أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فرنسوا بورغا - تطبيع اليمن !! *















المزيد.....

تطبيع اليمن !! *


فرنسوا بورغا

الحوار المتمدن-العدد: 1574 - 2006 / 6 / 7 - 10:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


من اجل ادراك اهمية الانتخابات التشريعية المقبلة في اليمن يجدر التذكير بالمنطق الذي تحكم بالانتخابات السابقة. ففي العام 1993، شهدت عملية الاقتراع الاولى التي تلت توحيد الشمال والجنوب في ايار/مايو 1990 مواجهة بين ثلاثة احزاب رئيسية بالرغم من تكاثر التشكيلات السياسية الصغيرة: الحزبان "الواحدان" سابقا في كل من الشمال والجنوب اي المؤتمر الشعبي العام في الشمال والحزب الاشتراكي في الجنوب والذي انضم اليهما في دعم للشمال، الاسلاميون من التجمع اليمني للاصلاح [2] . وكمكافأة له على دعم النظام "سمح" للاصلاح بالحصول على 62 مقعدا (متفوقا على الاشتراكي الذي حاز 56 مقعدا فقط) وعلى ست حقائب وزارية. هكذا مر وقت بدا فيه كأن اليمن يمثل الصورة العربية المستقبلية للانتقال نحو الديموقراطية.

لكن هذه التعددية كانت "مسلحة". فكل حزب من الاحزاب ظل مسيطرا على قواته كما ان صيغة الحكم لم تكن تسمح سوى بمساكنة هشة. فحتى ايار/مايو 1994 ارتكز التعايش بين الثلاثة ملايين جنوبي والاثني عشر مليون شمالي على توازن القوى المسلحة وعلى تحديث المؤسسات. في انتخابات نيسان/ابريل 1997 التي شهدت هزيمة "الانفصاليين" الاشتراكيين في الجنوب (وفي غياب مشاركتهم) تغيرت التحديات. فحزب الرئيس علي عبدالله صالح الذي لم يعد في حاجة الى حلفاء لمحاربة الاشتراكيين استعاد سلوك الحزب الواحد ففاز بالغالبية المطلقة للمقاعد النيابية وبكل الحقائب الوزراية باستثناء واحدة.

بعد عامين أي في 23 ايلول/سبتمبر 1999، جاءت اعادة الانتخاب الخامسة لعلي عبدالله صالح الى سدة الرئاسة (بنسبة اكثر من 96،3 بالمئة من الاصوات) اكمالا لواحد وعشرين عاما امضاها في السلطة، ليكمل عملية "التضييق" السياسية. فالرئيس "المنتخب بالاقتراع الشعبي" في "الجمهورية الوحيدة في شبه الجزيرة العربية" كان حذرا في اختيار منافسه الوحيد من صفوف حزبه. فاقتصرت التعددية على الحزب الحاكم مما اعاد اليمن الى النمط السائد في غالبية البلدان العربية، من مصر الى العراق وصولا الى جمهورية حافظ الاسد الوراثية. وجاءت الضغوط الاميركية تدفع في هذا الاتجاه قدما لتدخل البلاد في دينامية تجديد عميق للتحالفات التي طالما بنيت عليها توازناته.

فالنظام كان تحالف في الواقع منذ ردح طويل مع الاسلاميين اكثر مما طاردهم. منذ 1948، لعب الجزائري فضيل ورتيلاني، مبعوث مؤسس الاخوان المسلمين حسن االبنا، دورا حاسما في المحاولة "الحديثة" الاولى لزعزعة نظام الامام الزيدي يحيى حميد الدين المحافظ. وبعد 15 عاما، وخلال الحرب الاهلية التي اعقبت اطاحة الملكية (1962 ـ 1970)، فان الاتفاقية التي التحقت بموجبها القبائل ـ اي الى حد كبير الذراع المسلحة لنظام الامامة ـ بالمعسكر الجمهوري قد ابرمت برعاية مناضلين (من بينهم محمد محمود الزبيري) مقربين من تيار الاخوان المسلمين [3] .

منذ وصوله الى السلطة عام 1978 ومن اجل مواجهة خصومه المتعاقبين (الزيديين من انصار الملكية السابقين، الناصريين الموالين لمصر، اشتراكيي الجنوب ومن ثم اشتراكيي "الداخل") لجأ السيد علي عبدالله صالح في شكل دوري الى مختلف الفئات الاسلامية بمن فيهم المتطرفون. وخير دليل على الكيمياء غير المسبوقة التي أمنت طويلا التوازن السياسي، تبرز شخصية الشيخ عبدالله الاحمر الذي ينتخب في كل دورة رئيسا للبرلمان باصوات الحزب الحاكم فيقدم هذا الرجل الثاني في الدولة بالمقابل الدعم للنظام المتمثل في اكبر تجمع للقبائل (حاشد) وفي اكبر الاحزاب الاسلامية "المعارض" وهو يرأس الاثنين. وبالرغم من ابعادهم عن الحكومة في العام 1997، فضل اعضاء حزب الاصلاح من موقعهم "المعتدل" في المعارضة دعم ترشيح الرئيس صالح للرئاسة عام 1999. لكن غداة انتخابه بالاقتراع الشعبي، اعطى رئيس الدولة الانطباع بانه اراد استخدام شرعيته المتجددة للضغط على المعارضة. وتدل المواجهات الشخصية المتكررة على تدهور العلاقة مع رئيس المجلس النيابي، وبالتالي فان احدى الاستحقاقات السياسية الكبرى سيتمثل في خلافة هذه الشخصية التاريخية والمفصلية في التحالف بين النظام والقبائل والاسلاميين والذي حقق لزمن طويل فرادة اليمن واستقراره.

وتستمر هذه السياسة خصوصا وان الظروف الدولية والاقليمية مؤاتية لها. فانتهاء الخلاف مع السعودية حرم الاسلاميين وصلاتهم داخل قبائل الشمال من دعم الرياض المالي التقليدي. في موازاة ذلك تأتي المطالب الامنية الاميركية (من اجل المزيد من "الامن والنظام") والدعم الفني للقوات الخاصة بقيادة نجل الرئيس (احمد) لتعزز الاتجاه السلطوي للنظام وتشجعه على قضم اجنحة المعسكر الاسلامي بزعامة رئيس البرلمان عبدالله حسين الاحمر.

ادى قانون اللامركزية الخجول الذي اقر في شباط/فبراير 2000 الى انتخابات سادها التشويش اوصلت مجالس محلية ومناطقية تعددية. لكن من اجل فرض هيمنته خصوصا في مواجهة "الاصلاح" لم يتردد النظام في ارتكاب مخالفات خطيرة. وقد تأكد هذا التوجه من خلال التعديل الثالث للدستور والذي اقر في شباط/فبراير 2001 عن طريق الاستفتاء الشعبي: تحويل المجلس الاستشاري الى مجلس شورى وتمديد الولاية الرئاسية من خمسة الى سبعة اعوام ـ قابلة للتجديد عام 2004 ـ مما يسمح لنجل الرئيس ببلوغ السن المطلوبة 40 عاما ـ لخلافة والده.

منذ العام 2000 منع "الاصلاح" من ادارة المؤسسات التربوية ("العلمية") التي يشرف عليها، وابتداء من 11 ايلول/سبتمبر 2001، الغيت منح التعليم للطلاب الاجانب في جامعة الايمان ولم تجدد تأشيرات سفرهم مما اضطر المئات منهم لمغادرة البلاد. والهجمة لا تطال فقط الجناح الراديكالي في الحزب بزعامة الشيخ عبد المجيد الزنداني، ففي 24 تشرين الاول/اكتوبر 2002 تطور حادث بسيط الى مواجهة مسلحة بين الشرطة وحرس رئيس البرلمان اصيب خلالها نجل هذا الاخير بجروح. وما يؤكد ايضا الاتجاه السلطوي اعادة النظر في انتخابات مجالس الجامعة والضغوط القضائية الدائمة على الصحافة المعارضة واصدار قانون صارم للجمعيات.

تصلب المناخ السياسي فجاة مع اغتيال الرجل الثاني في المعارضة الاشتراكية جارالله عمر يوم 28 كانون الاول/ديسمبر 2002 في ظروف غامضة وخلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر حزب "الاصلاح". وقد سارعت السلطة الى تصوير القاتل على انه من اعمدة حزب الاصلاح. وكان السيد جارالله عمر قد انتهى لتوه من القاء كلمة ضمنها نداء مؤثرا من اجل الوحدة بين الاشتراكيين والاسلاميين لمواجهة "فساد" النظام واعتداءاته المتكررة على الحريات. مهما اختلفت التفسيرات حول الجريمة فانها برهنت على افول مرحلة التحالف بين حزب الرئيس وحزب الاصلاح بعد انتصار الشمال العسكري على اشتراكيي الجنوب عام 1994 والاستقرار الداخلي النسبي الذي تلاه.

في سياق المواجهة مع حلفاء الامس الاسلاميين والذين ما عادوا يخيفون البيئة الغربية مع بروز جناحهم التحديثي في زعامة محمد قحطان مدير الدائرة السياسية والامين العام محمد اليادومي، لا يرتكز النظام فقط على حلفائه التقليديين من الاشتراكيين الذين سمح لزعمائهم المنفيين بالعودة الى البلاد بل راح ينهل هو ايضا من المعين الديني. فمقابل بعض التنازلات استخدم الورثة السلفيين للشيخ المتشدد مقبل الوادعي والمقاطعين للانتخابات من اجل حرمان الاصلاح عددا من ناخبيه. اما الزيديون فسيعطون على الارجح اصواتهم للنظام بعد فراق طويل معه اضافة الى الجماعات الصوفية في الجنوب وتهامة. ففي مطلق الاحوال وبمختلف الوسائل بات واضحا ان النظام سوف يحول دون ترجمة منافسه الاسلامي قوته الحقيقية في مقاعد البرلمان.

في السياسة الخارجية نجح اليمن اخيرا في قلب صفحته السوداء المتمثلة في خياره السيىء عام 1990 دعم صدام حسين، فطبّع علاقاته مع الكويت (في ايار/مايو 1999) ورسّم حدوده مع سلطنة عمان. كما انتهى التوتر على الحدود مع السعودية [4] وذلك في صورة مشهودة ومن خلال اتفاق ابرم في جدة يوم 12 حزيران/يونيو 2000. مقابل شريط حدودي غني بالنفط على الارجح، تخلت صنعاء عن المطالبة بالمقاطعتين اللتين تنازل عنهما الامام يحيى للسعودية بموجب معاهدة الطائف عام 1934. برهن اليمن عن قدرة ديبلوماسية غير مجردة من الواقعية والفعالية (كما تبين من اللجؤ الى محكمة العدل الدولية في لاهاي في تشرين الاول/اكتوبر 1998 بخصوص الخلاف مع الحبشة حول جزر حنيش او في كانون الاول/ديسمبر 2000 من خلال التوسط الناجح في الازمة الصومالية) مما قاد رئيسه في جولة واسعة شملت حتى الفاتيكان في 1998 بعدما اقام اليمن علاقات ديبلوماسية مع الحاضرة الكاثوليكية. وتستمر العلاقات مع فرنسا على منسوبها من الثقة بالرغم من الفصل الاليم للاعتداء على ناقلة النفط "ليمبورغ" مقابل جزر المكلا في 6 تشرين الاول/اكتوبر 2002، وبات اليمن مصنفا داخل "منطقة التضامن الاولوي" مما يرفع بشكل ملموس من درجة التعاون الثنائي.

وبلغت حملة الانفتاح والتطبيع ذروتها عند اللقاء مع الرئيس كلنتون (4 نيسان/ابريل 2000) الذي رمز الى دخول اليمن حلقة الدول الممكن مصادقتها وما تبعها من دخول ولو بصفة مراقب الى الحلقة المقفلة حتى الآن لمجلس التعاون الخليجي (كانون الثاني/يناير 2002). لكن صرامة اللهجة اليمنية منذ بدء الانتفاضة الثانية نهاية ايلول/سبتمبر 2000، وبعض التردد في التعاون الامني، وتصفية ستة من المتهمين بالانتماء لتنظيم "القاعدة" فوق الاراضي اليمنية في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 (بواسطة صاروخ اطلق من طائرة اميركية بدون طيار) اضافة الى اغتيال ثلاثة من المبشرين الاميركيين في 31 كانون الاول/ديسمبر 2002، كلها ادت الى توتير اجواء التعاون مع الولايات المتحدة. مع ذلك تبدو واشنطن مستمرة في سياسة تعزيز النظام. --

[1] المركز الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية في صنعاء. من مؤلفاتهL Islamisme en face, La Découverte, Paris, 2002.

[2] Rémy Leveau, Franck Mermier et Udo Steinbach (sous la direction de), Le Yémen contemporain Karthala, Paris, 1999.

[3] Chroniques Yéménites, (1993-2002) publiées par le Centre français d?archéologie et de sciences sociales de Sanaa, et disponibles à cette adresse : http://www.cy.revues.org

[4] Renaud Detalle (sous la direction de), Tensions in Arabia : The Saudi-Yemeni Fault Line, Nomos Verlagsgesellschaft, Baden-Baden, 2000.



#فرنسوا_بورغا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تطبيع اليمن


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فرنسوا بورغا - تطبيع اليمن !! *