أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - ع الزروالي - وجهة نظر حول مهمة بناء - أوطم- .ا















المزيد.....



وجهة نظر حول مهمة بناء - أوطم- .ا


ع الزروالي

الحوار المتمدن-العدد: 1561 - 2006 / 5 / 25 - 07:38
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


نقطة نظام منهجية

يبدوا أن النقاشات حول موضوع الحركة الطلابية المغربية و التنظير لها، بدأ يتقدم نسبيا، و قد لاحظنا و تتبعنا بعضا من المحاولات الجدية لمواكبة دينامية هذه الحركة. و بخطى ثابتة، سنعمل على الانخراط في كل النقاشات التي تنحى منحى البحث في إشكالات و قضايا الصراع الطبقي خدمة لتقديم نظالات الكادحين و المحرومين ببلادنا.
فبالرغم من التنوع الحاصل داخل مختلف مواقع الفعل الطلابي المغربي، و بالرغم من كل الطقوس و الآليات و المفاهيم و المواضيع و التصورات و النقاشات الخاصة بكل موقع على حدا، فهناك إجماع، على الأقل، فيما يخص التشبث بالاتحاد الوطني لطلبة المغرب ـ إوطم ـ و بمبادئه الأربعة ـ التقدمية، الديمقراطية، الجماهيرية و الاستقلالية ـ و فيما يخص المناهضة للمشروع الإمبريالي التخريبي للجامعة و التعليم عامة ـ "الميثاق الوطني للتربية و التكوين"ـ، و فيما يخص العداء تجاه القوى الظلامية بجميع تلاوينها الفاشية.
فهل من المسؤولية التاريخية الدفع بهذا الحد الأدنى لأقصاه، و بتطويره و باقتراح الآليات الكفيلة بذلك، أو الانزواء في الركن حسب قاعدة "لكل موقعه و لكل أنصاره و للآخر الطوفان أو الجحيم"؟.
و قبل الدخول في نقاش الموضوع أود تقديم بعض الملاحظات الأولية قد تسهل مرامي اقتراحاتي و قد توضح شيئا من تقديراتي الخاصة.
فالمحاولة هي عبارة عن رد على مقال صادر بالأنترنيت ـ موقع ـ مقال يرد بدوره على مساهمة سابقة عنه، الأول، أي الأصل، موقع باسم ماركسي ثوري و هو يمثل إحدى المجموعات التروتسكية الناشطة بشمال المغرب، و الثاني الموقع باسم أحمد زايان يمثل وجهة نظر "الكراس" و هي وجهة نظر مراجعة انبثقت من تجربة "النهج الديمقراطي القاعدي" أواخر سنة 1984 لتعلن استقلالها عن "الطلبة القاعديين" و عن خطهم و برنامجهم و تصورهم للنضال الطلابي و لبناء و هيكلة إوطم و لتدبير التحالفات السياسية داخلها كمنظمة طلابية مناضلة، مكافحة، مسايرة و مدعمة لكل النضالات الطبقية التي تخوضها القوى الكادحة المغربية و في طليعتها الطبقة العاملة.
و قد يحس بعض القراء بالصدمة و الاندهاش، خصوصا الماركسيين اللينينيين العرب، عن جدوى النقاش حول قضايا محسومة داخل المناضلين الماركسيين اللينينيين، أي حول مهمة التنظيم بشكل عام أو أهمية التنظيمات الاتحادية الجماهيرية في ثقافة الحركة الماركسية اللينينية العالمية و الأممية.
و قد يفاجئ كذلك البعض منن الماركسيين اللينينيين أنصار الخط البروليتاري، و نحن نلوك و نعيد حقائق التجارب العالمية و منظريها من ماركس إنجلز و لينين، و بشكل خاص، الدروس المستخلصة من حرب لينين على "اليسراوية" و "الشيوعية الصبيانية" كتيار رفض التنظيم و الانتظام في الجمعيات و الاتحادات و النقابات و البرلمانات البرجوازية.. دافع عن بعض التجارب البلشفية نفسها ـ مقاطعة الانتخابات العمل السياسي السري، بناء النقابات الحمراء، بناء المجالس، معارضة التيارات الإصلاحية..الخ ـ المجردة من سياقها و ظروفها و من شروط العمل السياسي و قوة حركة الطبقة العاملة في الصراع و مستوى وعيها و تطور تعبيرها السياسي ـ الجناح البلشفي بقيادة لينين من داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي آنذاك ـ
لن نعيد ظروف هذا الصراع و كيف خرجت منه الحركة الماركسية الثورية منتصرة بقيادة البلاشفة أمميا و بقيادة لينين داخل الحزب و داخل البلاشفة أنفسهم و يكفي الرجوع لأهم الكتب عند لينين في هذا المجال ـ مرض اليسارية الطفولي ـ و مجموعة من المقالات لإنجلس في حربه ضد الفوضوية الباكونينية.
فلا بد و بالرغم من كل هذا و قبل الخوض في أي من النقاشات حول هذا الموضوع، لا بد من منهجية تعطي للمقال قيمته النظرية و العلمية، فلا نريد نقاش و متابعة الحكايات الأسطورية عن الذات، الذات / التيار الذي خاض التجارب بدون أخطاء، التيار الذي يكره التقييم و المسائلة.
نقاشات تحيط التيارات المعارضة لها بالشك و الشبهة و ترمي بجميع الأخطاء و المنزلقات و الأزمات على التيارات الأخرى، منزهة نفسها لحد الطٌهرانية و تقديس الذات..
فلا يعقل أن نخوض تجربة النقاش التقييمي و التقويمي لحركات مناضلة بهذه الأهمية و مازلنا محاصرين بهذه الثقافة، ثقافة أقل ما يمكن نعتها به هي عدم النضج لكي لا نصفها بأشياء أخرى تعودناها في مجال القدح و البوليميك.
لا يعقل كذلك أن ننتقد مقترح، شعار أو موقف، فقط لأن المعارضين من المجموعات و التيارات الأخرى ترفعه الآن بعد أن عارضته زمان، و هذا ما نسميه بغياب المسؤولية تجاه العديد من المواقف و الأرضيات التي سبق أن تم التعبير عنها.
لا يعقل كذلك أن نبحث في أصول بعض التيارات الجديدة في الساحة ـ "التوجه القاعدي" ـ بشكل مخابراتي و ربطها مثلا بتجربة "البرنامج المرحلي"، فما أعلمه و يعلمه الجميع أن "البرنامج المرحلي" تيار طلابي يشتغل بالجامعة و فقط، أما "التوجه القاعدي" و حسب أرضياته و برنامجه و مقالاته المعرفة بهويته فهو يمثل الخط البروليتاري من داخل الحركة الماركسية اللينينية المغربية و بالتالي فهو صوت الخط البروليتاري الماركسي اللينينيني داخل الجامعة، و لم يسبق له أن أعلن انشقاقه أو ارتباطه السابق "بالبرنامج المرحلي".
ولد "التوجه القاعدي" من رحم تجربة سياسية خارج الجامعة و ليس داخلها، شارك في تأسيسه مجموعة من المناضلين الماركسيين اللينينيين الطلبة و غير الطلبة ـ غالبيتهم خريجو التجربة القاعدية ـ له مواقفه الخاصة و برنامجه الخاص و مرجعيته الخاصة ـ الماركسية اللينينية ـ يتبنى برنامج الثورة الاشتراكية و بناء سلطة المجالس الشعبية بقيادة سلطة الطبقة العاملة ـ دكتاتورية البروليتاريا ـ و من أجل هذا يعمل على تنظيم الطلائع الثورية المثقفة و العمالية و صهرها في أفق بناء حزب الطبقة العاملة المستقل نظريا، سياسيا و فكريا خدمة للمهام المسطرة أعلاه، مهام إنجاز الثورة الاشتراكية و البناء الاشتراكي القائم على سلطة المجالس أولا و تحت السلطة العليا و المركزية للطبقة العاملة و حزبها الماركسي اللينيني، و على مصادرة الثروات المنهوبة من طرف العائلة المَلكية، البرجوازية الكمبرادورية و الملاكين العقاريين و سائر فئات البرجوازية الكبيرة الأخرى، و على إنجاز الثورة الزراعية و إعادة تحديد المِلكية خدمة للمشروع الاشتراكي أي بما يخدم تقويض المِلكية الصغيرة و محاصرتها في البادية و المدينة بتشجيع الإنتاج الكبير و التخطيط الاشتراكي و بتثبيت سلطة الطبقة العاملة في البادية و المدينة و حرصها على التحكم في جميع السلط بما فيها سلطتها على الإنتاج و التوزيع.
هذا بشكل عام و مقتضب ما توصل له المناضلون أنصار الخط البروليتاري داخل تجربة الحملم، و من حقك و من حق الجميع أن يتعرف و يتسائل عما يقوله الرفاق في "التوجه القاعدي".. و لكن أن نحاسبهم انطلاقا من افتراضات و تهيئات لا سند ملموس لها في الساحة فهذا ما نسميه تجني و افتراء و هروب من النقاش.
فالرفيق صاحب المقال الأصل فتح النقاش حول مهمة واضحة هي بناء إوطم في الجامعة و حاول كذلك أن يقدم اقتراحات عملية في هذا المجال، و عوض النقاش لما تقدم به، هرٌَبت النقاش لمواضيع و إشكاليات أخرى، مكتفيا بالتباكي عن الماضي المجيد و بمحاربة أفكار و مواقف تيارات ليست هي موضوع نقاشنا إذا كنا فعلا نود التقدم بالحركة الطلابية في الاتجاه السليم، لأنه من الطبيعي جدا أن تستمر بعض الأصوات في الدفاع و العناد للحفاظ على الأوضاع القائمة إذا كانت تستفيد منها و تنتعش من خلالها.. و لا يمكن بالتالي أن نرهن مصير الحركة الطلابية و مصير إوطم بوجود أو عدم وجود معارضة لأفكارنا و تصوراتنا فقط يجب الرهان على قدرات الجماهير و طاقاتها و تياراتها المناضلة في الإقناع و الشرح و التواصل مع جميع المخالفين من طلبة و تيارات طلابية مناضلة.
و كيفما كانت خلافاتنا مع الرفاق في التيارات الأخرى، سواء المتخرجة من المدرسة القاعدية ـ "الكراس"، "القاعديون التقدميون"، مجموعات "البرنامج المرحلي" ـ أو المتفرعة عن "أنصار الأممية الرابعة".. فنعتبرها جازمين و بدون تحفظ تيارات مناضلة ما زالت تقدم التضحيات خدمة لمصلحة الحركة الطلابية و للمشروع التقدمي التحرري، ما زالت تناضل من أجل حق أبناء الكادحين في التعليم و في الجامعة، ما زالت كذلك تعمل على نشر القيم و الأفكار التقدمية داخل الجامعة، ما زالت مناهضة بحزم للقمع و للأفكار و القوى الظلامية و للمخططات التخريبية الماسة بحقوق أبناء الكادحين في ميدان التعليم ـ "الميثاق الوطني للتربية و التكوين" ـ نموذجا.

ملاحظات و انتقادات لمقال أحمد زايان

بعد القراءة المتأنية للمقال "بناء إوطم بين الماضي و الحاضر" لصاحبه أحمد زايان، الذي هو في نفس الوقت رد على مقال سابق "الحركة الطلابية المغربية و مهام المناضلين الماركسيين" لصاحبه "ماركسي ثوري من المغرب"، حاولت متابعة جميع الفقرات بأقصى قدر من الدقة و سأحاول تقديم ملاحظاتي الانتقادية و التصحيحية لبعض المغالطات و للتقييمات الخاطئة لبعض التجارب المناضلة.. من جهة، و من جهة أخرى سأعمل على نقاش المقترحات القيمة التي تقدم بها الرفاق في اتجاه إعادة البناء الديمقراطي و الجماهيري للمنظمة إوطم، دون الخوض، بالطبع، في نقاش التدقيقات الخاصة بتجربة من التجارب و التي يصعب البث فيها على أي ممن لم يعايشها مباشرة لتبقى على مسؤولية كاتبها و العهدة دائما على الراوي.
من الناحية المنهجية أي من ناحية المتابعة التاريخية لمسلسل الأحداث المهمة المرتبطة بتجربة إوطم التنظيمية أرى أن الرفيق "زايان" اقتحم المجال بارتباك في توقيت الأحداث و في ربطها ببعضها لحد ربط أسباب فشل المؤتمر 17 المنعقد في صيف 81 بأحداث داخلية، عرفتها التجربة القاعدية، مردٌها إلى ما بعد 84 إلا إذا كان الرفيق يعتقد أن المؤتمر 17 انعقد سنة 84! و قد نُرجح هذا التقدير لأنه الأقرب للصحة و قد تبين لنا ذلك خاصة بعد متابعة التحليل في الفقرة نفسها، فالرفيق يقول: "لا شك أن الرفيق مطلع على الصراع المرير الذي شق صفوف حركة الطلبة القاعديين بعد 1984 حول هذه القضية المحورية بين أنصار برنامج إعادة بناء إوطم و أنصار استبعاد هذه من برنامج النضال المرحلي الطلابي، باعتبارها ليست بالمهمة المباشرة و نقدر أن الرفيق يعلم، تمام العلم، كيف أفضى هذا الصراع، الذي شق أقوى تيار نقابي طلابي ـ الطلبة القاعديون ـ إلى إضعاف الحركة الطلابية. و بشكل أدق كيف إلى تعميق ضعفها الذاتي بعد فشل المؤتمر 17، بما كان لهذا الفشل من نتائج سلبية خطيرة قوضت، و إلى حد كبير، من المقومات الذاتية لصمودها في وجه حملات القمع الاستئصالي الذي استهدفها".
سأعتمد نقل بعض الفقرات بكاملها لكي لا أتهم بالتجني على الكاتب و لكي أقرب الرفاق القارئين من ملاحظاتي و لكي لا يفقد النقاش و المهمة موضوع النقاش أهميتهما.
يتابع الرفيق النقاش و ينتقد "الماركسي الثوري" الذي أبدى تحفظه و انتقاده لبعض التجارب البيروقراطية ".. و هو الشيء الذي تصدى له القاعديون بحزم" متهما إياه بالتعتيم و التعويم، فأين التعميم و التعويم و أين غياب الموضوعية؟ إذا كانت الموضوعية تستلزم أساسا تقديم المعطيات التاريخية كما هي قبل تقييمها و تقديرها و نقاش الظروف التي أنتجتها و مستوى التطورات التي عرفتها فيما بعد..الخ.
فمقترحات 84 التي ظهرت في شكل "كراس" جوبهت بحزم، و اللجان الانتقالية من 88 إلى 94 بمختلف نسخها "الكراسية" و "الممانعة" ـ نسبة "للكراس" و لنشرة "الكلمة الممانعة" ـ جوبهت كذلك بحزم، و لم تنجح كلتا التجربتين في الميدان و لم تتلق الدعم الجماهيري المطلوب لنجاحها.
هل كانت ناجعة أم لا؟ هل فكت الأزمة و المعضلة التنظيمية لإوطم آنذاك؟ فهذا ما يحتاج النقاش.
هل كانت قاعدية ديمقراطية أم حزبية بيروقراطية؟ فذاك ما يحتاج التوضيح و التنوير، دون هذا و ذاك يصبح التعويم و التضبيب و الشعوذة.. سيد الموقف و التحليل.
و يسترسل الرفيق في طرح الأسئلة التي لا نعرف هل مصدرها الجهل أم استبلاد و استغباء للرفاق القارئين و المتابعين؟ "هل حقا أن القاعديين جميعهم تصدوا بحزم؟". "و أين تكمن بالضبط الطبيعة البيروقراطية؟" و "الوصاية الحزبية"..؟
تساؤلات تنم عن جهل فظيع لتاريخ الحركة الطلابية و تاريخ الصراعات داخلها و بالأساس الصراعات داخل التجربة القاعدية.
نجد كذلك في الفقرة المعنونة بالمحاولات الأولى لإعادة الهيكلة 84 / 85 و 85 / 86 مجموعة من المغالطات و التأويلات الخاطئة تتكلم عن موجة القمع الشرس الذي تعرض له إوطم خلال هذه الفترة، و نحن نتفق مع الرفيق في هذا الباب، لكن أن نعتبر الانتفاضة إعلانا عن موجة الاعتقالات ففي ذلك نوعا من السطحية على اعتبار أن القمع شمل تحركات الجماهير الطلابية و إطارها المناضل إوطم منذ إعلان رفع الحظر ـ إذا اقتصرنا على هذه الفترة لكي لا يمتد كلامنا عن القمع و نصل بالتالي لفترة 59 ـ بحيث لم تخلو سنة واحدة من هجوم قوات التدخل السريع و قوات الجيش و القوات الاحتياطية على جميع التحركات و الاضرابات و الاعتصامات الطلابية، و لم تعرف السجون أية حالة من الفراغ فيما يخص مناضلي إوطم من الطلبة القاعديين طيلة هذه الفترة أي من 78 إلى 1986.
و بالتالي فالشرعية القانونية و حالة الحظر لإوطم شكلا وجهان لعملة واحدة خضعت بالضرورة لموازين القوى الطبقية القائمة، فكلما اختلت لصالح النظام الطبقي السائد و جهاز دولته القمعي كان المنع، و كلما تقدم بركان الصراع الطبقي و اشتدت خلافات النظام الداخلية انتشر القمع العشوائي و المنظم لتتبعه بالتالي التواطئات و المناورات و ديمقراطية الواجهة و تقديم بعض التنازلات..الخ.
مغالطة أخرى خاصة بانتخابات 82 / 83 و الرفيق خلالها يتكلم عن أجهزة تضم في صفوفها جميع اللوائح! إنه الكذب و الافتراء، إذا علمنا أن اللوائح المذكورة لم تمثل في الأجهزة التحتية و هي مهيمنة على القيادة ـ اللجنة الإدارية و اللجنة التنفيذية ـ و بالأحرى أن تُمثل بعد أن أعلنت عن انسحابها من ساحة العمل السياسي و النقابي و الطلابي..
قد تكون بعض اللوائح تقدمت هنا و هناك لكنها يقينا لم تنجح في الانتخابات، و قد تكون بعض التحالفات نجحت بفعل إرادة الطلبة القاعديين في تشكيل الكوطا مع بعضها و هذا ما تفاداه الرفيق و قفز عنه عنوة.
فمن باب الصدق في المعطيات عليك التصريح للعموم و أنت تتكلم عن فترة تاريخية بعيدة بأن اللائحتين الوحيدتين التي هيمنت على أجهزة إوطم هي لائحة الطلبة القاعديين و لائحة رفاق الشهداء، ثم أن اللائحة الأخيرة لم تكن لتحظى بالدعم الجماهيري الانتخابي لولا التعبئة التي كان يقوم بها الرفاق القاعديون لصالحها.
و يكفي للتأكد من تصريحاتنا هذه الرجوع لمحاضر انتخابات المؤتمر 17 و التدقيق في الفروقات الشاسعة بين الأصوات التي نالها المرشحون القاعديون و المرشحون الآخرون بمن فيهم "رفاق الشهداء"، التدقيق كذلك في نوعية المواقع التي انتخب فيها مندوبو اللوائح الأخرى.
ثم هناك حدث مهم و مهم جدا خلال هذه الفترة و لم يتكلم عنه الرفيق ألا و هو الإعلان عن انشقاق في صفوف "الطلبة القاعديين" و بروز ما سمي آنذاك "بوجهة نظر بنيس" أو "وجهة نظر العمل الوحدوي الفصائلي".
صحيح أن هذه النظرة قديمة قدم الطلبة القاعديين أنفسهم أي منذ مقال "في التطورات الأخيرة للحركة الطلابية" الصادر بمجلة أمفي العدد 23 و الموقع بـك. ق، صحيح أن هذه الأطروحة أثرت في جانب من الجوانب على مجرى المؤتمر 17 و على مجرى النضال القاعدي و الطلابي فيما بعد، لكن لا يمكن القفز على تجربة مهمة استقطبت أهم الأطر القيادية للطلبة القاعديين بمن فيهم الفقيد "عبد الحق بنيس" أحد المؤسسين للتجربة المجالسية السرية مناضل خبر السجون و المعتقلات طيلة فترة السبعينات، رشٌحه الطلبة القاعديون لرئاسة المنظمة خلال المؤتمر 17 قبل أن يتحول فيما بعد لمنظر شرس للعمل الوحدوي على أرضية الكوطا السياسية و قبل أن يقدم التنازلات و التراجعات التي أبعدته نهائيا عن التجربة القاعدية و عن الجماهير و الحركة الطلابية، خاصة بعد تواطئه المخزي و المكشوف مع ما تبقى من قيادة المؤتمر 16 ـ حسن السوسي عن الطلبة الديمقراطيين ـ و بعض الفصائل السياسية ـ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و حزب التقدم و الاشتراكية ـ من خلال النقابة الوطنية للتعليم العالي.. و مع جهاز القمع من والي الرباط و سلا و أجهزة المخابرات لتكسير معركة مقاطعة الامتحانات و بنود "الإصلاح" لسنة 82 / 83.
و للمزيد من تنوير الرأي العام الطلابي و للرفاق الميدانيين في كافة التيارات و المجموعات القاعدية نذكر كذلك بإحدى الأطروحات التي نظرت لحل الأزمة التنظيمية لإوطم بهذا النحو دون أن يجمعها التزامات سياسية و إيديولوجية أخرى، أطروحات تقدمت في شكل لائحتين "الطلبة التقدميون ـ المبادرة الجماهيرية" و "الطلبة التقدميون ـ الوحدة و النضال" لم تكن للائحتين أكثر من 3 مؤتمرين قدموا كلهم من أوربا الغربية لكن كفاءتهم النظرية و تجربتهم الطلابية و السياسية مكنتهم من اختراق صفوف الطلبة القاعديين و قد لجأوا لجميع الأساليب الإلتوائية و الدس و التكتم و الانتهازية للوصول لأهدافهم، بحث قدٌر لهم أن يلعبوا الدور الحاسم في إرباك المؤتمر 17 بأن اشترطوا في البدايات الأولى بأن نجاح المؤتمر مشروط بتمثل "الاتحاد الاشتراكي" في القيادة، و بأن طالبوا برفع المؤتمر مباشرة بعد انسحاب "الاتحاد الاشتراكي" من قاعات المؤتمر، فلم يتسنى لهم ذلك لكنهم انسحبوا و سحبوا ورائهم 17 من الأطر القيادية المتمرسة في الساحة الطلابية و اخل التجربة القاعدية و يكفي أن نذكر أن من بينهم اثنين ممن تكلموا باسم النهج الديمقراطي القاعدي في أولى الجلسات و الاثنين هما من فاوضا حول أول إشكالية عرفها المؤتمر ألا و هي رفض لائحة "الطلبة الاتحاديين" أن تتمثل لائحة أخرى ـ رفاق الشهداء ـ باسم الحزب.
هذه بعض المعطيات حاولنا جاهدين حصرها في الإشكاليات المتعلقة بالتنظيم و بالأساليب المقترحة في هذا الباب مع ما تحمله و ما حملته خلال التجربة من بوادر للصراعات و الانشقاقات و ستكون المناسبة مفتوحة من داخل نشراتنا و مقالاتنا توضيح أطروحات المجموعات المتفرعة عن التجربة القاعدية بكل ما في الأطروحة من إشكالات و اجتهادات و اقتراحات..الخ مست و تمس مستويات عدة طلابية، سياسية و فكرية إيديولوجية.
و إذا كان هدفانا هو متابعة ما قيل في المقالين و نقاش اقتراحاتها من منظور إيجابي فنحن بالمناسبة ننتقد بشدة الإشارات و المنهجية التي اعتمدها الرفيق "زايان" في تقييمه لمرحلة مهمة من تجربة الحركة الطلابية و بالتالي تقييمه و تقديره للصراعات التي عرفتها مجموعات و تيارات التجربة القاعدية بل وصل به تحليله لحد اعتبار أن "الهيكلة" بما هي "إفشال مخطط فرض الحظر على إوطم" كانت بمثابة "الحلقة المركزية للنضال"، "روح الخطة و محركها المركزي"، "الهدف / الحلقة المركزية"..الخ معبرا عن ديالكتيك غريب حول به الأساليب و الآليات إلى أهداف في حد ذاتها، حاول تدعيمه بقلب الوقائع و لَي عنق التاريخ و شطب الأحداث المهمة من تاريخ الحركة الطلابية و التجربة القاعدية ليساير نظرياته المجردة و قراءاته المهزوزة..الخ.
و من بين حالات التجريد التي أنتجتها القراءات الخاطئة للوضع السياسي في المغرب بعد التصفية و الاجتثات الشرس لمنظمات الحركة الماركسية اللينينية، القراءات التراجعية و المحرفة لجوهر الأطروحة الاشتراكية الثورية، قراءات حاولت التنظير و الإسهام في إعادة بناء المنظمات على أسس جديدة و بطرق جديدة و بأهداف و تاكتيكات جديدة و لن نغوص في بحث مآل هذه التجارب و ما عرفته من فشل ذريع و إحباطات جديدة خرج منها خيار التصفية و المراجعة قويا و مهيمنا و ليختفي بذلك الجيل الأول من الثوريين الماركسيين اختفاءا نهائيا تاركا الساحة للأجيال الشابة أمام ارتباك سياسي و فكري فظيع و أمام فراغ تنظيمي مخيف شكل و ما زال أحد الحواجز المعيقة لأي تقدم للعمل الثوري و للنضال الجماهيري في الساحة.
فحكاية ما تبقى من القيادة ـ قيادة المؤتمر 16 التي لم تنسحب من المؤتمر 17 ـ قريبة من الأسطورة و الشعوذة أكثر مما هي قريبة من الواقع، هذا إذا كان كلامنا محصورا و منحصرا لحدود سنة 84 فما بالك عن الدجل الذي برر أطروحته بهذه الحكاية لحدود بداية التسعينات أو إلى 2005 كما هو الحال بالنسبة للرفيق "زايان".
فما عرفناه و ما عايشناه عن كثب أن إوطم الميدانية، إوطم الحقيقية خلال فترة الحظر و خلال التحضير للمؤتمر 16 و في ما بين المؤتمرين 16 و 17 و فيما بعد فشل المؤتمر 17 هي الأجهزة التحتية ـ تعاضديات، مكاتب الجمعيات و مجالس القاطنين ـ و لم تكن هناك قيادة فعلية مسؤولة بل أن القيادة الوطنية التي تكلم عنها أنصار "العمل الوحدوي الفصائلي" ـ من "مجموعة بنيس" إلى "القاعديون التقدميون" مرورا بأنصار "الكراس" ـ مثلت خلال تجربتها العملية خط المعرضة المفضوح لجميع النضالات الطلابية و لم تساهم، خلال تجربتها، بل عرقلت عملية استكمال الأجهزة الوسطية من مجالس الفروع و لجنة التنسيق الوطنية..الخ كما أن ما تبقى فهو عمليا شخص واحد! و يجب أن تكون الجرأة متوفرة للإعلان عن ذلك لعموم الرفاق الطلبة و غير الطلبة أن ما تبقى هو عضو واحد من اللجنة التنفيذية ـ حسن السوسي ـ و الذي سبق و أن أشرنا لمساهمته بشكل بارز و متواطئ في إفشال معركة المقاطعة لسنة 82 / 83.
فمباشرة بعد فشل المؤتمر 17، فما تبقى الذي يتكلم عنه جميع المبشرين بحل "العمل الوحدوي" هو خمسة أعضاء ـ العلوي و بن نصر من حزب التقدم و الاشتراكية، حسن السوسي و محسن عيوش عن الطلبة الديمقراطيين، و بوعيش مسعود الذي تحمل المسؤولية خلال المؤتمر 16 باسم الطلبة الاتحاديين ليتحول فيما بعد إلى مدافع عن لائحة رفاق الشهداء ـ هذه هي حصيلة ما تبقى فلنتابع مآلها الآن، فـ"الرفيقين" من حزب التقدم و الاشتراكية اختفيا مباشرة بعد معركة ديسمبر 1981، أي معركة مجابهة الأواكس و المطالبة بجلائه لما شكله من خرق صريح لحرمة الجامعة، كانت المعركة عبارة عن إضراب وطني ـ 3 ديسمبر ـ عرفت الساحة خلاله حملة قمع و اعتقالات واسعة في صفوف مناضلي و مسؤولي إوطم في الأجهزة التحتية ـ مجالس و تعاضديات و جمعيات و مجالس القاطنين و مؤتمرين ـ و الثلاثة من أعضاء اللجنة التنفيذية حسن السوسي و محسن عيوش و بوعيش مسعود ـ.
بعد قضاء مدة السجن من 8 أشهر إلى سنة بالنسبة لحسن السوسي تمت محاكمة غيابية ثانية لبوعيش ـ 30 سنة ـ فر بعدها للخارج و بقي الاثنان، أحدهم، محسن عيوش، ارتكن لمسؤولياته الحزبية الجديدة ـ منظمة العمل الديمقراطي ـ في الإعلام "أنوال" و مجلة "الشباب الديمقراطي" و الجمعوية ـ منتدى الفكر و الحوار، جمعية مساندة الكفاح الفلسطيني..الخ ـ ليبقى حسن السوسي العضو الوحيد الذي واكب بعض النقاشات و الحوارات و الاقتراحات من قبيل ندوة الأطر و التسريع بعقد المؤتمر الاستثنائي، ندوة الأطر التي لم تكن سوى عبارة عن توافق أولي بين التيارات حول مقررات و برامج المؤتمر و حول قيادته و كيفية تشكيلها و نسب التمثيلية فيها.
فتصوروا معي كيف بنيت و ما زالت تبنى الاستراتيجيات ـ الهدف / الحلقة المركزية ـ عما تبقى من القيادة و كأن ما تبقى شكل في يوم من الأيام ما يكفيه من القوة للقيادة و البناء و التوجيه فلا هو الثلث و لا الربع و لا حتى العشر من القيادة ـ لجنة تنفيذية و لجنة إدارية ـ و لا هو التيار صاحب القاعدة الطلابية أو القوة السياسية التي يمكن أن تؤهله للعب الأدوار التي تكلمنا عنها سابقا فالتيار القيادي الوحيد الذي كانت له بعض المؤهلات الكفاحية الميدانية و الجماهير ـ رفاق الشهداء ـ انسحب هو الآخر بعد اعتقالات 8 ماي 1983 التي كنست جل عناصره القيادية و شلت بالتالي نضاله الطلابي و السياسي، و رهنته بخروج القيادة من السجن.
أليس في ذلك نوع من المغامرة النظرية و السياسية أن نرهن مصير الاتحاد و جماهيره الطلابية و ما يشكله هذا الاتحاد داخل الحركة التقدمية.. بشخص واحد يمثل تيارا واحدا لا قاعدة طلابية لديه، فقط إرضاءا لأطروحات سياسية بعيدة كل البعد عن مصالح الحركة الطلابية و مصالح إوطم و جماهيرها من أبناء الكادحين.
و في عودته لعرض "الخطة النضالية لإعادة هيكلة إوطم" تكلم الرفيق عن "المضمون النضالي الديمقراطي الجماهيري الحقيقي" لهذه الخطة، و ثارت ثائرته أمام انتقادات الرفيق "الماركسي الثوري" الذي صنفها ضمن "التجارب السيئة الذكر" و "البيروقراطية المقيتة" و "الوصاية الحزبية"، ثائرة و فوران لفظي لم ينفي أو يدحض ما تمت الإشارة له من تصنيفات!
ـ ألم يتشبث الرفاق بمقررات المؤتمر 16 و التي أجمع "الطلبة القاعديون" على تصنيفها بالبيروقراطية؟
ـ ألم تتم صياغة مشروع "العمل الوحدوي الفصائلي" في الكواليس بعيدا عن الجماهير الطلابية و عن المناضلين القاعديين؟
ـ ألم تتم صياغة الخطة ـ البرنامج ـ الكراس خارج الهياكل القاعدية؟
ـ ألم يتم تجاوز برنامج "الطلبة القاعديين" و الحاصل على إجماع قاعدي ـ البرنامج المرحلي 82 / 83 ـ عدا " مجموعة بنيس" ببرنامجكم البديل الذي تقدمتم به من خلال وثيقة "الكراس"؟
ـ ألم تكن المساهمة الكراسية مساهمة حزبية تشبه في ممارستها و إجراءاتها، للممارسات البيروقراطية المنتقدة و المنبوذة من طرف القاعديين كتوجه ديمقراطي؟
ـ ألم توزع وثيقة الكراس على الفصائل السياسية و بعض المناضلين المتعاطفين، قبل أن تتطلع عليها الهيئات القاعدية المسؤولة؟
أسئلة عديدة وجب الإجابة عنها في حينها و ليس الآن، و لا نعتقد أن في التهرب منها ما يفيد التجربة في شيء و لا ما يقدم الحركة الطلابية و برنامج بناء اتحادها إوطم في شيء، فقط وددنا قطع الطريق أمام الاستمرار في عملية التغليط و المغالطة بخصوص أحداث و وقائع تاريخية يخيل للبعض امتلاكها و امتلاك القدرة على عجنها و قولبتها حسب هواجسه و تطلعاته السياسية.
فلم تكن الخطة، موضوع النقاش، مقدمة "للطلبة القاعديين" و للطلبة المناضلين و لعموم الطلبة، بل كانت خطة مدروسة و محبوكة مقدمة لأطراف سياسية، لم يكن يهم صانعيها أو القائمين عليها طبيعة هذه الأطراف، وضعها في الجامعة، تصورها للحركة الطلابية و لمهامها، أوضاع التعليم و التعليم الجامعي..الخ بقدر ما كان يهم أصحابها هو التنفيذ و الأجرأة لمقترحات و خطط نضالية بنيت و استنتجت من قراءات سياسية للأوضاع في البلاد.. قراءات جديدة و غريبة عن "الطلبة القاعديين" فيما يخص المنهجية الفكرية، الثوابت المبدئية، زوايا النظر لمكونات الحركة الطلابية، الآليات الديمقراطية الداخلية و الجماهيرية شمولية البرامج..الخ.
كانت الخطة و كما ذكرنا في حينها أنها خطة خاصة بتيار سياسي كان ينشط في صفوف "الطلبة القاعديين" و لم تكن خاصة و لا قريبة من "الطلبة القاعديين" ـ إذا احترمنا الإيجابي مما راكمه "النهج الديمقراطي القاعدي" من تقاليد تنظيمية مسؤولة من سنوات 78 إلى حدود 84 ـ و كان من المسؤولية ألاٌ تستمر هذه الحربائية خاصة بعد أن اندمج التيار في تنظيم سياسي شرعي و علني اسمه "النهج الديمقراطي"، كان من المسؤولية أن نقف عن المنزلقات الذاتية تفاديا للتكرار و لردود الأفعال و للارتباك و للتيه السياسي و التنظيمي.. قبل معالجة أوضاع تسببت في جلها هاته المنزلقات.
فحين انتقدنا الخطة و حين اعترضنا بشدة عن الكلام عمٌا تبقى من قيادة المؤتمر 16، كنا فعلا في قلب التاريخ و مسايرين بإخلاص لحركة الصراع الطبقي و لمهام و أدوار الحركة الطلابية لم نصنع الأكاذيب لتبرير عجزنا و محدودية أدائنا النضالي، فضحنا طبيعة الحوارات التي كان يجريها "حسن السوسي" كتنظيم سياسي و ليس كقائد طلابي، و يكفي أن نعلم أن محاوره الأساسي كان هو "محمد مجاهد" أحد قياديي "الطلبة القاعديين" آنذاك، فما مثله "حسن السوسي" ليس "الطلبة الديمقراطيين" بل "منظمة العمل الديمقراطي الشعبي" و بالتالي فتيار "الطلبة الديمقراطيين" الذي راهن عليه الرفاق أنصار الخطة تيار ضعيف داخل الطلبة و خارج الطلبة بما يعني أنه لم يتوفر خلال تجربته على الوزن الذي يمكٌِنه من لعب الأدوار التي ما زال يبشر بها الرفاق "أنصار الخطة".
و من قمة التعتيم هي أن نداري على الطبيعة الحقيقية للأشياء و نقدم الأمور بشكل مثالي مبني على النوايا الحسنة، فما كان يسمى آنذاك بالتحالف الثلاثي قبل المؤتمر 16 و ما بين 16 و 17 لم يتعدى المقر المركزي لإوطم بالرباط و لم تتعدى إنجازاته بعض البيانات المناسباتية و التي كانت في غالبها تتجاهل النضالات الطلابية أو تدين "اليسراويين" القائدين لها.
أكثر من هذا، فإذا علمنا أن جميع المؤسسات الجامعية كانت تقيم خلال هذه الفترة أنشطة ثقافية إشعاعية إوطمية بمعدل أسبوعين في السنة ـ أسبوع الطالب الجديد و الأسبوع الثقافي العادي ـ فالتحالف الثلاثي أقام، من خلال موقعه في القيادة، سهرة واحدة ـ "مجموعة ناس الغيوان" و "الثنائي باز و بزيز" ـ بقاعة عمومية بالرباط ثمن الفرجة بها تراوح ما بين 50 درهم و 100 درهم!! في طرف، كانت الإضرابات الطلابية خلاله تفوق الشهر كما هو الحال بالنسبة للمدارس العليا للأساتذة و لكلية العلوم بالرباط.
و لم يكن غرضنا إغراق المقال بمعطيات تفند ادعاءات الرفيق و تياره، فقط تناولنا لهذه المعطيات من منظور آخر سيساهم بدون شك في توضيح ضعف منهجية الرفاق الذين يتحاشون النقاش السياسي لموضوعات الحركة الطلابية و يعوضونه بالنقاش الطلابي التبريري و المحدود للأطروحات السياسية المقترحة، و هي منهجية مقلوبة و خاطئة ستؤدي لا محالة لاقتراحات و استنتاجات ناقصة و ضعيفة.
و بالتالي فالاكتفاء بمتابعة المعطيات الطلابية لقراءة تاريخ و أوضاع الحركة الطلابية ثم مستقبلها، لن يفي بالغرض الموضوعي المطلوب، فالقراءة يجب أن تكون سياسية شمولية لكي تتمكن من الإمساك بجميع الخيوط، عملية واجبة على أي تحليل علمي و موضوعي لفهم عمق الصراع و الأطروحات و الأطروحات المعارضة كيفما كان الموقف منها.

توضيحات إضافية

يبدو أن الحماسة الزائدة لدى الرفيق أعمت بصيرته و دفعت به بالتالي للمبالغة في تسليط الضوء على الذات و أطروحة الذات، دون غيرها، كذلك حرصه على تصفية حساباته مع تيار "البرنامج المرحلي" دفع به لإلصاق كل مآسي و أزمات الحركة الطلابية و إطارها إوطم بالرفاق "المرحليين"، و يبدو كذلك أن التكرار، للتأكيد، لبعض المواقف شحن المقال بالكثير من المغالطات و التبريرات مع المبالغة في تكرارها، اعتقد الرفيق أن في ذلك ما يفيد لقبولها و تصديقها!
و ما دمنا دخلنا حرب المعطيات ردا على المقال و مقالات أخرى، فسنتحمل مسؤولية هذه الحرب إلى نهايتها.
فالرفيق أو لنقل تيار الرفيق ـ الكراس ـ حارب و ما زال جميع معارضيه بأطروحته المطلقة و المثالية عن "العمل الوحدوي" و كأنه المخرج الوحيد لحل أزمة الحركة الطلابية و حركة المعارضة السياسية في البلاد، دون أي توضيح لطبيعة هذا التحالف، أطرافه، شروط عقده، برنامجه.. و الأهم من هذا مصداقيته أمام الجماهير الطلابية و طلائعها المكافحة، محولا أطروحته لأسس و ثوابت للتجربة القاعدية.
لقد تكلم الرفيق عن وحدة ـ نقد ـ وحدة كمبدأ اعتمده الطلبة القاعديون و صاغوه في أرضياتهم و توجهاتهم بل ذهب لاعتبار الموقف الرافض "للعمل الوحدوي" و "برامج الحد الأدنى" خارج التجربة القاعدية، التي شكلت ثوابتها و أسسها على هذه المفاهيم! إنه الكذب و الافتراء الواضح.
فالتقييم و التنظير الذي تقدمت به إحدى وجهات النظر داخل التجربة القاعدية ـ الكلمة القاعدية ـ احترمناه و ما زلنا نحترمه لأنه فرٌغ جعبته صراحة و بدون لف و لا دوران، تقييم لا نلغيه من التجربة القاعدية بل نعتبره جزءا لا يتجزأ من التجربة النظرية لحركة الطلبة القاعديين، لكن الفرق هو في عدم اعتبارنا له كتقييم وحيد داخل التجربة، إذ لم يشكل إجماعا طيلة تجربة الطلبة القاعديين، بل هو اجتهاد خاص بالرفاق في المدرسة المحمدية للمهندسين، له من يدعمه و يتعاطف معه في كافة المؤسسات، عبروا عنه من خلال مجلة جمعية المدرسة "أمفي"، و من يقول تجربة المدرسة يقول منظمة "إلى الأمام" و من يقول منظمة "إلى الأمام" لا بد أن يذكر بصدق ما توفرت عليه هذه المنظمة المناضلة من ثقل و تعاطف طيلة فترة السبعينات و إلى حدود النصف الأول من الثمانينات، داخل المدرسة و داخل بعض المعاهد و داخل التجربة القاعدية ككل، دون أن ننسى حدود و نسبية هذه الهيمنة و بالتالي تواجدها إلى جانب وجهات نظر أخرى منتقدة و معارضة ـ نحو اليمين و نحو اليسار ـ.
نذكر الرفاق كذلك بأن هذا التيار قاد و تزعم معارضة و تصفية المجموعات السابقة عنه و التي دافعت هي الأخرى عن "العمل الوحدوي" ـ مجموعة "المبادرة الجماهيرية" 80 / 81 و "مجموعة بنيس" 82 / 83 ـ و عدم ذكرها من طرف الرفيق لا يعدو أن يكون نوعا من المراوغة و الطمس لحقائق مساعدة لفهم التجربة و تاريخها.
لقد أصبح من الضروري و المطلوب مطالبة الرفاق بتوضيح ماذا يعنوه "بالفعل الوحدوي" و "ببرنامج الحد الأدنى" و بالحركة الطلابية و المنظمة إوطم.. بأقصى قدر من الدقة حتى لا نكرر المآسي و الكاريكاتور.
فلا يمكننا محاسبة معارضينا بمبادئ و مفاهيم نؤمن بها لوحدنا و نقصد بها ما نقصد لوحدنا، فالمحاسبة تتم على ما هو متفق عليه و ما هو مشترك من قناعات، مبادئ و تطلعات عامة.. في ظروف محددة و شروط محددة.. فالمفاهيم ليست مجردة و الواقع في تطور و حركته كذلك في تطور.
لأن الرفيق، صراحة، ما زال يصوغ مفاهيمه عن "العمل الوحدوي" و إشكاليات أخرى بطريقة مجردة و مثالية، بعيدة عن واقع الصراع الذي تعيشه الحركة الطلابية، و يحاكم من عارضها بالخاطئ الذي لم يفهم أو فهم فانزلق..الخ و للتدليل، فما معنى اعتبار مواجهة و رفع البيروقراطية شعارا، انزلاقا خطيرا؟ ما معنى أن تمنع الحركة الطلابية و جماهيرها المناضلة و تيارها الديمقراطي بعدم مواجهة البيروقراطية؟ أكنت تريد بالقاعديين أن يدافعوا عن استمرار هيمنة الخط البيروقراطي على المنظمة؟ أهذه هي قناعتك أو هو القدر الأزلي المقدس الذي لا يجب المساس به؟!!
استطرد الرفيق في الكلام عن منطلقاته ـ و ليست منطلقات الطلبة القاعديين ـ في الدفاع عن "العمل الوحدوي" و قدم تعريفا استبلد فيه القراء و المناضلين أكثر مما وضح منطلقاته و أهدافه الحقيقية، تكلم عن مشاركة القاعديين في أجهزة إوطم التحتية و عن النضال جنبا إلى جنب مع اللوائح الأخرى! و لا نعرف أصلا و لا مصدرا لهذه المعطيات التي تبدو لمن عايش التجربة كالخرافة.
لا نعرف ـ و نريد من الرفاق "أنصار الكراس" أن ينوروا الرأي العام الطلابي و بجرأة و مسؤولية في هذا الاتجاه ـ هل كانت فعلا، تمر انتخابات في الجامعة و في اتحادها إوطم أم لا؟ لا نعرف لماذا لم تقدم الجماهير الطلابية أصواتها لهاته اللوائح "المناضلة"؟ و لماذا ميزت القاعديين عن غيرهم؟ لا نعرف لماذا اكتسح الرفاق القاعديين أجهزة إوطم التحتية وقاعة المؤتمر 17؟ لماذا اكتفت اللوائح "المناضلة" الأخرى باستيراد المؤتمرين من مواقع يجهلها الطلبة و يجهلون بالتالي نسبة الطلبة بها ـ الشرق الأوسط و أوربا الشرقية ـ؟ لا نعرف متى تشكلت لجنة التنسيق الوطنية ـ التي هي في الأصل، أي حسب المقرر التنظيمي البيروقراطي، استشارية ليس إلاٌ ـ التي تكلم عنها الرفيق بحماسة مدعيا أن القاعديون اشتغلوا بها تحت إمرة القيادة المتنفذة..!!
مغالطات في مغالطات، ليس إلاٌ، "فقيادتك المناضلة" و لم تشكل مكاتب الفروع و لا لجنة التنسيق الوطنية، هناك أسباب و دوافع متعددة، بعضها تم ذكره و بعضها الآخر و جب توضيحه بما فيه الكفاية و بما يرفع اللبس و الافتراء و التغليط.
أولا لم تكن ترغب القيادة البيروقراطية المتخاذلة، في خلق جهاز وسطي منافس لها، و لو فعلت ذلك لشكل القاعديون من خلاله حينها جهازا قياديا ميدانيا دون تردد.
ثانيا لو حصل هذا كما ادعيت، لما عاندت الجماهير المناضلة و تياراتها الديمقراطية، في فضحها و التشهير بها على اعتبارها قيادة متسلطة و مهيمنة على الاتحاد.
ثالثا، و هذا الأهم، فحين وصل الصراع لأشده فيما يخص الدعوة لتشكيل فرع الرباط، تم الرفض الحاسم لتمثيلية جمعيات المعاهد و المدارس، للاتحاد داخل هذه المؤسسات، من طرف اللوائح "المناضلة" في القيادة.
لماذا؟ لأن التحالف الثلاثي البيروقراطي كان يستهدف حل هذه الجمعيات، ليس لتوحيد الهياكل التنظيمية ـ التعاضديات و مجالس القاطنين ـ كما ادعى وقتها، بل لتصفية ذلك المكسب التاريخي و ما لعبه من أدوار مهمة في الحفاظ على صوت إوطم و تياره الديمقراطي، بعد منعه سنوات 73 / 78، ألا و هو الجمعيات، و قد تبين لمن يفهم عمق الإجراءات و المواقف بأن هناك تواطئات واضحة و ملموسة بين الدولة و أجهزتها القمعية من جهة و بين أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و حزب التقدم و الاشتراكية خلال مراحل عديدة من تجربة الحركة الطلابية المغربية 75 / 76، 78 / 79 و 80 / 81 خاصة تجاه المدرسة المحمدية للمهندسين و ما سيشكله قرار عسكرتها أواخر سنة 81 من ضرب و تصفية لموقع مهم في تجربة الحركة الطلابية و في تجربة الحركة القاعدية و الحركة الماركسية اللينينية، لما شكلته من بعد استراتيجي جسدته تجربة خريجيها من التقنيين و المهندسين الذين احترفوا العمل الثوري مشكلين بذلك، الجسر الضروري بين الفكر الاشتراكي الماركسي اللينيني و طلائع الطبقة العاملة المغربية المناضلة.
أمام هذا الرفض و العناد الذي أوضحنا مراميه لم تتشكل غالبية الفروع و لم تتشكل هيئة وطنية للتنسيق و لم يناضل القاعديون إلى جانب اللوائح بل ناضلوا ضد تقاعسها و انتظاريتها و انتهازيتها و حاصروا بالتالي كل دعاة التنسيق و التحالف اللامبدئي معها، و هذه هي الحقيقة التي لم يجادل فيها قاعديان أو طالبان يحترمان نفسهما.

اللجن الانتقالية و المؤقتة

تعمد الرفيق الخلط بين اللجن الانتقالية الفصائلية القائمة على كوطا حزبية مرفوضة مبدئيا من طرف الطلبة القاعديين، و بين لجن تمثيلية حوارية قادت النضال الطلابي في بعض المواقع حيث تم فرزها من خلال تجمعات جماهيرية و لم يتوانى الرفاق في "البرنامج المرحلي" في الانخراط فيها.
معطى تاريخي وجب توضيحه كيفما كان الموقف من أطروحات و مواقف و ممارسات الرفاق في مجموعات "البرنامج المرحلي". هذا الخلط المتعمد الذي ابتغى به الرفيق طمس بعض الوقائع و الأحداث و المعطيات لتسهيل مهمته في التشهير و التشويه للآراء المخالفة.
و بسؤاله هذا "ما الذي دفع هذه التجربة إلى الانتكاس 88 / 91؟ كنا نريد الجواب من عندك، بعد أن مجٌدت أطروحتك و شوهت بالتالي، الأطروحات الأخرى مقزما إياها إلى مجموعات صغيرة لا قاعدة طلابية لها.. و الحال أن الأطروحة العدمية هي من استمرت في التواجد و العطاء و التضحية..
فبالرغم من تعارضنا المبدئي مع التيار العدمي، فالموضوعية تقتضي الابتعاد عن الكذب و الافتراء و الذاتية النرجسية..الخ صحيح أن الرفاق في "البرنامج المرحلي" لم يستقيموا، على طول تجربتهم الميدانية على أية فكرة واضحة و على أي موقف موحد في مجالات عدة و لم تتوحد رؤاهم قط على فكرة واحدة في التنظيم أو غيره، صحيح أنهم استبدلوا تنظيم إوطم بتنظيم مجموعاتهم.. لكن ليس بالصحيح ما ادعيته و حاولت تعميمه عن تجربة اللجن الانتقالية الفصائلية. و لن تكون لك القدرة على الإفصاح عن طبيعة هذه اللجن، الحقيقية و كيف تشكلت؟
لجن تشكلت على أرضية التواطئات و التنازلات المجانية التي أرادت تحويل الجامعة لمختبر تجارب للتحالفات و الإصطفافات السياسية الجديدة، تجارب العمل السياسي الشرعي و تجارب حروب التصفية لحركات سياسية راديكالية ـ تجربة منظمات اليسار الماركسي اللينيني و بشكل خاص منظمة "إلى الأمام" ـ..الخ
لم تتساءل و لم تتابع تناقضاتك حول الغياب الميداني للفصائل البيروقراطية و شعار الاستنجاد بما تبقى من قيادة المؤتمر 16، بل و بمدى حضور قيادة المؤتمر 16 بكاملها و ما مدى تعاملها مع هذه الشعارات.
و يبدو حقيقة أنكم لم تستفيدوا من التجارب فهل هي غباوة سياسية أم ماذا؟ خاصة حين استخدمتكم هذه التيارات و لمرات عدة، جسرا للوصول إلى الجسم الطلابي، المطرودة منه لسوء تصرفها و لتقاعسها و لتخاذلها و لخيانتها الصريحة لإوطم و لمبادئ إوطم و لمطامح الكادحين و أبناء الكادحين في تعليم جامعي في مستوى تطلعاتهم.
لماذا لم تعمل الفصائل الممثلة في قيادة المؤتمر 16 على تفعيل الهياكل و إعادة الهيكلة قانونا، خاصة بعد أن فتحتم لها الإمكانية و وعدتموها بعدم العداء و التشهير و الفضح.. و أنتم من موقع الأغلبية الجماهيرية؟
متى كانت القوة للمجموعات الصغيرة بأن تمنع و تعرقل عمل "الجبهة" ـ الفصائل الخمسة ـ و هي المدعمة من طرف ما ادعيته بالتجمعات الجماهيرية؟
قد ينقصنا الكثير من النباهة و رحابة الخيال حتى نستسيغ تبريراتك و هروبك من النقاش الحقيقي عن أسباب عجز هذه اللجن عن تحقيق طموحاتها و رهاناتها.. فاللجن هذه، لم تبحث و لم تجتهد في الدفع بكفاحية و نضالية إوطم و جماهير إوطم للمستويات المتقدمة و بقيت تتأمل في مؤخرة الجماهير مستغيثة بفصائل لا حول لها، بل و عاجزة حتى عن قتل ذبابة.
و نذكر الرفاق عن مراحل سابقة لهذا التاريخ أي مراحل 79 / 80 و 81 / 83 حين كانت قيادة الاتحاد الاشتراكي بيمينها و يسارها ـ رفاق مهدي و عمر ـ تعتقل و تؤدب و تحاكم.. دون أدنى ردة فعل نضالية من هاته التيارات، دفاعا عن معتقليها.. فما بالك بمعانقة هموم الطلبة و الدفاع عن الجامعة و التعليم و الاتحاد إوطم.. حقائق وعتها هذه التيارات قبلكم بكثير و استغلت سذاجتكم السياسية لتعطيل نضالات الحركة الطلابية و ليس تقديمها.. و إحدى الحقائق الملموسة التي لم يستوعبها تياركم هي أن دعم الجامعة و نضالات الطلبة و إطارات إوطم بها.. لم يفد قط هذه الفصائل و هذه التيارات بل زاد فقط في تقوية تيارات و مجموعات اليسار الماركسي الثوري داخل الجامعة!
لقد أسستم لحلف بيروقراطي مهادن و متقاعس، و حولتم مهمة هيكلة الاتحاد إلى ساطور شُقت بها رؤوس من يدافع عن نضالات الحركة الطلابية و من يدافع عن مبادئ إوطم و من يتصدى للزحف الظلامي على الجامعة.. بغض النظر عن الموقف من الهيكلة.. فكان أن التفتت الجماهير الطلابية و المناضلين القاعديين حول تجربة "البرنامج المرحلي" ليس اختيارا بين من مع الهيكلة و بين من ضد الهيكلة، بل اختيارا بين من مع النضال و بين من ضد النضال، بين من يريد الارتباط بالجماهير صاحبة المصلحة في النضال و الدفاع عن مصالحها و مصالح الكادحين و بين من مع الأحزاب الإصلاحية التي تمادت في التخلي عن اشتراكيتها شيئا فشيئا لتتحول لقوى لبرالية صريحة تدافع عن الرأسمال و عن الدوائر الإمبريالية المتحكمة في الرأسمال، بمؤسساتها و الأنظمة السياسية التابعة لها في المغرب و المنطقة العربية و الإفريقية ككل..
لقد نبهنا الرفاق منذ بداية المقال أن الرفيق لا يريد بمغالطاته سوى استدراج الرفاق الغير مطلعين عن التجربة، لاستنتاجات تبرئ تياره من أخطائه و منزلقاته و تبرر لطموحاته و تطلعاته الجديدة في لعب أدوار لم يعد كفئا و لا مؤهلا لها كتيار فقدَ من مصداقيته النضالية و الكفاحية الكثير.. في إوطم و في جميع إطارات النضال الجماهيري.
و قد وصلت استنتاجاته الغريبة للكلام عن التقاطب الحاد بين الهيكلة في شكل الانخراط في اللجن الانتقالية و بين الاصطفاف العملي و المدعم للانشقاق الأصولي المشبوه ـ على حد تعبيره ـ ليدخلنا في نقاش به نوع من التعسف و ينم عن نظرة مثالية للواقع و كأنه إما أبيض أو أسود، نقاش لن يفيد سوى في التأكيد على طبيعة الديماغوجية و الذرائعية و لن يقدم نضالات الحركة الطلابية في شيء.
و على عكس ما ادعاه الرفيق، فالرفاق في "البرنامج المرحلي" يقودون السفينة في أغلب المواقع التي ما زال لها ارتباط حقيقي بالنضال الطلابي الإوطمي، على علة قيادتهم السيئة و سوء تدبيرهم للصراع و قصر نظرهم فيما يخص البناء و الهيكلة للاتحاد...
على العكس فتحالفكم "العريض" العجيب هو من اختفى مبكرا من الساحة، انسحاب بخفي حنين جبان و انتهازي، و العودة بالتالي لن تكون بالتشبث بهذا التاريخ، تاريخ الأخطاء و المنزلقات و الرهانات الحالمة.
أليست هناك جرأة لتقديم النقد الذاتي النضالي و الشجاع عن الأخطاء عوض الحنين للأخطاء و التباهي بتجربة الأخطاء، ألا تعد و تجربة "التجمع اليساري الديمقراطي" ـ تيد ـ الحديثة نوعا من الحنين لهذه الرهانات؟ ألا يتساءل الرفيق و تيار الرفيق عن حجم و عدد مبادرات هذا الشكل الجديد من العمل الوحدوي؟ أين مبادرته في الميدان الطلابي و في ميادين جماهيرية أخرى؟ ألم يتم الإعلان عن موته ـ تيد ـ مباشرة بعد خروجه من قاعة التأسيس؟ أليس هذا هو التجريد؟ أليست هذه هي النهاية لمشاريع وحدوية نبتت في الأذهان و في القاعات المكيفة بعيدا عن ساحات النضال و عن القيادة الفعلية لحركة الجماهير؟
فكثيرا ما تبررون مواقفكم بالرجوع لبعض التجارب التاريخية التي قدم خلالها المناضلون بعض التنازلات خدمة لوحدة الإطار، دون أن تكشفوا الحساب عن حجم الخسائر جرٌاء هذه التنازلات.. فأن تتحول تجارب التنازلات لمشجب لابتزاز مقيت تريدون به رهن كل التحركات و المشاريع النضالية فذلك ما لا نقبله.
فليس من النضال قط الدفاع عن خط التنازلات و اعتباره ثقافة ثابتة و مبدأ مقبولا به كيفما كانت الشروط و الظروف و كيفما كانت مضرة و نسبة و قيمة التنازلات.
فمن الصعب جدا أن تكون لنا القدرة على انتقاد الآخرين دون أن نسقط في ممارسة ما انتقدناه من أخطاء، فحين تنتقد الرفاق في "البرنامج المرحلي" في لاستحواذهم على تمثيلية الجماهير الطلابية و الكلام باسمها، و النضال باسمها و باسم الحركة الطلابية و باسم المنظمة إوطم.. فأنت كذلك تتكلم بشكل إطلاقي و مثالي و ذاتي عن مهام تيارك و تجهد نفسك لتحويلها لمهام الحركة الطلابية مبديا بهذا السلوك، نرجسية مبالغ فيها، أعمت بصيرتك و عبرت عن عجزك و عجز تيارك، الواضح، من الاستفادة من الدرس، بل التمادي في تطويع الأحداث دون تحليل و لا بحث علمي و لا تركيب يقدم و يرتقي بالحبكة لمستوياتها المغربية و المشجعة على الفرجة.
أحداث مجردة، بدون تحليل و بدون قراءة موضوعية و متأنية، بدون ربط بما يقع خارج الجامعة من تجمعات و تقاطبات و تراجعات و انبهارات و انتحارات ـ بالمعنى السياسي ـ..الخ
يتكلم عن الجامعة في المريخ و عن التيارات الفاعلة داخل الحركة الطلابية و كأنه يتكلم عن البلاشفة و جماعة سبارتاكوس!
لم يشر لطبيعة التيارات و لحجم إمكانياتها النضالية المحدودة، لم يوضح عمق الخلافات بين التيارات، خاصة تيارات الطلبة القاعديين، و لم يتكلم عن أوضاعهم و تطوراتهم الفكرية، التنظيمية و السياسية.. لم يقدم و لو وصف بسيط للمشهد السياسي بمعطياته الجديدة و بتوافقاته و تواطئاته و تنازلاته الجديدة ـ توافق سياسي بين النظام الحاكم و بين المعارضة البرلمانية المنتظمة في إطار "الكتلة الديمقراطية"، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، تعميم و تمييع خطاب حقوق الإنسان و دمجه في سياسة و قانون الدولة..الخ ـ
لم يتكلم عن العوامل الأساسية و الرئيسية التي أثرت على الوضع السياسي الداخلي و رسمت بالتالي التواطئات و التراجعات.. التي تكلمنا عنها.. لم يتكلم عن تأثير انهيار تجارب الاتحاد السوفياتي و بلدان أوربا الشرقية في محاولاتها لبناء الاشتراكية و خروج الإمبريالية أكبر قوة بعد هذا الانتصار.. لم يتكلم عن دور الإمبريالية في إعادة ترتيب الأوراق و الأولويات و الاصطفافات. في كل بلد بلد، و في غالبية الأقطار.. لم يتكلم عن حملة التجميع اليساري لمناضلي الحركة الماركسية اللينينية بعد تفكك و تلاشي تنظيماتها. و ما أثارته العملية من ارتباك في صفوف المناضلين و كيف انقسم المجمع إلى مدافعين و إلى متجاوزين و إلى مدينين تصفويين
للتجربة.. لم يتكلم عن حجم التأثير على التجربة القاعدية التي انشطرت بعدها إلى مجموعات..الخ لم يتكلم عن كل هذا و يدٌعي التقييم العلمي الموضوعي للتجربة.

أي برنامج لهيكلة أية منظمة؟

"نقابة جماهيرية للطلاب أم منظمة حزبية شبه جماهيرية؟" هكذا استهل الرفيق فقرته، و في طريقة طرح السؤال نتلمس التهرب من النقاش، خاصة نقاش ما طرحه الرفيق صاحب المقال الأصل.
هروب و إصرار على محاكمة نوايا الرفيق "ماركسي ثوري" و استنتاجات قد تكون أو لا تكون، يعني البناء على تقديرات و أحكام قيمة تنجيمية و هو أسلوب مرفوض لأنه لن يقدم النقاشات في شيء و لا الحركة قيد أنملة.
فحين يعجز الرفاق عن نقاش و تقييم أحداث مرت عنها 20سنة، بما يعنيه ابتعاد المسافة و تجرٌد الرفاق من ضغط الميدان ـ و أرجح بقوة أن كلا الرفيقين غادرا الحركة الطلابية و الجامعة منذ سنوات ـ و من بعض الأحقاد الشخصية..الخ فما بالك الآن أمام اشتداد الأزمة و أمام تراجع الفعل النضالي و أمام انحصار الفكر التقدمي في الساحة الطلابية و الجماهير بشكل عام.. ما بالك و الرفاق ما زالوا يمارسون لعبة الحكام على النوايا عوض التحليل الملموس للواقع الملموس و متابعة النقاشات من خلال ما قيل و ليس مما ينوي الآخر قوله، فليس من اختصاصنا علم الغيب، و لا نحاكم الرفاق و التيارات و الأحزاب على ما ينوون فعله أو قوله.. ليست لنا هذه القدرة صراحة و إذا توفرت لك أو لأحد آخر آنذاك سنتنازل عن ماركسيتنا و عن أسسها العلمية و الفلسفية، المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية و يبدو أن للرفيق جهازه المفاهيمي الخاص و المفعم بمفاهيم جامدة، ثابتة، ميتة، إطلاقية.. ينعدم بها الديالكتيك و هي بالتالي خالية من أية حيوية.
فإوطم و الحركة الطلابية و الطلبة أنفسهم ـ من حيث الكم و الكيف و الأصول الطبقية ـ في الخمسينات فترة التأسيس، ليسوا هم بعد انشقاق حزب الاستقلال 59، ليسوا هم جيل انتفاضة 23 مارس و لا هم جيل ظهور الفكر الماركسي اللينيني المنظم و لا هم جيل النضالات العمالية و الانتفاضات الجماهيرية 81 / 82 / 84 / 85 / 90 / 91.. و لن يكونوا بالتالي نفسهم في السنة الخامسة بعد القرن العشرين!
فتحولات عميقة قد جرت في السياسة الإمبريالية و في سياسة النظام القائم بالمغرب، و في المشهد السياسي و الطبقات و النقابات و الاتحادات.. تحولات في بنية الجامعة و فيما يريده الحاكمون من أدوار و مهام لها..الخ و لن نذكر بأن اختبار الآليات بغض النظر عن الشروط و الظروف الذاتية و الموضوعية المحيطة لن يكون أقل من مضحك إذا صدر عن تيار ضعيف و هامشي، و قاتل إذا صدر عن تيار قوي مكافح مسنود بقاعدة جماهيرية مناضلة.
ليس المجال كذلك هنا لدحض النظرة التجريبية أو النظرة الطٌهرانية المتقية للأخطاء و المكتفية بالفتاوي بعد الانطواء و الانزواء في الركن، و ليست الحكمة في الكلام عن التجارب الذاتية دون بحث السياق العام الذي عايشته كتجربة و دون تجريد للذات و دون الكلام بطريقة جربنا كذا و كذا و لم يصلح، اخترنا كذا و كذا و لم نوفق.. عشرين سنة من التجارب الفاشلة! ما المخرج إذن؟ أهكذا تقدرون التجارب؟
و لماذا لا نقول بأن الأقوام قبلنا جربوا الثورات و الانتفاضات و لم ينجحوا، و الطبقة العاملة أنجزت و منذ عشرات السنين ثوراتها و كموناتها و مجالسها بباريس، موسكو، بترسبورغ، فرانكفورت، ميلانو، شنغاي، كانتون.. و فشلت، شعوب كادحة حاولت بناء الاشتراكية و لم تفلح، عمال، كادحون و مثقفون ثوريون حاولوا بناء حزبهم الشيوعي و تقهقروا.. فهل هناك من داعي لإعادة التجارب، أم لا؟
جوابكم حسب منطقكم غير السليم هو لا، و جوابنا وفق المنهج الماركسي النقدي هو نعم بعد التقييم و التقويم و البحث في المعيقات و أسباب الفشل الذاتية و الموضوعية..الخ
"و فورا بعث ماركس في 17 نيسان 1871 إلى كوغلمان تأنيبا قاسيا قال فيه: سيكون من السهل جدا صنع التاريخ العالمي، إذا كنا لا نخوض أي نضال إلا إذا كنا واثقين كل الثقة من نجاحه"... و استطاع ماركس أيضا أن يرى بأن هناك لحظات في التاريخ يكون فيها نضال الجماهير اليائس، حتى و لو من أجل قضية يائسة، ضروريا لتصليب عود هذه الجماهير نفسها فيما بعد، إعدادها للمعركة القادمة"، لينين ـ مقدمة رسائل ماركس لكوغلمان.
و حول آفاق العمل من أجل هيكلة إوطم من القاعدة إلى القمة و بنفس الضبابية المفرطة حاول الرفيق مرة أخرى "إننا نؤكد على إعادة بناء إوطم كمنظمة نقابية للحركة الطلابية، أي المنظمة القائمة على مبادئها الأربعة.. لبناء منظمة حزبية لا يشكل العمل النقابي... و السياسي" طرح تصوره الغامض عن الحركة الطلابية و المنظمة إوطم مدعيا انتقاده لتصور آخر، و النتيجة طبعا، زادت الغموض بحيث لم نفهم تصور الرفيق و لا التصور الذي يعارضها و بهذا لن يتقدم النقاش في شيء و لن نتمكن بالتالي من وضع اليد على أقرب الإجابات إلى طموحات الكادحين و الطلبة أبناء الكادحين فقط التخويف و التهديد بالانشقاق "ربما للتقسيم... تفريق الحركة الطلابية و إقبار الوحدة النقابية" مرة أخرى كلام عن المريخ و ليس عن الجامعة المغربية.
فإذا كنت ترى التقسيم هو أن يستفرد التيار بمعاركه الخاصة و بمواقعه المحصنة الخاصة، فنعتقد أن كل التيارات و بدون استثناء تنتج و تعيد إنتاج هذا الوضع و تكرسه، و حين نتكلم عن التيارات لا نتكلم بالطبع عن التيارات الظلامية و التي نعتبرها خارج إوطم ـ و إن كانت جزءا من الحركة الطلابية ـ أما إذا خصصنا و دققنا في نوع الحركة الطلابية التي نتكلم عنها أي الحركة الطلابية التقدمية المؤهلة للعمل داخل إوطم فلن نجد سوى مختلف التيارات و المجموعات المنبثقة من التجربة القاعدية بما فيها تيارات الأممية الرابعة، إضافة لأحزاب النهج الديمقراطي، الطليعة الديمقراطي ـ الاشتراكي و الاشتراكي الموحد، بهذا نعتبر الحديث عن الأحزاب الحكومية لم يعد ذي موضوع و لا نفهم على أية أسس ما زال البعض يجتر الحديث عنها، خاصة بعد أن أدارت ظهرها لإوطم و فضلت العمل من داخل مؤسسات و آليات الدولة الطبقية ـ حكومة، مجالس الكلية، هيئات عليا لإصلاح التعليم..الخ ـ لماذا الاستنجاد بها؟ هل هي إجابة أو نوع من الهروب من الإجابة؟ هل لتاريخها "المجيد" أو لقاعدتها الطلابية، أم لرغبتها الجامحة في المشاركة في النضال من أجل بناء إوطم و من أجل الدفاع عن مصالح الطلاب بما فيها تطلعاتهم للمشاركة في معركة التحرر و القضاء على نظام الاستبداد و الاستغلال..؟
ليست الوحدة النقابية بالمعطى المطلق أو الثابت بل هي نسبية خاضعة لموازين القوى في كل مرحلة مرحلة حسب البرنامج، الملف المطلبي أو الشعار.. هذا إذا تكلمنا بشكل مجرد عن النقابة و العمل النقابي الذي يؤطر الصراع حول فائض القيمة، أما نضالات الطلبة و فئات اجتماعية أخرى ـ مستفيدة من فائض القيمة المستخلص من عرق و دماء الطبقة العاملة ـ فلها ميكانزماتها الخاصة و اعتباراتها الخاصة، بحيث إذا تكلم الماركسيون مثلا عن الديالكتيك الاقتصادي و السياسي داخل نضالات الطبقة العاملة، أي ديالكتيك الصراع ضد الباطرون رب المعمل من أجل تحسين شروط الشغل و الزيادة في الأجور، و الصراع ضد الدولة البرجوازية و مؤسساتها الحكومية و التشريعية من أجل تغيير قوانين الاستغلال أي من أجل الحصول على مكاسب متعلقة بمدونة الشغل، ساعات العمل، التعويضات، التغطية الصحية..الخ فذلك لم يكن سوى تعبيرا عن مهام لمرحلة تاريخية من مراحل الثورة، و كلما تغيرت الظروف بالتقدم أو الانتكاس تغيرت المهام و بالتالي التعريفات للعمل و النضال النقابي..الخ و نعتقد أن هذا من مسلمات المنهجية المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية التي يكن لها الاحترام و التقدير، على ما أعتقد، كاتب المقال و صاحب الرد.
أما النضال الذي تخوضه الحركة الطلابية و إن اعتبرناه مجازا نضالا نقابيا فلا يمكن الاستخراج منه الشق الاقتصادي المحض و الشق السياسي المحض، فكل نضالات الطلبة تخاض ضد جهاز الدولة و ليس ضد باطرون ما، و إذا قمت الجماهير الطلابية بإضراب فلا تعطل ماكينة الإنتاج و لا تلحق بالتالي أضرارا مباشرة بأحد من المستغِلين الرأسماليين، يعني لا تصارع الجماهير الطلابية ضد شروط الاستغلال و بالتالي فأضرار الإضراب ليست بالاقتصادية بل هي سياسية محضة تربك و تخلخل سياسات الدولة و رهاناتها في ميادين عدة.. أما إذا توفقت الجماهير الطلابية و حققت من خلال و بفضل نضالاتها مكاسب مادية كالمنحة مثلا التغطية الصحية، السكن الجامعي، تغذية و مطعم جامعي... فإنها تنتزع ذلك من ميزانية لا حق للحركة الطلابية في تحديدها و لا نقاشها و لا في محاسبة المسؤولين عنها.
إشكالات نظرية حقيقية وجب تدقيقها، و لن نعتبر أن الإجابة عنها كانت نهائية في يوم من الأيام، فقط النقص في الجرأة و ضغط الأحداث.. هو من أسس لبديهيات مثالية و لإسقاطات نظرية دفعت بنا لنبذ كل من يقترب من النقاش فيها أو المساس بها.
و نعتقد أن الوقت حان لتدقيق المفاهيم و تدقيق الاقتراحات عوض الاختباء وراء الكسل النظري و السياسي، وراء النرجسية القاتلة و خطاب الرفيق هنا يشكل إحدى النماذج المرضية و نذكره مرة أخرى بأن تياره ـ "الكراسيون" ـ هو من صنع و كرٌس الحزبية داخل تجربة الطلبة القاعديين، و كان الأجدى و الأجدر أن يذكر الرفاق بنوعية و شكل تصرف رفاقه المؤسسين مع تجربة الطلبة القاعديين و كيف ارتزق بشكل دنيء بشهدائهم ـ نموذج بلهواري و الدريدي ـ من خلال وثيقة "الكراس"، لماذا قفز رفاقه عن تجربة القاعديين؟ و لماذا حاولوا فرض تصورهم و برنامجهم على القاعديين؟ لماذا لم تكن لهم الجرأة لفتح النقاش الديمقراطي الرفاقي و الجماهيري يعني من داخل الهياكل التنظيمية الخاصة بالطلبة القاعديين و من داخل هياكل إوطم و ساحة الجامعة؟ لماذا التجاوز لبرنامج الطلبة القاعديين ـ البرنامج المرحلي لسنة 82 ـ دون استشارة و لا نقد و لا شرح لدواعي التجاوز، مع العلم أن مساهمتهم كانت أساسية في صياغته!؟ أرشدنا أيها الرفيق كيف التصرف مع رفاق يشتغلون معك داخل هياكل منظمة و مسؤولة على أرضيات، برامج و شعارات واضحة.. و فجأة تصطدم بوثيقة توزع باسم الطلبة القاعديين تتخللها تحاليل و مواقف و تصورات لم تشكل إجماعا داخل التجربة، بل و الخبث كل الخبث هو في تعارضها الجذري و الجوهري مع مواقف الشهيد مصطفى بلهواري ـ و هنا لن أدعي شخصيا أنني كنت من مناصري بلهواري و مجموعته، التي لم تشكل مواقفها نوعا من الإجماع داخل الطلبة القاعديين، كنا على خلاف معها في مجموعة من المواقف، نفس الشيء بالنسبة للرفاق مناصري التيار المشرف على "الكراس"، مع احترام رفاقي لجميع وجهات النظر دون التنازل عن الصراع الديمقراطي الداخلي المسؤول ـ
ذكرنا بهذا لسبب بسيط، هو أن نبين الفرق بين الممارسة و الادعاء، الادعاء لأشياء لا تتوفر في تياركم أصلا، فإذا كان تياركم يدٌعي الوحدوية فوحدويته لم تكن تجاه المناضلين الطليعيين المكافحين من أجل إوطم قوية، أي تجاه الطلبة القاعديين و تجاه القواعد المناضلة و الثابتة في الميدان، بل كان وحدويا تجاه التيارات الحزبية التي لا تتوفر على قاعدة و لا على استعداد لخوض النضالات من داخل أجهزة إوطم أو من خارجها، تحاولون خلق الأوهام و نشر الافتراءات ليس إلا، كقولكم أو كلامكم عن القيادة الغير منسحبة!! فإذا كانت الجماهير الطلابية قد عجزت عن العثور عن قيادة قبل الانسحاب فكيف لها أن تعثر على عضو واحد خلال فترة الملاحقات و الاعتقالات و المحاكمات ـ وصلت الأحكام لـ 30 سنة غيابية لمجموعة من مناضلي و مسؤولي إوطم سنة 1984، ضمنهم عضو القيادة بوعيش مسعود ـ و الرفيق الآن و نحن في سنة 2006 ما زال يراوغ و يمانع في التقدم بنقد ذاتي حول مسارات تياره الانشاققية التقسيمية، و ما زال يفتري على الرفاق في "البرنامج المرحلي" ـ و إن كنا نعارض العديد من مواقفهم و ممارستهم فمعارضتنا لكم أقوى، لأنكم تيار حزبي منظم و مسؤول، أما الرفاق في "البرنامج" فمحاكمتنا لهم تراعي وضعهم المدرٌر لمجموعات، تراعي قلة التجربة التنظيمية أو انعدامها لديهم، تراعي ضعف قياداتهم المشكلة في غالبيتها من مناضلين طلبة ذوي التجارب السياسية المحدودة أو المنعدمة و ذوي المقدرات النظرية البسيطة كذلك، قيادات في غالبها أفرزها ميدان النضال و ساحات المعارك تحاول الإجابة عن الإشكالات بوعي قريب من الحسي و بعيد عن الإجابة العلمية الناضجة المتأنية و المسؤولة، نشاطرهم بعض الآراء و ننتقد بعضها الآخر و لكن ليس بتلك النظرة الافترائية التي وضعتهم فيها إلى جانب "العدل و الإحسان".
فإذا كان التنظيم الطلابي "النقابي" و "الوحدة النقابية" المزعومة كشعار مرفوع من لدنكم، مقابل التعددية النقابية و البلقنة التي تخافها، فالأفكار و المواقف التي عبرت عنها حملت تخوفات أخرى، تخوفات انصراف أحزاب الاتحاد الاشتراكي، التقدم و الاشتراكية، حزب الاستقلال و نقابته الاتحاد العام، "العدالة و التنمية" و نقابتها منظمة التجديد، جماعة "العدل و الإحسان" و اتحادها المزعوم، أحزاب البصري و هياكلها الوهمية..الخ فمكانك سيكون خارج إوطم التقدمي و خارج الطلبة القاعديين و سيصعب آنذاك الدفاع عن حقكم في الوجود أو التضامن معكم فيما ستتلقونه من حصار و تعنيف، ليس لأننا مع العنف، لكن حين يكون التحالف مع أنصار العنف و مع الأحزاب الحكومية المسؤولة على قمع و اعتقال و قتل الطلبة.. إذاك سيكون من الواجب توضيح الصف الذي ننتمي إليه و توضيح إطار الخلافات و الاتفاقات التي يمكن أن تجمعنا.. فلا نومن نحن الماركسيون اللينينيون بالإطارات الصنمية التي خلقت للعبادة و التقديس، نومن بإطار يعبر بصدق عن مصالحنا التي هي مصالح القاعدة الغالبة من أبناء الكادحين، إطار تقدمي مناضل من أجل تعليم يجيب عن تطلعاتهم و من أجل مستقبل لهم و لآبائهم و أبنائهم يضمن شروط العيش بكرامة و حرية و ديمقراطية تحت قيادة سلطة منهم و إليهم.
و يتابع الرفيق تحليله للأوضاع الطلابية باسطا وجهة نظره القاهرة حول الحركة الطلابية و تصوره الخاطئ لبناء و هيكلة إوطم، إوطم الهلامي الذي يضم الجميع! تحت خطة بئيسة سماها "بالعمل الوحدوي"، وحدة بدون مبادئ و لا تسير نحو أية أهداف نضالية واضحة.. إنه التحليل الذي لا يوجد بعده تحليل، منهجية صورية يمكن أن نسميها أي شيء إلاٌ المنهجية العلمية المعتمدة على المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية، المنهجية التي تعتمد صراع الطبقات و المصالح داخل جميع فضاءات المجتمع، منهجية لا تعترف بالطلبة ككتلة منسجمة بل كفئة اجتماعية، غالبيتها المتضررة و المناضلة من أبناء الكادحين و صغار المستخدمين و الموظفين و الفلاحين الفقراء و الحرفيين.. و إذا كان الرفيق يتوهم بأن كل الطلبة لهم مشاكل مع السياسة التعليمية و مع طريقة فرضها أي بالطرق الاستبدادية القمعية، فيمكن أن نقول بأنه لم يكن يوما ماركسيا و لا طالبا و لا من الطينة البشرية حتى، البشرية التي تعيش عصر التناقضات الصارخة.
فهل يعلم الرفيق بأن خلال فترات الوجود الرسمي و القانوني لإوطم كان من الطلبة من يصوت ضد إوطم و لجنه و قاعدييه، كان من الطلبة من درس و تخرج دون أية مشاركة إوطم في نقاشاته و نضالاته و ندواته و أمسياته الشعرية و الغنائية..؟ هل تعلم بهزالة الأرقام الانتخابية في العديد من المؤسسات الجامعية آنذاك؟ هل تعلم بأن العديد من الطلبة أداروا ظهورهم لإوطم و منهم من اختار "الاتحاد العام لطلبة المغرب"، الحي الجامعي السويسي الأول و المدرسة الحسنية للمهندسين، نموذجين؟
و الحال أن الوضع يختلف الآن بشكل جذري، فما يؤرقنا هي الأزمة التي تعرفها العلاقة التي تربطنا كتيارات و مجموعات و أصوات تقدمية بالطلبة أبناء الكادحين و ليس من تطلعاتنا في شيء تمثيل عموم الطلبة باختلاف أصولهم و مشاربهم السياسية و الطبقية، فكيف السبيل لبناء وحدة إوطمية معتمدة على المبادئ الأربعة و على مناهضة "الميثاق" و كل السياسات الطبقية البرجوازية في ميدان التعليم و على ربط نضالات إوطم بالنضال ضد نظام الظلم و الاستبداد و الاستغلال الطبقي و ضد الهيمنة الإمبريالية و الصهيونية على المنطقة و على سائر مواقع النضال التحرري؟

تساؤلات عن اقتراح الجبهة الديمقراطية للطلبة التقدميين

"فعلى الواجهة النقابية و التنظيمية يجب على خط النضال الديمقراطي الجماهيري.. التنظيم الذاتي للجماهير.. الجبهة الديمقراطية للطلبة التقدميين"
بهذا استهل الرفيق عرض مقترحه لاستنهاض الفعل الهيكلي من أجل بناء إوطم و أعتقد أن أطروحات من هذا النوع لم تعد تغري أحدا خاصة و أن لتيار الرفيق تجارب ميدانية خارج الجامعة لا تعترضها نفس الضغوط و المعطيات ـ الطلابية و الجامعية ـ و قد فشلت كلها و خفتت الأصوات التي دافعت عنها منذ بداية الثمانينات، لأن العبرة ليست بالاقتراحات البراقة و الأسماء المسروقة من تجارب سابقة، داخل تجربة المغاربة أو غيرهم، بل العبرة هي في كون المقترحات يجب أن تعكس و لو بشكل نسبي واقع الجامعة و بنيتها و درجة تطور الحركة العاملة داخلها و قوة الأطراف المؤهلة للدفاع عنها أو لمناهضتها..الخ كما يجب كذلك و هذا هو الأهم القطع مع جميع تلاوين الخطابات الشعبوية المقيتة التي تكلمت و ما زالت عن خط الجماهير و عن التنظيم الذاتي للطلاب..الخ و حين تنتظر منها الاقتراحات تجدها إما تختزل الجماهير في ذاتها هي، و هذا ما يمارسه الرفاق في "البرنامج المرحلي" و إما الكلام عن الجماهير الهلام ذات المصلحة الواحدة و المطالب الواحدة و الطموحات الواحدة!..الخ الجماهير التي لا تخترقها التناقضات و لا التباينات.. تحتاج فقط لوصفة سحرية "عمل وحدوي" "جبهة ديمقراطية" "تنظيم ذاتي" لحل أزمتها و لتحقيق طموحاتها..الخ
لا أيها الرفيق فخط النضال الديمقراطي و الجماهيري لا يراوغ و لا يتحايل بالكلام المشعوذ، يتكلم عن التنظيم الذاتي للطلاب و تبدأ الجرأة العملية من جبهة التيارات السياسية! "حق أريد به باطل" فلماذا لا تبدأ الأمور من مهمة تشكيل مجالس للطلبة المناضلين على أرضية واضحة تؤطرها مبادئ إوطم مهام الدفاع عن الجامعة و مناهضة الميثاق و محاصرة المد اللبرالي، الظلامي و الرجعي..الخ؟ لماذا نخاف المنافسة الميدانية، مع أعداء إوطم و عوض هذا ندعوهم للمشاركة مخافة التعددية و التقسيم النقابي؟ لماذا لا ندعو للتمثيلية الطلابية الجماهيرية و آنذاك ستبين الممارسة النضالية و الميدانية من هي إوطم الحقيقية و من هم المدافعون عنها و عن تطلعات الكادحين في الجامعة؟

بناء الجبهة الديمقراطية.. لماذا و كيف؟

و نعتبر أن ما تقدم به الرفيق خلال هذه الفقرة لا يعدو أن يكون مزايدة و تضليل، فحقيقة اختياراتكم التي خبرها الجميع داخل إطارات أخرى نقابية، جمعوية ـ معطلين، حقوق الإنسان، أطاك ـ.. أزكمت رائحتها الأنوف، فإذا كانت "وحدويتكم" و "عملكم الوحدوي" ينتهج الكوطا السياسية و يقصي المخالفين لآرائكم السياسية و يشهر بهم.. فما بالك بالجماهير و الأفراد المناضلة و المستقلة عن أي تيار! و ما هي نسبة حظوظها في الانتماء التسيير و القيادة لأجهزة الاتحاد؟
مبدئيا لسنا ضد الاقتراح و لسنا ضد فكرة "الجبهة"، على العكس فنحن نثمنها و ندعمها مع انتقاداتنا البناءة لبعض مراميها، و اقتراحاتنا التعديلية لبعض الجوانب فيها، و لتوضيح رؤيتنا أكثر يمكن الرجوع لوثيقة التوجه القاعدي: المنطلقات و الأهداف، مع التذكير أن الرفاق في التوجه القاعدي سبق و أن تقدموا بنظرتهم كتجسيد ميداني لهذه الفكرة و لهذا التصور و لم يسايرهم أحد في ذلك، بل أن الرفاق في تياركم كانوا لحد هذه السنة 2005 / 2006 من أشد المهاجمين و المتكالبين على هذه التجربة الفتية.. رغم العمل و التنسيق مع البعض من قيادتكم القديمة و الجديدة و رغم الدعوات المتكررة لكافة الفصائل القاعدية للاشتراك في نقاشاتهم و أسابيعهم الثقافية الإوطمية..الخ فجميع التيارات و بدون استثناء كانت تحضر متخفية لأنشطة التوجه القاعدي مخافة أن تحسب عليها المشاركة / الخطيئة بما فيها جميع مجموعات "البرنامج المرحلي" و تيارات الأممية الرابعة الأربعة!! و بهدف استقطابي صبياني و دنيء حضرت الأسماء و الألقاب.. لتقاطع و تدين بعدما تبين لها استحالة تحقيق أهدافها! فأين الروح الوحدوية؟ أين هي المبادرات الإيجابية التي تدين الممارسات الاستئصالية العنيفة و التي تذهب في اتجاه فتح الفضاءات الواسعة للنقاش و النضال و المسؤولية الجماعية و إشراك مجموع الطلبة الإوطميين من حيث الانتماء، المسؤولية و القيادة.
قلنا بأننا نتفق مع جوهر الاقتراح إلا أن البعض من جوانبه ليست دقيقة بالمستوى المطلوب، خاصة مسألة "المؤقت" أو "المسؤول المنتخب"، فالفرق واضح و المرامي واضحة كذلك بالنسبة للموقفين.. و من جانبنا نضيف ضرورة الهيئة التنفيذية أو تمثيلية المجالس بمكاتب أو سكرتاريات منتخبة و مسؤولة و غير خاضعة لمنطق الكوطا، كذلك نضيف مدة التمثيلية التي لا يجب أن تتجاوز السنة ليتم التجديد للمجلس و سكرتاريته، و يجب كذلك أن تشرف السكرتارية السابقة، على الدعوة للمجلس الجديد في بداية السنة الجامعية و أن يتوفر الحق لكل الطلبة المناضلين و الملتزمين بما ستشكله أرضية من انطلاقة في الانتماء و الانخراط فيه.. يعني تدقيقات يمكن التقدم باقتراحات فيها أو عقد ندوات بمبادرة من أحد التيارات المدافعة عن هذا التصور، كما نذكر بأن المبادرة لا يمكن أن تجمع من البداية كل التيارات و بالتالي لا يمكن أن نبني فشلنا على معارضة الآخرين، فالمعارضة نعتبرها من الآن قائمة و طبيعية.
كما نعلن للرفاق أننا نرفض و من البداية أن تتحول الهيكلة لهدف في حد ذاته، و أن تصبح مهمة أساسية و رئيسية على حساب مهمات النضال الميدانية، أو ليتحول لمشجب و مهرب من تحمل المسؤولية بدعوى إنجاز الهيكلة كخطوة أولى.. فالهيكلة آلية، وسيلة و جسر سيربط بين المنطلقات، المهام، التطلعات، البرامج، الشعارات، الملفات المطلبية.. و الإنجاز أو التحقيق الفعلي لنسبة معينة من هذه التطلعات.. ليست مخبأ للتيارات التي تحاول اختبار أطروحاتها الفاشلة خارج الجامعة أو التي تحاول تجاوز قوقعتها السياسية بالرجوع للميدان الجامعي الطلابي.
كما ننصح الرفاق بالابتعاد عن عوامل التفجير التي لا تشكل إجماعا بين مختلف التيارات و المجموعات القاعدية، كالعمل مثلا، على بناء نوادي حقوق الإنسان بالجامعة، التي تنادي بها تيارات دون أخرى.. فمن حق التيارات أن تهيكل باسمها، ما تشاء، و من داخل الجامعة.. كلجان حقوق الإنسان، لجان التثقيف الاشتراكي، لجان دعم العمل الثوري البروليتاري..الخ لكن ما نناقشه الآن و ما نعمل عليه الآن هو بناء إوطم كاتحاد يجمع آراء و مواقف مختلفة حول قضايا و مهام مختلفة، حده الأدنى هو مبادئه الأربعة و مهامه المباشرة هي الدفاع عن الجامعة كمكسب شعبي ديمقراطي و العمل على تحصين الحركة بها من الفكر الظلامي، الرجعي و اللبرالي.
و عن نظرته للقوى الظلامية و وضعها داخل الجامعة و علاقتها بالاتحاد إوطم "النضال من أجل إقبار الهياكل التقسيمية للعدل و الإحسان"
و في متابعتنا لهذه الفقرة اتضحت مستويات السطحية و سوء التاكتيكات المقترحة، و الابتعاد عن المنهجية العلمية في التحليل، إذ نرى من جهتنا نحن أن أحسن وضع و أحسن خطة هي الدفع بالتيارات الظلامية جميعها للعمل داخل إطاراتها الطلابية الخاصة و هو ما سيسهل تطويقها و ليس إقصاءها كما يدٌعي الرفيق، فليست التيارات القاعدية من يلغي الطبقات الاجتماعية و تعبيراتها السياسية من الوجود، قد نقلص من قاعدتها و نقزم البعض من تمثيليتها التي لا تتناسب و الأصول الطبقية للأغلبية الملتفة حولها.. لكن أن نتوهم بحل تنظيماتها و آلياتها فقط بوحدتنا ـ التي لا يجب أن تقدر خارج المصالح المؤقتة و موازين القوى المتغيرة باستمرار..الخ ـ فنحن مع المحاصرة و التطويق و تقليص القاعدة التي تتمتع بها تيارات الظلاميين و التي عرفت تراجعا و تقهقرا ملموسا خاصة بعد أحداث 16 ماي الإرهابية، و لن يغطي تقهقرها عملية النفخ الاصطناعية التي يمارسها بعض الصحفيين و المثقفين المرتزقة و الرعاديد.. و ما استنجاد نادية ياسين بمراكز القرار الإمبريالي الأمريكي إلا استئجار لمضخة قادرة على النفخ أكثر.
و كثيرا ما تستفيد القوى الظلامية من أوضاع و حسابات نخلقها أو نساهم فيها نحن اليساريون و القاعديون، أوضاع تستفيد منها التيارات الظلامية إما بسبب الفراغ أو بسبب الخلط الذي يحسب كل طالب أو طالبة متدينة على الصف الإخوانجي، أو بسبب التقاعس الميداني لبعض الأطراف الغائبة تماما أو المكتفية فقط بنشر الكراسات و بإقامة الأيام الثقافية..!
فالمحاصرة يجب أن تكون بالنضال و التواجد الميداني، و بالمتابعة لمشاكل الطلبة العديدة المتعددة، و بالارتباط و التواجد مع الطلبة في أقسامهم، مراقدهم، مطاعمهم و حافلاتهم.. بتشجيع الهياكل القاعدية و التمثيلية الديمقراطية البعيدة عن الكوطا السياسية، بالمنافسة الإيجابية ضد التيارات الظلامية و ليس بمناهضة النضالات الطلابية الجماهيرية فقط لأن الإخوانجية هم من سبقوا و بادروا لإعلان و لقيادة المعارك المطلبية للطلبة.. بنبذ العنف داخل الجامعة و بإعمال النقاش الديمقراطي مع توفير كل الفضاءات لذلك، أي بما يسمح بقارعة الأفكار الظلامية و منع انتشارها.. نكون قلصنا و حاصرنا الفعل اليميني الظلامي، هذا و دون أن نساهم في نشر أية نظرة مثالية عن التيارات الظلامية التي من طبعها العنف و الإرهاب و الفاشية و العداء الاستئصالي للتيارات الاشتراكية و بشكل خاص مجموعاتها الماركسية اللينينية.
و ماذا عن الأفق؟ ماذا عن الوصفة التي سترص الصفوف الطلابية و ستوحدها؟
اقتراح آخر، حابل هو الآخر بالألغام المفجرة و بنظرة استبلادية للجماهير الطلابية و استبدالية للطاقات الفاعلة و للتيارات المناضلة داخل الجسم الطلابي "بالشخصيات الحقوقية المشهود لها بالنزاهة" على اعتبار أن بنية الهيئة الوطنية المقترحة لا تعكس حقيقة الأقطاب الفاعلة و المتصارعة داخل و من أجل إوطم، و بالتالي فاقتراحنا يجب أن يتشكل من مبادرات أولية في المواقع المحصنة لكل تيار تيار، و تتقدم كافة التيارات و المجموعات باقتراحاتها و تعرضها في ندوات و مجالس للمناضلين الطلبة و تتوسع التمثيليات لتصبح تنسيقا و هيئات وطنية فعلية منبثقة من الجسم الطلابي المناضل، آنذاك سنتلمس مدى استعداد "الفعاليات" التي تكلمت عنها لتدعيم هذه الدينامية، مدى استعداد وقوف "الهيئة" و الشخصيات الحقوقية للوقوف إلى جانب الطلبة و اتحادهم و حركتهم التقدمية، مدى استعدادهم للوقوف حقا ضد الأطروحة الظلامية و للعمل على تنسيق التضييق عليها من داخل و من خارج الجامعة و ليس الرقص على حبلين بالتنسيق من خارج الجامعة و بالمعارضة داخلها ـ راجع مواقف الحزب الاشتراكي الموحد و تصريحات قياداته، ممارسات "الطليعة" خلال انتخابات هيئات المحامين و النقباء، راجع كذلك بعض مقالات الحريف كاتب النهج الديمقراطي خاصة عدد الجريدة 77.
و لتسطير المهام النضالية المباشرة سلك الرفيق مرة أخرى الدرب الذي لا مخرج له، درب التهرب من هياكل إوطم الاتحادية و الاعتماد فقط على خطته و مهمته الإستئصالية للقوى الظلامية و قد بينا خواء الخطة و اعتمادها على المزايدة و على الرقص على حبلين و الجلوس على كرسيين، فلا يمكن أن تنجح الخطة بل ستغرق الحركة الطلابية في المزيد من الدموية و احتراف العنف، الشيء الذي سيقوي التيارات الإرهابية الفاشية و ليس التيارات الإوطمية الديمقراطية.
فعدم الاعتراف بأحقية الطاقات الجماهيرية في قيادة النضال الطلابي بالتمييز بين الجبهة و المجالس النقابية الموسعة هو نتاج لرؤية بيروقراطية هيمنية و قاصرة لنضال إوطم داخل الجامعة و لقوة الطاقات الطلابية غير المقتنعة ببرامج و تصورات التيارات المشكلة، و جهل واضح لطبيعة العمل الجماهيري و النضال الطلابي و حيثيات نشوء التجربة القاعدية.
فيجب على التيارات المناضلة عدم الخلط بين اللجان المتعددة المؤقتة و التي يحدٌد لها من أسسها من الطلبة و ظائفها المحددة و الواضحة، و أرضياتها و برامجها الواضحة كذلك، و بين هياكل الاتحاد التمثيلية الثابتة و الدائمة بين محطتين، فلا يمكن الكلام عن لجان تمثيلية مؤقتة للحوار أو للمعارك و الإضرابات دون الشرح لدواعي عرضيتها و لا يجب خلطها مع هيئات إوطم و لا يجب الخلط بين اللجان التقنية أو التكنيكية المساعدة لعمل إوطم من أجل إنجاح معاركها و بين هياكل إوطم التي يجب أن تخضع لقوانينه الأساسية و الداخلية، و لبرامجه و تصوراته بين محطتين تنظيميتين مسؤوليتين يمكن أن تكون مجلسا تنسيقيا أو مؤتمرا..الخ.
فحين تتوصل إوطم للتحكم و الهيمنة داخل الجامعة كممثل وحيد للطلبة آنذاك لن يكون الكلام عن اللجان المؤقتة، و لن يحق للطلبة آنذاك إنتاج لجان وظيفية خارج قوانين إوطم المسطرة داخل مقرره التنظيمي الداخلي المصادق عليه في آخر مؤتمر.
خلال الوضع الحالي يمكن لِلٌِجان أن تعبر عن موازين القوى ما بين إوطم التقدمية و ما بين تمثيلية التيارات الظلامية خلال معارك الطلبة التي سيجد فيها قياديو الطلبة، التقدميون، نفسهم يتقاسمون المعركة مع الظلاميين.
و الحال أن هذه السيناريوهات كثيرة و تقع كل سنة في الميدان، إلا أن التعامل معه يختلف حسب الحالات و حسب المتدخلين، فهناك من ينقلب على المعركة بمجرد سماعه لمشاركة الظلاميين فيها أو تبنيها، فيخسر المعركة و يخسر الطلبة طبعا، و هناك من يتجرأ ليتحمل مسؤولية المشاركة في لجنة الحوار المؤقتة، المنتخبة أو المفوضة من جمهور الطلبة المشارك في المعركة، لكن إقدامه على هذه الخطوة يكون في الغالب مرتبكا و غير واضح أو مؤسس.. و يقع بالتالي في شراك الخطيئة التي يصعب تبريرها، و قد تجلب عليه و على المنخرطين فيها الإدانة و "الحسم الوطني" من طرف رفاقه! دون تقدير لإيجابيات الانخراط و لا طريقة الاستفادة منه لتوسيع قاعدة إوطم و لا لحجم المكتسبات الطلابية المادية و المعنوية المحصلة..الخ
و نذكر الرفاق الطلبة بأن جميع التيارات اليسارية، الإصلاحية و الثورية، بما فيها التيارات الماركسية اللينينية و الماوية و التروتسكية تشترك مع التيارات الظلامية ليس من داخل لجان مؤقتة بل من داخل مكاتب تمثيلية بالنقابات، بجمعية المعطلين، بهيئات المستخدمين و الموظفين..الخ دون أن يثير لها ذلك حرجا و دون أن تبحث له عن تبرير أو شرح.

كلمة ختامية

و هي كلمة موجهة أساسا لكل الطاقات الطلابية المناضلة مفادها أن التقدم في التنظيم، الهيكلة و البناء.. يعكس دون شك تقدما في الوعي، و النقاش على هذا المستوى يعتبر فرصة وجب التقاطها لتقريب وجهات النظر و وضعها على المحك الجماهيري الميداني، فليست العبرة في تدبيج الشعارات و البرامج و الاقتراحات، فالعبرة تكون في القدرة على متابعة ما نقدمه، بالدخول في حملة شرح و تعبئة جماهيرية و بالدخول في مبادرات تنسيقية ثنائية و ثلاثية..الخ دون الالتفات و التباكي بحرقة عن المعارضين و المشوشين و المعرقلين..الخ
فلا نطلب من أحد أن يتنازل عن مواقفه لإرضاء الآخر، و لا عن برنامجه لكي لا يغضب الآخر، فبرنامج نضالي دون إجابة تنظيمية لا يساوي شيئا، و مقترح تنظيمي دون برنامج واضح لن يجد من يبنيه و يشيده.
فالدفاع عن الجامعة و عن الحق في تعليم جامعي مجاني مع العمل على مناهضة الميثاق و على محاصرة المد الظلامي الرجعي و الليبرالي، ثم الدفاع و العمل على هيكلة إوطم لاسترجاع هيمنته و وحدانية تمثيليته كاتحاد تقدمي ديمقراطي جماهيري و مستقل.. نقط كافية لتجميع التيارات و المجموعات القاعدية للانخراط في دينامية نضالية ستوسع لا محالة من قاعدة التيارات القاعدية و من قاعدة إوطم طبعا.
فأطلقوا المبادرات و اعقدوا الندوات و نظموا الورشات الإوطمية آنذاك و من خلال الاحتكاك بين وجهات النظر الفصائلية القاعدية و بين مختلف وجهات النظر الجماهيرية سنتمكن من خطو الخطوات الأولى في اتجاه البناء الديمقراطي القاعدي الجماهيري.



#ع_الزروالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - ع الزروالي - وجهة نظر حول مهمة بناء - أوطم- .ا