أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مشاري الذايدي - لماذا غاب الإنسان العراقي عن بن بيلا والشيخ؟














المزيد.....

لماذا غاب الإنسان العراقي عن بن بيلا والشيخ؟


مشاري الذايدي

الحوار المتمدن-العدد: 444 - 2003 / 4 / 3 - 01:45
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

الشرق الأوسط، 1/4/2003
هذه الحرب، هي حرب الخيارات الفقيرة تشعر وكأن الشارع العربي يندفع في حالة انتحار جماعي مثل الحيتان الضخمة التي تنجرف بجنون نحو الشاطئ الضحل، لا أحد يعرف الى أين تفضي هذه الرقصات التراجيدية، لا أحد يملك تصورا عن الخطوة التالية.
الامر لم يقتصر على القاعدة بل تنامى الى القمة تأملوا. هذا المشهد بداية ايام الحرب وقف وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف مع الاعلاميين على حطام الموقع الذي قصفته القذائف الامريكية وقال: هذا قصر السلام كان سيستضيف مجموعة من الحكماء الساعين للاصلاح، منهم نلسون منديلا، واحمد بن بيلا. ويوم مارس نشرت احدى الصحف تصريحا لـلحكيم احمد بن بيلا اثناء قيادته مظاهرة مناصرة للعراق في الجزائر قال فيه يجب على صدام ان يموت واقفا بين شعبه. إذن هذا هو صوت الحكمة؟ ليبق صدام رغم كل شيء، ما دام أنه يواجه امريكا ويقاتل.
حكيم آخر ولكن بعباءة المشيخة الدينية هذه المرة قال: لا يجوز الحديث عن مظالم صدام الآن، صحيح انه ينتمي للبعث الكافر وقد حذرنا من هذا النظام من قبل ومحاربته للحركة الاسلامية، ولكن بما ان صدام يخوض الآن نوعا من الجهاد في سبيل الله فلا يجوز الحديث عن بعثيته، وقد فرق الفقهاء بين جهاد الطلب الذي تشترط فيه صحة الراية، وبين جهاد الدفع الذي لا تشترط فيه الراية. ثم لا تنس أن البعث العراقي بدأ يعود الآن الى الاسلام وقد شجع على الحجاب وما إلى ذلك.
ماذا يعني كلام هذا الشيخ باللغة السياسية؟ يعني ان تكفير صدام حسين موضوع على الرف الى حين الانتهاء من معركة الحواسم، ثم يعود العراك الازلي من جديد اذا استدعى الامر، والأهم أنه يعني أن قيمة الانسان العراقي غير حاضرة في خارطة تفكير الحركيين من الاسلاميين. رمز علماني بن بيلا ورمز ديني الشيخ المعروفي يرفضان الحديث عن إزالة صدام حسين، ويعتبران ذلك خيانة، فهل هي حالة من الغيبوبة العقلية والاخلاقية؟
لم يتحدث السيد بين بيلا طيلة تمتع الدكتاتور صدام حسين بتعذيب وسحق العراقيين، عن ان ترك الشعب العراقي للوحش البعثي خيانة كبرى، ولم يتكلم الفقيه الهمام عن سحق المعارضة الشيعية على يد علي الكيماوي في انتفاضة 1991، ناهيك من أنه لم يتحدث عن انتهاك حكومة طالبان لأبسط حقوق الانسان ايام حكمها المجيد، بما انها الشكل الامثل لحكم الشريعة الاسلامية كما زعموا. لماذا غاب الانسان كمفهوم عن فكرنا، وقيمة عن نظامنا الاخلاقي، فلا يتم الانطلاق منه ولا موضعته في مركز الدائرة من جهازنا النظري والتحليلي؟ الفرد يلغى لصالح المجموع والافكار المجردة: الأمة الاسلامية، الوطن العربي، الحزب العظيم، وتحت هذه العناوين الضخمة تغيب ملامح الانسان الفرد، ويلغى الاعتبار به، فلا همّ أن يجوع ويعرى، ولا مشكلة في عذاباته وشقائه، فكل ذلك يقدم قربانا على مذبح الفكرة التي يرعاها الرئيس القائد أو أمير المؤمنين.
لم يتوقف أحد من حراس الفكرة عند هذا التساؤل: لماذا أدافع عن حزب عذبني وشطبني، وقومية بددت جهودي، وأمة موجودة في الاذهان اكثر مما هي متحققة في الاعيان؟ ماذا عن طعامي وشرابي؟ ماذا عن هنائي وطمأنينتي التي تخصني أنا كفرد أسمع وأرى؟ فأنا في النهاية انسان، وجودي سابق على وجود الفكرة، والفكرة متحولة، والانسان ثابت، ولا يوجد هناك عمر آخر يمكن اعادة التجربة فيه اذا اتضحت تعاسة الفكرة، وأن حصادها هو الخائب، فالانسان لا يحيا مرتين.
وبعيدا عن الحديث في التفاصيل السياسية، عن مغازي الحملة الامريكية على العراق، هل هي حملة من اجل حريته ام من اجل نفطه ومقدراته؟ بعيدا عن هذا الجدل المنخفض، لم لا يلفت انتباهنا وصول الانسان العراقي الى حالة نفسية تجعله قابلا بأي شيء آخر، حتى ولو كان أجنبيا غازيا يخلصه من عصر صدام حسين؟ ولا يزيغن بصائرنا عدم انتفاضة السكان لحد الآن مع القوات الغازية بدعوى أنهم هبوا للدفاع عن الوطن واتقدت فيهم الغيرة على الهوية، فهم هم السكان الذي انتفضوا عام 1991 ضد سلطة صدام برعاية القوات الامريكية الغازية وكادوا ان يفعلوها لولا حسابات سياسية متأخرة خذلتهم وتركتهم لمخالب البعث وانياب علي الكيماوي. فأين غابت الوطنية عنهم في تلك الايام؟ ولماذا لم يقاوموا الغزاة تلك الايام؟ وما الذي يجعلهم يقاومونهم عام 1991 دفاعا عن الوطن، ويخونون هذا الوطن عام 1991؟ هل تبخرت وطنيتهم ثم تكثـفت من جديد؟
القصة ليست وطنية اشتعلت على حين غرة، بل خوف عميق موحش في افئدة هؤلاء الناس، جعلهم لا يغامرون مع وجود شك، ولو كان ضئيلا، في إمكانية تكرار سيناريو عام 1991، والذي يحصل الآن هو مزيج من الكره للأمريكان بسبب طعنة الاحباط التي تلقوها منهم في انتفاضتهم الاولى، وخوف من نظام انشأ مليشيات خاصة لبقاء كل فرد عراقي تحت نظر الزعيم المهيب، مليشيات انشئت أصلا من أجل هذا اليوم الذي يمكن أن يفكر فيه الناس بالتمرد على الزعيم، فالنظام هو الآخر أخذ العبرة من انتفاضة السكان الأولى حين أبصروا كوة تسلل منها النور إلى كهوف صدام. انه الخوف الذي يكبل الإنسان ويجعله يدافع عن جلاده.
ودعونا نفترض الصورة التالية: لو وجد العراقي البسيط نفسه في وضع آمن يملك فيه حق الاختيار الحر بين بقاء نظام صدام حسين، وبين طرده وزمرته البعثية وتحويل العراق إلى سلطة مدنية بإشراف الامم المتحدة، لا يملك الزعيم فيه ترف إعدام الآلاف في ساعة واحدة، وهو ينفث السيجار الكوبي الفاخر، فأي شيء سيختار الانسان العراقي؟ يبدو أن هذا الانسان مقصى تماما من المجال الفكري العربي ومن أذهان ووجدان صاغه الوعي العربي من حكماء ومشايخ من طراز بن بيلا او شيخ الكاسيت الاسلامي هذا.

* كاتب سعودي



#مشاري_الذايدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- السعودية.. تداول فيديو -إعصار قمعي- يضرب مدينة أبها ومسؤول ي ...
- أبرز تصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول غزة وهجمات إيران وال ...
- مصرع 42 شخصا بانهيار سد في كينيا (فيديو)
- رئيس الوزراء الإسباني يقرر البقاء في منصبه -رغم التشهير بزوج ...
- -القاهرة الإخبارية-: مباحثات موسعة لـ-حماس- مع وفد أمني مصري ...
- مستشار سابق في البنتاغون: بوتين يحظى بنفوذ أكبر بكثير في الش ...
- الآلاف يحتجون في جورجيا ضد -القانون الروسي- المثير للجدل
- كاميرون يستأجر طائرة بأكثر من 50 مليون دولار للقيام بجولة في ...
- الشجرة التي لم يستطع الإنسان -تدجينها-!
- ساندرز يعبر عن دعمه للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ويدين جميع أش ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مشاري الذايدي - لماذا غاب الإنسان العراقي عن بن بيلا والشيخ؟