أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد العزيز المسعودي - الخوصصة بالمغرب وأثرها على حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية















المزيد.....


الخوصصة بالمغرب وأثرها على حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية


عبد العزيز المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1572 - 2006 / 6 / 5 - 05:58
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الخوصصة بالمغرب

وأثرها على حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية

يمكن تعريف الخوصصة على أنها عملية تحويل رأس المال من مقاولة عمومية إلى مساهمين خواص.



وتتمثل الاعتبارات المقدمة لتبرير هذه الممارسة:

- التقليص عموما من دور الدولة في الاقتصاد

- إخضاع تدبير المقاولات العمومية لمعايير الاقتصاد الخاص بهدف القضاء على البيروقراطية

- الترخيص للمقاولات (إرغامها أيضا) على البحث في سوق رؤوس الأموال عن مصادر التمويل عبر وضع حد لإعانات التوازن التي تتقل كاهل الميزانية العامة للدولة

- أن تجلب للدولة عبر بيع أسهمها موارد مالية إما لتقليص عجز الميزانية، أو لتمويل سياستها الاقتصادية

- كسر مقاومة نقابات المأجورين المرتكزة بقوة في المقاولات العمومية

- إخضاع مقاولات القطاع التنافسي للقواعد الدولية للتنافسية

- إتاحة إعادة هيكلة الرأسمال والأنشطة على المستوى الوطني والدولي عبر عمليات الاندماج والشراء.



مفهوم الخوصصة عمليا بالمغرب
عبر طرح هذا السؤال، فإن الأمر يتعلق على الخصوص بالحذر ضد إعادة إنتاج الإيديولوجية المبسطة القاضية بالدفاع أو رفض الخوصصة. فباستبعادنا لذلك بالأولوية والعمل على تحديد الخوصصة في سياق تاريخي محدد، يشكل احتياطا ضروريا.

نظريا، يبدو أن "السياسة الاقتصادية" للمغرب تميل نحو منظورين، المنظور الأول يقوم على الضبط وإذن على الحفاظ على التوازنات، والمنظور الثاني يقوم على الإنعاش الاقتصادي عبر تحفيز الإنتاج وتقليص البطالة عبر اللجوء إلى عجز الميزانية، الإنعاش من خلال الاستهلاك أو الادخار والاستثمار.

الاختيارات المعتمدة أخيرا تميل نحو المنظور الأول وتتلخص في مجرد تدبير "التوازنات الهيكلية". بمعنى تدبير الأزمة من أجل ضمان استمرارية الوضع القائم.

عمليا، يعتبر التمييز في المغرب ما بين القطاع العام والقطاع الخاص مبسطا جدا إن لم يكن سطحيا ويمكن أن يؤدي إلى الخطأ. ما هو القطاع العام؟ نظريا، المقاولات العمومية هي في ملكية الدولة ويمكن النظر إليها كأدوات للسياسة الاقتصادية. لكن ما هي الدولة؟ إنها بطبيعة الحال ليست مجرد وحدة غامضة. تشكل وحشا أو أخطبوطا يتغذى من جزء هام من القيم المضافة المحققة. إن العملية الملموسة لتقسيم العمل يمكنها أن تحدد ظهورها وتحديد طبيعتها الحقيقية والعميقة، فيما وراء القناع القانوني المؤسساتي. في بداية عقد الستينات، عرف المغرب تعزيزا "للقطاع العمومي". هذا التعزيز جاء نتيجة تدبير القطاعات الاقتصادية والاجتماعية الحيوية وبالنظر لغياب بورجوازية محلية قوية بمعنى طبقة رأسمالية محلية.

وانطلاقا من سنة 1965/1967 بدأت ترتسم الرغبة الرسمية في تحرير الاقتصاد، لكن ذلك سيتوقف شيئا ما بسبب الانفجار الفوسفاتي، الذي أتاح للدولة التوفر على موارد مهمة وفي أن تلعب دورا مهما في تنمية بيروقراطية إدارية أو طبقة أصحاب الريوع الجدد. وتبعا لأزمة نهاية عقد السبعينات وبداية عقد الثمانينات، طورت الدولة مفهوما ارثيا للقطاع العمومي، كمجموعة سندات امتياز ، وكممتلكات خالصة ل "التقنوبيروقراطية"، في مقابل دعمها. فالتعيين في المناصب العليا للمسؤولية (الكتاب العامون، الولاة، والقياد والمدراء ...) بواسطة ظهير، إذن من طرف الملك، يفسر هذا المفهوم الخاص للمناصب الإدارية العليا كمصدر للامتيازات، مؤسسة قبل كل شيء على الولاء... فهاهنا سلطة تتيح احتواء محتمل لكل سلطة تنفيذية تستهدف إصلاحات حقيقية. البيروقراطية الإدارية المرتبطة مباشرة بالمخزن، عبارة عن قوة حقيقية، قادرة على إفشال البرامج الحكومية التي تهدد بتغيير الوضع القائم. في هذا الإطار نجد عائلات الأعيان يستحوذون على جزء كامل من القطاع الاقتصادي العمومي، "كحدود ترابية" أو "إمارة".

الخوصصة التي انطلقت مع بداية عقد الثمانينات، هي على الخصوص محاولة لاعادة التوازن دائما لصالح المخزن، عبر خلق بورجوازية غير مستقلة سياسيا والتي تعمل كقاعدة اجتماعية للدولة المخزنية. وفي الواقع، فإن مختلف مدونات الاستثمار التي توالت منذ الاستقلال، تستهدف ليس فقط تفضيل بعض القطاعات وإنما كذلك خلق شروط ملائمة لنشأة طبقة من الملاكين عبر تراكم داخلي لرأس المال.

حاليا، يظهر أن الخوصصة التي أصبحت تنفتح أساسا على الرأسمال العالمي، أصبحت تضحي بعملية التراكم الداخلي.



"القطاع العمومي"، كمصدر أساسي للمديونية الخارجية للمغرب؟
هناك عدد من الدراسات، المعتمدة، بخصوص تحليل التكاليف، أتاحت كشف ضعف مردودية المقاولات العمومية. فتدبيرها السيئ سيثقل بشكل كبير على ميزانية الدولة، مكرهة على تخويلها إعانات. ورغم بعض الاصطلاحات المعتمدة، فستستمر المقاولات العمومية كموضوع للتبذير وتحويل الأموال في ظل تشجيع لها من طرف عدالة مخزنية، غير عادلة، وخاضعة للسلطة الحقيقية.

في سنة 1987، سيعمل ال "PERL (prêt à la rationalisation des entreprises publiques) أو قرض عقلنة المقاولات العمومية، على إبراز نقاط الضعف التالية:

- القطاع العمومي يعمل خارج المنافسة، في الغالب في حماية الحماية الجمركية، وفي وضعية الاحتكار؛

- تقنين الأسعار والمراقبة تقوم على أسس لا علاقة لها بالاقتصاد؛

- الحصول على إعانات من طرف الدولة طبقا لمنطق الوصاية؛

- مناهج تدبير عقيمة؛

- تدخل الدولة في الاختصاصات الجارية للمقاولات العمومية؛

- غياب استراتيجية دولتية؟



وفي مواجهة نقاط الضعف هذه، تم اقتراح إصلاحات، ويتعلق الأمر أساسا ب:

- إنعاش الاستقلالية المالية للمقاولات العمومية؛

- تعزيز استقلالية التسيير؛

- عقلنة دور الدولة في الاقتصاد.



إن هدف هذه الإصلاحات وتقليص تحويلات الميزانية، بمعنى:

- الإلغاء في أجل معين لتحويلات الدولة نحو المقاولات العمومية؛

- التوقف عن مختلف التدخلات التي تؤدي إلى طلاق بين السعر وكلفة الإنتاج؛

- تسديد المتأخرات؛



وتشكل عقد البرامج الأداة الملائمة لبلوغ هذه الأهداف.



إن هذا المقترب الذي يمكن اعتباره ارادويا بالأساس، والمعتمد من طرف التيقنوقراط ذوي نوايا حسنة في الغالب، لن يمكن من بلوغ الأهداف المشار إليها. وتشكل طبيعة الدولة العرقلة الأساسية للدفع بهذه الإصلاحات. فقد فشلت هذه الأخيرة ذلك لأن تطبيقها كمجرد وصفة تقنية بدون إعادة النظر في العلاقات الاجتماعية الأساسية التي شكلت مصدرا للاختلالات.

بطبيعة الحال فإن بعض الميكانيزمات وقواعد التدبير وبنيات فعالة للمراقبة والتدبير والتدقيق الداخلي واجراءات التسيير ووضع كتيبات الاجراءات وأنظمة الرقابة الداخلية بإمكانها أن تساهم في تحسين نوعي في تدبير المقاولات العمومية.

لكن المصادر الأساسية للتدبير وتشتيت الثروات الوطنية تم تمريرها بصمت. فميزانية البلاط الملكي وادارة الدفاع الوطني تعتبر عقدة حقيقية حيث لا يمكن مناقشتهما في البرلمان (تاريخيا، المحاسبة التحليلية بدأت في قطاع صناعة الأسلحة). أما ميزانية وزارة الداخلية فما فتئت في التزايد، ذلك لأن الأمن يعتبر دائما أولوية الأولويات (أنظر الجدول رقم 1 المرفق). ويمكن أن نظيف الى ذلك "الصناديق السوداء" للمؤسسات العمومية، والمحاسبة العمومية العتيقة، وبنيات المراقبة غير الفعالة والمحتلة من طرف أصحاب الريوع (التفتيشية العامة للمالية، والمجلس الأعلى للحسابات ...).

الخوصصة في المغرب سيتم النظر اليها في المغرب كدخل سحري آخر. وفي الواقع فإنه لا يشكل سوى مظهرا من بين مظاهر أخرى لبرامج التقويم الهيكلي. وقد عمق على الخصوص الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية، حيث الفرد الرعية المغربي تم تصغيره وحرمانه من مواطنته. ولكن يجب مع ذلك عدم القاء كل شيء على الخوصصة، وتجريمها بشكل خاص واعتبارها كمصدر وحيد ومباشر وللأوضاع الاجتماعية الإقتصادية الحالية في المغرب. فهي تشكل عامل لتكريس هذه الأوضاع.

ومع الحكومة المسماة بحكومة التناوب، أصبحت الخوصصة أساسا وسيلة لتحقيق أهداف توازن الميزانية، للحصول على مداخيل استثنائية بهدف تقليص المديونية الخارجية وكسب ثقة الموسسات المالية الدولية. الجدول رقم 2 يبين تطور مداخيل الخوصصة منذ سنة 1993.

إن أهداف اعادة هيكلة المقاولات العمومية أو الخوصصة بهدف تحسين تدبير بعض المقاولات لم تتم الاشارة اليها.

إن التطور الحالي لتخلي الدولة يستهدف حاليا المؤسسات المالية المتخصصة التي عرفت تحويلات لأموالها، وانتهاكا للمال العمومي والاجتماعي وتبديرا للموارد: القرض العقاري والسياحي، البنك الوطني للانماء الإقتصادي، الصندوق الوطني للقرض الفلاحي ...

ودرءا للشبهات لجأت الحكومة الحالية إلى استعمال مفهوم "التدبير المفوض" بدون أن يتم تغيير المضمون، وهو المفهوم الذي يتضمن "خوصصة سكرية" على غرار مفهوم "تخليق الادارة العمومية"، والذي استبدل مفهوم "محاربة الرشوة" لكن هذه المرة عبر لمس العمق وعبر التراجع عن التزاماتها السابقة في هذا المجال.

المشاريع المعتمدة سنة 2002 تستهدف تفويت محطة التزحلق على الثلج في أوكيمدن وحديقة الحيوان الوطنية بالرباط. فعملية الخوصصة ستستأنف من خلال عمليات التفويت المبرمجة: المكتب الوطني للسكك الحديدية ONCF، و سونير SONIR وسوماكا SOMACA ووكالة التبغ ومتابعة فتح اتصالات المغرب.

عواقب الخوصصة على حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية
المجالات الاجتماعية الأكثر تضررا من برنامج التقويم الهيكلي بما فيها الخوصصة هي التعليم والصحة والشغل والسكن.

وفي الواقع لسنا في حاجة إلى الإحصائيات للتدليل على البؤس الذي تتخبط فيه شرائح واسعة من المجتمع المغربي. ويكفي أن نلاحظ ونمر على الجهات والمدن والإنصات للضحايا حتى تقفز أمامنا الحقيقة عارية، ودون اللجوء الى المعطيات الإحصائية النادرة المصداقية أو إلى صحافة موضبة جيدا عقابيا وماليا.

1 – التعليم:

الأفق القصير والضيق شكل خلفية لخوصصة التعليم، فقد تم اعتبار هذا القطاع "كمفترس" في مجال نفقات الميزانية، إعادة النظر في مجانية التعليم شكل تهديدا حقيقيا للمستقبل. العواقب الحقيقية تترتب على المدى البعيد. ثم إن عدم تعميم التعليم والطابع غير الإجباري له يفسر كذلك البؤس الاجتماعي بمفهومه الواسع. التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي تعرضوا أيضا لسرطان الخوصصة. ولوج الجامعات وعلى الخصوص بعض المدارس أصبح جد محدود ومحفوظا للطلبة المنبثقين عن الطبقات الاجتماعية "المحضوضة". تجميد المنح وتقليصها المحسوس كرس هذا التطور. مراكز التكوين المهني المنشأة خلال عقد الثمانينات شكلت أساسا من العاطلين (الذين يتعرضون يوميا للقمع أمام البرلمان).

التعليم الجامعي أصبح مخصصا أكثر فأكثر للنخبة. وقد أصبح آلة حقيقية لإنتاج الطبقات المتحكمة في الثروة. وهكذا نجد أن جامعة الأخوين بإفران أصبحت ذات دلالة كبيرة. فهل يتعلق الأمر بجامعة خاصة؟ فهي مبنية على أرض تبلغ 75 هكتار مملوكة للدولة، مفوتة لها بالمجان، وتتلقى الجامعة سنويا اعانة من الدولة تصل الى 90 % من نفقات تسييرها واستثماراتها. ويصل عدد تلامذتها إلى 5000. أما التمدرس بها فترتفع الى أكثر من 110.000,00 درهم في السنة لكل طالب. ويستفيد هؤلاء من أفضل البنيات التحتيةالموجودة بالمغرب. إن جامعة الأخوين توجد في منطقة محرومة من الطرق والمدارس والمراكز الصحية.

إن المعدل الحالي للأمية الذي يتجاوز 55 % لم يكن إذن ثمرة للصدفة. هناك 67 % من السكان من النساء يعانين من الأمية منها 90 % في الوسط القروي. 2.500.000 طفل ينشؤون بدون تمدرس.. تسع نساء قرويات على 10 لا يعرفن القراءة والكتابة في بداية هذه الألفية الثالثة.

ليس من المبالغ فيه الحديث عن "تعليم عمومي منكوب". النظام السياسي منذ مارس 1965، لم يفتأ يكره التكوين والذي يعتبره كتهديد رغم "التعقيم" و"الإفراغ" الممنهجين للبرامج المدرسية الهادفة إلى التحكم أحسن في الأفكار الشابة وتحويلها إلى رعايا خنوعة ومطيعة. وسيصل الأمر إلى درجة الالغاء خلال عقد السبعينات لتدريس علم الإجتماع والفلسفة، وتفضل في المقابل الدراسات الدينية والتفكير الظلامي والماضوي. المدرسة المغربية ستعمل إذن أساسا على انتاج أجيال المهمشين. حتى أولائك الذين حصلوا على دبلومات عليا سيأتون لتعزيز جيش العاطلين، وملأ الأزقة والارتماء في البحر للالتحاق بأوروبا الأسطورة.

وفي الواقع، أصبح التعليم في المغرب نظاما حقيقيا لإعادة انتاج التراتبية والطبقات الإجتماعية وبطبيعة الحال عدم المساواة البنيوية. فمنذ الولادة يكون الأطفال غير متساوون ثم إن مستقبلهم يحدد بشكل واسع من خلال انتمائهم الإجتماعي. البعض منهم لن يحظى أبدا بوضع أرجلهم الصغيرة في المدرسة. البعض الآخر سيترددون خلال بضع سنوات الأقسام المكتضة لتعليم عمومي يحتضر. البعض الآخر سيذهبون شيئا ما أبعد من ذلك ليلتحقوا بجيش حملة الشهادات المعطلين. أخيرا، آخرون أكثر "حضا" وفي الواقع بفضل الوسائل المالية لأوليائهم الأغنياء، سيتمكنون من شراء "ريعا" ، وإذن مستقبل ذهبي. إن هذا الحيف عاشه بشكل عميق وتغلغل في ذاكرة الآلاف من الشباب حاملي الديبلومات الذين يسبحون ما بين اليأس تحت شكل التطرف الديني، والجنون أو الجنوح والثورة التلقائية في غياب تنظيم قادر على تأطيرهم بدون خيانتهم.



2 – الصحة:

إعادة النظر في مجانية الصحة العمومية، في بلد حيث أغلبية السكان يعيشون على عتبة الفقر ولا يستفيدون من أي تغطية اجتماعية صحية، يعتبر أمرا شديد الخطورة، ذلك لأنه يمس الطبقات المسحوقة ويعرض للخطر مستقبل جميع الناس. الكلفة المرتفعة للأدوية. الولوج المحدود للعلاج. تدهور نوعية العلاج. إن حالة مستشفى الأمراض السرطانية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك هذه الوضعية. مستشفى واحد في مدينة الرباط. المرضى مضطرون للعيش في مدن القصدير المجانبة لهذا المستشفى لانتظار دورهم لأخد حصة من التداوي الكميائي أو الإشعاعي. بعد أن يكونوا قد وزعوا رشاوى على عدد من الوسطاء. وحتى في حالات الاستعجال، يجب على المرضى أن يوزعوا رشاوى قبل تلقي الاسعافات الأولية. تم إن عائلة المريض يجب أن تشتري جميع الأدوية الموصوفة. ثم إن "شهادة الإحتياج" لا تسلم إلا بعد قطع مراحل طويلة مدلة.

إن تجاهل صحة المواطنين لا يمكنه أن يكون سوى مصدرا لأعباء مستقبلية. فتسعة مغاربة من بين 10 لا يستفيدون من أية حماية اجتماعية صحية. فوفيات الأطفال يتجاوز 22 % بمعدل خام من الوفيات يفوق 6,5 %. وهناك بصعوبة 15 % من السكان دوي الدخل الضعيف يستفيدون من التغطية الطبية. أقل من طبيب واحد لكل 3000 ساكن وأقل من طبيب نساء واحد لكل 15.000 امرأة، وعلى العكس من ذلك فإن العراقيل المتعددة توضع أمام التلاميذ الراغبين في دراسة الطب كما أن دفعات بكاملها من الأطباء الجدد يلتحقون كذلك بجيوش العاطلين أو يغادرون بلدانهم. أكثر من 44 % من الأطباء يتركزون بين مدينتي الرباط والدار البيضاء.

وفي الواقع فإن مفهوم "الجريمة ضد الإنسانية" بالمعنى الواسع يمكن تطبيقه هنا. فإنطلاقا من كون الدولة، رغم كونها تتوفر على الوسائل والموارد، لا تعمل على نجدة مجموعات الأشخاص في خطر، وحيث أن لا أحد يختار أن يكون مريضا. فالمرض ليس سلعة كمالية.

3 – الشغل والبطالة:

الطابع العائلي للقطاع الخاص أساسا، وغياب الحماية الإجتماعية في مواجهة التسريحات التعسفية، وقمع الحقوق النقابية (...) يفسر تردد الشباب حاملي الشهادات في مواجهة القطاع الخاص الذي نجده في وضعيته الحالية لا يسمح بالمشاركة في تقليص البطالة. المشروع الحالي لمدونة الشغل تشرعن وتكرس الممارسات التحكمية في مواجهة العمال. النقابات تخضع بدورها للبيروقراطية وقد أصبحت فاسدة من الداخل، وتشكل بديلا للسلطة في القمع.

30 % من سكان المدن الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و25 سنة يعتبرون بدون عمل (وهو رقم رسمي). كما أن معدل البطالة يتجاوز 20 % على المستوى الوطني. الحائزون على الديبلومات لا يفلتون من ذلك ويعدون بمئات الآلاف. إنها عطالة طويلة الأمد، وذات عواقب اجتماعية وصحية كارثية، مكرسة بأزمة البنية الأسروية بالمفهوم التقليدي وعبر غياب الروابط الاجتماعية. الشغل أصبح امتيازا حقيقيا، خاضع لقواعد الزبونية والارتشاء والمساومات المخزنية.

هذه الوضعية تعتبر كذلك مصدرا "لهجرة الأدمغة"، المهندسين والأطباء وأصحاب دبلومات أخرى يهاجرون نحو آفاق أخرى. فهناك نزيف خطير يعرفه المجتمع المغربي تحت الأنظار غير العابئة لأصحاب الريوع. أما بالنسبة لغير أصحاب الديبلومات فسيذهبون لمواجهة أمواج البحر الأبيض المتوسط باحتمال كبير لمصادفة الموت. وحتى المعوقون لم يستثنوا من ذلك. لا يهربون من البطالة ولا من العصا. ونشير إلى أن 10 % من السكان المغاربة يعتبرون أشخاصا يحملون إعاقة. السلطات يفضلون تنمية طالبي الصدقات بدلا من نمو الحركات المطالبة بالحق في العمل.

4 – السكن

إن تضاعف مدن القصدير وباقي السكن غير اللائق ليس سوى الوجه الآخر للقصور الفاخرة والفيلات الفخمة في الأحياء الراقية، "كيتو الأغنياء". العجز الحالي في السكن يتجاوز 750 ألف وحدة. 20 % من السكان الحضريون وشبه مجموع السكان القرويون يعيشون في بنايات غير لائقة، أي أكثر من 12 مليون ساكن. في اللحظة الراهنة، في المناطق الحضرية، هناك أقل من 90 ألف سكن يبنى كل سنة.

الاحصائيات تتيح قياس وتعداد حقائق ملاحظة. لكنها لا تتيح تفسير لماذا هذه الحقائق. لكن فهم وحصر الأسباب الحقيقية التي شكلت سابقة ضرورية نحو وضع مشاريع بديلة، تتيح العمل وتغيير هذه الحقائق لفائدة الضحايا الذين يعانون منها.

سادسا: السبل الممكنة الأخرى: لا للمخزن، لا للرأسمالية، لا للسلطة البيروقراطية

تفكيك مخزنة الدولة والمجتمع المغربي تعتبر مهمة مستعجلة وضرورية لجميع القوى الديموقراطية المنشغلة بالعدالة والحرية وتناضل من أجل بناء دولة القانون واحترام حقوق الانسان في مفهومها الشامل والكوني. وهذا يعني انتزاع وليس طلب الاحسان للمواطنة. الحق في الوجود والحق في الكرامة تعتبر حقوقا مقدسة. فالحكم يجب أن تنزع عنه صفة القداسة.

وبعبارة أخرى، فإن الأمر يتعلق ليس فقط برفض الخوصصة والاجراءات الأخرى المماثلة لها، بصفتها سياسة تمس بحقوق الإنسان الإجتماعية والإقتصادية الأساسية (الحق في التعليم، الحق في الصحة، الحق في السكن، والحق في الشغل) والتي بدونها فإن حماية الكرامة الإنسانية لن تكون مضمونة بشكل كامل، لكن كذلك مكافحة الجرائم الإقتصادية وضد الإفلات من العقاب، الجرائم المرتكبة في المقاولات العمومية والتي ساهمت بشكل واسع في مظاهر البؤس الحالية التي تعرفها المكونات الاجتماعية المغربية. هذا النضال لا يمكن فصله عن النضال في الجبهات الأخرى، خصوصا المتعلق بالنضال ضد الافلات من العقاب عن الخروقات الخطيرة لحقوق الإنسان التي عرفها المغرب منذ نهاية عقد الخمسينات.

من خلال الخوصصة بالمغرب، تحاول الدولة المخزنية تأسيس وتنمية واستعمال طبقة من الملاكين لوسائل الإنتاج الأساسية، كقاعدة اجتماعية وسياسية لدعم شرعيتها. الخوصصة في هذا الاطار عبارة عن تشريع مؤسساتي للجرائم الإقتصادية. استغلال وتحويل الأموال العمومية في المقاولات العمومية أصبحت استغلالا مفرطا للعمال وتسريحات جماعية، وقمعا للحق في الإضراب وللحقوق النقابية (مثال: المادة 282 من القانون الجنائي المشهورة).

التطور الحالي هو مع ذلك جد معقد. الخوصصة مفتوحة على رأس المال الدولي. علاقات القوة لا تكون دائما لفائدة الدولة المخزنية. فالرأسمال الدولي يمكنه أن يفرض على هذه الأخيرة شروطا مبالغ فيها في استغلال قوة العمل والثروات الوطنية. الدولة المخزنية من أجل حاجتها للحفاظ على وجودها ستكون مدعوة لأن تلعب أساسا دورا قمعيا، دور حارس مصالح رأس المال الدولي. إن ذلك يعني تماما إضفاء الطابع الكومبرادوري على البنيات الفوقية. عمليا فإن هذا التطور يترجم بالمزايا المخولة للاستثمارات الأجنبية، عبر خلق منطقة للتبادل الحر، وباختصار وبعبارة بسيطة وضع المغرب في المزاد العلني. التبعية للرأسمال الدولي، تدجين الرأسمال المحلي وقمع الجماهير الشعبية تلخص هذا الاتجاه.

في هذا السياق، يجب أن تقوم مقاومة القوى الاجتماعية الديموقراطية على وعي جماعي للأسباب الحقيقية وعواقب هذا التطور. هذا النضال يجب أن يعتمد من طرف مجموع القوى المحيطة "بمشروع ذو مرجعية مشتركة" يجمعها من خلال تحالفات معقدة تاكتيكية واستراتيجية.

أخيرا، مع العملية الحالية للعولمة الليبرالية المتوحشة، فإن المقاومات لا يمكن اعتمادها إلا عالميا. فلم يعد ممكنا تحديد أو التقوقع في نضالات في حدود جغرافية كلاسيكية.



الجدول رقم 1

مداخيل الخوصصة في الفترة المتراوحة ما بين 1993 و2002

المداخيل بالمليون درهم
السنوات

2.222,60
1993

3.702,40
1994

1.508,90
1995

2.405,76
1996

5.923,54
1997

531,40
1998

269,60
1999

18,92
2000

23.359,52
2001

12.500 (توقعات)
2002

52.442,64
المجموع




المصدر: مديرية الخوصصة



#عبد_العزيز_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وضعية حقوق المرأة في العالم


المزيد.....




- خبراء يفسرون لـCNN أسباب خسارة البورصة المصرية 5 مليارات دول ...
- اقتصادي جدا.. طريقة عمل الجلاش المورق بدون لحمة وبيض
- تحد مصري لإسرائيل بغزة.. وحراك اقتصادي ببريكس
- بقيمة ضخمة.. مساعدات أميركية كبيرة لهذه الدول
- بركان ينفت الذهب في أقصى جنوب الأرض.. ما القصة؟
- أبوظبي تجمع 5 مليارات دولار من طرح أول سندات دولية منذ 2021 ...
- -القابضة- ADQ تستثمر 500 مليون دولار بقطاعات الاقتصاد الكيني ...
- الإمارات بالمركز 15 عالميا بالاستثمار الأجنبي المباشر الخارج ...
- -ستوكس 600- يهبط ويتراجع عن أعلى مستوى في أسبوع
- النفط ينخفض مع تراجع المخاوف المتعلقة بالصراع بالشرق الأوسط ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد العزيز المسعودي - الخوصصة بالمغرب وأثرها على حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية