أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - النداء - الأمينة الوطنية للحزب الشيوعي الفرنسي والنائب في البرلمان في حديث حصري للنداء:















المزيد.....


الأمينة الوطنية للحزب الشيوعي الفرنسي والنائب في البرلمان في حديث حصري للنداء:


النداء

الحوار المتمدن-العدد: 1570 - 2006 / 6 / 3 - 08:32
المحور: مقابلات و حوارات
    


-صدمة اغتيال الرمز جورج حاوي ضربتنا في الصميم
-ليس العراق اليوم بعيداً عن حربٍ أهلية والولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الأكبر في ذلك
-معركتنا ضد قانون "الوظيفة الأولى" تجمعنا حول مشروع قطيعة مع الليبرالية
-نقترح رجلاً أو إمرأة من حزبنا لتمثيل تجمع اليسار في الانتخابات الرئاسية المقبلة



بين كل الصفات التي تحملها، تفضل ماري جورج بوفيه صفةً هي الأعز على قلبها: الأمينة الوطنية للحزب الشيوعي الفرنسي، بالرغم من أنها نائب في الجمعية الوطنية (البرلمان) ووزيرة سابقة بين عامي 1997 و2002 في حكومات ليونيل جوسبان. إلا أنها تعتبر أن المشروع البديل لليبرالية المعولمة يحمله اليوم الحزب الشيوعي الفرنسي الذي أصبح عمره يناهز العقود التسعة.
في عزّ التحركات الشعبية العارمة التي شهدتها فرنسا على امتداد شهرين ضد قانون "عقد الوظيفة الأولى"، والتي اعتبرت أكبر حملة حّركها اليسار والنقابات والطلاب ضد اليمين الفرنسي منذ ثورة 1968، خصصت لنا السيدة بوفيه جزءاً من وقتها الثمين في أول مقابلة من نوعها لوسيلة إعلام مكتوبة عربية.
"النداء" قابلت "السيدة رقم واحد" في الحزب الشيوعي الفرنسي لتتحدث عن مستقبل الإحتلال الإتغلو_أميركي للعراق، عن ملف الطاقة النووية الإيرانية، عن الأحداث الدامية التي هزت لبنان عام 2005، عن استشهاد صديق الشيوعيين الفرنسيين القائد جورج حاوي، عن تداعيات فوز "حماس" في الانتخابات الفلسطينية، عن ظروف إنتصار الحركة الإجتماعية والطلابية في فرنسا ضد قانون عقد الوظيفة الأولى، عن التحضيرات للإنتخابات الرئاسية الفرنسية المنتظرة في العام المقبل وعن مواضيع أخرى كثيرة غيرها.
من باريس، عدنا لكم بهذه المقابلة الحصرية مع واحدة من أهم الشخصيات السياسية الفرنسية الفاعلة اليوم.



النداء -- تتزامن مقابلتنا مع حالة من الغليان السياسي الأشد خطورةً، على المستوى الدولي والإقليمي وبخاصةٍ على صعيد الشرق الأوسط.نستهل الكلام بالحدث الذي طبع مطلع الألفية الثالثة:كيف تنظرون الى مصير الإحتلال الأنغلو_أميركي النيو_ استعماري للعراق؟ أتظنّون أنّ حرباً أهلية مذهبية أو إثنية قد تندلع في العراق وفي البلدان المجاورة، مما قد يسهم في تحقيق مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي أعدّه المحافظون الجدد في إدارة بوش؟

بوفيه: تعتبر التطورات الحالية في العراق مأساوية. مع سقوط عشرات من الضحايا كل يوم في إطار الإشتباكات الطائفية والدينية، لسنا بعيدين عن حرب أهلية. تتحمل الإدارة الأميركية مسؤولية كبيرة جداً في هذه الفوضى. رغم أننا، بطبيعة الحال، لا يمكننا أن نصمت عن مسؤولية بعض المجموعات التي ترتكب اعتداءات تحصد ضحاياها من صفوف المدنيين بشكل أساسي.
ادّعى جورج بوش أنّه يشن حرباً على العراق لإزالة أسلحة دمار شامل لم تكن موجودة حينئذٍ، كما لإحلال الديمقراطية بحسب ادعاءاته... ولكن كيف تُبنى "دولة قانون" بعد تدمير وهدم مؤسسات كانت لتسهم في تماسكها؟... أما الهدف والذي تم تقديمه على أنّه أساسي بالنسبة إلى الولايات المتحدة فهو محاربة الإرهاب وها نحن نرى ما هو: أدّت الحرب على العراق واحتلاله إلى افقاد هذا البلد توازنه كما شجعت المجموعات الإرهابية في العراق وفي بلدان المنطقة الأخرى. من المؤكد أنّ الشعب العراقي لن يندم أبداً على خلع صدام حسين ونظامه، هذا الدكتاتور العنيف والمجرم, إلا أنّه يدفع غالياً جداً ثمن تداعيات الاستراتيجية الأميركية المبنية على مصالح الولايات المتحدة النفطية وطموحاتها في بسط سيطرتها.
انّ الوضع الحالي متأزّم لدرجة أنه من الصعب تحديد ملامح المستقبل.انّ الولايات المتحدة ترزح اليوم تحت ثقل المشاكل: فمشروع "الشرق الأوسط الكبير" التي رسمته باء بالفشل... والعملية السياسية تتضح بصعوبة: استغرقت تسمية رئيس الوزراء مثلاً أكثر من أربعة أشهر بعد انتهاء الانتخابات،ويأتي هذا التأخير نتيجة اختلال التوازن على المستوى السياسي الوطني العراقي الذي أضحى اليوم مطبوعاً بالتناقضات الطائفية والمجموعاتية.
في الواقع، ليس الإحتلال الأميركي هو الحل،بل هو المشكلة بعينها. ينبغي على قوات التحالف أن تغادر العراق في أقرب مهلةٍ ممكنة. يجب أن يتم ذلك بمساعدة الأمم المتحدة من أجل ولادة مسار سياسي جديد يضم أكبر عدد ممكن من التيارات والأحزاب للشروع بعملية إعادة الإعمار واستعادة السيادة ولكي يضعوا شروطاً ديمقراطية راسخة، موحّدة، تعدديّةوفدرالية.
كذلك، على فرنسا وشركائها الأوروبيين، وبخاصةٍ أولئك الذين لم يشاركوا في الحرب وفي الإحتلال أن يقوموا بمبادراتٍ من هذا المنطلق، وبأي حال من الأحوال، عليهم التعبير عن أهمية انسحاب القوات الأجنبية من العراق بشكل فوري.

النداء -- بعد أن أصدر مجلس الشيوخ الأميركي "قانون محاسبة سوريا" في العام ٢٠٠٤ وتبعه القرار ١٥٥٩ الصادر عن مجلس الأمن،تتالى مسلسل الاغتيالات في لبنان. فبادرت سوريا بعد اتهامها بهذه التصفيات، إلى سحب قواتها المسلحة في أواخر نيسان ٢٠٠٥... بين الطابع القمعي للنظام السوري من جهة، والهجوم الأميركي على دول المنطقة وضغوطه على سوريا من جهة أخرى، ما هو موقف الحزب الشيوعي الفرنسي؟
بوفيه: لطالما كان الحزب الشيوعي الفرنسي مؤيداً لقيام لبنان سيد، حر من أي وجود أو احتلال أجنبي لأراضيه. أما الإنسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان فكان حدثاً رائعاً. يتبقى حل مسألة معقدة ألا وهي اشكالية مزارع شبعا. كذلك اعتبرنا الإنسحاب السوري حدثاً إيجابياً. من المنطلق نفسه، نتمنى أن تتعاون فرنسا مع لبنان وأن تدعمه لأنّ بين هذين البلدين أواصر صداقة قديمة العهد. لكن الصداقة لا تعني التدخل في شؤون الآخرين, كذلك نتمنى أن يتمكن اللبنانيون من تحديد مصيرهم باستقلالية تامة، وأن يُقيموا مع الوقت ديمقراطية تعددية لا طائفية بالفعل في ظل دولة القانون.
أما بالنسبة إلى الدور الأميركي،فمن الواضح أنّ تدخّل الولايات المتحدة في لبنان لا يقل شأناً عن تدخّلها في العراق.كذلك، فإنّ الرغبة "بتطبيع" المنطقة وإسقاط الأنظمة التي لا تدور في الفلك الأميركي تتجلى بوضوح. من المؤسف أن يوفّر النظام السوري، الذي لا يمت إلى الديمقراطية بصلة هذا الكم من الذرائع للإدارة الأميركية.
لقد تأثرنا كثيراً بالإغتيالات الفظيعة التي استهدفت شخصيات سياسية، صحفية و إعلامية بارزة. من بين الضحايا كان رفيقنا جورج حاوي، الأمين العام الأسيق للحزب الشيوعي اللبناني، الذي شكّل اغتياله صدمةً قويةً لنا. وكما تعرفون نشأت علاقة "مميزة"، بين جورج حاوي وإدارة حزبنا. ودرجنا على التحدث حينئذٍ عن "جورج رقم 1" و"جورج رقم2"(بالاشارة الى جورج حاوي والقائد الشيوعي الفرنسي الشهير في ثمانينات القرن الماضي جورج مارشي).
شكل هذا الاغتيال صدمةً قوية لنا أيضاً.كل ما نأمله الآن هو أن يتمكّن الشيوعيون اللبنانيون والعرب عامةً من الخروج سريعاً من تداعيات هذه الخسارة التي لا تعوّض والتي تتجسّد باستشهاد الرفيق جورج،فحاوي كان الرمز الأوّل للحركة الشيوعية ولحركات التحرر في هذه المنطقة طيلة الثلاثين سنة الأخيرة من عمر المنطقة. من ثم كيف يمكننا تقبّل واقع أنّه في بلدٍ منفتح على العالم، مثل لبنان، بعد عدّة سنوات من المآسي، ما زال القتل ممكناً، قتل قادة سياسيين، ومفكرين تقدميين كسمير قصير أو صحافيين مشهورين...
على من ارتكب هذه الجرائم الفظيعة أن يدفع الثمن غالياً؛يجب معاقبة كل مشترك بهذه الأعمال مهما كانت مسؤولياته وجنسيته.نتمنى فعلاً أن يتم تحديد المذنبين وشركائهم. لهذا يجب أن يستمر التحقيق حتى النهاية,ولو أدّى ذلك الى وضع دولة أو عدّة دول في قفص الاتّهام!

النداء --اتّسم الشرق الأوسط مؤخراً بفوز حركة "حماس" في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية. اعتبر عدد من المراقبين هذا الفوز كردة فعل على الإرهاب الإسرائيلي الذي ازداد فاشيةً مع عملية الكوماندوس التي نفّذت على مقر سجن أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أريحا، الرفيق أحمد سعدات.ما هو رأيكم حول هذا الموضوع؟ وما الذي تقولونه عن قرار الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية الذي يقضي بتعليق المساعدات المادية عن الحكومة الفلسطينية؟

بوفيه: من البديهي أنّ فوز حماس لم يكن سوى نتيجة فشل اتفاقيات أوسلو وفشل "عملية السلام" بسبب السياسة الإسرائيلية. لقد اختار الشعب الفلسطيني حماس ليس لأنّها منظمة إسلامية، بل لأنّها حزب لا علاقة له بفشل مسار أوسلو.المشكلة هي أنّ حماس منظمة إسلامية ارتكبت أعمالاً إرهابية_ وقمنا بإدانتها_،وهذا يطرح بوضوح مشكلةً حادّة. أياً تكن نتيجة الإنتخابات الفلسطينية والإسرائيلية تبقى المشكلة على حالها: يجب وضع حدّ للاحتلال والإستعمار الاسرائيليين,ويجب هدم الجدار الفاصل العنصري،ويجب انهاء القمع والاغتيالات وسياسة هدم البيوت... وتمهيد الطريق لتسوية سياسية.
لقد قمنا بإدانة قرار تعليق المساعدات الأوروبيةوالأميركية لفلسطين لأنه قرار غير عادل يهدف إلى معاقبة الشعب الفلسطيني على خياره الانتخابي. إنّه في الواقع خيار خطير لأنّه سيفاقم ظروف معيشة الفلسطينيين، ويغذي التطرّف ورفض الحل السياسي. لقد قمنا ومعنا عدّة قوى سياسية وإجتماعية فرنسية بالدعوة إلى التمسك بالمساعدات كلها.
لقد تم طرح بعض الشروط على الحكومة الفلسطينية: أذكر منها إيقاف العنف، الإعتراف بإسرائيل والقبول بالإتفاقات المبرمة مع هذه الدولة. ولكي نكون صادقين مع أنفسنا،نقول أنّ على أعضاء اللجنة الرباعية الذين طرحوا هذه الشروط أن يتوجهوا أيضاً إلى القادة الإسرائيليين لارغامهم على وقف الإستعمار وهدم الجدار واحترام القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة وتنفيذها والتفاوض مع "الشريك" الفلسطيني، ومع الحكومة ضمناً. لن يتم التوصل إلى حل سياسي ولا إلى أمن مشترك بتطبيق سياسة قوة أحادية الجانب. لا بدّ من العودة إلى طاولة المفاوضات تحت رقابة المجتمع الدولي كما تنص عليه خارطة الطريق. نحن في فرنسا وعلى المستوى الأوروبي نعمل مع شركائنا الشيوعيين والتقدميين ومع قوى اليسار عامةً على إبراز هذه الضرورة التي ستفرض نفسها عاجلاً أم آجلاً.

النداء --قبل أن ننهي أسئلتنا المتعلقة بموضوع الشرق الأوسط،فلنتوقّف عند الملف النووي الايراني. ما رأيكم بإحالة ملف الطاقة النووية الإيرانية أمام مجلس الأمن الدولي؟ ما هي ملاحظاتكم على خطاب الرئيس شيراك الذي فُهم كتهديد باستعمال الأسلحة النووية الفرنسية في وجه بعض الدول كإيران؟ هل تدعمين الاستراتيجية التي تتبعها فرنسا حيال هذه المسألة الحساسة جداً؟

بوفيه: يمثل منطق الحرب وسياسة السيطرة الإستعمارية الأميركية خطراً حقيقياً على الشرق الأوسط، وهي منطقة تعاني من اضطرابات كثيرة. وما يجري في العراق خير دليل على هذه المأساة.من المؤكد هناك شكوك حول الأهداف النووية الايرانية. كذلك فإن الثقة بنظام طهران ضعيفة لأنّ هذا النظام بعيد عن الديمقراطية: حقوق الإنسان مُهمّشة تماماً، التعددية غائبة كلياً، أما بالنسبة إلى حقوق المرأة...فحدّث ولا حرج! تجدر الإشارة إلى أنّ الشيوعيين الفرنسيين متضامنون بشدة مع التقدميين الإيرانيين الذين يخوضون معركةً جريئة. لن نقبل بأي مغامرة عسكرية ضد إيران مماثلة للنموذج العراقي. ينبغي استكمال المفاوضات حتى النهاية وعلى جميع الأطراف أن تطبّق معاهدة حظر الانتشار النووي. وأضيف، لا يتعلق الأمر بمسألة حظر الانتشار النووي وحسب بل أيضاً بشروط الأمن في الشرق الأوسط وعلى الصعيد الدولي.انّ دول العالم كله معنية بضرورة نزع السلاح النووي بما في ذلك أسلحة اسرائيل والهند وباكستان التي لم توقع جميعها على معاهدة حظر الإنتشار النووي. من هذا المنطلق، على السلطات الفرنسية أن تقوم بمبادرات لتشارك في عملية نزع سلاح متعددة الأطراف.
أما الإنحراف في الاستراتيجية الفرنسية نحو تعريف السلاح النووي على أنّه سلاح للاستخدام فيُعتبر مقلقاً جداً. يندرج ذلك في إطار "تتفيه" خطير للسلاح النووي العسكري، يريد البعض تشجيعه لصالح تأزيم حل الملف النووي الإيراني. لن نقف مكتوفي الأيدي من دون حشد القوى التي تشجع السلام ونزع السلاح واحلال الأمن. من المحتمل جداً نشوء أزمة دولية كبيرة. ولكن من الممكن أيضاً الحؤول دون حدوثها.

النداء --انتظر الشيوعيون اللبنانيون زيارتك في الخريف الماضي بفارغ الصبر ولكن أسباباً وصفتيها بالقاهرة منعتك من المجيء. كيف تصفين العلاقة القائمة اليوم بين الحزب الشيوعي الفرنسي والحزب الشيوعي اللبناني؟ هل تفكرون بإعادة تفعيل نوع من الجبهة الدولية التي تضم أكبر عدد ممكن من الأحزاب والمنظمات الإجتماعية الشيوعية التقدمية والعمالية لمواجهة التحديات المدمّرة التي لا تكف الرأسماية عن طرحها على البشرية؟ (الحروب، الأمبريالية، أحادية قطبية، الكوارث الإجتماعية بسبب عدم المساواة، الإستغلال والفقر، تدهور الأوضاع البيئية وتدمير شروط الحياة على الأرض...)

بوفيه: منذ سنوات عديدة، تربط بين الحزب الشيوعي اللبناني والحزب الشيوعي الفرنسي علاقة تعاون وصداقة وتضامن وطيدة وودية نحن متمسكون جداً بها. ربما هناك تباين في مقاربة بعض المسائل، لكن لا يجب أن يُضعف ذلك نوعية علاقتنا. نتمنى أن نقيم أفضل العلاقات مع كل الأحزاب الشيوعية في العالم، على أساس القيم الإنسانية العامة التي تجمعنا. لكننا نملك أيضاً وبشكل خاص طموح المشاركة مع أطراف أخرى في جمع كافة القوى التقدمية المناهضة للعولمة بغية تغذية النضال ضدّ الليبرالية والرأسمالية، لإيجاد بديل عن عولمة الهجمة على الديمقراطية وعولمة الفقر،وبديل عن تعميم قيم الاستهلاك والاستغلال والحروب... من هذا المنظور، يعطي ازدياد المقاومة والحركات الإجتماعية الملتزمة بعولمة بديلة في أوروبا وفي أميركا اللاتينية بشكل خاص، مزيداً من الأمل. بالنسبة إلينا. تظهر هذه التجارب(في أميركا اللاتينية خاصّةً)، الامكانية والضرورة لبلورة ماركسية مشروطة بتنقيتها من المفاهيم والشوائب الدوغمائية التي شابت العديد من التجارب السوفياتية في القرن الماضي.
لا شيء أغنى من نضال التحرير الشعبي والتضامن بين الشعوب المتضرّرة من هذا النظام الاستغلالي. يبدو أنّ عدداً من الديناميكيات الموحّدة ممكن جداً اليوم، فالشعوب ومعها القوى التقدمية تواجه مجموعة كبيرة من المشاكل،وهم متفقون حول قيم وتطلّعات كثيرة.

النداء --لننتقل الآن إلى آخر المستجدّات على الساحة الفرنسية. خرجتم للتو من فترة تحرّكات شعبية عارمة إثر رفض الشباب الفرنسي لقانون "المساواة في الفرص" وبخاصةٍ المادة ٨ منه والتي تنص على "عقد الوظيفة الأولى". لقد تمكنتم بفضل هذا التحرك من دفع الحكومة إلى التراجع فما كان منها إلا أن ألغت هذا القانون.بعد سحب هذا القانون،ماذا تقولون عن النصر الذي حقّقه اليسار والنقابات والشباب الفرنسي ضدّ اليمين الفرنسي الذي لا ينفك عن محاولات ضرب مكتسبات الشعب اجتماعياً واقتصادياً؟ما هو ردّكم على ما روّجه الاعلام عن أن المعركة ضدّ "عقد الوظيفة الأولى" قد أعطى "أجنحة لليسار" الفرنسي بعد 15 عاماً من الخسائر لهذا اليسار؟

بوفيه: لقد استطاع التيار الاجتماعي في فرنسا أن يحقّق نجاحاً ساحقاً من خلال اسقاط هذا القانون,ولطالما انتظرنا لتحقيق مثل هذا الانتصار.كان عقد الوظيفة الأولى ليسمح لكل رب عمل في خلال عامين بصرف أجير شاب لا يتجاوز السادسة والعشرين من العمر متى شاء، من دون الحاجة إلى تبرير هذا الصرف التعسّفي. وبذلك كانوا على وشك تعميم عدم الثبات في العمل في صفوف الشبيبة التي تعاني بشدة من هذه الظاهرة. أدرك الجيل الشاب خير إدراك خطورة هذا العقد الجديد، إذ أنّهم كانوا هم من قاد الحشد وبخاصةٍ في الجامعات. وقفت نقابات الأجراء والعمّال يداً بيد مع الشباب لإلغاء هذا العقد الذي يحمل في طياته نهاية عقد العمل الدائم. كانت وحدتهم تامةً، وهذا ما لم يحصل منذ عشرات السنين في فرنسا. نقلت الأحزاب اليسارية غضبها ورفضها لهذا العقد،فأتت النتيجة: ملايين المتظاهرين جعلوا الحكومة تتراجع.
من المؤكد،ان هذا النصر قد أضعف اليمين كثيراً. كذلك أكّد أنّ الفرنسيين يرفضون الليبرالية ولا يريدون قيم المجتمع المادّي القائم على المال والعنف والاستغلال والمصالح الاحتكارية... التي ستُجرى في العام ٢٠٠٧.
لقد خيّب اليسار آمال الكثيرين في السنوات الأخيرة الماضية لأنه لم يكن على مستوى الآمال التي وضعها الشعب عليه. لذلك تبقى مصداقيته اليوم ضعيفة. حتى وإن فاز،فاذا لم يقترن هذا الفوز بمشروع سياسي متكامل بديل،فسيهزمه يمين أقوى بكثير في المرة المقبلة. نريد أن نربح ولكن ربحاً دائماً. ولكي يربح اليسار ينبغي القضاء على البطالة وعلى البؤس،وعلينا تطوير العمل والقدرة الشرائية، حل مشكلة السكن... علينا إذن أن نجتمع حول مشروع قطيعة مع الليبرالية.

النداء --في نهاية شهر آذار، إختتمتم المؤتمر الوطني الثالث والثلاثين لحزبكم. يمكننا أن نستخلص ملاحظتين: أولاً تجديد موقف الشيوعيين الفرنسيين على أساس مناهض لليبرالية، ومن جهة أخرى إعادة انتخابك لمنصب الأمينة الوطنية للحزب. هل بإمكاننا اعتبار إعادة الإنتخاب هذه وسلسلة اللقاءات الشعبية التي أحييتيها في الشهرين الأخيرين كخطوتين تسبقان تقديم ترشيحك الخاص لانتخابات أيار ٢٠٠٧ الرئاسية؟ أم أنّكم تفضلون التوافق على مرشح يمثل اليسار التعددي؟

بوفيه: في أثناء مؤتمرهم، أطلق الشيوعيون نداءً لكل القوى السياسية اليسارية، وِإلى الرجال والنساء الذين يريدون أن يعطوا أنفسهم إمكانات هزم اليمين وإنجاح اليسار، لبناء تجمع شعبي كبير مناهض لليبرالية. لا نريد إعادة تشكيل "اليسار التعددي"(الذي تسلّم السلطة في فرنسا بين عامي 1997 و2002)، فقد فشل لأنّه لم يستجب لآمال الفرنسيين ولأنّه خضع كثيراً للمبادئ الليبرالية.
لذلك نسعى، من خلال المنتديات والمناقشات العامة والعلنية، إلى تشجيع تدخل المواطنين، إذ أنّهم يعبرون جهاراً عن آمالهم،وهذا ما سيرغم قوى اليسار على أخذهم بعين الاعتبار وبالتالي وضع حد للسياسات المُتبعة منذ أكثر من عشرين عاماً واستبدالها بديناميكيات شعبية مناهضة لليبرالية.
هكذا، لا نريد إعادة بناء "اليسار التعددي" القديم ولا طرح ترشيح شكلي لمرشّح من الحزب الشيوعي الفرنسي لانتخابات الرئاسة، نريد انتخاب سياسة تغير الحياة فعلاً.
لا تسهل الإنتخابات الرئاسية خطوةً كهذه للأسف.عادةً ما تعطي عملية الإقتراع هذه الأفضلية لصراع الأشخاص أكثر منها لصراع الأفكار. في ما يختص بهذه الإنتخابات نقترح رجلاً أو امرأةً من حزبنا يستطيع تجسيد هذا التجمع، ويسهر على احترام تعددية هذا المجتمع وحيوية نظامه السياسي الذي نعمل من دون تعب لنقله إلى مرحلة "الجمهورية السادسة".


النداء عدد 35



#النداء (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - النداء - الأمينة الوطنية للحزب الشيوعي الفرنسي والنائب في البرلمان في حديث حصري للنداء: