حسن شعبان
الحوار المتمدن-العدد: 1552 - 2006 / 5 / 16 - 17:47
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
مستقبل اليسار فى مصر موضوع جد هام و خطير, و يجب أن يرقى إلى مستوى مستقبل هذا الوطن .
و مناقشة مستقبل الوطن و مستقبل اليسار لا يمكن أن تنجزه ندوة أو حتى عدة ندوات, ولكن الموضوع يستحق أن يطرح على مستوى أعمق و أوسع ... و أقترح للبداية عقد مؤتمر عام موسع لليسار , على أن يتم الاعداد الجيد له من حيث الوقت الكافى و الموضوعات المطروحة .
و لا يمكن أن نتحدث عن مستقبل اليسار دون مناقشة أزمة اليسار فى مصر و التى أرى أنها تتمثل فى :
• أزمة فكرية .
• أزمة سياسية .
• أزمة تنظيمية .
فى مطلع الستينات من القرن العشرين كان اليسار فى مصر قد تخلى عن مشروعه البروليتارى و تبنى فكرة التطور اللارأسمالى , و تخلى عن مشروعه الاشتراكى و تبنى المشروع الناصرى , و تخلى عن تنظيمه بحل الحزب و الانخراط فى حزب السلطة .
و كانت هزيمة 1967لحظة حاسمة فى تاريخ مصر , و كانت تعنى سقوط المشروع الناصرى برمته .كان شعار الحرب قد فرض نفسه و تبنته جماهير الشعب المصرى و عمت المظاهرات انحاء مصر فى المدن و القرى و فى المصانع و فى الجامعات تطالب بالحرب و التخلص من عار الهزيمة, و لتقفذ المسألة الوطنية الى المقدمة .
نشأت منظمات يسارية .. و لكن سرعان ما تحللت و ذابت فى شظايا متناثرة بفعل فاعل مع سبق الاصرار و الترصد , لم يكن لخلافات فكرية أو صراعات سياسية , ولكن لاسباب ذاتية , و كان مشهدا دراميا مضحكا نراه على الساحة .. البعض انتقل الى الجانب الاخر و بنفس الحماس و الاندفاع , البعض إنخرط فى منظمات لحقوق الانسان و مراكز بحثية بتمويل أجنبى مريب , و بلا إنتاج حقيقى , ,اصبحوا نجوما فى سماء الفضائيات , وعلى موائد وزراء خارجية أمريكا الذين يحلون ضيوفا على القاهرة , و البعض يبحث عن طريق للتواجد على الساحة فى التظاهرات الاحتجاجية و على شاشات الكومبيوتر .. لكن الجميع لا يقتربون من الطريق الوحيد الصحيح و الواجب و كأنه رجس من عمل الشيطان . لماذا ؟!!
و مايزال السؤال مطروحا و ملحا ولا يحظى بما يستحق من عناية فى البحث الموضوعى و النقد الذاتى الواجب.
و فى تقديرى الاسباب تكمن فى ان هذه المنظمات ظلت فى إطار الافق البرجوازى , وفى إطار النخب المثقفة , و تتحلى بروح البرجوازية الصغيرة , ولم ترق إلى مستوى طرح جذرى لمشروع إشتراكى يجيب على مسألة الحرب و حل المسألة الوطنية فى إطار أفق لتطوير المجتمع وقيادة الجماهير نحو تغيير ثورى فى الفكر و السياسة و التنظيم .
إن مستقيل اليسار فى مصر رهن بـ :
• وحدة اليسار حول شعار محدد واضح و دال – الاشتراكية – و إعادة الثقة فى هذا الشعار , و ممارسة أوسع أشكال الدعاية حوله , و ابتكار الوسائط الضرورية و اللازمة حتى يصل هذا الشعار الى جماهير يعبر هذا الشعار عن مصالحها لتقتنع به و تتبناه و تدافع عنه .
• الخروج من أطر النخب البرجوازية المثقفة الى آفاق أكثر رحابة , آفاق الجماهير صاحبة المصلحة فى التغيير , و تنظيم حركتها و قيادتها .
• تنظيم الجماهير فى مؤسسات كفاحية تعبر عن مصالحها و تدافع عنها .
• التواصل الحتمى مع الاجيال الشابة فى الجامعات و فى المدن و فى القرى , التى تبحث عن طريق المستقبل , ولا تجد مثالا يحتذى أو طريق نضالى سليم تقتنع به و تنخرط فى مجراه.
• امتلاك مشروع اشتراكى , و ترجمته الى برنامج سياسى يلبى آمال و طموحات الجماهير , و يطرح مطالبها المشروعة فى السكن والصحة و التعليم و العمل .
• امتلاك رؤية مستقبلية تحدد جوهر الصراع فى عصرنا الراهن فى العالم و فى منطقتنا و فى بلدنا , و تحدد بدقة من هم الأعداء الحقيقيون الذين يتوجب محاربتهم و هزيمتهم .
إن النظام الحاكم فى مصر يفتقد الى الشرعية , و يستند فى وجوده و بقائه على قوة القمع التى يمتلكها , و يعتمد على تزوير و تزييف إرادة الجماهير بالاستفتاءات و الانتخابات المزورة .. و ينتهك الدستور كل يوم .. لقد عدل السادات الدستور لكى يبقى فى الحكم مدى الحياة , و عدل مبارك الدستور ليضمن التجديد لنفسه و التوريث لنجله .. إن الشرعية الحقيقية هى شرعية الجماهير , ومن يريد الشرعية فليستمدها من الجماهير . إن اليسار عليه أن يسعى الى أن يحوز ثقة الجماهير ليستمد الشرعية منها و ذلك بأن يسعى إلى تنظيم نفسه و تنظيم الجماهير و يقودها من أجل إنتزاع حقوقها المشروعة , السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية , فالشعب المصرى يئن تحت و طأة الاستغلال الاقتصادى و القهر الاجتماعى .
إننا إذن أمام وضع يقول .. الظروف الموضوعية ناضجة بما يكفى و لكن الظرف الذاتى متخلف , وليس هناك قوة إجتماعية ثورية قادرة على تحريك هذه الجماهير و قيادتها لاحداث تغيير ثورى .. و هذه هى المهمة التاريخية التى تقع على عاتق اليسار فى مصر .. فهل هو قادر على تخطى ازمته الذاتية و الوعى بمهمته التاريخية و حمل أمانتها ؟ أم يظل قابعا يتفرج و يجر نفسه خارج التاريخ ؟!!!
#حسن_شعبان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟