أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد صلاح الدين - التاريخ يكره الفراغ















المزيد.....

التاريخ يكره الفراغ


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 1592 - 2006 / 6 / 25 - 05:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نعم تحدث أرسطو منذ ألفي عام في بحر جدله السياسي بأن التاريخ يكره الفراغ , لأن الطبيعة بذاتها تميل إلى الحركة والحراك من أجل مواجهة العقبات والصعوبات التي تعتريها وتقف عائقا في طريقها , إنها هكذا الطبيعة الانسانية للإنسان تكره الجمود والثبات وهي نقيضة له بالتمام , فالإنسان في سبيل سد حاجاته المتنوعة والمختلفة يسعى جاهدا بكل ما أوتي من قوة وقدرات في سياق وعيه التاريخي إلى تطوير أدواته ووسائله المختلفة من أجل تلبية حاجاته التي تؤدي في النهاية إلى إيجاد وضع انساني مستقر يتناسب مع ما فطر عليه طبيعيا من النواحي الذهنية والفسيولوجية والنفسية.

وهكذا فالانسان لامفر له أمام احتياجاته ومتطلباته إلا أن يسعى جاهدا لتحقيقها ولو في سياق حدها الادنى , وإلا فإن عجلة التقدم والتاريخ ستتوقف , وهذا ينطبق على الانسان الفرد والمجموعة والمجتمع والامة.

يحدث في التاريخ الانساني أن يقف الانسان دون التحرك والحراك بما ينسجم مع طبيعته , ولكن حتما سيكون حصاده والحالة هذه من نفس البذار , ستجده متخلفا , ضعيفا , ذليلا , مقهورا مسيطرا عليه من قبل اعدائه, الخ من الحقائق والصفات السلبية لحالة المخالفة للطبيعة الانسانية المبنية على الحركة والحراك وعدم الفراغ.

لكن على أي حال , تبقى للانسان قدرات محدودة لكبت احتياجاته المتنوعة الانسانية والاقتصادية المعاشية والسياسية الوطنية والقومية وغيرها , ما يلبث إلا أن تراه ثائرا ومنتفضا ومستخدما كل ما يمكن من أدوات وأساليب وطرائق في سبيل حاجاته ومتطلبات بقائه في وجه كل أولئك الذين يستعبدونه ويذلونه ويحولون دون عيشه بعزة أو كرامة .

وفي الشأن العربي على وجه العموم والفلسطيني على وجه الخصوص تعاني الشعوب من الذل والقهر والفقر والمرض والجهل , رغم ما أتيح لها من جغرافيا مترامية الاطراف متكاملة البنيان , موقعها كان ولا يزال قلب العالم برمته , ثرواتها متنوعة ومديدة والنفط فيها وغيرها من المشتقات البترولية يشكل ما يزيد عن نصف الاحتياطي العالمي منه , لكن المنطقة العربية بمجملها كانت ولا زالت مستهدفة من شركات الاستعمار الكو لونيالي الغربي القديمة والحديثة والمعاصرة من أجل نهب تلك الثروات وفي مقدمتها النفط , وهذا الامر كان يتطلب من تلك الدول وشركاتها الاستعمارية زرع الكيان الصهيوني في المنطقة العربية وبالتحديد في أرض فلسطين التاريخية , باعتبار أن فلسطين تشكل قلب العالم العربي بمشرقه ومغربه , الامر الذي يسهل في النهاية غرض التفتيت والتشتيت لجسم الجغرافيا والديمغرافيا العربية , وليس أدل على ذلك سايكس بيكو وبلفور في مطلع القرن الماضي .

لكن الجشع والبشع الاستعماري لم يتوقف حيث التفتيت والتشتيت إلى أقطار وإقطاعيات هنا وهناك , بل وصل الحد بالشركات الاستعمارية المتعددة الجنسيات المعاصرة الامريكية على وجه الخصوص والاوروبية على وجه العموم إطلاق مشروع التفتيت والتشتيت لجسم الوطن العربي ليصل الامر إلى تجزئة وبعثرة اقطار وإقطاعيات المنطقة العربية بحيث يتحول مجموع ديمغرافيتها إلى أعراق ومذاهب وملل , وبالتالي لتتحقق هيمنة السيد الامريكي وأداته الاستراتيجية في المنطقة " الكيان الصهيوني" وشركاته العابرة للقارات على ثروات المنطقة إلى أقصى درجات السيطرة والهيمنة, لاحظوا الآن ما يجري على ارض العراق والسودان وفلسطين ولبنان؟!! .

إن أمريكا والغرب الاستعماري والكيان الصهيوني يريدون إعادة المنطقة العربية إلى ما قبل التاريخ , لا يريدون اقطاعيات واقاليم مبعثرة وإنما يريدون قبائل وربما حارات هنا وهناك , ومن يدري فالجشع الاستعماري الامريكي وحليفه الغربي ليس عليه رباط أو يحكمه ضابط او قيد, فالامبراطورية الامريكية تقودها مجموعة من جماعات المصالح والشركات التي لا يهمها سوى الرأسمال والربح والفائدة بأية طريقة كانت , حتى أن لديها الاستعدادات أن لا تلتفت إلى مصالح الامريكيين أو الغربيين القومية , وهذا ما حذر منه داويت ايزنهاور الرئيس الامريكي الراحل قبل أكثر من اربعين عاما من الآن.

المعادلة الاستعمارية الغربية في السيطرة على ثروات المنطقة واضحة وجلية , فالمزيد من الدعم واسباغ الشرعية على الاحتلال الصهيوني على ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية والمضي قدما في تحقيق المشروع الصهيو- غربي باعتباره الأداة الاستعمارية الرئيسية في المنطقة معناه المضي قدما في الامعان والتهور الشديدين من اجل السيطرة على مقدرات وامكانات المنطقة العربية , طبعا بالاضافة إلى الأدوات والاستراتيجيات الاخرى للامبراطورية الامريكية وحلفائها الاستعماريين.

ولذلك كان الغرض الاساسي من عملية السلام برمتها وأوسلو المنبثق عنها في أوائل العقد الاخير من القرن الماضي هو تكريس شرعية الاحتلال على ما تبقى منها وأقصد منها هنا الاراضي المحتلة عام 67 , بالاضافة إلى ضرب الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني بين مؤيد ومعارض لأوسلو سيء الذكر, فمرجعية عملية السلام كان القراران 242 , 338 , وهما قراران يعدان أرضية خصبة لتكريس هذا الاحتلال , ولقد رأينا كيف أن الولايات المتحدة وإسرائيل رفضت التفاوض مع منظمة التحرير إلا بعد اعتراف قيادة المنظمة بهما , أما بالنسبة للحقائق المتعلقة بتكريس الاحتلال على أراضي 67 فحدث ولاحرج من جدار عازل وتجمعات استيطانية وضم لمنطقة الاغوار , وخطة انطواء على الابواب , وبات الفلسطينيون يوصمون من قبل امريكا والغرب وحتى أنظمة الحكم العربية المجيدة بأننا إرهابيون قتلة ومجرمون , وأصبح في المقابل الكيان الصهيوني دولة الحق وواحة الديمقراطية , وإشترك الجميع غربا وشرقا في محاصرة الشعب الفلسطيني للالتفافه نحو خياره الديمقراطي , يريدون من حماس أن تعترف بإسرائيل وأن تلتزم بما تم الاتفاق معها سابقا وأن تتبنى المبادرة العربية ووثيقة الاسرى وإسرائيل رفضت كل مقترحاتهم وما تمخضت عنه قممهم , وحتى الاتفاقات السابقة على هزالتها سحقتها وداستها الآلة العسكرية الاسرائيلية حينما اجتاحت مناطق السلطة قبل أربع سنوات , يريدون الاعتراف بالشرعية الدولية ونحن نرى أن الشرعية الدولية هي من تكرس شرعية الاحتلال , ثم ألم تعترف القيادة الفلسطينية السابقة بإسرائيل دون ثمن سوى اعترافها بمنظمة التحرير , ومتى ؟ بعد أن تم مسخها على النحو المطلوب أمريكيا وإسرائيليا, وماذا جنى الشعب الفلسطيني من كل هذه التنازلات سوى المزيد المزيد من المستوطنات وقطعان المستوطنيين ومزيدا من الاحتلال وتكريسه.

لماذا تطلبون تكرار المكرر وتجريب المجرب ؟!!, إن هذا لأمر لايقبله عقل أو منطق , أم أنه استخفاف بإرادة ووعي الشعب الفلسطيني , كما هو حال استخفاف واستعباد الانظمة العربية لشعوبها!! , ليس مطلوبا لا من الناحية القانونية ولا السياسة أن يعترف شعب يرزح تحت الاحتلال بمحتله , القانون والسياسة والعقل والمنطق يقول أن على اسرائيل ان تنسحب أولا وأن تنفذ تحقيق حق العودة للاجئين , ثم بعد ذلك يكون لكل حادثة حديث .

إنها لمهزلة واستخفاف أيما استخفاف بالشعوب العربية وبالشعب الفلسطيني أن تسارع كلا قيادتيه للاجتماع ولاستقبال قادة الكيان الصهيوني في الوقت الذي تسفك فيه دماء اطفالنا ونسائنا وفلذات اكبادنا في نابلس وجنين وعلى شاطىء غزة وفي جباليا وخان يونس, أيتها الانظمة تداركي ما لا يمكن تداركه في المستقبل , تصالحي مع شعوبك ومصالحها قبل فوات الآوان , فكرامة وعزة الشعوب لا مفر للشعوب من الجري والسعي طلبا لها , فهي عنوان تطورها ورقيها وتقدمها وبقائها , مرة أخرى التاريخ يكره الفراغ.


22 - 6 - 2006

كاتب وباحث في الشؤون القانونية والسياسية
مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الانسان- نابلس



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد صلاح الدين - التاريخ يكره الفراغ