أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - التعرف على أكابر المجرمين بالوعظ ب ( إتّق الله )















المزيد.....

التعرف على أكابر المجرمين بالوعظ ب ( إتّق الله )


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6503 - 2020 / 3 / 1 - 00:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


( الشيوخ أصحاب الفضيلة ) هم ( أكابر المجرمين )عند رب العزة جل وعلا ( 4 )
أولا
1 ـ لو قابلت مجرما عاديا ( من أصاغر المجرمين ) ووعظته قائلا : ( إتّق الله ) فربما يخشع لأنه يعرف أنه مجرم ، ويعرف أن عقابا ينتظره . لو قلت ( إتّق الله ) لواحد من أكابر المجرمين فستأخذه العزة بالإثم ، وربما يعصف بك لو كنت من مواطني البلد .
ليس هذا كلاما نظريا بل هو واقع مؤلم . أكابر المجرمين من السلاطين في عصرنا يعصفون بمنظمات حقوق الانسان المحلية التي ترفع صوت الضحايا وصرخاتهم تحت آلات التعذيب ، ولا يلقون بالا الى مناشدات منظمات حقوق الانسان الدولية ( وهو نوع من الوعظ ) في الإفراج عن المعتقلين ظلما أو حتى منع التعذيب وتوفير ظروف إنسانية لهم في السجن . السيسى في مصر يخطب متحببا للناس ، يصفهم بأنهم نور عينيه ، ويتفوق على الراحلة ( أمينة رزق ) في الدراما التراجيدية الباكية ، إذ تنهمر دموعه عند اللزوم وهو يخطب . تراه هكذا فتحسبه الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز . لكنه إذا نوقش ــ حتى من بعض أتباعه ـ تحوّل سريعا الى شخصية الحجاج بن يوسف الثقفى .
بالمناسبة : هناك أوجه شبه كثيرة بين السيسى والحجاج في موضوع الوحشية . على أن الحجاج لم يكن منافقا محتاجا للتمثيل ، ثم كانت وحشيته في تناغم مع ثقافة عصره . كل من ( الحجاج والسيسى ) إرتكب ما يعرف بالقتل صبرا . القتل صبرا يعنى حشر المساجين في ظروف بالغة القسوة بدون أدنى رعاية وتركهم الى أن يموتوا جوعا ومرضا وبردا . الموت صبرا حصد كثيرين من الأبرياء في سجون السيسى ، وهو يتربص بالباقين . وبالموت صبرا قضى الحجاج بن يوسف على مائة ألف سجين. مستبدو المحمديين يمارسون وحشية الحجاج بن يوسف . العالم الديمقراطى يناشدهم ويعظهم ولكن لا يتعظون ، إذ يكفيهم أن أكابر المجرمين من شيوخ الدين ( أصحاب الفضيلة ) يتراقصون في مواكبهم مهللين .
2 ـ على أن رب العزة جل وعلا ذكر الوعظ بالتقوى دليلا يمكن به التعرف على أكابر المجرمين ، من سلاطين وشيوخ الدين . وهذا في قوله جل وعلا : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّـهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴿٢٠٤﴾ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴿٢٠٥﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّـهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴿٢٠٦﴾ البقرة ).
2 / 1 : قال جل وعلا : ( وَمِنَ النَّاسِ ) أي حيث يوجد ( ناس ) ف ( من الناس ) من يتصدى لإضلال الناس . إذا كان مستبدا أطلق التصريحات الحانية ، وإذا كان من شيوخ الدين الأرضى يتصدر للوعظ ، ولأنه من شيوخ السلطان فقد قام السلطان بتلميعه وتنصيبه علما للهداية ، فيتكاثر حوله الناس مبهورين بما يسمعون منه ، وهو يحكى لهم منكرا من القول وزورا ، سواء من الأحاديث الشيطانية التي تملأ كتب دينه الأرضى ، أو من مفترياته الشخصية أنه رأى في المنام كذا وكذا ، والعوام كما قال جل وعلا : ( وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ﴿١١٣﴾ الانعام )
2 / 2 : ( كلمة إتق الله ) تفضح أكابر المجرمين العاملين في مجال الدين خادما لأسياده الحكام . هو بحكم عمله يعظ ويتكلم بإعتباره متحدثا عن رب العزة جل وعلا ، فإذا قيل له ( إتق الله ) أخذته العزة بالإثم وليس بالحق . الويل لمن يتصدى له موضحا تناقضه مع القرآن الكريم ، عندها تأخذه العزة بالإثم ، إذ هو في خدمة سلطانه يملك نفوذا يجعله محصّنا ضد النقد ، وهو لا يتوانى عن عقاب من يناقشه ويسبب له إحراجا ، ولأنه جاهل فلديه عُقدة إضافية من العلماء الحقيقيين ، ويريد إلغاءهم ليخلو له الجو فيقول ما يشاء . لذا فهو يسعى في الأرض فسادا ، أو كما قال جل وعلا : ( وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ) .
2 / 3 : ولأنه منافق عتيد فهو في تناقض بين أقواله وأفعاله . أو كما قال رب العزة جل وعلا : ( وَيُشْهِدُ اللَّـهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ )، يفترى على الله جل وعلا كذبا ، وهو ألدُّ الخصام . ولا بد له من الإفتراء على الله جل وعلا كذبا ليجعل العوام منبهرين بأكاذيبه ، يصغون اليها بأفئدتهم .
ثانيا :
لمحة عن الوعظ بتقوى الله في تاريخ ( المسلمين )
1 ـ كان عبد الملك بن مروان طالب علم قبل أن يلحق بأبيه الخليفة مروان بن الحكم ، ثم تولى الخلافة بعده . وبعد ان قضى على حركة عبد الله بن الزبير وقتله عام 73 هجرية جاء المدينة عام 75 ، وهى التي عاش فيها من قبل طالب علم ، وتحسُّبا من أن يعظه أستاذه ( سعيد بن المسيب ) فقد أعلن في خطبة شهيرة له أنه سيضرب عنق من يأمره بتقوى الله . هنا أعلن نفسه من أكابر المجرمين ، إذ أخذته العزة بالإثم .
2 ـ كانت الدولة العباسية دولة كهنوتية ، وكان يحلو للخليفة العباسى أن يتصدى للوعظ ، وتأكّد هذا في خلافة أبى جعفر المنصور الذى وطّد الدولة العباسية ، وكوّن حوله حلقة من الفقهاء يشاركونه في صفة ( أكابر المجرمين ). كان ينتظر منهم الطاعة المطلقة ، وحين ظهرت إستقلالية أبى حنيفة وموقفه من الأحاديث التي يفتريها زملاؤه قتله أبو جعفر المنصور عام 150 هجرية .
كان أبو جعفر المنصور يعرف إنه يستخدم الدين في تثبيت سلطانه ، وكان مشهورا بخطبه الوعظية ، يخطب وتسيل دموعه ويعلو صوت بكائه ، بينما إذا تولى سعى في الأرض قتلا وسلبا ونهبا وفسادا . هذا النوع من أكابر المجرمين الذى يحكم ويتاجر بالدين لا يسمح لأحد أن يزايد عليه في صناعته . لا يسمح لأحد أن يقول له (إتّق الله ) ، لو سمح له فسيكون هذا الواعظ تهديدا سياسيا له . هذه القصة التي رواها ابن الجوزى فى تاريخه ( المنتظم 7 /340 :341 ) توضح هذا .
يقول : ( بينما المنصور ذات يوم يخطب وقد علا بكاؤه إذ قام رجل فقال : " يا وصّاف تأمرنا بما تجتنبه وتنهى عما ترتكبه ، بنفسك فابدأ ثم بالناس ". فنظر إليه المنصور ثم تأمله مليا ، ثم قطع الخطبة وقال : " يا عبدالجبار خذه إليك "، فأخذه عبدالجبار ، وعاد ( المنصور ) إلى خطبته فأتمها وقضى الصلاة ، ثم دخل ، ودعا بعبدالجبار ثم قال : " ما فعل الرجل ؟" فقال : " محبوس عندنا يا أمير المؤمنين. " . قال ( المنصور ) أمل له ( ثم أعرض له ) بالدنيا فإن عزف عنها فلعمرى أنه لمريد (للأخرة ) وإن كان كلامه ليقع موقعا حسنا ، وإن مال إلى الدنيا ورغب فيها فإن لى فيه أدبا يردعه عن الوثوب على الخلفاء وطلب الدنيا بعمل الآخرة.". ) يعنى أن يختبره ، هل في وعظه يرجو الآخرة ولا مطمح له في الدنيا ، أم هو يتجرأ ويعظ الخليفة علنا ليكسب جاها دنيويا . وفعلا إختبره عبد الجبار ، عرض عليه أن يعمل عند الخليفة في ظلم الناس ، فرضى وصار من خدم الخليفة . وتمتع كما يتمتعون ، فجىء به الى أبى جعفر المنصور فوبّخه وقتله . تقول الرواية : ( فخرج عبدالجبار فدعا بالرجل ودعا بغذائه ، فقال له : " ما حملك على ما صنعت ؟ " قال : " حق الله كان فى عنقى فأديته إلى خليفته "، قال : " إذا فكُل "، قال : " لا حاجة لى فيه "، قال " وما عليك من أكل الطعام إذا كانت نيتك حسنة".! ، فدنا فأكل ، فلما أكل طمع ( عبد الجبار ) فيه، فتركه أياما ثم دعاه فقال : " لهى عنك ( أى نساك )أمير المؤمنين وأنت محبوس فهل لك فى جارية تؤنسك وتسكن إليها ؟ " قال : " ما أكره ذلك . " . فأعطاه جارية ، ثم أرسل إليه(يقول ) : " هذا الطعام قد أكلت ، والجارية قد قبلت ، فهل لك فى ثياب تكتسيها وتكسو عيالك إن كان لك عيال ، ونفقة تستعين بها على أمرك ، إلى أن يدعو بك أمير المؤمنين إن أردت الوسيلة عنده إذا ذكرك؟ " ، قال : " وما هى "، قال : " أوليك الحسبة والمظالم ، فتكون أحد عماله تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر "، قال : " ما أكره ذلك "، فولاه الحسبة والمظالم . فلما أتى عليه شهر قال عبدالجبار للمنصور : " الرجل الذى تكلم بما تكلم به فأمرت بحبسه قد أكل من طعام أمير المؤمنين ، ولبس من ثيابه وعاش من نعمته وصار أحد ولاته فإن أحب أمير المؤمنين أن أدخله عليه فى زى الشيعة( أى أنصار العباسيين فى ذلك الوقت ) فعلت " . قال : فأدخله . فخرج عبدالجبار فقال ( للرجل ) : " قد دعا بك أمير المؤمنين وقد أعلمته أنك أحد عماله على المظالم والحسبة ، فأدخل عليه فى الزى الذى يحب . " . فألبسه قباء وعلق خنجرا فى وسطه وسيفا بمعاليق ....ودخل ، فقال: " السلام عليك يا أمير المؤمنين . " فقال : " وعليك ، ألست القائم بنا والواعظ لنا ومذكرنا بأيام الله على رؤوس الملأ ؟" قال :" نعم "، قال : " فكيف تخليت عن مذهبك؟ " قال : " يا أمير المؤمنين ، فكرت فى أمرى فإذا أنا قد أخطأت فيما تكلمت به ورأيت أنى مصيب فى مشاركة أمير المؤمنين فى أمانته " . قال : " هيهات ، أخطأت إستك ( يعنى مؤخرتك ) الحفرة ، هناك يوم أعلنت فيه الكلام وظننا أنك أردت الله به فكففنا عنك ، فلما تبين لنا أنك أردت الدنيا جعلناك عظة لغيرك حتى لا يجترىء بعدك مجترىء على الخلافة ، أخرجه يا عبدالجبار فاضرب عنقه " . فأخرجه ..فقتله. )
3 ـ في نفس الوقت كان أبو جعفر المنصور يحترم العلماء الذين لا يأخذون أجرا على الوعظ ولا يزاحمونه في سلطانه زاهدين في الدنيا يرجون لقاء الله جل وعلا . يتجلى هذا من موقفه من عمرو بن عبيد أحد أئمة المعتزلة ، وقد كان أبو جعفر المنصور في شبابه تلميذا لعمرو بن عبيد ، وعندما دارت الأيام ونجحت دعوة بنى العباس إختار عمرو بن عبيد أن يبتعد عن تلميذه القديم . تعرض المنصور لثورة كادت تقضى على ملكه ، إذ ثار الهاشميون بقيادة محمد النفس الزكية في الحجاز وأخيه إبراهيم بالعراق ، ووقع أبو جعفر المنصور بين الثورتين . وجاءه خبر أن محمدا النفس الزكية بعث الى عمرو بن عبيد برسالة يطلب فيها أن ينضم اليه . فجاء أبو جعفر المنصور للبصرة وبعث الى أستاذه القديم ليحقق معه . كان أبو جعفر المنصور في فسطاطه وعلى الباب أعيان دولته ينتظرون الإذن بالدخول على الخليفة ، بينما ينتظر الخليفة مجىء عمرو بن عبيد . جاء عمرو بن عبيد راكبا حمارا ودخل به بوابة الفسطاط دون أدنى إهتمام بالبروتوكول ، وإرتاع أعيان دولة المنصور ، ثم إزدادت دهشتهم حين جاء الربيع بن يونس حاجب الخليفة وهو يرحب بعمرو بن عبيد ، ويصطحبه للقاء الخليفة قبل أعيان دولته. بعد لقاء طويل بينهما خرج عمرو بن عبيد يتوكأ على الحاجب الربيع بن يونس حتى أركبه الحمار . وحكى الربيع للمدهوشين موجز لقاء عمرو بأبى جعفر المنصور .
ننقل الرواية كما جاءت في المنتظم لابن الجوزى : ( قال :‏ بينا أنا على باب المنصور وإلى جنبي عمارة بن حمزة إذ طلع عمرو بن عبيد على حمار، فنزل عن حماره ،ونحى البساط برجله وجلس دونه ، فالتفت إليّ عمارة فقال‏:‏ " لا تزال بصرتكم ترمينا بأحمق‏.‏" فما فصل كلامه من فيه ( فمه ) حتى خرج الربيع وهو يقول ( لعمرو بن عبيد ) ‏:‏ ( أجب أمير المؤمنين جعلني الله فداك‏). "،‏ فمر متوكئًا عليه، فالتفت إلىّ عمارة فقلت‏:‏ " إن الرجل الذي استحمقت قد دُعي وتُركنا‏.‏" قال‏:‏ " كثيرًا ما يكون هذا" ‏.‏ فأطال اللبث ثم خرج الربيع وعمرو متوكئًا عليه وهو يقول‏:‏ ( يا غلام حمار أبي عثمان‏ ).‏ فما برح حتى علا سرجه وضم إليه نشر ثوبه و استودعه الله‏.‏ فأقبل عمارة على الربيع فقال‏:‏ "لقد فعلتم اليوم بهذا الرجل فعلًا لو فعلتموه بولي عهدكم لكنتم قد قضيتم حقه‏ " .‏ قال‏:‏" فما غاب عنك والله ما فعله أمير المؤمنين أكثر وأعجب‏.‏ " قال‏:‏ " فإن اتسع لك الحديث فحدثنا‏ " .‏ فقال‏:‏ " ما هو إلا أن سمع أمير المؤمنين بمكانه فما أمهل حتى أمر بمجلس ففرش لبودًا ، ثم انتقل هو و المهدي( ولى العهد ) وكان على المهدي سواده وسيفه ، ثم أذن له ، فلما دخل عليه بالخلافة ، فرد عليه ومازال يدينه ( يقرّبه منه ) حتى أتكأه على فخذه وتحفّى به ، ( إحتفى به ) ثم سأله عن نفسه وعن عياله ، يسميهم رجلًا رجلًا وامرأة امرأة ، ثم قال‏:‏ " يا أبا عثمان عظني‏.‏ " فقال‏:‏ " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم‏:‏ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم ‏{‏والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر هل في ذلك قسم لذي حجر ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب‏}‏ إن ربك يا أبا جعفر لبالمرصاد‏.‏" ‏ فبكى ( أبو جعفر ) بكاءً شديدًا كأنه لم يسمع تلك الآيات إلا في تلك الساعة ، وقال‏:‏ " زدني‏." ‏ فقال‏:‏ " إن الله قد أعطاك الدنيا بأسرها فاشتر نفسك منه ببعضها ، واعلم أن هذا الأمر الذي صار إليك إنما كان في يد من قبلك ثم أفضى إليك ، وكذلك يخرج منك إلى من هو بعدك ، وإني أحذرك ليلة تمخض صبيحتها عن يوم القيامة‏.‏" ..‏ فبكى والله أشد من بكائه الأول حتى جف جفناه‏.‏ فقال له سليمان بن خالد‏:‏ " رفقًا بأمير المؤمنين قد أتعبته اليوم " فقال له عمرو‏:‏ " بمثلك ضاع الأمر وانتشر لا أبالك .! وماذا خفت على أمير المؤمنين أن بكى من خشية الله عز وجل . " فقال له أمير المؤمنين‏:‏ " يا أبا عثمان أعنّي بأصحابك أستعن بهم‏. " ‏ قال‏:‏ " أظهر الحق يتبعك أهله‏.‏ " قال ( أبو جعفر المنصور ) ‏:‏ بلغني أن محمد بن عبد الله بن حسن ( محمد النفس الزكية الثائر ) كتب إليك كتابًا‏.‏ " قال‏:‏ " قد جاءني كتاب يشبه أن يكون كتابه‏." ‏ قال‏:‏ " فيم أجبته " ، قال‏:‏ " أوليس قد عرفت رأيي في السيف أيام كنت تختلف إلينا إني لا أراه " ( اى كان عمرو بن عبيد ينهى عن اللجوء للحرب ، وقد عرف منه هذا ابوجعفر المنصور حين كان من تلامذته ) قال ( المنصور ) ‏:‏ " أجل ، ولكن تحلف لي ليطمئن قلبي‏." ‏ قال‏:‏ " لئن كذبتك تقية لأحلفن لك بقية‏.‏ " ( أي لو كان كاذبا سيكون سهلا عليه أن يحلف كذبا ) قال ( أبو جعفر المنصور )‏:‏ " أنت والله الصادق البر" ‏.‏ ثم قال‏:‏ " قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم تستعين بها على سفرك وزمانك‏.‏" قال‏:‏ " لا حاجة لي فيها‏.‏" قال‏:‏ ( والله لتأخذنها‏.‏" قال‏:‏ " والله لا آخذها‏. " ‏ فقال له المهدي ( ولى العهد إبن المنصور ) ‏:‏ " يحلف أمير المؤمنين وتحلف‏!‏ " فترك ( عمرو بن عبيد ) المهدي وأقبل على المنصور وقال‏:‏ " من هذا الفتى ؟ " قال‏:‏ " هذا ابني محمد هو المهدي وولي العهد‏." ‏ قال‏:‏ " والله لقد أسميته اسمًا ما استحقه عمله وألبسته لباسًا ما هو من لبس الأبرار ولقد مهدت له أمرًا أمتع ما يكون به أشغل ما يكون عنه‏.‏ " ثم التفت إلى المهدي وقال له‏:‏ " يا ابن أخي إذا حلف أبوك حلف عمك لأن أباك أقدر على الكفارة من عمك‏.‏ " ثم قال‏ ( أبو جعفر المنصور ) :‏ " يا أبا عثمان هل من حاجة ؟ قال‏:‏" نعم‏." ‏ قال‏:‏ " وما هي " قال‏:‏ " لا تبعث إلي حتى آتيك‏.‏ " قال‏:‏ " إذًا لا تأتيني‏.‏" قال‏:‏ " عن حاجتي سألتني‏.‏ " قال‏:‏ فاستحفظه الله . ( أي ودّعه في حفظ الله ) وقال أبو جعفر المنصور عنه : ( كلكم يمشي رويد كلكم يطلب صيد غير عمرو بن عبيد ) .
أخيرا
مستحيل أن يتكرر هذا في عصرنا .
نحن نتقدم ليس فقط الى الخلف بل نتساقط من الحضيض الى أسفل سافلين .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في التعرف على واحد من أكابر المجرمين : ( حسنى مبارك اللعين )
- ( الشيوخ أصحاب الفضيلة ) هم ( أكابر المجرمين )عند رب العزة ج ...
- القاموس القرآنى : ( حديث ) ( يُحدّث ) ( يحدُث ) ( مُحدث )
- ( الشيوخ أصحاب الفضيلة ) هم ( مجرمون )عند رب العزة جل وعلا ( ...
- المومس أشرف من شيوخ الدين الأرضى المحمديين .. لماذا ؟
- القاموس القرآنى : الظلمات والنور
- الكتاب كاملا : ( من آمن ب ( محمد ) فقد كفر
- خاتمة كتاب ( من آمن ب ( محمد ) فقد كفر.
- من آمن ب (محمد) فقد كفر:(12): الكفر والتكذيب بالآيات والكتاب ...
- من آمن ب (محمد) فقد كفر:(11): مشكلتهم مع الرسول محمد وليس مع ...
- من آمن ب ( محمد ) فقد كفر:(10): أسماء إخترعوها لإلههم :( الن ...
- من آمن ب ( محمد ) فقد كفر. ( 9): إسم خاتم النبيين فى القرآن ...
- من آمن ب ( محمد ) فقد كفر. ( 8) : عبادة الأسماء لدى الكفار ا ...
- من آمن ب ( محمد ) فقد كفر. ( 7) :
- من آمن ب ( محمد ) فقد كفر. ( 6) :
- من آمن ب ( محمد ) فقد كفر. ( 5 )
- من آمن ب ( محمد ) فقد كفر. ( 4 )
- من آمن ب ( محمد ) فقد كفر. ( 3 / 1 )
- من آمن ب ( محمد ) فقد كفر ( 2 )
- من آمن ب ( محمد ) فقد كفر. ( 1 )


المزيد.....




- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - التعرف على أكابر المجرمين بالوعظ ب ( إتّق الله )