2). وبالتالي يكون الفنان مبتكراً لمثله ، خالقاً لها ، لذا ، فهو يسبقها بالوجود ولا يتأخر عليها - كما هو لدى أفلاطون – وبذلك يتجاوز (أرسطو) الثنائيــــــــة الأفلاطونية المرتبطة بالإمحاء ، والاسترجاع* ويستعيض بدلاً عنها بـثنائية (اللاوجود – الوجود) بوصف أن الفنان لديه خالقاً لمثل جديدة ، لم يكن لها وجود سابق ، فهي تبقى في حيز اللاوجود بفعل نقص في تركيبتها ، وضياعها في سيرورة الواقع اللامتناهية ، التي تجعل منها دون ثبات أو استقرار وبلا هوية ، هذا ما يجعل (( أرسطو يحاكم بقسوة تصور المثل الثابتة والنموذجية ، التي لا تأخذ بالاعتبار تنوع الواقع وحركيته ))(3).
إن النقطة البارزة التي من الممكن أن تشكل مرتكزاً تفيد منه الممارسة الميتامسرحية على الصعيد التأملي ، هو ذلك التمييز بين (المادة) و(الصورة) كما يرصده (برتراند رسل) في فلسفة (أرسطو) ، ولعل ما يقرب هذه المسألة بشكل اكبر ما يتمخض عن (النظرية السببية) التي تبحث في العلاقة بين المادة والصورة ، فالصورة (( لها جانب مادي وجانب صوري . والجانب الثاني ينقسم ثلاثة أقسام ، أولها هو الجانب الصوري بالمعنى الدقيق ، الذي يمكن أن نسميه التشكيل أو التصميم ، والثاني هو الفاعل الذي يحدث التغيير بالفعل ، مثلما يؤدي الضغط على زناد البندقية إلى إطلاق الرصاص . أما الثالث فهو الهدف أو الغاية التي يسعى التغيير إلى تحقيقها . هذه الجوانب الثلاثة تسمى الأسباب أو العلل الصورية )) (4).
ومن المفيد القول أن الميتامسرح المعاصر يفيد بشكل كبير في صياغة مهيمناته التأملية من العلاقة الجامعة بين (المادة ) و(الصورة) ، من خلال طرحهما بشكل يكشف عن انفصام هذه العلاقة ، وخلق تأملية اشد ما يميزها عنصر الارتياب ألسببي ، فما يعمل عليه المسرح المعاصر هو مضاعفة الارتياب بفعل تغييبه لسببية الفعل – فالصورة على المستوى المسرح السريالي او العبثي او اللامعقول تتناقض في جانبيها ألسببي (المادي) و (الصوري) ، وفي الوقت عينه فإن حركة الفعل الذي يستثيره تنامي الصورة يتم إغفال مصادره ، وعلاوة على ذلك فان السبب الغائي من وراء هذا النمو الصوري لا يُكشف عنه أيضاً . وهكذا يقوم الميتامسرح من اجل لفت الانتباه وشحذ ملكات التأمل بخلخلة العلاقات القائمة بين المادة والصورة - باتخاذ مسار يوظف العلاقات السببية في النظرية (الأرسطية) بما يتقاطع معها، وبذلك لا تلتقي (العلة المادية) مع (العلة الصورية) ولا (العلة الديناميكية) المقترنة بـ - الفعل- مع (العلة الغائية) المرتبطة بـ - الهدف- .
وفي العصور الوسطى وعلى المسار ذاته تتمركز في فلسفة (أفلوطين) أفكار تذهب إلى التأكيد على ثنائية المادة والصورة إذ يرى (( أن الأشياء رائعة من خلال احتكاكها بالأفكار . والجمال الذي تستوعبه مشاعرنا هو أحط أنواع الجمال . وكلما تخلصت الروح من الأشياء المادية الدنيوية كلما اقتربت من الرائع. كما أنها تقترب من الجانب الروحي كلما ابتعدت عن الرواسب المادية ))(5).
ولذلك يرتهن الجمال عند (أفلوطين) بالتحول من المادي الأدنى ، إلى الصوري الأعلى ، إذ يتمخض عن الإنتاج الجديد للمادي والارتقاء به - أي خلق صورة له - عوامل فكرية تجذب إليه الانتباه وتعزز من قيمته الجمالية ، (( فالجميل هو المصور والقبيح هو ما يخلو من الصور المعقولة والبرهان على ذلك أننا لو قارنا بين حجرين أحدهما قد نحت على صورة معينة كأن تكون صورة إله أو إنسان وترك الآخر بغير تشكيل أو صورة معقولة فإننا نلاحظ أن الأول سوف يتفوق على الآخر في القيمة الجمالية ))(6).
وفي فلسفة (أفلوطين) هذه ، القائمة في حكمها الجمالي على التفريق بين ثنائية المادة والصورة ما يلتقي مع جدلية هذه الثنائية في الممارسة الميتامسرحية .


























الهوامش
( ) مارك جيمينيز ، ما الجمالية ، ترجمة : شربل داغر ، ط1 ، ( بيروت : المنظمة العربية للترجمة ، 2009) ،ص 243.
(2) بنيامين فارنتن ، العلم الاغريقي ، ترجمة : احمد شكري سالم ، مراجعة : حسين كامل أبو الليف ، تقديم : مصطفى لبيب ، ج1، ط1 ، ( القاهرة : المركز القومي للترجمة ، 2011) ، ص 134.
* يعني الباحث بالإمحاء والاسترجاع : تفسير للنظرية الأفلاطونية التي ترى (( ان النفوس كانت توجد قبل الميلاد في عالم آخر ، عالم تسكنه الآلهة والمثل ، وفي هذا العالم تمت لها معرفة المعاني بالمعاني المجردة (المثل) ، ولكنها فقدت هذه المعرفة لحظة الميلاد . ومن ثم فإن عملية استذكار هذه المعرفة ، وهي ما نسميه تعلماً ، ما هو إلا عملية كشف الغطاء عن معرفتنا السابقة )) د. محمد عباس ، افلاطون والأسطورة ، ( بيروت : دارالتنوير للطباعة والنشر والتوزيع ، 2008) ، ص 89.
(3) ، مارك جيمينيز ، ما الجمالية؟ ، ص 244.
(4) برتراند رسل ، حكمة الغرب : عرض تاريخي للفلسفة الغربية في اطارها الاجتماعي والسياسي ، ترجمة : د. فؤاد زكريا ، ج1 ، ط2 ، ( الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب ، 2009) ، ص 55 .
(5) اوفسيانيكوف و. ز. سميرنوفا ، موجز تاريخ النظريات الجمالية ، تعريب : باسم السقا، ط2 ، ( بيروت : دار الفارابي ، 1979) ، ص 35.
(6) د. اميرة حلمي ، فلسفة الجمال أعلامها ومذاهبها ، ط1 ، (القاهرة : دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ، 1998 )، ص 89- 90.



#حسن_عبود_النخيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في فلسفة الثابت والمتحرك : الميتامسرح في اندماجه وانفصاله عن ...
- الفلسفة السفسطائية وتفكيك النص المسرحي : إلماحة في تأملية ال ...
- الاضداد الجمالية في الفلسفة الاغريقية والتأملية الميتامسرحية ...
- الرد بالجسد وخطابات اخرى


المزيد.....




- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن عبود النخيلة - ثنائية المادة والصورة : ارسطو وافلوطين ومقاربات الميتامسرح