أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين ياسين غانم - احتفاءً ب أوغار و- قدّاس سرياني














المزيد.....

احتفاءً ب أوغار و- قدّاس سرياني


أمين ياسين غانم

الحوار المتمدن-العدد: 1562 - 2006 / 5 / 26 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


أطلّ أوغار من بلاد شبيهة بذاكرة تموج بأثقالنا وآلامنا , حاملاً حكمته وأسلوبه النيتشوي , أطلّ من بلاد الأسئلة الضاغطة سألناه قال : " البلاد التي يشتهي الجميع طعنها , الأعداء و العشّاق " ؟ّ!

-2-

خميرة الكلام تنضج بالمتلقي بلا اكتمال , مبلولة بذاتية الشاعر ونفسه .
آثر أوغار على تحريك خميرة سابقة في ذاكرة المتلقي , أنضجها كما يريد , فاختار طقوسه ونصوصه من ذاكرتنا , بدءً من أوغاريت حتى قانا وأرض كنعان , و اختار أبطالاً دائمي التجوال في دمائنا من جلجامش حتى صلاح الدين , مروراً بطائر الفينيق .
وأوغار المثقل بعشقه يبدأ حكايته بالماء , و بعلٌ في الذاكرة عائم في عالم مائي لا يهدأ , يتفتق على مطر بللنا طويلاً , الماء في نصوص أوغار يموج حيناً , يصارع الموت , يخرج الحنطة ويهدأ حيناً في رحم الذاكرة والعروق الجنينية الأولى , وفي الحالتين ماؤه لا يقبل موعظةً أو قيود , سمعناه يصرخ : " أيها الشاعر يا أخي أضواء المدينة ماء والقمر إله الماء , له البحر يسجد ... الأرض كرة والكون فسيح والقيود سخافة " . وينتقل أوغار إلى صلواته وترانيمه كي تنهض الزهور ويلعب َ العشب حول الماء " ويغني في الأحشاء جنين " .
ومن دفاتره يطلّ أناسٌ عديدون علّهم متربصون في صباحاته و مساءاته وعلى عتبة كل لحظة , فالأعمى يشير إلى العماء قاصداً منابع الحزن الأولى والمعرفة الأولى , ينقلنا إلى عالم النفرّي الرحب والمتشابك , والنبي الشيخ يبحر خارج اللذّة يغرف من عتمه دماً يذروه بياضاً وعشقاً وشقاء فيقول : " العارف والمعرفة واحد , أما الذي يبصر فهو أعمى وأما الذي امتنع عنه الضياء فهو العارف لأنه في البصر تغيب الرؤيا وفي السواد تكون " .

-3-

وأوغار العاشق بين ثلاثة وجوهٍ عبرت وشكّلت خلفية شقيّةً لوجهٍ رابع : وجه يطارده من بلادٍ منفية , وآخر ليس له امتلاك حبّة رملٍ منه أو قبله , ووجه أخير رماه كنفاية , لكنه يبحث عن وجهه الرابع وكأنه يرغب أو يريد إحلال التوازن والكمال .
والإنسان , والشاعر على الخصوص يغامر بعشقه وينتظر ويقتحم باحثاً عن وجه قد يكون وجه أمه , وجه الأم هو الوجه الرابع لأوغار , وجه فينيقي لامرأة يناديها بأم العالم ويقول :

" صارت النبع وأصل الرسالة لأنها تاريخ التاريخ .لأنك الهواء صرت خصيمة الأرض والسماء " .
وبقصيدة المرأة الفينيقية التهبت لغة أوغار بالرغبة واللون والعالم وبدأ يحتفي بخفقان المكان حوله كمن يهتدي رضيعاً إلى أمه وثديها .





-4-

في قداس الموت - وهو عنوان الفصل الرابع من الكتاب - صورة متآكلة من الزمن , لكنها تنبض بالحياة والحب , توحي بموت يعادل الحياة , إنها الصورة التي نراها في ألواحه الطينية المعتّقة وعبرها نلمح مدرحية الكون في جدلية سمّاها بالغياب والحضور , نرى دماءً أُبيحت وقامت وعتماً تراقص عبر الضوء حاملاً هموم أرضه وأمته على قدر نهوضها وارتكاسها , ولم تدهشني منه قسمة الكون عند فلسطين حين صرخ : " فلسطين الصراط , شفيعة القيامة , قسّامة الخلق مؤمن وكافر ".
رحل إلى قانا وبعد أيام جاء وفي يديه صور المجزرة وعلى وجهه رأيت حزناً أوسع من الكون , أضيق من جسدٍ متناثر في قانا يقول :" قانا عين العالم , صهيل الصراخ نبع الدماء الرضيعة ....لأنني من قانا فدمي أكثر نقاوة..... "
-5-

في فصله الأخير يميل أوغار إلى التقريرية فيما قد يوحي باختمار تجربته الداخلية, فجاءت قصائده تمتمات بأسلوب أدونيسي , لكنه عرضها بشفافية راقية وثوب ناعم جميل ينضح بالحركة , فامتدت هذه التمتمات من إعلاء الكلمة عبر إعلاء اللون إلى الصوت / النغمة وطرح أسئلة تفضي إلى أجوبة هي أسئلة كما يقول , ولعلّ أجمل ما قاله في هذا الفصل هو :
" أعطني سؤالاً حقيقيا ًواحداً وخذ أجوبة العالم ".

قدّاس سرياني كتاب يستحق القراءة ثم القراءة ثم التأمل .


] ملاحظة : كل كلام أوغار ( فراس سعد ) مأخوذ من كتابه " قداس سرياني " الصادر عن دار البلد بدمشق 2003 [







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين ياسين غانم - احتفاءً ب أوغار و- قدّاس سرياني