أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة لاشكر - -امرأة خلف أسوار المجتمع- قصة قصيرة














المزيد.....

-امرأة خلف أسوار المجتمع- قصة قصيرة


سعيدة لاشكر

الحوار المتمدن-العدد: 1571 - 2006 / 6 / 4 - 08:36
المحور: الادب والفن
    


أفاقت فوجدت نفسها هنا خلف هده الأسوار العالية وخلف هده البوابة المحكمة الإغلاق أمضت طفولة بائسة ما إن أصبحت تستمتع باللعب حتى أرغمتها الطبيعة على الركون إلى جوار الجدار لتراقب الأطفال وهم يلعبون ويتطايرون يجرانها في. توسل لتشاركهم هده اللحظة التي تنسيهم مرارة الحياة فتأبى في لطف معتذرة بشيء ما, كانت غالبا ما تتأمل وتتفكر في حياتها وحلم طفولتها الذي ما زالت تتذكره أن تطير مع العصافير الجميلة, أن ترخي أطرافها فتغدو خفيفة تمكنها من الطيران بعيدا, لكنها أدركت الآن أن هدا الحلم كأحلام كثيرة من المستحيل تحقيقها.

نشأت نفيسة مثل هؤلاء الأطفال في ملجأ بسيط يحوي أثاثا مهثرئا وأطفالا في عمر الورود ما زالت تتفتح براعمهم, احتكت مع الحياة البسيطة فيه مرت فترة طفولتها سريعا, اختفت براءة الطفولة و سذاجتها سريعا ليحل محلها التفكير المضني, الإحساس بالواقع البئيس والتمادي في إدراك حقيقة الوضع الذي تعيشه

وهكذا استطاعت الإدراك أنها بلا أم ولا أب, طفلة متخلى عنها, لقيطة بلا عائلة ووحيدة في هده الدنيا, تساءلت كثيرا بينها وبين نفسها لما هي كذلك, ما السبب الذي يبرر لأم ترك ابنتها, التخلي عن جزء منها, ما السبب الذي يبرر ترك طفلة رضيعة على قارعة الطريق أمام ملجأ لأيتام. كرهت هدا المجتمع الذي يخول لأم أن تحرم من طفلتها وأن تحرمها منها, ارتعبت من أنها يوما لابد أن تواجهه, أن تعيش فيه, وأن تتعايش معه وأحيانا كثيرة تمنت لو أنها لم توجد لو أنها لن تحس بهده الوحدة القاتلة التي تتملكها كل يوم وكل ساعة

كانت حياة الملجأ رتيبة جدا يمر يوم يليه آخر يشبهه وهكذا دواليك وغالبا ما تملاؤ نفيسة يومها بالقراءة, أحبت المطالعة من أعماقها لأنها الوحيدة القادرة على انتشالها من الواقع إلى عالم كله ثقافة تختفي حوله معالم المجتمع وتتداعى على جدرانه المبادىء الخادعة والخصال الكذابة لمجتمع أفسدته أيادي الناس الطويلة. لكن وقبل مدة ليست باليسيرة أجبرت نفيسة على الخروج من عالم الكتاب ودلك للاستعداد للخروج للمجتمع وكانت مهمتها المختارة التمريض ورغم الخوف الذي تملكها ناضلت واقتحمت المهنة فارتبطت بها ارتباطا وثيقا حتى أنها مارستها في الجناح الطبي للملجأ وأحسنت ممارستها. وبعد دلك أعلمتها المربية أنه ما من داعي على بقائها أكتر فقد بلغت السن القانوني للخروج وهي مستعدة لدلك بعد أن تدبر لها الملجأ مهنة كممرضة في المدينة عن طريق أحد المحسنين المخلصين

أصبحت حائرة بين تطلعها لاكتشاف العالم وبين سخطها عليه, بين ولوجها حياة البشر الطبيعية, وبين عجزها عن السيطرة على الخوف الكامن داخلها. لكن لا هروب من المصير كان لابد أن تخرج ولاشيء اليوم يمكن أن يقف بينها وبين دلك

تململت نفيسة وهي مستلقية على سريرها تراجع سيرتها داخل هدا الملجأ, استرجعت كل الذكريات التي علقت بدهنها مند أن وعت على هده الدنيا إلى الآن, ادن فقد حان الوقت لترحل عن مسكنها عن منزلها الذي اعتبرته كذلك مند أعوام, عن الأمان عن هدا المكان البسيط النائي الذي يحوط سكانه برباط الألفة والاستقرار, حان الوقت لتفتح ذراعيها على العالم وتغوص في خضمه بكل ما تملك
أسئلة كثيرة وتصورات كثيرة دارت بخلدها. لم تتمكن من جمع صورة لما ستؤول إليه حياتها, اجتاحها شعور من كل جانب شعور يحمل بين طياته الداكنة يأس, سأم, غصة الفراق, الخوف, وشعور بالوحدة وبالظلمة, شعور كبير ضخم أحاطها وطوقها لم تستطع التخلص من غياهبه المظلمة ولم تستطع تحديده أو اعطاءه كلمة تحدده, لكنها عرفت بعد دلك أن أقرب كلمة تصفه هي الحزن والحزن تم الحزن



#سعيدة_لاشكر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رحلة الأدب الفلسطيني: تحولات الخطاب والهوية بين الذاكرة والم ...
- ملتقى عالمي للغة العربية في معرض إسطنبول للكتاب على ضفاف الب ...
- لأول مرة في الشرق الأوسط: مهرجان -موسكو سيزونز- يصل إلى الكو ...
- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...
- مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيدة لاشكر - -امرأة خلف أسوار المجتمع- قصة قصيرة