أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى علي نعمان - يوميات الحرب - أطفال العراق














المزيد.....

يوميات الحرب - أطفال العراق


مصطفى علي نعمان

الحوار المتمدن-العدد: 443 - 2003 / 4 / 2 - 04:27
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


مصطفى علي نعمان.

اليوم الثالث عشر، الثلاثاء، الأول من آذار، 2003

أطفال العراق:

أ يبقى في الحياة شيء جميل إن انتزعنا البسمة من وجه طفل؟ أ يعادل ذهب العالم كله ضحكة طفل؟ ما قيمة حياة يتعذب فيها الأطفال؟ يشقون! يتشوهون! يتعوقون! يرون آباءهم يقتلون أمامهم! لا بل يقتلون هم! أي ذكرىً مؤلمة سيحملها قلب طفل دُمِّر بيته، كاد الجوع أن يقتله، واضطر للتهجير؟

صور هذا اليوم حافلة بصور الأطفال المعذبين، ولعل أكثرها إيلاماً صورة طفلة مزقتها الشظايا، وجه دامٍ، وملابس منقوعة بالدم، وأم يفتتها الحزن! أما الصورة الأخرى فكانت لطفل خائف، بدا وكأنه أجلس بحضن الضابط الأمريكي رغماً عنه، ولا يدري ماذا سيحل به! وصورة أخرى لمجموعة من النسوة يجلسن في ظهر جرار زراعي، يبدون من هيأاتهن أنهن من الشمال! امرأة في ثلاثيناتها، ملامح جميلة، غطى عليها غضب مشحون بالحزن والمرارة معاً، امرأة أخرى من الجنوب، متجهمة على حافة البكاء، تحمل رضيعاً، بينما يسير قربها طفل آخر في نحو السادسة، يحمل بعض الملابس، وهناك صورة لمجموعة من الأطفال، ربما خمسة، حشروا بقوة، في صندوق السيارة الخلفي، ربما كان السردين في علبته أفضل حظاً منهم، لكن وجه الطفل الذي يواجه الكامرا، والذي بدا في نحو الخامسة من عمره، يحمل من العذاب ما لم يحمله أيوب طيلة حياته! ترى أ يستطيع أي واحد في العالم من قراءة خريطة آلامه؟

الهجرة والتهجير:

امتحن سكان العراق بالتهجير بالهجرة! منذ أن اطل عليهم شبح البعث المشؤوم، ولعل أكثر سكان العراق ابتلاء بالتهجير، وآلامه، وعذاباته، سكان القرى الكردية في الشمال، أما أهل البصرة، في الجنوب فقد حلت عليهم لعنة الهجرة، بدل التهجير، وإذ كان العراقيون جميعهم مطلعون على مأساة الفلاحين الأكراد المظلومين، فإن القليل من العراقيين مطلعين على محنة أهل البصرة بالهجرة.

هُجِّر سكان الفاو، وجميع القرى المطلة على شط العرب، في الأيام الأولى من الحرب العراقية الإيرانية، المفتعلة، المشؤومة، أمرهم الجيش بالرحيل، "خوفاً" عليهم من الإيرانيين، المتسللين! منعهم من أخذ أي شيء معهم! وحينما عاد البعض بعد أسبوع، أسبوعين، وجدوا الجيش قد نهب كل ما تحويه بيوتهم!، حتى إطارات الأبواب، والشبابيك، أما ما لم يستطيعوا أخذه كالثلاجات الكبيرة، فقد وضعوها في الشرائع، "السواقي" ليعبروا عليها، رُحِّل هؤلاء المساكين إلى البصرة، فقدوا كل ما يملكون بين عشية وضحاها! وأسكنوا في بعض المدارس، وأبنية حكومية لا تتوافر فيها أي خدمات إنسانية! وكان معظمهم فلاحين، لم يعتادوا على حياة المدن، وأعرف منهم من انتحر، ومنهم من فقد عقله، ومنهم من ذل بعد أن كان عزيز قوم محترم، أما حيواناتهم، من بقر، جاموس، أغنام، فقد استولى على معظمها الجيش، وأصبحت ولائم سحت لقادة لصوص مجرمين، أما ما تبقى فهام على وجهه وتوحش! أو أكلته الوحوش.

أما أهل البصرة فقد حلت عليهم لعنة الهجرة بعد هزيمة المحمرة المشهورة، كانت مجموعات من الجيش الشعبي تطوف الشوارع، تطرق الأبواب، تحض الناس على ترك المدينة، وهكذا ترك ما لا يحصى من الناس بيوتهم، وتوجهوا نحو الناصرية، كربلاء، النجف، السماوة، الحلة، استقر معظمهم في الشوارع، في الجوامع، في الحسينيات، حتى في المقابر!

ثم أخذت الهجرة تكرر نفسها بعد أي هجوم، يقوم به الإيرانيون! أما في الأيام العادية فتحملت البصرة حصة الأسد من القصف اليومي، فتطرزت شوارعها بحفر القنابل، والصواريخ، وفقدت ما لا يحصى من الأبرياء، وعندما توقفت الحرب أحس مساكين البصرة بالارتياح، لكنهم فوجئوا بلعنة غزو الكويت، لترجعهم إلى دوامة المحرقة من جديد! فهجر الكثير منهم بيته من جديد ليلتحق بقوات التحالف، وليترك وطنه مرة وإلى الأبد.

والآن بعد معركة "حرية العراق" المزعومة! فها هي البصرة مرة أخرى تعاني من جديد محنة الهجرة، فمتى يستقر هؤلاء المساكين كباقي عباد الله؟

القس الطيب، والشيخ المسكين:

دخل القس الطيب الأب "برنار يتوس" التاريخ، أصبح معروفاً في كل أنحاء العالم.

الأب برنار، هو راعي كنيسة المهد، في بيت لحم، ووكيل بطريارك الكنيسة الأرثدوكسية في فلسطين، أما لماذا دخل التاريخ؟ فلأنه أصدر قراراً مهماً، رائعاً، يريح الأعصاب التي أحرقتها الحروب، قرار الأب برنار تضمن حرمان شخصيات عالمية من دخول كنيسة المهد، شملت قائمة الحرمان: الرئيس الأمريكي جورج بوش، رئيس الوزراء البريطاني توني بلير رئيس وزراء بريطانيا، رونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي، جاك سترو وزير الخارجية البريطاني، أما سبب حرمانهم من دخول الكنيسة فلأنهم مجرمو حرب، وقتلة أطفال، ولأنهم هدموا بيوت وكنائس، ومساجد ودور عبادة العراقيين، وفي الحقيقة فلن يهتم بهذا الحرمان أحد سوى بوش، فهو الوحيد المتدين بين هؤلاء الخمسة، لكني أظن أن لتدينه جذوراً سياسية، تغطي على إيمانه المزعوم، ولذلك فتأثير الحرمان على هذه الثلة المتوحشة، كلها يكاد يكون معدوماً، لولا قيمته الإعلامية، وشجاعة من اتخذ القرار!

بعد هذا الخبر، هل سيتخذ شيوخنا المساكين خطوة شجاعة اقتداءً بالقس الشهم، فيحرموا على القتلة، والجبارين كصدام حسين، وأمثاله دخول المسجد الحرام، للحج، أو العمرة، وهل ستتخذ مرجعيات المراقد المقدسة قراراً مماثلاً تحرمهم من زيارة العتبات المقدسة! فيريحوا أعصابنا هنيهة وسط نيران الحروب!

 




#مصطفى_علي_نعمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحرب - قريتان عراقيتان
- يوميات الحرب - ناديا
- يوميات الحرب. - ساجدة وسحر، عدالة أم حظ؟
- يوميات الحرب - بعرق الجبين أم
- يوميات الحرب - ستة أشهر
- يوميات الحرب - النصر، والمنصور بالله
- يوميات الحرب - قضية قديمة
- يوميات الحرب - البيئة المثالية
- يوميات الحرب، اليوم الثالث: 21-3-2003. - انشقاق الضباط
- فجر يوم جديد…!
- المرأة العراقية في العراق الجديد
- رحيل الدكتاتور..تحت المجهر!
- عبد الكريم قاسم المغدور مرتين
- الفردوس الضائع
- مشاهدات عراقي في بلاد الغربة : من صوفيا 1979 الى شيكاغو 200 ...
- مشاهدات عراقي في بلاد الغربة : من صوفيا 1979 الى شيكاغو 200 ...
- مشاهدات عراقي في بلاد الغربة : من صوفيا 1979 الى شيكاغو 2000 ...


المزيد.....




- تطاير الشرر.. شاهد ما حدث لحظة تعرض خطوط الكهرباء لإعصار بال ...
- مسؤول إسرائيلي لـCNN: الاستعدادات لعملية رفح مستمرة حتى لو ت ...
- طبيب أمريكي يصف معاناة الأسر في شمال غزة
- بالفيديو: -اتركوهم يصلون-.. سلسلة بشرية من طلاب جامعة ولاية ...
- الدوري الألماني: شبح الهبوط يلاحق كولن وماينز بعد تعادلهما
- بايدن ونتنياهو يبحثان هاتفيا المفاوضات مع حماس والعملية العس ...
- القسام تستدرج قوة إسرائيلية إلى كمين ألغام وسط غزة وإعلام عب ...
- بعد أن نشره إيلون ماسك..الشيخ عبد الله بن زايد ينشر فيديو قد ...
- مسؤول في حماس: لا قضايا كبيرة في ملاحظات الحركة على مقترح ال ...
- خبير عسكري: المطالب بسحب قوات الاحتلال من محور نتساريم سببها ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى علي نعمان - يوميات الحرب - أطفال العراق