أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق العيسى - بلاد البحر لا بحر فيها ولا نهر - قراءة في رواية بلاد البحر للروائي الفلسطيني احمد رفيق عوض














المزيد.....

بلاد البحر لا بحر فيها ولا نهر - قراءة في رواية بلاد البحر للروائي الفلسطيني احمد رفيق عوض


توفيق العيسى

الحوار المتمدن-العدد: 1553 - 2006 / 5 / 17 - 03:54
المحور: الادب والفن
    


بحر عكا .... بحرنا ... جسر الغزاة والطامعين والمغامرين ؛ بحر عكا بهدوئه وجسده الامع ينقل لنا حكايا عن أزمنة غابرة ومدافعين وملوك غابرين؛ حصارات؛ نيران؛هزائم وانتصارات؛ وقديما قالوا " لو خافت عكا من البحر ما جلست على الشاطيء"؛ صرخ رجل ما بوجه أحد أمراء صلاح الدين " خلوا بين عكا والسفن عكا تعرف كيف تدافع عن نفسها" قالت امراة ما لأمير آخر " عكا جسد امراة تعرف كيف تغتصب وتعرف كيف تنتقم وتحاسب لن يمتلكها ابن كلب هذي بلاد يصعب الاحتفاظ بها" "مولاي وسيدي صلاح الدين" يسمع ويعرف كل شيء نظر الى الأمراء والتجار المتذمرين رأى سور عكا ينهار وسمع نباح ملوك الأساطيل الافرنجية في حارات عكا رآهم يتقاسمون المدينة ويتقاسمون العنجهية رآنا نتصارع مختلفين على أي خد سنضرب احدهم قال " نضرب على الخد الأيمن وآخر قال لا على الخد الأيسر لكن مولاي صلاح الدين همس لنفسه عكا لم تعد لنا علينا أن نرحل عنها
همس الملك الأشرف لنفسه "أنا العدل وأنا الانتقام" وأمر جنده " أريد هذي المدينة حية أو ميتة" "أحرقوا المدينة اغتصبوها انتهكوها"
وقف أحمد رفيق عوض مذهولا مما يسمع " مالذي يجري؟!" أجابه أبا الفداء: " هذي المدينة يحبها الافرنجي"
احمد رفيق عوض الروائي الفلسطيني والذي بدء أولى رواياته بمواجهة غير مأمونة العواقب مع أهل قريته اثر اصدار روايته الاولى " العذراء والقرية" وفي روايته الجديدة "بلاد البحر" انتبذ لنفسه مكانا قصيا عن كل ما هو مستهلك وشعبوي اقترب أكثر الى الحقيقة والتحليل النقدي اقترب اكثر من فلسطين الأرض والتاريخ والأسطورة اقترب اكثر من فلسطين التي لم نعد نعرفها اختار التاريخ مادة لروايته كاشفا أسراره وكيف تتفاعل الأحداث وتبنى الممالك وتهدم كيف تحاصر المدن وتنهار القلاع وكيف ينتصر المنتصرون
واذا كان العمل التاريخي يفرض على الكاتب والمتلقي شخوصا وأحداثا جاهزة فقد عمل الروائي في رواية "بلاد البحر" الى اختيار أبطاله بنفسه فالشخصيات والأحداث لم تخدم الرواية التاريخية فحسب وانما وظفت في خدمة مشروعه الروائي ؛ فالوالد المهزوم الرعوي يتحول "نيصا" يبكي قيسارية والبحر والحبايب الذين مضوا يبكي بحرقة وقهر ذات الحرقة والقهر الذان يعتملان في صدر الملك الاشرف بن قلاوون الذي تحول الى ملك منتقم أحرق المدينة بعد انتصاره وأحرق معها قهره وسنوات الذل وبكائه الذي يشبه بكاء "النيص" يأخذنا الروائي الى الكشف عما يدور بذهن المقهور ومشاعره وكيف " سيتبر ما علو تتبيرا " ذات يوم اذا ما انتصر لاوقت لدينا كي " نقدم نموذجا انسانيا فريدا" فاعدائنا لن يسمحوا لنا بذلك فلو كنا بشرا بنظرهم لما كانوا احتلالا وما كنا مضطهدين
لا أريد أن أنجرف نحو عرض افكار الرواية مغفلا "التكنيك" الروائي فاختيار الحلم أو المنامة سمح للروائي بأن يتنقل بين المدن والأزمنة والأسطورة يلتقي شخوصا من عوالم مختلفة يسمعهم ويناقشهم ويبدو أن الروائي استفاد أيضا من تقنية الكاميرا وعمله في مجال الصحافة المتلفزة ففي بعض مقاطع الرواية والتي يمكن أن نسميها مشاهدا نرى كاميرا تتحرك تصور وتربط بين الكلمة والصورة والأشخاص فتقنية القصة المتلفزة تعتمد على سرد القصة نطقا مع عرض صور مساعدة تدلل على صحة الكلام المنطوق وللمصداقية فانها تلجأ الى اجراء مقابلات مع شهود العيان أو أصحاب الاختصاص وأصحاب القصة ذاتها وقد لجأ الراوي الى استخدام هذا الأسلوب في بعض المقاطع/ المشاهد الروائية
" أبو مصطفى هو المسئول عن خلط الأشياء بعضها ببعض وعندما يحدث عن مناماته فانه يخلط ما يراه في منامه وبين بلاده التي قطعها مشيا على الاقدام. مالفرق؟!" وينتقل الى مشهد توضيحي فيقول " سأل والدي ذات مرة .مالفرق؟! ما يحلم به الانسان يتحقق لاشيء عصي على الحدوث..."-
فهو يحدثنا عن الشيوخ الأربعة الذين قطعوا البلاد مشيا وعن أبو مصطفى الذي يخلط الأحلام بالواقع هنا قدم الصورة التلفزيونية وللتعليق عليها أو لشرحها استخدم والده في المقطع التالي ليحدثنا عن أهمية الحلم فهو هنا كالصحفي الذي يطرح الموضوع ويسئل ويدلل باجابة أصحاب الشأن تاركا لهم سرد قصتهم أو فكرتهم
وينقلنا بتقنيتين - المنامةوالقصة التلفزيونية- من حصار عكا والملك الأشرف الى حصار الضفة ووالده الى السيدة الوضيئة العارفة بأعشاب الأرض وأسرارها الى والدته المثقفة بلا كتب أو مدارس ونظريات ومن ملك الفرنجة الى موران الصهيوني ومن بيدرا المؤيد لحزب المصانعة الى مثقفينا المنظرين للهزيمة والخنوع
لكنا قد نغفل مسألة مهمة اذا ما حصرنا أحمد رفيق عوض بزاوية التاريخ عرضا واسقاطا فقط فهو أيضا روائي صارخ بوجه الهزيمة يعلن موقفه من كل شيء؛ لماذا يحرق الملك الأشرف عكا ؟! لقد تعلم من أعدائه سياسة التخريب ؛أو كما قال مظفر النواب " فخراب بالحق بناء للحق" انه يعلن أن الاحتلال يورث الخراب فلا ديمقراطية تتأتى من على ظهر دبابة ؛حريق عكا هو المحصلة الطبيعية لحالة الاحتقان التي نتعرض لها وهي ناتجة من مجموع أعداء الأمة نرى أن الملك الأشرف كان يستمع في كل يوم الى ما فعله المغول في بغداد كيف انهوا حاضرة الخلافة وكم الحقد المتنامي على من صبغ النهر بلون الحبر والدم كل هذه موثبات تدعوه الى الانتقام من أعدائه بشخص عكا لولا ضياع عكا ما ضاعت مدينة عربية أخرى بحر عكا حمل الينا الفرنجة وهو الذي حمل المغول الى بغداد فالحقد واحد والثأر واحد والبحر واحد ويبدوا أن الروائي يستكمل مشروعا آخر؛ الشان الفلسطيني الداخلي؛ الفساد؛ التمويل المشبوه وما صنع؛ هذا المشروع الذي نجده في رواية " آخر القرن ومقامات العشاق والتجار وغيرها" فهناك شخصيات متشابهة وأحداث متشابهة وهو ايضا فلسطيني تذوب بلاده شيئا فشيئا " ألم تنقسم البلاد الى نصفين؟! ألم تنقسم برطعة الى قسمين؟!" لم نعد نعرف فلسطين لقد ضاعت وعلة الضياع نجدها في صفحات منامته ونسمع ايضا صوت "ختيار" يقول " من الآخر لبلاد لأهلها"



#توفيق_العيسى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة للعرس
- حوار مع زياد خداش :اوسلو قادتني الى حواسي
- على صعيد الاصلاح لا المزاح!!!!


المزيد.....




- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق العيسى - بلاد البحر لا بحر فيها ولا نهر - قراءة في رواية بلاد البحر للروائي الفلسطيني احمد رفيق عوض