الحزب الشيوعي العراقي .............. حَذَار من البيروقراطية

صبحي حسين

الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 11:22
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    

بعد سقوط النظام البعثي أفتتح مقر الحزب الشيوعي العراقي في ساحة الأندلس فأخذت أتردد بين فترة وأخرى على هذا المقر. وكان جل مايشغل بالي هو محاولةالألتقاء بأكبر عدد ممكن من رفاق الدرب ورفاق السجن ، الذين باعدت بيني وبينهم السنين والمحن .كنت أدلف الى المقر من بابه الواسعة ،لأجد نفسي مباشرة في باحة المقر التي تمتليء بحشد كبير من مناضلي الحزب من أجيال متعددة . كنت أتفحص الوجوه ، عسى أن اجد من أعرف ومن احب من بين هذه الوجوه المتعبة والمثقلة بالهموم والأحزان ، كنت أفتح ذراعي في الهواء وأضم لصدري كل من ألقاه من أولئك الرجال ، وأشم عبق السنين المجيدة وأذرف دمعاً ساخناً على أكتافهم التي تنوء بثقل السنين العجاف ، مرات افلح في ذلك ومرات أفشل ،فأكتفي بالتطلع الى صور الشهداء الى صور رفاق المسيرة التي تزين جدران باحة المقر ، وأعود من حيث أتيت وفي الصدر غصة وفي القلب حسرة . وبسب مشاغل الحياة تباعدت زياراتي للمقر ، لكن لي أبنة ملحاحة ، مندفعة ، لديها رغبة شديدة للأرتباط بالحزب الشيوعي ، دائماً تقول لي (بابا أنا معجبة بأفكار الحزب الشيوعي ومندهشة لمسيرة هذا الحزب فلا بد لي من معرفة المزيد عن حزبك الذي خسرت كل شيء لأجله ) هذة الفتاة في المرحلة الأخيرة من الدراسة الأعدادية ، أصطحبتها مع شقيقها الأصغر الطالب في المرحلة المتوسطة , وصلنا الى المقر ، البناية من الخارج ، هي نفسها كما عهدتها ، لكنني بحثت عن الباب الرئيسي الواسع المفضي الى الباحة العتيدة فلم أوفق ، بعد السؤال اهتديت الى باب صغير ، دخلت فكانت مفاجأة ، وكانت صدمة .... وقفت وصفنت وسألت نفسي اين تلك القاعة الواسعة ، اين تلك الكراسي التي تصطف صفاً بعد صف ، اين تلك الأجساد المنهكة التي كانت تشغل حيزاً كبيراً من هذا المكان . سألتني ابنتي :"ها بابا وينهم جماعتك ؟ هذه دائرة لو مقر الحزب الشيوعي ؟ " لذت بالصمت ، وقلت في ذات نفسي "نعم هذه دائرة ولكن ليست ككل دائرة ، هي عبارة عن دهاليز ضيقة تبعث في النفس غثياناً غريباً غرف شبه مقفلة ، أظن انني سكنت طويلاً في دائرة شبيه ، هي دائرة الأمن العام " على حين غره يقفز بوجهك شخص ما ويسألك اخي " ألمن رايد" ، حتى انني أرتبكت وقلت لهم اريد الحزب الشيوعي ، سحبت أولادي وخرجت مسرعاً الى الشارع وأنا أداري خجلي ، ولم استطع من كبح جماح دموع سالت على خدي وقلت لأولادي انني تاه مني المكان .....فليست هذه هي البناية المقصودة

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل