أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ياسر البراك - دولة الميليشيات















المزيد.....

دولة الميليشيات


ياسر البراك

الحوار المتمدن-العدد: 1568 - 2006 / 6 / 1 - 11:21
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تنبثق ( الميليشيات ) في أي دولة من دول العالم من عاملين أساسيين أولهما : غياب القانون وسط المنعطفات التاريخية والسياسية المهمة في تاريخ البلد كالغزو العسكري أو الإحتلال غير المباشر ، وثانيهما : وجود حركات التحرر الوطني المناهضة للأنظمة السياسية الشمولية ذات الصبغة العسكرتارية ، كما هو الحال في دول العالم الثالث وبعض دول أمريكا اللاتينية ، وشهد العراق ظهوراً مبكراً للميليشيات مع بدايات الاحتلال البريطاني للعراق عام 1914 عندما قام السيد محمد سعيد الحبوبي بتجنيد أكثر من عشرة آلاف مقاتل من العراقيين الذين لبوا فتوى الجهاد التي أصدرها علماء النجف الأشرف للدفاع عن الوطن ضد ( المحتل الكافر ) وقاتلت هذه الميليشيات المكوّنة من بعض علماء الدين وشيوخ العشائر وبعض رجال المدن العراقية الى جانب القوات التركية ( العثمانية ) التي كانت تسوم العراقيين أنواع الاضطهاد والقمع والتعسف قبل نزول البريطانيين في ( الفاو ) جنوبي العراق ، وكان المبرر الوحيد للقتال مع القوات التركية أنها قوات ( مسلمة ) ، وأسفرت هذه التجربة عن إستشهاد نصف عدد هؤلاء المقاتلين في معركة غير متكافئة سميت فيما بعد بـ ( معركة الشعيبة ) في موقع بين البصرة والناصرية يقال له ( النخيلة ) ، وإستمر ظهور الميليشيات طوال فترة الاحتلال البريطاني سواء في ثورة العشرين ( 1920 ) التي لم يكن فيها الثوّار سوى ميليشيات مسلحة بأسلحة بدائية ، أو خلال حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 وماسمي بعد ذلك بـ ( ثورة مايس ) ، والتي ختمت تاريخ الميليشيات في العهد الملكي ، ويمكن إعتبار القبائل العراقية التي إعتمدت على منطق الحرب والقتال ضد الدولة المركزية التابعة للمحتل البريطاني أنموذجاً من نماذج الميليشيات ، كما هو الحال في إنتفاضة عشائر سوق الشيوخ عام 1936 ، أو عشائر آل زيرج عام 1952 ، أو العشائر الكردية في كردستان العراق ، ومع العهد الجمهوري وتسلم الزعيم عبد الكريم قاسم مقاليد السلطة في العراق بإنقلاب عسكري عام 1958 ( سُمي ثورة تموز فيما بعد ) ظهرت فصائل ( المقاومة الشعبية ) المكونة من عناصر الحزب الشيوعي العراقي والمتعاطفين معه ، التي حاولت تصفية القوميين العرب ، ثم بعد مقتل عبد الكريم قاسم على يد البعثيين ظهرت ميليشيات ( الحرس القومي ) عام 1963 التي عاثت في الأرض فساداً حيث قامت بتصفية الشيوعيين بمشاهد دموية قل نظيرها في التاريخ العراقي ، ثم سرعان ماإنقلب عليهم عبد السلام عارف ( الضابط البعثي المنشق ) ليزج بهم في السجون والمعتقلات ولينتهي الحرس القومي على يديه ، حتى إنقلاب عام 1968 الذي سيطر فيه البعثيون على مقاليد الحكم في العراق ، وخلال هذه السنوات تبلورت في العراق أهم الميليشيات التي إتخذت من شمال العراق مقراً لها نتيجة للطابع الطوبوغرافي للمكان الذي يسمح بمقاتلة السلطة المركزية على شكل ( حرب عصابات ) حيث برعت فيها ميليشيات ( البيشمركة ) الكردية ، ومع أواخر السبعينيات من القرن الماضي تبلورت ( حركة الأنصار ) الشيوعية التي كانت بمثابة ميليشيات ضاربة للحزب الشيوعي العراقي حيث قاتلت السلطة المركزية البعثية بالتنسيق مع ميليشيات ( البيشمركة ) طوال عقود الحكم البعثي للعراق ، ومع إنقلاب صدام حسين على أحمد حسن البكر وتصفية البعثيين الأوائل في القيادة القطرية لحزب البعث فيما سمي فيما بعد بـ ( مؤامرة عام 1979 ) وسيطرته على مقاليد السلطة في العراق ، بدأت تتكشف خطط صدام حسين الجهنمية لتصفية كل الأحزاب والحركات الوطنية ، تمهيداً لحربه المدمرة على إيران ، وقد إستغل هذه الحرب كغطاء قومي لتصفية ( حزب الدعوة الإسلامية ) الذي إتهمه بالولاء لإيران ، وأصدر قانونه الشهير بإعدام كل من ينتمي الى هذا الحزب ، الأمر الذي دفع بكوادر الدعوة الى اللجوء الى مناطق الأهوار في جنوب العراق متخذين من الطبيعة الديموغرافية للمكان أيضاً ستاراً للضربات المتكررة التي كان يوجهها الجيش العراقي لعناصر الدعوة وتنظيماته المسلحة ، ومع إشتداد الحرب ضد إيران ظهرت للوجود ( قوات بدر ) التابعة للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق والتي أسهمت مع الجيش الإيراني في معارك مهمة ضد الجيش العراقي الذي بدأ يتراجع لحدوده الوطنية بعد معارك مدينة ( المحمرة ) عام 1982 ، ثم تحولت فيما بعد هذه القوات الى فيلق كامل سمي بـ ( فيلق بدر ) الذي لعبت بعض عناصره دوراً كبيراً في إشعال إنتفاضة شعبان عام 1991 ، إضافة الى العديد من العمليات العسكرية ضد القوات الصدّامية طوال عقد التسعينيات من القرن الماضي ، وقام النظام الدكتاتوري البعثي نفسه بإنشاء ميليشيات خاصة أطلق عليها إسم ( الجيش الشعبي ) عام 1980 وكان ظاهرها حماية ( الجبهة الداخلية ) خلال فترة الحرب مع إيران ، ولكنه قد أستُخْدِم كجهة إسناد للجيش العراقي خلال المعارك الضارية في الحرب مع إيران ، حيث تم حل هذه الميليشيات بنهاية الحرب العراقية – الإيرانية ، وأعيد تشكيلها من جديد بعد غزو الكويت في 2 / 8 / 1990 ، ثم ركز النظام البعثي بعد إنتفاضة شعبان عام 1991 على دور الميليشيات في حماية نفسه من أي تحرّك شعبي داخلي ، حيث كان درس الانتفاضة درساً قاسيا للنظام البعثي وأظهر فاعلية الميليشيات ودورها الكبير في إمكانية إسقاط أي نظام دكتاتوري مهما كان قوياً كنظام صدام حسين ، فقام بتأسيس ميليشيات ( فدائيو صدام ) و ( أشبال صدام ) لقمع أي تحرك شعبي على غرار إنتفاضة شعبان ، وأردفه بميليشيات أخرى مثل ( جيش النخوة ) و ( جيش القدس ) ، وكانت هذه الميليشيات تُؤسس وفق مُسوّغات شعاراتية مضحكة مثل ( تحرير فلسطين ) و ( مقاتلة الأمريكان ) وقد أثبتت التجربة العملية أن صدام كان يقصد عسكرة المجتمع العراقي أولاً ، وقمع أي تحرك شعبي ثانياً ، وإلهاء أعداد كبيرة من الشعب العراقي وتعطيل فعلها عبر زجها في تلك الميليشيات ثالثاً ، وبالإضافة الى ذلك فقد ظهرت قبل سقوط النظام البعثي في 9 / 4 / 2003 العديد من الميليشيات الأخرى التي حاربت النظام الدكتاتوري في العراق مثل ميلشيات ( حزب الله ) العراقي ، والميليشيات التابعة للمؤتمر الوطني العراقي التي تشكلت من بعض عناصر ماكان يسمى آنذاك بـ ( المعارضة العراقية ) ، ولكنها كانت ميليشيات غير مؤثرة من الناحية العسكرية لأنها تفتقر للقدرات القتالية العالية التي تتمتع بها ميليشيات عراقية أخرى مثل ( فيلق بدر ) أو ( البيشمركة ) لذلك كان تأثيرها محدوداً ضمن العمليات العسكرية التي كانت تستهدف النظام البعثي .
ومع سقوط النظام الدكتاتوري في العراق ، بدأت تظهر ميليشيات أخرى وسط غياب القانون بفعل إنهيار مؤسسات الدولة العراقية ، وتداعيات الإحتلال الذي عمل منذ اللحظات الأولى على تجريد الدولة العراقية من كل قدراتها العسكرية عبر حل الجيش العراقي ذو الخبرة القتالية العالية الذي كان من الممكن إعادة تأهيله على أسس وطنية ليُسهم - على الأقل - في حماية الحدود العراقية من عمليات التسلل عبر دول الجوار التي دفعت بآلاف الإرهابيين ليشكلوا صورة المشهد الدموي السائد الآن في العراق ، وليُسهم أيضاً في الحفاظ على البنية التحتية لمؤسسات الدولة العراقية التي تم نهبها من اللصوص والعصابات المحلية والدولية المُنظمة التي عادت بالبلد الى عقود من التخلف والحرمان ، وبالإضافة الى تلك الميليشيات التي كانت موجودة قبل سقوط النظام البعثي ظهرت ميليشيات ( أنصار الإسلام ) السلفية رغم أنها كانت موجودة في كردستان العراق وغير معلن عنها ، إضافة الى ( جماعة التوحيد والجهاد ) و ( الجيش الإسلامي في العراق ) و ( كتائب ثورة العشرين ) و ( جيش محمد ) وغيرها من الميليشيات السلفية التي تمزج بين العناصر الصدّامية ( الأجهزة الأمنية والمخابراتية المُنحلة ) وبين العناصر التكفيرية ( تنظيم القاعدة ) ، وتختلف هذه الميليشيات عن غيرها في أن لها مشروعا سياسياً تعمل على تحقيقه بواسطة العنف ويتكون هذا المشروع من شقّين : الأول ، إعادة النظام البعثي من جديد لحكم العراق ، أو إقامة نظام سلفي تكفيري على غرار حكم طالبان المقبور في أفغانستان ، وقد تكون بعض هذه الميليشيات حاملة لأكثر من أسم للتمويه وللإيحاء للناس بحجمها الكبير والتغطية على حجمها الفعلي ، لكنها كلها تشترك في هدف واحد ، يتمثل بإعاقة المشروع السياسي الديمقراطي العراقي المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي ، وبالضد من ذلك بدأت تظهر للوجود ميليشيات أخرى ممثلة بميليشيات ( الحزب الإسلامي العراقي ) وميليشيات ( جيش المهدي ) ، وهناك ميليشيات غير معلن عنها للعديد من الأحزاب السياسية العراقية تلعب أدواراً في الخفاء دون أن يكون ثمة إعلان عنها يمكن بواسطته معرفة طبيعتها وتوجهاتها ، ولعل ما أطلق عليه بـ ( فرق الموت ) لا يتعدى شكل الميليشيات التي تعمل وفق أجندة معينة ، فمنهم من ينسب هذه الفرق الى جهاز وزارة الداخلية ، وآخرون ينسبونها لقوات عراقية خاصة تعمل بإمرة ضباط إستخبارات عراقيين لتنفيذ ( عمليات قذرة ) بتوجيه ودعم أمريكي مباشر ضد المواطنين العراقيين لأهداف سياسية ، بينما يُمذهب آخرون هذه الفرق ويعتبرونها فرقاً للتطهير العرقي والمذهبي ، وبغض النظر عن هذه التأويلات فإننا نستطيع أن نميز بين شكلين من أشكال الميليشيات ، منها ماهو ظاهر ، وعلني ، ومعروف ، ومنها ماهو سرّي ، وخفي ، وغير معروف ، منها ما يعمل في العلن ويُفصح عن مشروعه السياسي – إذا كان يمتلك مشروعا سياسياً – ، ومنها من يعمل في الخفاء دون أن يُعلن عن مشروعه السياسي ، وهكذا نجد أن الميليشيات كانت سمة من سمات الدولة العراقية الحديثة سواء خلال عقود الهيمنة البريطانية ( الملكية ) ، أو عبر عقود الاستقلال الوطني ( الجمهورية ) ، أو في سنوات سقوط الاستقلال الجمهوري وعودة الاحتلال من جديد على يد ( الإحتلال الأمريكي ) ، وبعيداً عن حجم الميليشيات ، وأجنداتها السياسية ، وأساليب العنف التي تستخدمها ، ومدى مشروعية وجودها القانوني في الساحة السياسية ، أو حجم التعاطف الشعبي معها في الشارع العراقي ، فإنها تشكل مأزقاً كبيراً لأي مشروع سياسي وطني يمكن أن ينهض بالوطن العراقي من حالة الخراب الى حالة البناء ، وبرغم كل الدعوات التي يتم إطلاقها لمعالجة هذه الحالة غير السويّة في المجتمع العراقي ، إلا أن الواقع الفعلي يقول عكس ذلك ، بل أن من الأحزاب والكتل السياسية من بدأ يسعى جاداً لتأسيس ميليشيات جديدة للاستقواء بها على الخصوم السياسيين ، وقد يمضي وقت طويل دون أن نشهد حلاً لهذه المعضلة الكبيرة في المجتمع السياسي العراقي .



# ياسر_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إزالة واتساب وثريدز من متجر التطبيقات في الصين.. وأبل توضح ل ...
- -التصعيد الإسرائيلي الإيراني يُظهر أن البلدين لا يقرآن بعضهم ...
- أسطول الحرية يستعد لاختراق الحصار الإسرائيلي على غزة
- ما مصير الحج السنوي لكنيس الغريبة في تونس في ظل حرب غزة؟
- -حزب الله- يكشف تفاصيل جديدة حول العملية المزدوجة في عرب الع ...
- زاخاروفا: عسكرة الاتحاد الأوروبي ستضعف موقعه في عالم متعدد ا ...
- تفكيك شبكة إجرامية ومصادرة كميات من المخدرات غرب الجزائر
- ماكرون يؤكد سعيه -لتجنب التصعيد بين لبنان واسرائيل-
- زيلينسكي يلوم أعضاء حلف -الناتو- ويوجز تذمره بخمس نقاط
- -بلومبيرغ-: برلين تقدم شكوى بعد تسريب تقرير الخلاف بين رئيس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ياسر البراك - دولة الميليشيات