أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أليسار الطيب - أنا وصديقي والطباخون والإعلام العربي....مهاترات لا بد منها














المزيد.....

أنا وصديقي والطباخون والإعلام العربي....مهاترات لا بد منها


أليسار الطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1573 - 2006 / 6 / 6 - 00:46
المحور: الادب والفن
    


كنا أربعة جالسين نتأمل البحر وزرقته الجميلة، ولم يشأ أي منا مس السكون الجميل الذي كان يلف المكان... وفجأة وبدون سابق إنذار باغتتني صديقتي بسؤال: لماذا تركت عالم الإعلام؟ بقيت لبرهة أحدق أمامي، ثم التفت اليها بكسل متناهي وأجبت: لاننا نمارس الطبخ وليس الإعلام... وأنا بصراحة لا أحب المطبخ. وادرت وجهي ثانية نحو البحر.....

عاد السكون ليعم المكان، وفجأة وبدون سابق إنذار أيضاً، إنتفض صديقي وقال: انت مجبرة على تقديم إعتذار لجموع الطباخين في العالم.... فالطبخ يا سيدتي أصبح علم ويمارس وفق أصول وتعاليم لولاها تنحرق الطبخة أو تكون إعلام على الطريقة العربية.....

نظرت اليه ببلاهة وقلت له: مع إنني لا أفهم ماذا تريد تماماً... الإ أنه وبما إننا في زمن إتهام الغير ثم تقديم الإعتذار فعودة الى الإتهام... انا يا سيدي أرفض الإعتذار... وأدرت وجهي ثانية الى البحر....

لم يجبني كما إنه لم يحدثني مجدداً طوال الجلسة..... وإنفض السامر وغادرنا كل الى بيته.....

بنحو الساعة الثانية فجراً رن هاتفي المحمول... أفقت كالمجنونة أصلي أن مكروهاً لم يقع لاحد.... فتحت الخط وأجبت: ألو.... جاءني صوت صديقي من الطرف الأخر ليقول دون أي مقدمات: هل تعلمين يا سيدتي أن الطباخين لهم نقابات منتشرة على رقعة العالم تضع أسس ومعايير عملهم، ولا يعتبر الطباخ طباخاً إلا إذا إجتاز مجموعة من الإمتحانات، بينما الإعلاميون لا يجدون جهة يلجأون اليها في حال قتلوا أو عذبوا كما وأقلها لا يوجد في معظم الدول العربية نقابات تحمي حقوق الإعلاميين أو حتى تضع أسس ومعايير للعمل الصحفي لنتمكن من تمييز الفالح من غيره، ولا نجبر على تحمل ما نراه على شاشتنا وصفحات مطبوعاتنا....

وحاولت أن أقاطعه وانا نصف نائمة، إلا أنه رفض كافة محاولاتي وأكمل: وهل تعلمين يا سيدتي أن الطباخ الماهر يصل راتبه أضعاف أضعاف راتبك، فيما لو وصل راتب الإعلامي الى الحد الادنى من الرواتب يمن عليه صاحب العمل ليوم القيامة.

وهل تعلمين يا سيدتي أن لا أحد يستطيع أن يجبر الطباخ على إختيار الوجبات التي يقدمها في مطعمه، وفي أحيان كثيرة تجبرين على قبول ما لديه لسد رمقك، فيما إسمحلي لي أن أعدد لك لمن يخضع الإعلامي: أولاً لسياسة المؤسسة التي يتبعها حتى وإن لم تتلاقى وإعتقاده، ثانياً لسياسة رئيس التحرير المشرف حتى وان تنافت مع سياسة المؤسسة التي تتنافى أصلا مع أفكاره، وأخيراً وليس أخراً لسياسة المحرر المباشر التي قد تتنافى مع كل ما سبق. ونتيجة لهذه الخلطة العجيبة يخرج المنتج مسخاً لا تستطيعي مهما كنت جائعة أن تقبليه أو تتقبليه، وإن إضطررت الى ذلك، فما تكادي تكملي ما تشاهدينه أو تقرأيه حتى تتجهي الى أقرب مرحاض لتفرغي فيه كل ما إستقبلتيه من الإعلام...

هل تريدن أكثر.... قلت له: لا..... إلا إنه أكمل دون أدنى إهتمام... هل تعلمين يا من تدعي المعرفة أن هناك أقساماً دائمة في كتاب غينيس مخصصة للطبخ والطباخين، فأين نرى أسماء الإعلاميين أصحابك؟؟؟؟ في سفر الإستشهاد أو السجون....

هل تعلمين أن هناك مؤتمراً سنوياً عالمياً للطباخين يناقشون فيه أخر ما توصلت اليه التقنية ووصفات الطبخ، ويتم تطبيق ما يتوصل اليه المؤتمر من توصيات لتعم الفائدة على الجميع، بينما في المقلب الأخر نرى على مدار العام منتديات وورشات عمل وحوارات ومؤتمرات، ولكن النتيجة واحدة.... تتماشى مع مقولة "عنزة وإن طارت"...

وحتى لا أطيل عليكي، فقلت: يا ريت!!!!.... فأكمل: هل تعلمين ان هناك مراقبة دائمة للطباخين وعملهم من قبل مؤسسات كبرى تهتم بجودة المنتج بالاضافة الى دوائر الصحة وتوابعها... ومن لا يتقنلاعمله أو يجرم بمخالفة يخرج نهائياً من لعبة الطبخ نهائياً.... الا ان إعلامك يا صديقتي لا يخضع لأي رقابة من أي نوع كان، ومن لا يتقن عمله يترقى ويصبح نجماً مشهوراً رغماً عن أنوفنا وعيوننا وكل ما تريديه....

هل تعلمين أن الطباخ يعاقب عندما يخطىء وقد يدخل السجن حتى رغم أن أقصى نتائج طبخه غير المرضية يمكن علاجها بعملية غسيل معدة، فيما أخطاء الإعلام العربي والتي هي بالمناسبة لا تعد ولا تحصى فلا يمكن معالجتها، بل على العكس بدل من معاقبة المخطئ تتم ترقيته وتتراكم الأخطاء حتى لا نعود نراها.....

وصمت..... بقيت أنتظر ليكمل ... الإ أنه بقي صامتاً ثم تنهد وقال: تصبحين على خير..... وأقفل الهاتف.....

وبعد أن أنهى مكالمته العجيبة الغريبة، جلست في فراشي أفكر..... وأفكر.....الى أن توصلت الى قرارين، الأول تمثل في الإتصال بصديقتي التي كانت السبب في كل ما حصل.... وعندما تأكدت أنها إستيقظت أقفلت الخط..... أما الثاني فكان بناءاً على إقتناعي بكل ما قاله صديقي، والذي لولاه لبقيت على إعتقادي الخاطئ بأن إعلامنا العربي حاله كحال الطبخة يمكن إصلاحها بعد عدة تجارب....

وعليه... أتقدم بإعتذاري الشديد لجموع الطباخين ... وأعلنها توبة أبدية بأن لا أقارن إعلامنا العربي مع أي مهنة أخرى، لانه حالته لا ينفع عليها التشبيه ولا التشبه..... ففيما كنت أعتقد أنه من ذوي الإحتياجات الخاصة اللذين يندمجون في المجتمع بعد إعادة تأهيلهم... إكتشفت أن إعلامنا العربي يعاني من حالة إعاقة دائمة لا أمل في شفائها......

لذلك أكرر رجائي بأن يقبل الطباخون إعتذاري.... ولك يا صديقي كل الشكر لانك ساعدتني للوصول الى الحقيقة.....

وشكراً



#أليسار_الطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أليسار الطيب - أنا وصديقي والطباخون والإعلام العربي....مهاترات لا بد منها