أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نايف قيسية - بين المنطقين العقلاني والعشوائي في العمل السياسي















المزيد.....

بين المنطقين العقلاني والعشوائي في العمل السياسي


نايف قيسية

الحوار المتمدن-العدد: 1578 - 2006 / 6 / 11 - 11:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


إن أخطاء الحكم السياسية في أي بلد قد تقود إلى نتائج وخيمة العواقب تطال الوطن والمواطنين, تماماً كالنتائج التي تحدث عندما يتآمر نفر من السياسيين مع الخارج على مصير الوطن.

فقد يتخذ حاكم ٌفي بلد ما قرارات خاطئة في قضايا وطنية مصيرية, يمكن أن تؤدي ببلاده إلى الدمار, وليس بالضرورة أن يكون هذا الحاكم خائناً, فقد يكون وطنياً وذو نية حسنة، وفي كلا الحالين النتيجة واحدة بالنسبة للوطن والمواطن, فالسياسة بنتائجها...

هناك فرق كبير بين رجل الدولة ورجل السياسة, فليس كل رجل سياسة رجل دولة, فرجل الدولة يفكر بنتائج عمله قبل أن يقدم عليه, ورجل السياسة يغامر دون أن يفكر ويحسب حساباً للعواقب وأنه يمكن أن ينجح أو يفشل.

والمقصود هنا واضح, والأمثلة سواء من التاريخ أو من الواقع السياسي في عالم اليوم كثيرة, وكمثال من التاريخ هناك حادثة قد تكون صحيحة أو من نسج الخيال, ولكنها على كل حال عبرة ودرس هام لرجال السياسة والحكم. فقد جرى حوار بين الخليفة الأموي (معاوية بن أبي سفيان) وأحد العاملين معه في تلك الحقبة التاريخية, حيث قال الرجل لمعاوية: يا أمير المؤمنين ما دخلت في مشكلة إلا واستطعت الخروج منها, فأجابه معاوية: أنا لا أدخل في مشكلة وأحاول الخروج منها, لأنني أفكر قبل أن أقدم على أي عمل وبخاصة إذا كان يتعلق بالدولة.... ومصائرها.

في عالم اليوم وقياسا على ما ذكرت, هل فكر صدام حسين بنتائج قراره عندما غزا الكويت؟ أحد الأحزاب علق على هذا الغزو قائلاُ: صدام يلعب بالنار فوق نفط الخليج, فماذا كانت النتائج...؟ واستطراداً هل فكر قتلة الحريري بما قد ينجم عن الجريمة من مضاعفات خطيرة محلية وعربية ودولية, فهؤلاء القتلة من حيث يدرون أو لا يدرون قد لعبوا بالنار في منطقة ساخنة تغلي بالحركات الشتى تنبعث منها تيارات أصولية ومتطرفة, تشبك العلاقات الدولية وتوترها, مما أعطى مبررات لسياسة الهيمنة الأميركية وحليفتها الصهيونية للعمل من أجل تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير, لا شك أن أحد المفكرين كان على حق عندما قال: "أقدام الطغاة تمهد الطريق أمام أقدام الغزاة"...

هذه الأفكار والخواطر تتبادر إلى الذهن لدى أي مطلع أو مهتم بالشأن العام, عندما يستعرض ما يجري في عالم اليوم وبخاصة في منطقتنا من أحداث وتطورات وآراء ومواقف, وما يصدر من بيانات وإعلانات, كيف تتبلور وما هي تفاعلاتها؟.. فمثلا إعلان بيروت ـ دمشق ودمشق ـ بيروت أثار ضجة كبيرة لا تزال تتفاعل, فلا بد من التوقف عنده.

لقد وقع الإعلان المذكور عدد من أصحاب الرأي في سورية ولبنان انطلاقا من مصلحة البلدين وبهدف تصحيح العلاقات بينهما على أساس الندية والثقة والاحترام المتبادل, ومما يؤسف له, لم يجر التعاطي والتعامل مع هذا الإعلان بالطريقة المتزنة والرصينة, على العكس من ذلك جرى التعامل معه برد الفعل والنزق السياسي والمواقف المسبقة ودون الاطلاع عليه من قبل الكثيرين, بدلا من قراءته قراءة موضوعية, واستيعاب ما بين سطوره من روح وطنية عالية وشعور عالِ بالمسؤولية ونوايا صادقة تنظر إلى مصلحة الوطن على أنها العليا, ولا تأخذ بالاعتبار المصالح الأنانية الضيقة, إن عدم رؤية ذلك دفع ببعض الأجهزة الأمنية إلى اعتقال عدد من موقعي الإعلان، والمشهود لهم بتاريخهم الوطني والمعروفين محلياَ وعربياَ وعالمياَ بمواقفهم الجريئة دفاعاً عن الديمقراطية والحريات العامة وكرامة الإنسان, إن اعتقال هؤلاء وتلفيق التهم ضدهم أمام القضاء الذي يعرف القاصي والداني " مدى استقلاليته " لا يدل على وجود موقف عقلاني وتصرف رصين اتجاه القضايا الوطنية والقومية, والأمثلة على ذلك كثيرة لا تعد ولا تحصى.

ألا تدل مذكرة الجلب الجبرية بحق النائب اللبناني / وليد جنبلاط / عن طريق الأنتربول الدولي, عن السذاجة والجهل في القانون؟ وهل يعقل أن لا يعرف من كان وراء هذه المذكرة أن المادة الثالثة من قانون منظمة الأنتربول الدولي ونظامه العام قد نصت على أنه: "يحظر على المنظمة حظراَ باتا أن تنشط أو تتدخل في مسائل أو شؤون ذات طابع سياسي أو عسكري أو ديني أو عنصري"..

وما قامت به مؤخرا أجهزة الأمن في السويداء من استدعاءات فردية وجماعية, وبطريقة مخالفة للقانون والكرامة الإنسانية للموقعين على بيان من مثقفي وناشطي السويداء الذين شجبوا في بيانهم الاعتقالات وطالبوا بالإفراج عن المعتقلين وأيدوا إعلان بيروت ـدمشق لما جاء فيه خدمة لمصالح الشعبين في سورية ولبنان؟؟.

ويبدو أن المشرفين على الإعلان والثقافة ومن ورائهم بعض الأجهزة الأمنية, قد تنبهوا إلى أن حملة الاعتقالات وسياسة التخوين لم تعد مجدية, وأصبحت من الأساليب البالية المنتمية إلى عهود سابقة تجاوزها الزمن, لذلك لجؤوا إلى استخدام أساليب أخرى متحضرة حسب وجهة نظرهم, وأكثر مدنية من طريقة الاعتقالات وممارسة القمع في الرد على إعلان بيروت ـ دمشق, دمشق بيروت, ومن هنا انطلقت الأوهام والأفكار والطرق الجديدة للرد على الإعلان من خلال صفحات الجرائد الرسمية, وما أدراك ما الصحافة الرسمية!! التي لم تقصر في تنفيذ مهمتها في استكتاب الآخرين, والطلب إليهم الكتابة حول فكرة كذا وموضوع كذا وهذا ما يجري أيضاَ في الندوات "الثقافية" التي بدؤوا بعقدها مؤخرا لمناقشة ما جاء في الإعلان (بيروت ـ دمشق)

سبحان الله!! يحق لهم عقد ندوات والدعوة إلى محاضرات, أما أصحاب الرأي الآخر المخالف لرأيهم لا يجوز لهم ذلك,إذ عليهم مطاردتهم, وقمعهم, ومنعهم من الوصول إلى المكان الذي ستعقد فيه الندوة أو حتى السهرة أو الذي ستلقى فيه المحاضرة, وإن منع منتدى الأتاسي للحوار الوطني الديمقراطي من ممارسة نشاطه أصبح معروفاَ عربياَ وعالمياَ, والسؤال هو لماذا يخشى النظام من الحوار ونشاط مثل هذه المنتديات إذا كان لا يزال يق بسياسته وقوته؟؟؟.

وأنا بصدد إعداد هذا المقال وقبل إنجازه, قرأت في جريدة تشرين العدد/9578/ تاريخ 4/6/2006, مقالة تحت عنوان (حرية السفينة وبيان بيروت ـ دمشق) بقلم الدكتور /حسين جمعة/ حمل فيه على إعلان بيروت ـ دمشق وموقعيه, وفي الحقيقة إن ما ورد في مقالة الدكتور جمعة يؤكد من حيث المضمون الاتجاه التضليلي الذي يلجأ إليه النظام لتشويه ما جاء في إعلان /بيروت دمشق/ وفي الواقع من يقرأ إعلان بيروت ـ دمشق بتجرد ومن منطلق وطني ديمقراطي, يرى إن ما يحتويه الإعلان من أفكار ورؤى يفند كل الأباطيل الموجهة ضد الإعلان ومن أي جهة كانت, ويدحض ما جاء في مقال حرية السفينة المشار إليه من مغالطات فكرية وسياسية.

فعندما يؤكد إعلان بيروت ـ دمشق على أنه في زمن تتكاثر فيه العوامل الضاغطة من أجل المباعدة بين السوريين واللبنانيين نعلن إصرارنا على الحوار والتضامن والعمل المشترك من أجل التصحيح الجذري للعلاقات بين البلدين والشعبين وفقا لرؤية وطنية مستقبلية مشتركة هذه بعض مكوناتها:

"احترام وتمتين سيادة واستقلال كل من سورية ولبنان في إطار علاقات ممأسسة وشفافة تخدم مصالح الشعبين وتعزز مواجهتهما المشتركة للعدوانية الإسرائيلية ومحاولات الهيمنة الأميركية, وإننا ندعو في هذا المجال إلى إرساء تلك العلاقات على أسس نابذة لمشاريع الإلحاق والاستتباع من جهة, والاستعلاء والتقوقع والقطيعة من جهة أخرى."

(انتهت الفقرة الأولى من الإعلان ).

وهنا نسأل: ما الذي أزعج البعض ومنهم الدكتور حسين جمعة في هذه الفقرة وفي الفقرات الأخرى من الإعلان, والي جاءت كلها تنبض بروح وطنية وقومية صادقة وشفافة لا لف فيها ولا دوران, ما الذي أزعجهم في أن تكون العلاقات ممأسسة وقائمة على التكافؤ والاحترام المتبادل, أم أنهم لا يريدونها كذلك, ومن الأفضل لهم أن تبقى قائمة على الإلحاق والتبعية, وتحت إشراف الأجهزة الأمنية بدلا من العلاقات الدبلوماسية.

لقد أوقع كاتب المقال نفسه في التناقض فزعم "أن الإعلان بما يشوبه من أخطاء فكرية وسياسية يمثل الحركة الخاطئة في غير زمانها ومكانها المناسبين... ولا تمثل الآراء الواردة فيه إلا رؤية الموقعين عليه".

لقد غاب عن ذهن الدكتور كاتب المقال.... بان الشعب السوري ومنذ عشرات السنين وهو يسمع نفس المعزوفة, معزوفة الزمان والمكان المناسبين, وهنا يكرر المواطنون سؤالهم: متى كان هناك زماناَ ومكاناَ مناسبين لسماع رأي آخر خلال هذه السنوات الطويلة...؟ ومتى يأتي الزمن الذي يعترف فيه النظام السوري بحرية التعبير وحق الاختلاف, متى يأتي الزمن الذي يلغي فيه النظام حالة الطوارئ والأحكام العرفية والقوانين والمحاكم الاستثنائية, أم إن ذلك غير وارد في المستقبل القريب في أجندة النظام وخلال "مسيرة التحديث والتطوير".؟.

الأغرب من كل ذلك إن كاتب المقالة يدعي: بأن الآراء الواردة في الإعلان لا تمثل إلا رؤية الموقعين عليه؟! وبدورنا نعتقد أن كل ذي بصيرة غير مصاب بالعمى السياسي يعرف تماما إن هذه الآراء تعكس نبض الشارع السوري, تطلعات شعبنا المكافح من أجل الديمقراطية والعيش الكريم, هذه التطلعات التي يناضل في سبيلها منذ عقود عديدة عاشها ولا زال يعيشها في ظل حال الطوارئ والأحكام العرفية، هذه الحالة مستمرة منذ ثلاث وأربعين عاماَ, والتي يكتب في ظلها الدكتور جمعة, ولكنه مع الأسف لا يجرؤ على قول الحقيقة, مع أنه ختم مقالته في تشرين بعبارة نتمنى أن يمارسها قولاَ وفعلاَ, فهو يرى أن حرية الرأي والتعبيرلا تمارس إلا بمزيد من الحرية حرية السفينة.." أي سفينة يقصد..لا ندري ؟!"

على كل نتمنى أن لا يتجاهل الدكتور جمعة بأن الرياح في بلادنا حاليا تجري بما لا تشتهي سفينة الحرية الحقيقية.

وأخيراَ لنكن صادقين مع أنفسنا ونقر بأنه مهما بلغت قدرة أعداء الحرية على البطش, ومهما شحذ هؤلاء أظافرهم وأسنانهم,لا يستطيعون وقف اتجاه التطور في العالم الصاعد إلى الأمام دائماَ. مهما كانت الصعوبات وكثرت التراجعات, فرياح التغيير الوطني الديمقراطي تهب على كل أصقاع الأرض وبقوة, فلم يعد بإمكان أي نظام حماية الوطن بمنطق الهذيان وإنكارالآخر, فقط يمكن حماية الوطن وتقدمه والتصدي لأعدائه بمنطق دولة المؤسسات والقانون وعلى قاعدة الاعتراف بالآخر وحقه بأن يكون مختلفاَ.



*عضو في اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي.



#نايف_قيسية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نايف قيسية - بين المنطقين العقلاني والعشوائي في العمل السياسي