أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود بادلي - المراهق يولد مرتين















المزيد.....

المراهق يولد مرتين


محمود بادلي

الحوار المتمدن-العدد: 1572 - 2006 / 6 / 5 - 06:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نحن هنا لسنا بصدد موضوع جديد، لكن يبدو أن المرحلة التي نعيشها، تدفعنا إلى الكتابة عنها، خاصة ونحن نمر في ظروف حساسة ومعقدة إلى حد ما، لا أريد الدخول في تفاصيلها، لكنها بشكل أو بآخر تؤثر وعلى المنحيين السلبي والإيجابي في تكوين الشخصية، وكان لا بد لنا من طرح بعض الأسئلة لعلى وعسى أن تحرك ولو جزءاً صغيراً من تفكيرنا ومشاعرنا إزاء الواقع الحالي، لذا سوف نحاول توضيح كيفية ولادة الشخصية الثانية للمراهق، إضافة إلى التنبيه لدور الوالدين في تطوير هذه الشخصية، واستمراريتها، ولماذا الحاجة إلى المؤسسات الثقافية ؟.
ما هي مرحلة المراهقة ؟
مرحلة المراهقة: وهي تلك المرحلة التي تأتي ما بين مرحلة الطفولة والشباب، أي تلك السنوات التي تلي الطفولة المتأخرة، وتبدأ من سن الثانية عشرة، وتستقر في سن الحادية والعشرين أو الثانية والعشرين.
.. عندما تبدأ مرحلة المراهقة، تكون نقطة الانطلاق مميزة بتغيرات عاصفة وشديدة، حيث يرى الطفل نفسه أمام مرحلة جديدة، لم يشعر مسبقاً بأي شيء من تفاصيلها، وأهم هذه التغيرات:
1 ـ التغيرات الجسمية :
هنا المراهق، يتلمس بعينه التغيرات التي تعصف بجسمه يوما بعد يوم، وأنها تفلت من سيطرته، كالطول والعرض والشعر والأنف والصوت ... الخ، هذه التغيرات، تظهر بشكل قسري دون إرادته، والمطلوب منه أن يتكيف معها.
ويعد البلوغ من أخطر معالم التغير الجسمي، أو الحدث الجنسي البارز، وهنا يحس المراهق، ولأول مرة بقوة جنسية فائقة، تدفعه نحو الاهتمام بالجنس الآخر، بنظرة مغايرة .
2 ـ التغيرات الاجتماعية :
هنا يشعر المراهق بأنه في حاجة ملحة لتحقيق مكانته الاجتماعية، لكي يرى فيها ذاته، ولكي تسمح له بالتعبير عن أحلامه وهواجسه وآماله ، مقابل ذلك، يمكن أن لا يلقى الاهتمام والرعاية من أسرته، فكافة الاحتمالات مفتوحة هنا ، حيث يمكن للمراهق أن ينضم إلى شلة معينة، ويجدها فيما بعد ملاذاً آمناً، يربط مصيره بها، ثم يصبح هذا المكان مجالاً حيوياً لممارسة رغباته، وما كان ينشده .
3 ـ التغيرات النفسية :
إزاء هذه التغيرات تصبح ذات المراهق مضطربة وقلقة، لأنها تريد التعبير عن كيانها، ووجودها بشكل مستقل ، إضافة إلى ذلك فأن هناك مبالغة فيما ينشده المراهق، وتزداد طلباته، خاصة عندما يريد شيئاً ما، أو يسعى في سبيل شيء ما، نراه يركض مسرعاً من أجل تحقيقه، وكل هذه المحاولات من قبل الأنا، يعود في أسبابه إلى تضخم الأنا لدى المراهق ، فهو يريد أن يؤكد ذاته، ويبرز وجوده، ومكانته بين الآخرين، فهو يعتقد بأنه قادر على تحقيق كل الأمور التي يبغيها، فلديه خيال خصب وتفكير واسع، وأكثر الأحيان يفوق ذلك الخيال قدراته وإمكاناته. مثلاً نراه يفكر أحياناً بتحرير العالم من المشاكل والأمراض، وتحقيق العدالة والخلاص للشعوب، أو التفكير في أن يستقل عن أسرته، ويفتح له بيتا،ً ثم يشكل أسرته الخاصة به .
إن هذه الأنا جديدة عليه، ومضخمة لديه، لأنه في الحقيقة لا يشعر بتمايزه عن الآخرين، أنه يرى نفسه كالبقية، وهكذا يتراءى له، ومن جهة أخرى يتخيل أو أنه هكذا يحلم بأن تكرار كلمة الأنا سوف يحقق له استقلاليته كشخصية مستقلة ومميزة.
4 ـ التغيرات الانفعالية :
كما أوضحنا مسبقاً أثناء التحدث عن التغيرات الجسمية، كيف أن الحالة الجنسية، تبرز بقوة، لذلك فأن هذه القوة الجنسية، تدفع المراهق ذو الشعور الرقيق نحو الجنس الآخر، والإحساس بحاجة ملحة إلى الجنس الآخر، وأن عليه الاستجابة لها .
بلا شك أن هذه الطاقة، تلعب دوراً كبيراً في حياة المراهق، لدرجة أنه بأفكاره وهواجسه وخيالاته، يقع تحت تأثيرها( الطاقة )، فنراه في كثير من الأحيان، يعيش الألم والعذاب والحزن، وأحيانا أخرى، يعيش السعادة والفرح ويرى راحته فيها.
ثم تظهر هنا عاطفة الحب، لتدفع المراهق نحو الانجذاب الانفعالي للجنس الآخر، ورغبته نحو تواجد الآخر إلى جانبه بشكل دائم، والتحدث والاستماع إلى بعضهم البعض ،والانصهار في وحدة عاطفية.
بشكل عام هذه هي التغيرات التي تطرأ على حياة الطفل، وهو يودع أواخر مرحلته الهادئة، ليدخل مرحلة الشباب، والمطلوب من المراهق هنا أن يكون قادراً على الانسجام مع هذه التغيرات الجسمية والاجتماعية والنفسية والانفعالية، بشكل هادئ، حتى يتمكن من خلق أجواء مستقرة ومناسبة، يحقق فيها ذاته على المدى المنظور .
والفترة الأخيرة للمراهق، والتي تقع ما بين ( 18 ـ 22 ) السنوات الأخيرة للمرحلة ، وهي الزمن الجاد الذي تبدأ فيها أفكار المراهق وعلاقاته وقيمه ومبادئه شيئاً فشيئاً، وبشكل معقول بالمضي نحو الاستقرار، بمعنى أن المراهق يبحث عن ذاته الحقيقية، ذلك بعد أن هدأت تلك التغيرات .
وهنا تسطع الولادة الثانية، التي أكدها ( ستانلي هول ) في أحد أبحاثه، عندما قال " هناك ولادة ثانية في المراهقة "، وحسب نظرته، يتوضح لنا بأن المقصود من الولادة الأولى، قدوم الطفل إلى الحياة، أما الثانية فهي ولادة الشخصية .
• دور الوالدين في بناء هذه الشخصية :

عندئذ يمكننا القول بأن الولادة الأولى، تبدأ باطلاق الطفل الصرخة الأولى، عند قدومه إلى وجه الحياة، بصحة معافاة من الأمراض الوراثية، ثم دخوله إلى مرحلة المراهقة، ومدى استجابته لها.
وهنا يبقى الدور الحاسم والهام على عاتق الأسرة، في أن تلعب دورها المميز اتجاه تربية الطفل، خاصة دور الوالدين، والذي يتطلب الوعي بالمسؤولية، بالإضافة إلى التوافق المناسب بينهما، حتى يتمكنوا من القيام بدورهما التربوي والاجتماعي والفكري والأخلاقي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يجب أن تكون الأسرة كلها منسجمة فيما بينها، حتى تكون قادرة على خلق بيئة تربوية مناسبة، بعيدة عن المشاحنات والخلافات والعداء بين أفرادها.
ومن أجل تنشئة الطفل تنشئة سليمة بعيدة عن الذعر، وعن الأفكار الخاطئة ، والأوهام،يجب على الوالدين أن يكونوا على دراية تامة بأسرار الطفولة، وبشكل خاص مرحلة المراهقة ومكنوناتها، ذلك لأنها مرحلة حساسة، وخطيرة بآن واحد في حياة الطفل .
.. بلا ريب أن غايتنا الرئيسية من هذا الموضوع، هو التنبيه إلى الدور الهام والمركزي للوالدين في الأشراف على السلوك اليومي للمراهق، حتى يتحمل كل واحد منهما مسؤوليته التربوية ودوره كقدوة حسنة في دعم الحاجات الأساسية لولادة شخصية متطورة.
لذلك يجب أن يكون الجو الأسري قائماً على أسس من المحبة والانسجام والنصيحة والإرشاد والاهتمام والرعاية والحوار والتسامح، بالإضافة إلى العلاقات الديمقراطية بين الأبناء والآباء.
وفي اعتقادي أن هذه الأمور التي ذكرناها ضرورة لا بد منها،ويجب أن تتوفر في كل أسرة، ذلك إذا أردنا أن نلقن أطفالنا وننشئهم على أفكار ومبادئ صحيحة، وإذا أردنا أن نزرع في أنفسهم الثقة بالنفس، ومحبة الذات والتعاون، وهذا من شأنه خلق شخصية متوافقة ومتوازنة، قادرة على التكيف مع ذاتها ومع الآخرين، بشكل مناسب .
• لماذا الحاجة إلى المؤسسات ؟

إزاء كل ما ذكرنا أعلاه، يجب أن ندرك بأن أطفال اليوم، أو الذين يعيشون في هذه المرحلة، هم متفتحون وعلى درجة معينة من الذكاء والنشاط والحركة، ذلك لأن الوسائل والأمور المتوفرة بين أيديهم الآن لم تكن متوفرة في أيامنا وأيام آبائنا وأجدادنا، ومثال ذلك يمكن أن نبدأ من التلفزيون إلى الإنترنت والستلايت والسي دي والتليفون المنزلي والنقال، باختصار أن تحقق هذه التطورات والمتغيرات الأخيرة في العالم نتيجة الثورة التكنولوجية والمعرفية والاتصالية، بلا شك أنها لم تؤثر على الحالة الاقتصادية فحسب، بل ذهبت أبعد من ذلك، لتؤثر على منظومة الأفكار والمبادئ والقيم الاجتماعية والسياسية والثقافية في كل مناطق وبلدان العالم، وتعتبر منطقة الشرق الأوسط من المناطق المستهلكة التي تعيش تحت تأثير وسيطرة تلك الثورة .
وهنا يجب أن نذكر بأن الشعب الكردي إحدى الشعوب القديمة في هذه المنطقة، لهذا يجب أن لا ننسى بأننا نحن أيضاً نعيش تحت هذا التأثير، خاصة وأننا لا نملك كياناً سياسيا ًمستقلا ( دولة )، وهذا ما يجعلنا نفتقد إلى المؤسسات التربوية والمعرفية والاقتصادية والاجتماعية ـ عدا كردستان الجنوبية ـ وغياب هذه المؤسسات أدت بدورها إلى تخلف المجتمع الكردي، وإبقاءه في حالة ضعف وتشتت من النواحي السياسية والاجتماعية- الثقافية والاقتصادية.
لكن إزاء هذا وذاك يجب أن نعي وندرك ما نطلبه، فهل نبقى مكتوفي الأيدي ونستسلم للمعاناة والقلق والآلام الذي يعيشها أطفالنا وشبابنا، أم أن نفكر ونهتم بالمعاناة والمصائب والمشكلات التي يعاني منها مجتمعنا بشكل عام.
بلا ريب إن هذه النقطة الأخيرة لها متطلباتها، وإحدى هذه المتطلبات هو بناء المؤسسات، سواء أكانت اجتماعية أو ثقافية، لكن ربما يتساءل أحد ما، إن بناء مثل هذه المؤسسات ممنوعة في المجتمع الكردي أي أنها سوف تواجه الخط الأحمر من قبل الأنظمة التي تسعى إلى إلغاء الهوية الكردية، لكن السؤال الأهم هو كيف أننا نستطيع تأسيس الأحزاب ولا نستطيع بناء مثل هذه المؤسسات ؟!!
مع ذلك ليس لي غاية أو قصد في أن أثير هذا الموضوع في هذا المقال، لكني أعتقد بأن كل هذه الأمور ترتبط فيما بينها بشكل أو بآخر، خاصة إذا أردنا أن ننشئ الجيل الجديد على أسس تربوية سليمة ومناسبة، وكما أشرنا آنفاً إلى الدور الهام والأهم للآباء والأمهات في هذا المجال ، لكن يجب أن لا ننسى أيضاً بأنه ليس كل الآباء والأمهات متعلمين، فالنسبة الكبيرة منهم أميين، ويمكن أن يفشلوا في القيام بدورهم التربوي الملقى على عاتقهم، وهنا تكمن ضرورة وجود المؤسسات في احتضان الشباب، والقيام بواجبها في بناء الشخصية، تلك الشخصية المنسجمة والمتطورة، لتكون قادرة على التكيف مع المستقبل، وقادرة على تحقيق أهدافها المنشودة .



#محمود_بادلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود بادلي - المراهق يولد مرتين