أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راجي عنايت ابراهيم - الرؤية المستقبلية لمصر .. أولا















المزيد.....

الرؤية المستقبلية لمصر .. أولا


راجي عنايت ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 1588 - 2006 / 6 / 21 - 09:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أولا
قبل أن نتكلم عن الإصلاح، و عن الديموقراطية، أو الليبرالية، أو تداول السلطة، أو الانتخابات .. قبل هذا كلّه علينا أن نقرر بوضوح :
· هل يمر العالم بتحولات عادية ؟.. أي انّه يعيش حالة من الثبات النسبي ؟.. هل ما زالت القوانين الأساسية التي تحكم حياة البشر و مجتمعاتهم، هي نفس القوانين التي خضعوا لها، على مدى القرنين الأخيرين مثلا ؟ .. هل ما زالت حياة البشر خاضعة لنفس الأسس الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية، التي خضعوا لها، و التي أفرزها و أوجبها المجتمع الصناعي .
· أم أننا نمر بمرحل تحول مجتمعي أساسية ؟.. قد تكون أكبر في تأثيرها على البشر من أي تحوّل سابق، قياسا على التحوّل إلى عصر الزراعة، أو إلى عصر الصناعة .. أي أننا نمضي إلى حياة جديدة، تنبع قوانينها من المجتمع الجديد الذي يتشكّل، نعني بذلك مجتمع المعلومات الذي أوجدته ثورة المعلومات مع غير ذلك من احتياجات و عناصر التطور البشري .
ثانيا
إذا اتفقنا على أننا نمرّ بمرحلة تحوّل مجتمعي أساسية، من مجتمع الصناعة إلى مجتمع المعلومات، و على حدوث تغيرات جذرية في نظم الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية، و في منظومة القيم السائدة، فهذا يعني :
· أن المطلوب ليس مجرّد إصلاح، أو تعديلات ..
· و هذا يعني ضرورة التفكير في عملية إعادة بناء شاملة، على أسس جديدة، و ليس إصلاح أو تجويد أو تصحيح أو تحسين .
ثالثا
و عملية إعادة البناء الشاملة، لا يمكن أن تتم بالإجراءات الجزئية أو المنفردة، بل يجب أن تتم متزامنة، و وفق استراتيجية كبرى . لا يمكن في هذا الصدد أن نفكّر في القيام بإجراء اقتصادي أساسي، دون أن يواكبه إجراء اجتماعي، و إجراء سياسي .. و أيضا إشاعة آليات تفكير جديـدة، تسـتند إلى منظومة قيم جديدة، و تختلف كثيرا عن تلك التي تراكمت على مدى عصري الصناعة و الزراعة، بل و تتناقض معها غالبا . و هذا يعني :
ـ 1 ـ
· عندما تكون التغيرات محدودة، مع بقاء دعائم النظم السارية، يسهل التفكير اعتمادا على السوابق، و على الاستفادة من خبرات و تجارب الآخرين . لكن عندما يكون التغيير جذريا و متسارعا، نحتاج إلى نوعين من التفكير، التفكير الناقد، و التفكير الابتكاري .
· التفكير الناقد، يتيح لنا أن نتثبّت من صلاحية الافتراضات القديمة أو السابقة، التي نبني عليها أفكارنا، و يتيح لنل أن نختبر مدى مصداقية تلك الافتراضات في الزمن الحالي : هل يجوز لنا أن نعتمد عليها الآن، أم أنها فقدت صلاحيتها، و أخلت السـبيل لافتراضـات جديدة ؟ .. كذلك يساعدنا التفكير الناقد على اكتشاف السياق الذي خرجت منه الممارسات و النظريات والأفكار و القيم، التي نستند إليها في حياتنا، و يحضّنا على اختبار ذلك السياق لمعرفة مدى مصداقيته الحالية، و من ثمّ مدى صلاحية الأفكار التي نبعت منه .
· و التفكير الابتكاري، يتيح لنا أن نتخلّص من قبضة مسارات التفكير التقليدية التي لم تعد تتيح لنا الوصول إلى حلول للمشاكل المستجدّة في حياتنا .. و هو الذي يتيح لنا أن نتخلّص من سيطرة المخطط العقلي الذي فرضته علينا نظم مجتمعية سابقة، و الذي قام على أسس تاريخية منقضية .. لكي نبحث عن رؤى جديدة، و نلتزم بمسارات في التفكير، لم نكن نعتمد عليها من قبل .
رابعا
جهد إعادة البناء ، لا يمكن أن ينجح دون الاعتماد على رؤية مستقبلية شاملة، تقوم على الفهم المتكامل لطبيعة التحولات الجذرية المتسارعة التي تمر بها البشرية، و تنبع منها استراتيجيات و خطط إعادة البناء . و الوصول إلى الرؤية المستقبلية الشاملة يتم من خلال :
· رصد مؤشّرات التغيير الأساسية في حياة البشر الراهنة، و بخاصّة المؤشرات المتنامية متزايدة التأثير ( مثال ذلك في تحولنا إلى مجتمع المعلومات : التحوّل من المركزية إلى اللامركزية، و من العمل الجسدي إلى العمل العقلي، و من النمطية إلى التنوّع و التفرّد، و من الدولية إلى العالمية .. إلى آخر ذلك ) .
· التعرّف على التأثيرات المتبادلة بين مؤشرات التغيير الأساسية ( مثال ذلك أثر شيوع العمل العقلي، في مكان العمل العضلي الذي ساد عصر الصناعة .. أثر ذلك على التعليم، و على الاقتصاد، و على الممارسة الديموقراطية ) .
· التوصّل إلى إطار المجتمع الجديد الذي يتشكّل، و إلى خصائصه المتميزة، و إلى اختلافه عن المجتمعات التي سبقته، مثل الزراعة و الصناعة .
· دراسة أثر هذه الخصائص على حياتنا الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية، بما يتيح لنا أن نكوّن رؤية مستقبلية واضحة لكل شيء في حياتنا : التعليم، و الاقتصاد، و العمل و العمالة،
و الإدارة، و الأسرة، وطبيعة الممارسة الديموقراطـية .. و أيضا طبيعة القيـم السائدة .
ـ 2 ـ
خامسا
ثم يأتي جهد إرساء الرؤية المستقبلية لمصر بالتحديد، و هذا يقتضي التعرّف على الواقع الحقيقي للحياة على أرض مصر. و هذا يحتاج إلى :
· معرفة حقيقة الأوضاع الحالية في مصر، بعيدا عن دعايات و أجهزة و إعلام النظام الحاكم، و الدعايات المضادة أيضا . و بذل جهد علمي شاق للوصول إلى الأرقام الحقيقية في كل مجال .
· رسم خريطة حضارية لشعب مصر.. توضّح إلى أي مدى ما زلنا نمضي في حياتنا وفق قيم عصر الزراعة، و إلى أي مدى تشيع قيم عصر الصناعة .. و عمّا إذا كنّا قد بدأنا العبور إلى قيم عصر المعلومات . ( هذه مسألة تحتاج إلى توضيح، فمن الممكن ـ على سبيل المثال ـ أن تقود سيادة قيم المجتمع الزراعي إلى إضعاف أثر الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات، عند وضع استراتيجية التحوّل إلى مجتمع المعلومات ) ,
· الاعتماد على (1) الرؤية المستقبلية الشاملة لمجتمع المعلومات، و على (2) الخريطة الحضارية لمصر، في إرساء الرؤية المستقبلية الشاملة لمصر .. و التي تكون ضرورية عند وضع الاستراتيجيات العامة و الخاصّة، و الخطط طويلة المدى و قصيرة المدى، و عند تحديد الأولويات و التوقيتات : في مواءمة بين الأهداف المستقبلية، و القدرات المحلية الواقعية .
* * *
أمور يجب أن نعترف بها جميعا
( 1 ) غياب المنهج المتكامل الذي يتيح لتفكيرنا أن يتراكم . المنهج الذي طرحته في حديثي هذا، ليس هو المنهج الوحيد، و لا هو الأفضل .. لكنه خلاصة تجربة شخصية، و قبوله أو رفضه لا يعني الانصراف عن جهد البحث عن منهج معاصر مناسب للتفكير في أحوالنا .
( 2 ) غياب الرؤية المستقبلية الشاملة . كل الذين يكتبون و يخطبون.. و جميع الأحزاب على الإطلاق، ابتداء من حزب الحكومة ( الحزب الوطني )، إلى باقي أحزاب المعارضة التي تزعم الانتماء إلى اليمين أو الوسط أو اليسار، و حتّى الجماعة المحظورة ( الإخوان المسلمون )، و أيضا الجماعات و التجمعات المدنية و غير الحزبية .. جميع هؤلاء لم يستطع أي منهم أن يقدّم رؤية مستقبلية شاملة، يبني عيها استراتيجية خاصّة، أو خطة محددة .
( 3 ) النوايا الحسنة . أدرك إخلاص الكثيرين من الداخلين إلى معترك النشاط السياسي الحالي من خارج دوائر النظام الحاكم، و أعرف بنواياهم الحسنة، و صدق حماسهم لإنقاذ مصر من الهوّة التي تندفع إليها .. لكن النوايا الحسنة تكون في بعض الأحيان سبيلا إلى الجحيم ! .
( 4 ) ركوب الصعب . كذلك أدرك إغـراء الكلام الحماسي، و جماهيرية الحديث عن أخـطاء
ـ 3 ـ
النظام الحاكم و حزبه، و أهمية كشف الفساد السياسي و المالي و الأخلاقي الذي استفحل أمره في مصر .. و أعترف أن الكثيرين ممّن يتصدّون لمقاومة المظاهر السلبية في نظامنا يتعرّضون للمتاعب و الإيذاء .. لكنّي أقول أن الأصعب من هذا، هو إعمال العقل، و النظر إلى ما هو أبعد من مواقع أقدامنا .
( 5 ) المعنى المعاصر للمصطلحات . معظم الخلط الذي يجعلنا ندور فيما يشبه الدائرة المفرغة، هو عدم انتباهنا ـ بالقدر الكافي ـ إلى عنصر الزمن . ما زلنا نتحدّث بمصطلحات عصر الصناعة التي انقضى تاريخ صلاحيتها . ما زلنا نتكلّم عن اليمين و اليسار، و نحن نقصد الرأسماليين و الاشتراكيين. مع العلم بأن معنى اليمين و اليسار قد تغيّر بدخولنا إلى مجتمع المعلومات، باعتبار أن الرأسمالية و الاشتراكية هما وجهان لعملة واحدة هي عصر الصناعة ( أي أنهما نظريتان مختلفتان في التعامل مع الاقتصاد الصناعي ) . و أصبح الآن كل من ينحاز إلى المستقبل، و إلى مصالح الأبناء و الأحفاد، هو اليساري .. أمّا الذي ينحاز إلى الماضي، و إلى مصالح الآباء و الأجداد، فهو اليميني .
( 6 ) عدم شيوع التفكير الناقد و التفكير الابتكاري . و هما أداتان أساسيتان في زمن التغيير الجذري المتسارع الذي نعيشه .

* * *

· من الذي يتحمّس لتنظيم مثل هذه المناقشة ؟
· و من الذي يستطيع تنظيمها بشكل جاد، و بعيدا عن غوغائية المجال السياسي ؟
· و من الذي يكون مستعدا للاعتراف بأنّه في حاجة إليها ؟



#راجي_عنايت_ابراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راجي عنايت ابراهيم - الرؤية المستقبلية لمصر .. أولا