أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد العبدلي - الخطر هنا















المزيد.....

الخطر هنا


محمد العبدلي

الحوار المتمدن-العدد: 1558 - 2006 / 5 / 22 - 10:16
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في أحدى الفترات العصيبة على حكم رئيس وزراء العراق الثعلب نوري السعيد ، و عندما كانت المظاهرات و الاضرابات و التحديات لحكمه قد بلغت ذروتها ، كان مساعدوه يحيطونه علما بالمستجدات ، في نفس الوقت كان أحدهم يضع أمامه ورقة صغيرة تتضمن بيانا لحزب نشأ توا يعرف ماذا يريد إذ يعلن عن نفسه . قرأ الباشا الورقة و تفحص مضمونها فوجد أنه قد تأسس في داره المأمونة حزب جديد اسمه الحزب الشيوعي العراقي ! ترك الباشا التقارير و التفاصيل و ما يقوله خبراء الشرطة الذين لم يكونوا يدركون معنى قصاصة الورق هذه و خاطبهم :
اتركوا كل شيء.... الخطر هنا ! وأشار الى القصاصة التي أمامه .
كان الباشا يعرف أفضل من كثيرين إن النشاطات العفوية للجماهير لن تكون خطرا عليه ، وفي الورقة كان هناك ما هو اخطر بكثير ، حزب نشأ حديثا يطمح إلى قيادة الجماهير من اجل أن تعرف كيف تحول مطالبها الى مكاسب حقيقية و تقطع الطريق على سارقي قوتها . نقر الباشا بأصبعه على الورقة الصغيرة قائلا : انا لا اكترث لكل ما يجري من مظاهرات و اضرابات ! الخطر هنا !
يقول ماركس : ( التاريخ يعيد نفسه ولكن على شكل مهزلة ) . فتشبيه " بيان جبر صولاغ " بهذا الثعلب الماكرينطوي على تجن على التاريخ . كان الباشا يعرف ماذا يريد و لم يكن خارج التاريخ كان ابن حقبته ، و كان مخلصا لأفكاره ويرى أن طريق العراق يقوم بربطه بعجلة الحداثة الاوربية و الاقتصاد الحر ، وسواء اختلفنا أم اتفقنا معه في الافكار ، فانا شخصيا أرى انه كان الممثل الحقيقي للرؤية التي كانت تسود اوساطا معينة من الشعب العراقي في تلك الفترة .
ثعلبنا الحالي " صولاغ " إن استحق هذه التسمية فلن يكون سوى ثعلبا منتوفا ، لا يحسن من أفعال الثعالب غير الاختباء و اللدغ حيثما الفرصة سانحة إذا ما قورن بالباشا الثعلب الماكر . ولكنهما كانا موحدين بإدراك ما : كلا الاثنين كانا يدركان مكمن الخطر ، ورقة الباشا التي ينقر عليها بإصبعه المدبب أمام أنظار الشرطة ، و ما يدعيه " صولاغ من وجود ميليشيات للحزب الشيوعي . الأولى ورقة حقيقية والثانية ميليشيا مزعومة . فما الذي يوحد بين الحقيقة والزعم الكاذب ؟ ..
إنه الخطر الشيوعي .
وكلا الغريزتين لا تخطئان في تشخيص الخطر الرئيس ، غريزة الباشا و غريزة صولاغ ، رغم انني اشعر بالمرارة من هذه المقارنة المجحفة ، مقارنة لا تبدو ، لعمري ، الا كمن يشبه بين الشخص و ظله الساقط على القمامة ، و لكنني اجد ان الاشياء تفرض نفسها بقوة لا تقاوم .
عرف الباشا قبل أكثر من نصف قرن مكمن الخطر ، و يعرف صولاغ أين يكمن الخطر الآن أيضا ، لم يتحدث " صولاغ " عن الارهاب القاعدي أو الارهاب السني كما اعتادوا ان يسمونه ، و لم يتحدث عن التدخل الايراني الذي لا يرى فيه أي تدخل ، فهم من اصحاب الدار، كما إنه لم يتحدث عن النهب غير المسبوق و سرقة ثروات الشعب التي تجاوزت كل المعايير ... الخ و انما تحدث عن مليشيات الحزب الشيوعي التي يعرف هو قبل الآخرين انها غير موجودة ، على إنه كان محقا على الاقل في نقطة واحدة ألا و هي إدراك مغزى خطورة هذا الحزب بالرغم من انه لم يحصل على غير مقعدين في البرلمان و لا يمتلك ميلشيا مسلحة و ليس لديه أموال و يتدبر بالكاد دفع مقراته !
لقد أدرك الباشا السابق ، وكان على حق ، ان الذين سوف يدكون عرش مملكته هم أولئك الذين كانت الورقة تبشر بقدومهم وكان يعرف إنهم هم الذين سوف يستولون على قلوب الناس و عقولهم . سوف يبتدئون بورقة لا تزن سوى غرامات صغيرة و لكنها كانت تحمل ثقل المستقبل .
و يدرك " صولاغ " الذي هو النسخة الكوميدية للباشا أن من سوف يقتحم عليه معاقله الطائفية المحصنة هم الشيوعيون و جميع مبشري الحداثة أنفسهم .. معاقله التي يحاول احكام مغالقها في البصرة و الناصرية و الديوانية و الحلة و العمارة والكوت و السماوة و النجف و كربلاء بميليشياته المعلنة و المستترة و بمساعدة دولة جارة سبق لها أن لطخت سجلها غير المشرف بدماء الشيوعيين و الشيوعيات . يعرف " صولاغ " أن سوف لن يقتحم معاقله لا صالح المطلك و لا العليان و لا الهاشمي ولكنهم الشيوعيين و جميع الحداثيين و ليس غيرهم من سيفعل ذلك ، فاذا كان مع مرجعياته قد خدع بسطاء الناس لتختار خلافا لما تحب و تؤمن ، و اذا ما كان بسطاء الناس هؤلاء قد خانوا حدسهم و نداء الضمير امام ارهاب النار و إغراء الجنة و تهديدات المراجع لهم بالويل و الثبور إن لم يصوتوا لهم فانهم قد بدئوا الآن يعرفون من هو الاقرب الى مظالمهم و من هي الايادي النظيفة التي بإمكانها أن تستلم مواردهم و نفطهم و تكون امينة وحريصة عليها كحرصها على حدقات العيون و الى من تعود ومن هم الاحرص على اموال الشعب .
يعرف صولاغ بحدسه الذي لم يخنه هذه المرة ، أن الشيوعيين هم الذين سوف يوقظون المرأة الغافية و المستلبة في جنوبه الظلامي و يعرفونها بحقوقها وكيف أن أمثال صولاغ ممثل الظلام ، و دعاة الخطيئة والشرف المزيفون ليسوا سوى آكلي سحت حرام ، يعرف انهم هم الشيوعيون الذين سوف يحرضون العامل من أجل نيل حقوقه و هم الذين سيقولون للناس : اننا نعيش في القرن الواحد والعشرين وليس في القرن الاول الهجري .
و على خطاه كان رئيس وزرائه الحالي ، الذي تستبشر ، و يا للسخرية ، بمقدمه الميمون المصادر الاخبارية من امريكية و بريطانية و عربية ، قد صرح إن العراق لا يحتاج سوى الى ثلاثة : ممثلين للشيعة و ممثلين للسنة و ممثلين للأكراد لأنه يعرف ، و هو المتباهي بتخلفه حتى عن مستوى إداء النظام السابق المقبور، أن هذه الكانتونات التي يريدها مغلقة ، هي التي تضمن استمرار تجهيل الشعب و إبقائه تحت عباءة الدجل الديني المهلهل .
الائتلاف اخذته العزة بالاثم وقرر ان لا ينحي " صولاغ " من تشكيليته الحكومية رغم كل الصرخات من الداخل والخارج و من كل الجهات ، و ولاه وزارة المالية ! لم يشأ الائتلاف أو المجلس الأعلى أن يظهر بمظهر المهزوم ، فقرر أن يولي " صولاغ " أموال الناس بدلا من أرواحهم فبعد أن شهد العراق اسوأ حقب تاريخه ظلاما و قتلا في ظل وزارة داخلية لا تحمي أرواح الناس كما يفترض بقدر ما تهددها ، لتهدد هذه المرة أموال الناس و تسرقهم . فالصورة الآن أمامي واضحة " صولاغ " يجمع أتباعه ويقودهم الى جهة اخرى ليصولوا صولتهم القادمة .
20 ـ 5 ـ 2006





#محمد_العبدلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاسياسة و لا اخلاق
- بين جلال محمد و سعد محمد رحيم و الحوار المتمدن


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد العبدلي - الخطر هنا