أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالوهاب الافندي - الظاهرة الارجنتينية: بين تفاؤل ماركس وافلاس ورثته














المزيد.....

الظاهرة الارجنتينية: بين تفاؤل ماركس وافلاس ورثته


عبدالوهاب الافندي

الحوار المتمدن-العدد: 29 - 2002 / 1 / 7 - 21:19
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


القدس العربي :

الاضطراب السياسي علي قمة السلطة في الديمقراطيات الصناعية البرلمانية قد لا يكون قاعدة، ولكنه قطعاً ليس بالاستثناء الشاذ. فقد شهدت دول مثل اليابان وايطاليا وبريطانيا اضطرابات سياسية مزمنة في فترة ما بعد الحرب، وشهدت فرنسا اسوأ من ذلك قبل الحرب وبعدها حتي جاء الجنرال ديغول وانشأ الجمهورية الخامسة في الخمسينات، وقد ظلت الحكومات في ايطاليا تتغير بمعدل مرة في السنة، وكانت اليابان احسن من ذلك بقليل، ولكن هذا التبدل المستمر في الحكومات كان يخفي وراءه ثباتاً في هوية وتشكيل النخبة السياسية القابضة علي زمام الامور، وغالبا ما كانت الاحزاب نفسها واحيانا الاشخاص انفسهم، يعودون الي السلطة بعد سقوط حكومة معينة، ولكن في ادوار مختلفة.
ولكن تغييرات جذرية بدأت تطرأ علي هذه التركيبة بداية من الثمانينات، حيث تلقت البنية الفوقية لهذه الدول هزات عنيفة، كان مظاهرها صعود الثاتشرية، والريغانية في بريطانيا وامريكا، وتعرض الاحزاب المهيمنة في اليابان وفرنسا والمانيا وايطاليا لضربات موجعة تمثلت في هزائم سياسية قاصمة تلتها ملاحقات قضائية بتهم الفساد، وعموما شهدت معظم الدول الكبري ما يشبه الانقلابات بدأت ملامحها في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات بعودة الديمقراطية الي دول جنوب اوروبا، وصعود الاشتراكيين للسلطة في فرنسا لاول مرة في فترة ما بعد الحرب، وانهيار الاجماع القومي بين اليسار واليمين علي دولة الرفاه وعودة الرأسمالية المتوحشة بدءا من بريطانيا وامريكا، واخيرا بداية تضعضع المعسكر الاشتراكي واتجاهه الي انهيار محتوم.
وكان من مظاهر هذا التحول انتقال واضح للسلطة من مركزها في الدولة الي مراكز اخري، ابرزها المؤسسات المالية والاعلامية والمدنية، واذا كان كارل ماركس قد وصف الدولة الرأسمالية في السابق بأنها لجنة ادارة شؤون البرجوازية، فان البرجوازية قد استغنت الي حد كبير مثلما يبدو عن هذه الطريقة غير المباشرة لادارة شؤونها وشؤون العالم، واصبحت المؤسسات المالية والاقتصادية تتحكم في القرار السياسي مباشرة، بينما تحولت الشركات متعددة الجنسيات الي قوي مهيمنة علي قراراتها علي دول بكاملها. وبينما زادت كذلك الي حد كبير قوة جماعات الضغط ومنظمات المجتمع المدني، وعلي الاخص المنظمات النسوية والدينية وجماعات حقوق الانسان والمؤسسات الاعلامية، فان نفوذ النقابات تلقي ضربة قوية، وتراجع مع تراجع سلطة الدولة، وذلك لسبب بسيط هو ان النقابات كانت تمارس هذا النفوذ عبر الدولة وبحمايتها او بالضغط عليها.
وبانهيار المعسكر الاشتراكي ووقوع معظم دول العالم الثالث تحت سلطان المؤسسات المالية الدولية، اتخذ ضعف الدولة في هذه البلاد مظهرا جديداً، هو فقدان الاستقلال، فاذا كانت المؤسسات الاقتصادية المهيمنة في الدول الصناعية الكبري توجد في داخلها فانها في دول العالم الثالث توجد خارجها، وتعتبر الارجنتين ابرز نموذج لهذه العولمة الشاملة. فالدولة هنا اعتمدت علي قروض خارجية أربت علي المئة مليار دولار، وعلي استثمارات اجنبية لا تقل كثيرا في حجمها عن ذلك، وفتحت اسواقها بلا قيد ولا شرط، وربطت عملتها بالدولار، والمفارقة هي ان هذه الدولة التي فقدت السيطرة علي معظم القرارات المهمة المتعلقة باقتصادها (قيمة العملة، معدل الفائدة، تدفق الاموال الخ) وجدت حكوماتها مطالبة بمواجهة ازمة اقتصادية طاحنة والتصدي لحلها بدون حول ولا قوة.
الحل الوحيد المتاح امامها كان هو التصرف نيابة عن البورجوازية المحلية والعالمية وذلك بفرض اتاوات علي عامة الشعب لضمان سداد استحقاقات الدائنين وخلق مناخ افضل لتحقيق الارباح للمستثمرين (تخفيض الاجور والعمالـــة والضرائب).
الانفجار الشعبي الذي سببته هذه السياسات كان طبيعيا ومتوقعاً. فقد ظلت المجموعات المناهضة للعولمة تحذر منه طويلا دون ان تجد احتجاجاتها اذنا صاغية، وقد كانت هناك اشارات قوية الي ان عودة الرأسمالية المتوحشة ستعيد الروح الي نبوءة ماركس حول ميل النظام الرأسمالي الي التدمير الذاتي عبر افقار الاغلبية الكاسحة من العباد وتركيز الثروة في يد القلة ولكن الاشكال في نبوءة ماركس انها كانت متفائلة اكثر من اللازم، لانها اعتقدت ان انهيار الرأسمالية سيكون نعمة لا نقمة والمفارقة هو ان الحلم الماركسي هو الذي انقذ الرأسمالية من نفسها عبر قيام الاحزاب الاشتراكية المتأثرة بفكرة بالتوصل الي دولة الرفاه كحل وسط حافظ علي توازن النظام الرأسمالي.
الان بعد ان فقدت الاشتراكية بريقها واصبح زعماء الاحزاب اليسارية رأسماليين اكثر من خصومهم، فان عامل التوازن هذا فقد، وتحول المتضررون من العولمة الي اعمال يائسة، ابرزها العنف الفردي الانتحاري الذي اصبحت امريكا اكبر مسارحه. ويعتبر العنف الجماعي الذي شهدته الارجنتين مظهرا اخر اكثر مدعاة للقلق.
وتزيد خطورة هذا الوضع من غياب حلم بديل لدي الجماهير الغاضبة او رؤية جديدة لدي النخب الحاكمة، او المعارضة، فالكل ينادي بالتداوي بالتي كانت هي الداء: المزيد من العولمة.
وعلي المدي القريب ستترحم ردة الفعل العالمية بالعودة الي مزيد من سلطة الدولة، اولا بدعوي مقاومة الارهاب، وثانيا للتحسب للمخاطر غير المحتملة للفوضي، ولكن فيما عدا ذلك ضاقت الخيارات المتاحة. فاما الموت جوعا في صمت او التحول الي العنف الفردي او الجماعي، او الوقوع في احضان الجريمة المنظمة (او جماع كل ذلك كما هو حال روسيا) او الرجوع الي الدكتاتورية كحال الصين، او الفوضي الكاملة كما هو حال الصومال وليبريا وسيراليون وغيرها.
المرجح هو ان مد العولمة الحالي يتجه الي طريق مسدود هناك ادراك متزايد لخطورته وجهل تام بكيفية ايجاد مخرج منه.



#عبدالوهاب_الافندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- العلماء الروس يبتكرون مسيرة جوية على هيئة طائر تنقل 100 كيلو ...
- بعد ضبطه وبحوزته 55 ألف دولار.. إخلاء سبيل مصمم أزياء مصري ش ...
- كيف يمكن تجنب تجاعيد النوم؟
- بلينكن: لست متأكدا من أن إسرائيل مستعدة لتقديم تنازلات مقابل ...
- أمل كلوني: أؤيد الخطوة التاريخية التي اتخذها المدعي العام لل ...
- بايدن يتهم ترامب باستخدام -لغة هتلر-
- المغرب.. السجن النافذ والغرامة لمستشار وزير العدل السابق في ...
- -رويترز-: إيرلندا ستعلن الأربعاء اعترافها بدولة فلسطين
- تشييع جثمان حسين أمير عبد اللهيان يوم الخميس
- المطبات الجوية على الطائرات.. ما مصدرها؟ وكيف تتعامل معها؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالوهاب الافندي - الظاهرة الارجنتينية: بين تفاؤل ماركس وافلاس ورثته