أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - اغناسيو رامون - بلاد القبائل














المزيد.....

بلاد القبائل


اغناسيو رامون

الحوار المتمدن-العدد: 1564 - 2006 / 5 / 28 - 10:43
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


بالرغم من ضراوة القمع الذي اوقع حتى الآن حوالى ستين قتيلا، فان ثورة المواطنين الغاضبين آخذة في الاتساع في الجزائر. وكانت بدأت في 18 نيسان/ابريل في منطقة القبائل اثر مقتل طالب شاب على يد رجال الدرك، يحمل اسما ذا دلالة رمزية هو ماسينيسا [1] غرماح. لا عجب ان تنطلق هذه الثورة الجديدة من منطقة متميزة بثقافتها ومتمردة في تقاليدها. فهنا حدث عام 1871 التمرد القبائلي الكبير الذي أغرق بالدم على يد الجنرالات الفرنسيين انفسهم الذين سحقوا كومونة باريس… هنا ايضا دارت بين 1945 و1962 اهم معارك حرب الاستقلال وهنا تجلى القمع الاستعماري في صوره الاكثر شراسة. وهنا ايضا انفجرت في 20 نيسان/ابريل 1980 خلال "الربيع البربري" التظاهرات الطالبية التي طالبت بالاعتراف بالثقافة الامازيغية وكان نصيبها القمع الوحشي…

تعرض شعب القبائل [2] لاجتياحات عديدة فتم ابعاده تدريجيا وحصره وتهميشه في الجبال، مثله مثل سائر الجماعات المنبثقة من الشعب الامازيغي في افريقيا الشمالية. لم يندمج من البربر سوى القليل في الحضارة الرومانية كما بقيت المسيحية هامشية [3] . لم يفرض الاسلام نفسه الا في القرن الثاني عشر أي بعد 400 عام على الفتح العربي…

ساهمت البيئة المعادية المحيطة بالقبائل في تصلب مقاومتهم وتكوين شخصية خصوصية لهم. وتتميز هذه الشخصية بلغة خاصة، التامازيت، وايضا بتعلق كبير بالارض ورفض دائم للرضوخ ونمط حياة خصوصي وادب متميز. اضافة الى مبدأ حكم مترسخ في العادات وقائم في كل قرية على رقابة مباشرة وصارمة للسلطة المركزية المنتخبة.

وقد عاد الى الظهور هذا الشكل من الديموقراطية التشاركية تحت اسم لجان الارتباط القروية او "العرش" لمناسبة التمرد الحالي الذي يكتسب هكذا طابع المعارضة الشعبية العفوية. كما امكن ملاحظة تشكيك المواطنين بالاحزاب التقليدية بما فيها تلك المتجذرة في المنطقة الامازيغية.

على غرار سائر الجماعات الامازيغية في المغرب العربي، سواء في الجزائر [4] او في المغرب نفسه (الريف، الاطلس، سوس)، فان احد المطالب القبائلية الثابتة هي الاعتراف بالخصوصية الثقافية المحلية وبالتمازيت كلغة وطنية. ومع ان هذه المطالب المتعلقة بالهوية قد ادت دور المفجر المحلي للتمرد، فانها لم تكن قط الهدف الرئيسي للمتمردين. فالذين اتهموهم بمحاولة "تقسيم الجزائر" او "السعي لتحقيق مطالب عرقية" قد كذبوا. فالحشود الجماهيرية التي تحركت في الاسابيع الاخيرة، وخصوصا في تظاهرة الجزائر العاصمة الضخمة في 14 حزيران/يونيو، قد رفعت شعارات وطنية معارضة لسياسة عامة تطاول المجتمع كله. وقد رفض المتظاهرون القبائليين صراحة الوقوع في الفخ العرقي اذ تمردوا باسم جميع الجزائريين في مواجهة نظام يعتبرونه فاسدا.

وخير دليل على ذلك ان التمرد توسع الى مناطق غير بربرية تعاني بدورها ازمة سكن ومياه شفة وطرقات وكهرباء، كما تعاني ايضا قمع رجال الامن والتعسف وظروف الحياة البائسة وغياب الديموقراطية والفساد والبطالة والفقر. وقد اعترف الرئيس بوتفليقه نفسه بذلك في خطاب القاه بتاريخ 22 حزيران/يونيو عندما أكد ان شباب القبائليون الغاضبين "لم يقعوا في فخ التآمر على الجزائر".

يبلغ معدل اعمار نصف السكان اقل من 25 سنة وتطاول البطالة ما نسبته 40 في المئة تقريبا ممن هم في سن العمل. البلد خارج من مواجهة دامت عشر سنين بين القوات الحكومية والاسلاميين المتمردين، وقد اعتبرت "احدى الحروب الاكثر دموية في العالم" [5] . وشكلت المبرر لاستمرار نظام سياسي عفا عليه الزمن ويتميز بالقمع وانعدام الشفافية فيما تقبض على السلطة الفعلية فيه طغمة عسكرية تستفيد من تحكمها باهم المفاصل الاقتصادية لتحقق ثروات خاصة بافرادها.

بين 1998 و2000 تضاعفت تقريبا المداخيل من جراء تصدير النفط ومشتقاته وهي الثروة الاساسية في الجزائر… لكن الشعب لم يحصل على شيء من هذه الهبة التي تقدر بـ 25 مليار يورو. سوى ان الفروقات تزداد والسلطة تبدو غير عازمة على التغيير او على الاصغاء الى الشكاوى في وقت وصل الوضع الى نقطة اللارجوع. كيف لا نتفهم اذا "فاقدي الامل" الذين نزلوا الى الشوارع وهم يصرخون "لا تسامح!" ويطالبون بنوع من الثأر الاجتماعي الكبير؟


--------------------------------------------------------------------------------

[1] كان ماسينيسا اهم ملوك مملكة البربر القديمة، في القرن الثاني قبل الميلاد. وكانت ارض المملكة موازية تقريباً لجنوب الجزائر الحالي.

[2] تأتي التسمية من كلمة "قبيلة" العربية وقد ظهرت في القرن الثامن عشر في نصوص الرحالة الانكليز.

[3] بالرغم من اهمية القديس اغوسطينوس المولود عام 354 في سوق احراس والمتوفي عام 430 في عنابا والذي خصته الجزائر بتكريم على شكل مؤتمر حضره الرئيس بوتفليقه في اول نيسان/ابريل المنصرم والقى فيه كلمة الافتتاح. وقد اتخذ المؤتمر لنفسه تسمية ذات دلالة: "المؤتمر الدولي الاول حول الفيلسوف الجزائري اغوسطينوس: الافريقانية والعالمية".

[4] تعترف مقدمة دستور 1996 بان الهوية الجزائرية تقوم على العروبة والاسلام والامازيغية. وقد انشأت في ايار/مايو 1995 مفوضية عليا للامازيغية كما ان تعليم لغة التمازيت آخذ في التطور. اقرأ ملف:

Que veulent les berbères?”, Jeune Afrique- L Intelligent, Paris, 24/4/2001

[5] Tnternational Herald Tribune, 16/6/2001



#اغناسيو_رامون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إلى ألوان الشفق القطبي.. العاصفة الشمسية النادرة قد تشكل -خط ...
- بوابة تنقل الناس من نيويورك إلى دبلن بلحظة.. شاهد ما يقدمه ه ...
- فستان شفاف جدًا يستحضر زمن الستينيات.. شاهد إطلالة إيل فانين ...
- قصص مؤلمة في كل ركن.. شاهد ما رصدته CNN داخل مستشفى في قطر ي ...
- باريس تطالب إسرائيل بالوقف الفوري لعملية رفح
- الخطاب المثير للانقسام في حملة مودي الانتخابية يثير تساؤلات ...
- تأثيرات تغير المناخ باتت تهدد تعليم ملايين الأطفال في العالم ...
- البرلمان التركي يناقش مشروع قانون لمكافحة التجسس على خلفية ن ...
- بوتين يهنئ أهالي دونيتسك ولوغانسك بالذكرى الـ10 لإعلان جمهور ...
- شركة روسية تصنع قوارب مخصصة لقوات إنفاذ القانون


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - اغناسيو رامون - بلاد القبائل