جوان ديركي
الحوار المتمدن-العدد: 6421 - 2019 / 11 / 27 - 02:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس بخاف على أحد, بأن أمريكا والدول الغربية هي وراء كل هذه الصراعات الطائفية والعرقية في الشرق الأوسط والعالم, فهي التي قسمت منطقة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى إلى دول وإمارات ليس حسب التكوين السكاني الإثني وإنما حسب مصالحها. فمنذ ذلك الحين لم يهدأ الشرق الأوسط من الحروب الداخلية والإقليمية, حتى وصلت اليوم إلى أوجها.
كلنا يعلم أن أمريكا هي التي صنعت تنظيم القاعدة في أفغانستان لمواجهة الاتحاد السوفييتي آنذاك, وقد حققت مرامها في ذلك بهزيمة الاتحاد السوفييتي وخروجها المذل من أفغانستان. لكن بعد خروج تنظيم القاعدة من تحت السيطرة وتمردها وتوسعها في العالم, وبعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001, أعلنت أمريكا الحرب على القاعدة وصنفتها ضمن التنظيمات الأخطر إرهابية في العالم.
بعد ظهور ما سمي بالربيع العربي -الذي أصبح شتاء قاسيا وقاتما على الشعوب العربية- ظهرت تنظيمات أخرى باسم جبهة النصرة وداعش...الخ. ترى من وراء تشكل هذه التنظيمات الاسلامية المتطرفة ومن التي تدعمها وتسلحها وتوجهها عند الحاجة إليها, ومن لم شمل عناصرها من كافة بقاع الأرض لتجتمع في العراق أولا ومن ثم في سوريا وبقية البلدان العربية الأخرى كاليمن وليبيا والجزائر!!
بدأت الحرب الأهلية في سوريا في منتصف 2011 ولازالت مستمرة في ضراوتها. وقد أصبحت سوريا ساحة لكل الدول المتنفذة في العالم والمنطقة لتصفية حساباتها على أرض سوريا وعلى حساب شعوبها. ترى أين هي الدول التي تدعي الديمقراطية والإنسانية؟ أين هي الأمم المتحدة ومجلس الأمن, لماذا لا تتدخل وتنهي مأساة الشعب السوري؟ألا تستطيع إنهاء هذه الحرب المدمرة وهذه الأزمة؟ بالتأكيد تستطيع, لكنها لازالت تطبخ وليمتها ولم تجهز بعد, لتقدمها على الطاولات المزركشة بالدم.
إن ما يجري اليوم في سوريا والشرق الأوسط هي من تبعات سياسة الفوضى الخلاقة التي انتهجتها مراكز القرار الأمريكي في منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرون. فهذه الحروب الأهلية المندلعة منذ عشر سنوات أنهكت دول المنطقة وجعلت الأنظمة الحاكمة أسيرة للدول العظمى, وقضت على الملايين من البشر وشردت عشرات الملايين في بقاع العالم, وقضت على البنية الاقتصادية.. والدول العظمى تتفرج وتجتمع وتنظر دون أن تضع حدا لهذه المأساة الانسانية. فالدول الكبرى الرأسمالية هي المستفيد الأول من هذه الحروب, فهى التي تخلق الفوضى ومن ثم تتدخل باسم الإنسانية. إنها تبيع أسلحتها المنتهية الصلاحية وتجرب الجديد منها, بالاضافة الى قدومها الى الدول المتأزمة باسم الاعمار والبناء والتدخل الانساني, وبذلك تستولي على مواردها من عبرشركاتها ومنظماتها اللاإنسانية.
تدعي أمريكا أنها جاءت إلى المنطقة لتحارب الإرهاب وكذلك روسيا, فإن كانت قد أتت لمحاربة الارهاب, فلماذا لاتحاسب داعمي الإرهاب الواضحين والموثقين بالصور والفيديوهات؟ ألا تعرف من هي الدول الراعية للارهاب وأقمارها الاصطناعية تراقب دبيب النمل على الأرض؟ أم أن الإرهاب مصطلح مطاط وقابل للتغيير في مفهومه حسب مصالح هذه الدول؟ وقد رأينا ذلك في مواقف روسيا من تركيا الأردوغانية عندما أسقطت الأخيرة طائرتها في 2015, بينما اليوم تقوم روسيا بعقد صفقات تجارية مع تركيا الارهابية, وتتفق معها على احتلالها لسورية وتشريد الشعب الكردي من أرضه التاريخية..
إن من يقتل المدنيين وينتهك حقوق الإنسان ويشرد الملايين ويقوم بالتغيير الديمغرافي ويستخدم الأسلحة المحرمة دولياً هو الإرهابي إن كانت دولاً أو من منظمات أو أشخاص. ومن يقيم العلاقات معها هو أيضا إرهابي. فبذلك يكون الإرهابي الأول اليوم هما الرئيسان الأمريكي ترامب والروسي بوتين. فهما الراعيان الأساسيان للارهاب في الشرق الأوسط وسوريا خاصة. لأنهما يعقدان الاتفاقات مع تركيا الإرهابية على حساب الشعوب العريقة. وكذلك الدول الأوروبية أيضا شريكة في الإرهاب المطبق على الشعوب. فسكوتها يعني موافقتها على كل هذه الجرائم المرتكبة في المنطقة.
تباً لكم يا دعاة الديمقراطية والإنسانية. تباً لشعاراتكم ومبادئكم وقيمكم. سيحاسبكم التاريخ. والشعوب المناضلة لن تنسى نفاقكم وغدركم وخسة أخلاقكم. فمهما خلقتم الفوضى والحروب, ومهما ارتكبتم من الجرائم والمجازر بحق شعوبنا.. فإنكم زائلون وشعوبنا المتجذرة هي الباقية والمنتصرة, والتاريخ يشهد على كثير.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟