أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروى فتحي منصور - بنات الرياض وزمن التلقي وروائية الرواية على غرار شعرية الشعر















المزيد.....

بنات الرياض وزمن التلقي وروائية الرواية على غرار شعرية الشعر


مروى فتحي منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6517 - 2020 / 3 / 18 - 23:04
المحور: الادب والفن
    


رواية بنات الرياض ليست سوى منصة لبث هموم وسموم مجتمع يعشق حقبة العبودية.. إنه أشبه بموقع..(مجتمع سيدات)..الشهير على منصة التواصل الاجتماعي على "الفيس بوك"
فالرواية ليست زمانا ومكانا وشخوصا تسرح وتمرح في فضاء معين، وإن كان هناك من يكتفي بهذا المستوى من (الفن) الأدبي، فله الحرية بالطبع؛ لكنه حتما لم يعرف الفن الأدبي الحديث على حقيقته.
هي كاتبة استخدمت الراوي العليم وهو الأسهل، واستخدمت تقنية تيار الوعي، وهي مهمة جدا في توسيع مكنون الشخصيات واتجاهاتها ووظفت الاسترجاع والحلم، وشغلت الفضاء المكاني، حتى أنه بات تحليل الشخصيات هو إعادة صياغة وتكرارا الرواية ذاتها، وأوضحت العلاقة بين الراوي والشخصيات مدعية أن القصص حقيقية؛ حتى تكسب العمل الواقعية المطلوبة.

الزمان:
ينقسم إلى قسمين داخل الرواية، زمان خارجي وزمان داخلي، الخارجي بدا ظاهرا في بداية كل فصل وهو زمن الكتابة، وحيث أنها كانت تكتب المتن الحكائي عبر البريد الالكتروني، فإن زمن إرسالها للجمهور هو يوم الجمعة، فيبدو أن زمن الكتابة يسبق يوم الجمعة بيوم أو أكثر، المهم أن زمن الكتابة أسبوعيا من 2005-.6
وهو زمن غير روائي، أما زمن القراءة فهو زمن تلقي القارئ للنص إن كان واعيا للتأثير النفسي والإدراكي للعمل عليه، فتلقي العمل في 2006 غير تلقيه في 2020، لأن ما يجد القارئ أنه أدهشه في ذلك الوقت من مكاشفة لمجهول هو اليوم معروف ومعلوم بعد الانفتاح الإعلامي العربي، فالشمس لا تغطى بغربال...

الوصف:
كثر الوصف للطبيعة وللمكان في أماكن غير الرياض وبقيت الرياض بجغرافيتها غير نابضة، اكتفت الكاتبة بوصف الشمال والجنوب والشرق وتجولت في أنحاء السعودية وقارنت بين طباع أهلها، وعقلية رجالهم، لكن الرياض بقيت بسكن طالباتها وجامعاتها وبيوتها مظلمة، وقد تكون جزئية الوصف في منزل صديقتها الشيعية هو الوصف الجلي لموجودات المكان الدالة على اعتقاد الأخيرة. وذلك له دوال: وهو أن الراوية منبهرة بالغرب وحاولت وصف الحياة المرفهة والطبيعة وأماكن التنزه والحرية التي تتحرك فيها الفتيات في البلاد الأوروبية، في المقاهي والشواطئ وأماكن العمل وأماكن الترفيه، بينما في السعودية كان تحركها في نطاق المكان محدودا بين الجامعة وصالة الأفراح وإن ذهبت إلى مطعم أو مقهى تطارد وهكذا.. وكما قلنا يدل على عدم تصالح الراوية مع المكان رغم أن الشخصيات أربعة، وأكثر، ومنهن من كن ملتزمات بتقاليد مجتمعها مثل قمرة، إلا أنها لم تكن تعبر عن الشخصية حسب انطباع الشخصية عن المكان، ولا يوجد شخصية تعلقت بالمكان، واحدة فقط وهي ميشيل بعد سلسلة أحداث كرهت المكان ورحلت عنه.
وتجولت في المكان وبينت كيف تخترق الشخصيات المتزامنة والواقع عليها فعل التزمت المكان وتتشكل حسبه.. وأن أهمية الإنسان والمواطن الصالح تكمن في داخله، وتطرقت لقضية السنة والشيعة، والمحلي والأجنبي، والمتحولين جنسيا أو أصحاب الميول الجنسية المختلفة، وتغلغلت في سيكولوجية المرأة وعرضت قضاياها الخاصة وهواجسها وكشفت شبكة العلاقات بينها وبين المرأة وبينها وبين الرجل، لكن كل ما سبق افتقر إلى التشويق، وافتقر إلى المتعة الجمالية المتأنية من الفن؛ فالرواية فن قبل أن تكون قضية اجتماعية أو سياسية.
لن أحلل الرواية بالشكل التقليدي هنا حيث حظيت الرواية بالكثير من التناول وليس بصعب على رواية مكشوفة مثلها أن يتم تحليل شخصياتها أو تتبع زمانها أو مكانها، أو الوقوف على تقنياتها، لذا سأكتفي بالنذر القليل والإضاءة العابرة من ذاك لتجنب التكرار.

الراوي وبؤرة السرد:
مفهوم الرواية.. وعناصرها
تعارف الدارسون على أن الرواية هي سرد نثري طويل يصف شخصيات خيالية أو واقعية وأحداثاً على شكل قصة متسلسلة، كما أنها أكبر الأجناس القصصية من حيث الحجم وتعدد الشخصيات وتنوع الأحداث، وقد ظهرت في أوروبا بوصفها جنساً أدبياً مؤثراً في القرن الثامن عشر، والرواية حكاية تعتمد السرد بما فيه من وصف وحوار وصراع بين الشخصيات وما ينطوي عليه ذلك من تأزم وجدل وتغذيه الأحداث، وإنه لتعريف يشبه تعريف الشعر بأنه كلام موزون مقفى له معنى، بمعنى أنه تقليدي ولا يكشف عن ماهيتيه الأصلية الكامنة في أداته الرئيسة وهي اللغة التي تطوع كل التقنيات وتشكلها.. وهكذا الرواية لها ماهية خاصة اللغة إحدى عناصرها بالتأكيد لكن ليس كلها، فمثلا الشعر يستطيع بجمالية وخفة ورقة لغته أن يشحن السطور والأبيات بالشاعرية التي تغني عن أي تصوير، لكن الرواية مجالها أرحب وعندها تقنيات لا بد من تفعيلها لتكون تصويرية شفافة فيها خفة ولتحقق لذة التلاقح بين الواقعي والخيالي. والأسطر القادمة ستحاول توضيح ذلك.

بالنظر إلى فطرة الناس على قص الحكايات فإن كل مخبر بحكاية هو قاص، وإن طالت فهي رواية، فهل مثلا شخصا أتى من بلاد الغربة، وأراد أن يحدث أهله عن تجربته، أو أن يكتب لهم في أي منصة فضائية إلكترونية، هل يمكن نشر أي من تلك الحكايات وجعلها رواية؟ أو قصة طويلة أو قصيرة؟ بالطبع لا، كما أنه لا يمكن تعميم التجربة المسطحة بادعاء أن كل شخصيات العمل هن صديقات الراوي، وبالتالي أي هاو له نفس طويل في الكتابة، ربما يروح ذهنه إلى قص حكايات ومغامرات رفقائه وأصدقائه، وبالطبع هذا ليس من الفن بشيء، لا ننكر بأن الفنان يشرب واقعه، لكن أن يتقيأه على الورق كما هو مع تعديل طفيف في أسماء الشخصيات وتحويل في مسار الأحداث، هذا ليس بفن، إذا عرف الفنان كيف يدمج الواقع بالخيال ويعيد تشكيله وتقديمه بشكل يجعلك فعلا كقارئ عالقا بين الواقع والخيال، بين السماء والأرض، بين شيء يشبهك وشيء مختلف عنك تطاردهما على حد سواء حينها فقط يحق له أن يكتب، عندما يتم عجون مكونات الفرد مع مكونات الجماعة وتشكيل رؤية خاصة للواقع وللمستقبل هنا تكون رواية، الرواية عملية إدراكية شعورية تقمصية فكرية، إذا الرواية قدمت نفسها على أنها واقعية، لم يكن أصحاب المذهب الواقعي أقل واقعية منها لكنهم لم يشعرونا بإلحاح بأننا نقف على أرضنا، دائما كنا نتجول مع نجيب محفوظ في أزقة مصر ومع غيره من الروائيين، لكننا كنا نشعر باللذة في اكتشاف هذا العالم، إنه أشبه بزيارتك لمكان ترفيهي أو سياحي للمرة الثانية، رفيقك في الرحلة أو الزيارة هو من ينسيك هذه المعلومة أصلا، فلا تكاد تتذكر أنك زرت المكان سابقا، ورفيقك في العمل الأدبي هو الراوي، الراوي الذي يستتر خلفه المؤلف لتشكيل الرؤى ووجهات النظر، لدرجة لا يطيق مصاحبه مرافقته؛ فهو كالرفيق المتذمر من كل شيء، ولا يوجد عنده أي مفاجآت، لقد كشفت لنا الراوية رؤيتها وبؤرتها السردية مع كل مطلع لفصل، مع اقتباساتها وإشارتها للشخصية التي سيتم تناولها في الرسالة الالكترونية على شكل عنوان، كلها عتبات تجعل النص الحكائي مسطحا مبتذلا وتقتل روح التشويق، لم يعد للقارئ دور، في البحث عن مغزى الرواية، لقد حرقت الفصول، لأن رؤية الراوية مكشوفة، وشخصيتها معروفة مألوفة، فكم من منسل يقبع خلف شاشة إلكترونية يتوارى خلف ضعفه ليتخذ من لوحة المفاتيح الناطقة بلغته ملاذا ومنفذا للظهور بصورته الحقيقية أو يمارس من خلالها أحلام اليقظة، إذا ما هي القضايا التي آمن بها الراوي؟ قضية واحدة، وهي أنه يجب أن ينتزع اللثام عن المجتمعات المغلقة وتعرف على حقيقتها، بمعنى آخر هي من الأعمال التي تتحدى وتحارب ثقافة الصمت وثقافة الخوف، شيء جميل، لكن هذه المجابهة يمكن أن يقوم بها أي ناشط اجتماعي أو مفكر أو مدرس أو أو.. كل في موقعه، وليس كل من خط بقلمه كاتبا، وليس كل من تخرج من جامعة عالما، والرواية التي لا تجبرك على قراءتها مرتين حرام أن تقرأ مرة، فما بالك برواية كل أقنعتها ساقطة أمامك، إن رواج العمل يتوقف على مدى تلقف الجمهور له، فقد كان المغترب عن هذه المجتمعات متعطشا لدهاليز المجتمع المقنع بالسوداوية والحزم والمتسلح بالعصا والنار، والأفكار السلفية، وقد نعتته هذه المؤلفة بأوصاف صريحة لسان الشخصيات فقد قالت ميشيل: "تأكدي يا سديم أن فراس وفيصل رغم الفارق الكبير في السن بينهما، لكن اثنينهم من طينة واحدة، سلبية وضعف واتباع للعادات والتقاليد المتخلفة حتى إن استنكرتها عقولهم المتنورة، هاذي هي الطينة اللي خلق منها شباب هذا المجتمع للأسف. هذولي مجرد أحجار شطرنج يحركها أهاليهم، ويفوز في اللعبة اللي أهله أقوى " و " أنا كان ممكن أتحدى كل العالم لو كان حبيبي من غير هذا المجتمع الفاسد اللي يربي أبناءه على ( الكونترا دكشننر والدوبل ستاندر دز )، التناقضات وازدواجية المعايير مثل ما يقولون. المجتمع اللي يطلق فيه الواحد زوجته لأنها ما تجاوبت معه بالشكل اللي يثيره في الفراش بينما يطلق الثاني زوجته لأنها ما أخفت عنه تجاربها معه وما تصنعت البراءة والاشمئزاز "(ص306)"، لكن اليوم وبعد الانفتاح الإعلامي عبر القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي لم يعد سرا ما يحصل في داخل الغرف، فيكفي موقع تواصلي واحد ليكشف لك عادات الشعوب وتقاليدها ومشاكلها، وهذا ما يجعل العمل يفقد قيمته مع الزمن، فزمن القراءة والتلقي له دوره، فالخلود للعمل المتكامل وليس للقضايا التي لبست ثوب الفضائحية - وذلك بتحليل الخطاب الذي كانت تسرده الراوية على لسانها قبل كل رسالة أو متن حكائي- إذا لا يمكن اعتبار هذا العمل رواية لمجرد أنه تبنى هذا النمط من القضايا الذي بات موضة عصرية نوعا ما، والذي لا يذهل في الأمر أن صورة الرجل في الرواية هي ذاتها في كل المشرق العربي.. فلم المرأة السعودية تمارس فصامها داخل حدود السعودية وخارجها ولا تتجرأ على أخذ خطوة حقيقية في انتزاع حقوقها؟ أو معرفة طريقها؟ إذا من عناصر الرواية الأساسية الراوي ووجهة نظره وتلك نصف السرد وهو النصف الذي يحرك النصف الآخر.

اللغة..
اللغة المطلوبة في الرواية هي التي يتحقق الانزياح بها عن الاستخدام اليومي العادي بحيث تكتسب ظلالا ودلالات تدعم معاني عميقة وتفصيلية وتفسيرية، مما يجعل السرد في رحلة بنائه للشخصيات والأحداث تباعا مقنعا ونابضا حيا ينقل الحكاية من بعدها الايهامي إلى الواقعي الانفعالي.
" النظم المعتاد للمفردات، والترتيب المألوف للكلمات، لا يصنعان صورا بلاغية، لأنهما بديهيان، فالصورة هي كثافة المعنى، وغياب الصورة هو انفتاح على الدلالة المرجعية المجردة" ،
"لغة الرواية تمثل مستوى وسيطا؛ لا يبلغ من التركيز والتكثيف ما يجعله قادرا على احتلال مكانة في الذاكرة والبقاء مثل الشعر، ولا يصل إلى التدني والعادية بحيث يصبح من حق كل راو أن يؤديه بكلماته وعلى طريقته، كما يحدث في الحكايات اليومية التافهة، فاللغة الروائية وسيط يقوم بتثبيت مفردات الدلالة، وبناء المعنى الكلي للنص، وتنظيم علاقات التصور والرمز، دون أن يصل من التبلور والكثافة والتشيؤ، إلى الدرجة يحل فيها محل عناصر السرد الأخرى"
فلنتناول مشهد طلاق قمرة أو الفشل العاطفي المتكرر لشخصية سديم ولميس وميشيل، جميعها مواقف صعبة وقد لا يحدث ذلك مع الغالبية، فهي كقصص متفردة نادرة، ومؤلمة،
وفيها انفعالات نفسية، المهم كيف عبر الراوي عن تلك الانفعالات؟ بمعادلة ما يساوي الحكي في النص من وقائع، هل اثار مشاعر؟ هل يوجد ظلال؟ هل كون مشاهد نابضة صوتيا وحركيا ولونيا؟ هل صور المشهد بلغة متأثرة بالموقف؟ بارعة في نقل الحدث؟ من لغة التاريخ الميتة الى لغة الحياة المشهدية؟ لغة الإبداع المحسوسة التي تنقل الوقائع والأحداث وما وراءها؟
مع العلم أن تيار الوعي حاضر والراوي العليم يصف ويحاصر، إلا أن الكاتبة هنا ناقلة، لم تحسن تقمص شخصياتها ولم تنفعل بها ولم تحمل لغتها أنفاسها، ولا أنفاس الشخصيات، هنا يتوقف المرء ويسأل نفسه: كل الفنون تدور حول هذا المحور، سواء أدبية أو غير أدبية، الموسيقى مثلا ليست تقنية تتعلمها فتصبح موسيقارا مؤثرا، والشعر ليس قوالب، والتمثيل ليس نصا تحفظه ووجها مقبولا مألوفا، إنه القاسم المشترك بينها جميعا، الانعجان بالعمل التخييلي وتوجيهه وتحميله بالشحنات العاطفية حتى يصل إلى المتلقي بصدق وبدون تكلف وحواجز، وفي الرواية لا يتحقق ذلك دون تقمص، واعتراك خيال بواقع، وقد قرأت تعليقا لأحد النقاد مؤخرا لإحدى الكاتبات في فن الرواية: "بالمختصر أنا لا أستطيع أن أعلمك كيف تكتبين، أستطيع أن أوجهك".
تلك الرواية التي يقضي المرء فيها ساعات وساعات ليسمع هذا المستوى الركيك من الصياغة والجمل الأجنبية المكتوبة بحروف عربية دون تنصيص لها شكلت معاناة حقيقية للقارئ، فليذهب القارئ وليشاهد مسلسلا دراميا أو مسرحا سعوديا أو يستمع إلى برنامج حواري سعودي أو يطالع مجلة أو موقع تواصل افتراضي، ما له وعناء متابعة هذا الترهل في اللغة، وتلك الفوضى العارمة، يوجد في الشعوب العربية كثير من الاختلاط اللغوي مثل لبنان والمغرب العربي، لكن لا نجد هذا التخبط اللغوي في الرواية إلا نادرا، يكفي موقف واحد ليدل على الأنماط اللغوية الشخصيات، لا أن تتناثر العامية بهذا الشكل على طول العمل.
التكرار وضعف الصياغة والأخطاء اللغوية والنحوية الكثيرة:
ظهر التكرار وضعف الصياغة في السرد للزمن الماضي وخصوصا الفعل الناقص "كان"،عبر تيار الوعي، مثل سرد على لسان ميشل عن علاقته بماتي ابن خالها، على طول الصفحة بدأت جملها الحدثية بكان، وكان تكرارا مخلا ورتيبا ومملا، ص 92- 94
الأخطاء اللغوية والنحوية آفة لا يكاد يبرأ منها المشهد الثقافي اليوم، لكن إن تعدت حدا معينا فسد العمل ولم يعد صالحا للتداول، وهذا ما كان في كتاب رجاء الصانع التي عكفت عليه ست سنوات تطارد قصص الانترنت وقصص المقربات والصديقات، حتى كتبته، ولكنها بعدها لم يروج لها عمل أدبي، رغم الترويج المبهرج المبالغ فيه لها. وعدم استمرارية الكاتب بأعمال فيها بصمة رغم شهرته التي بناها بسبب طبيعة المجتمع الذي انتقده، يدل على أن العمل كان مجرد مذكرات أو رسائل أو تفريغات نفسية، وقد نكون مجحفين إن عممنا ذلك لكن طبيعة التكوين الفني للنص هي ما تؤكد ذلك.. فما هي تقنيات النص الروائي، هل هي كبحور الخليل بن أحمد العروضية نصب فيها الحكاية فتخرج لنا نصا أدبيا؟ مستحيل أن يكون ذلك، فالرواية فلسفة زمانية ومكانية تخترق ما سبق وتوظفهما في صالح السرد لبناء حدث يؤدي إلى حبكة تسلب اللب وقد تمضي وقد لا تمضي.

الحبكة:
أما الأمر الآخر وهو الذي لا أطيق عليه صبرا، وهو الحبكة.. أين الحبكة؟ قد تحتمل رفيق درب ممل في رحلة ما لكن بهدف الوصول إلى شيء، أين الهدف هنا؟ أين التحدي الذي ينتظر القارئ؟.روائيات لهن كلمتهم في العالم العربي اكتفيت بتوظيف شخصية واحدة في المتن الحكائي لكن القارئ لا ينساها ويتابعها بنهم، أما هنا فلا يوجد أي حبكة، واكتفى السارد العليم بكل شيء بقص الحكايات والتفاصيل لدرجة أنك لا تعرف ماذا سيختلف الفصل القادم عن الفصل الفائت، هي مشكلة فن القص في الوطن العربي، تجد فيه أشياء كثيرة إلا القصة، ولا يمكن اعتبار أي شخصية سارت في فضاء معين شخصية روائية، ولا يشفع لها قدر الخيبات التي تمر بها لتجعلها روائية، لا بد أن تكون هناك حبكة، تحد حقيقي يواجه هذه الشخصية يوظف كافة عناصر السرد لخدمته، وإن بقي الحل مفتوحا، تبقى الحبكة هي النقطة التي تشعرك أنك وصلت إلى مرحلة من مواجهة ومكاشفة الذات والواقع باللحظة نفسها التي تشعر أنك صافحت اللامرئي..الروحاني..الطبيعة وما وراء الطبيعة.. إنه المكان الذي تختبر فيه الرواية بتشكيلها الواقعي والخيالي، ليس بتعقيد المشكلة التي تمر بها الشخصية وليس بعدد الإشكاليات التي تواجهها، إنما هو صياغة تلك المشكلة بطريقة تجعلها مشكلة ينفعل القارئ معها وبها، ويتقمص الشخصية بمحاذاة الراوي في مغامرة مخطوفة من عقر الزمن..
لم تخرج القضايا التي تحدثت عنها الرواية عن الخلاف الحاد بين الأجيال والأزمة بين الرجل والمرأة، صراع حيث هو صراع وليس من صنع الكاتبة، ولم تستطع الكاتبة بسردها الضعيف واستخدامها الروتيني السرد الكلاسيكي أن تجعلنا نؤمن بتلك القضايا حتى لو اتفقنا معها في بعضها فكريا، فالإيمان والاعتقاد أقوى من مجرد التقاطع الفكري...



#مروى_فتحي_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروى فتحي منصور - بنات الرياض وزمن التلقي وروائية الرواية على غرار شعرية الشعر