أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سعد عصام - خاتمي وإيران والديموقراطية الدينية















المزيد.....

خاتمي وإيران والديموقراطية الدينية


سعد عصام

الحوار المتمدن-العدد: 23 - 2002 / 1 / 1 - 10:46
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


السفير

ان ((الديمقراطية الدينية)) كمصطلح طرحه مؤخرا التيار الاصلاحي في إيران، جاء بعد العديد من المحطات المفهومية، النابذة لكل التوصيفات الغربية، والتي راوحت بين الشورى والتقليد وولاية الفقيه والنظام الجمهوري الديني المذهبي، كمدخل لتبنّي ما اعتبره خاتمي نموذجا خاصا من الديموقراطية، يمزج بين المشاركة الشعبية والعقيدة الدينية، من دون الالتفات الى العقبات الكأداء التي تعترض جوهر الديموقراطية اذا لم نقل التناقض الحدي بين الدين ومقدسه، وبين الحداثة وزمنيتها. فمن التناوب على السلطة من دون تقرير من أية مرجعية فردية، سوى تأييد الشعب الذي هو وحده مصدر التشريع، والمفتوح على المتحوّل. كذلك المؤسسات المنتخبة القابلة للعزل، والدستور الزمني، ونسبية الحقيقة، وحقوق الأقليات، على مواطنية متكافئة، والمساواة بين أفراد الوطن، وامتلاك الحريات المختلفة بما فيها احترام الرأي الآخر وحقه في التعبير والقرار، وأن المكتسب يؤسس دائما للجديد المتناسل، والعلمنة النازعة عناصر التفجير من المجتمع والموحدة أطيافه المتنابذة، على قاعدة فصل الدين عن الدولة، وحرية الاختيار العقيدي، والمواطنة الحديثة وليس الاخوة النافية غيرها، وإلغاء النزعات التوسعية وخلق الاستقرار الداخلي والخارجي لا يسقط مبدأ الدفاع عن النفس والتمسك بالحقوق الوطنية وان الديموقراطية لا تعني الشورى، لأن جوهرهما متضادان، وان القوانين ترجمة تفصيلية للدستور ولا تقربها العصمة ولا المقدس، وحق التجاوزية للموروث من العادات والتقاليد البالية والتهويمات الغيبية، وحك الذهنيات المغلقة وكسر حلقاتها المقفلة على الممنوع والمحرم والمكبوت.. الخ، وحق المرأة الكامل بالتساوي وأخذ دورها وهو مطلب عالمي، إضافة الى حقوق الطفل، والجنس والسلوك والتربية والتعليم والقضاء، ورفض التقليد الديني لتحرير العقل من الاعتقال ورفع العصمة عن القرار، وحوار مبدأ الإمامة والفطرة، والقطيعة بين العقل والنقل، وبين الديموقراطية والاستبداد، وبين العلمانية والحياة، والدين والدنيا، وبين السيادة المقفلة او تلك المفتوحة على تلقي كل جديد.
حتى عندما يعتبر خاتمي ان مشروع حوار الحضارات هو حاجة انسانية وضرورة تاريخية، وأن هناك دولاً تكافح اليوم لتحقيق الديموقراطية والسيادة الشعبية، وتواجه العديد من العقبات الداخلية والخارجية، لم يشر الى هذه الدول ولم يحددها، ولا الى الخلط بين السيادة الشعبية، والإمساك بتلابيبها من قبل الولي الفقيه، وبين دولة المؤسسات والقانون والمجتمع المدني، وان الديموقراطية منتج بشري حققته البرجوازية الوطنية والمجتمع السياسي بما فيه الاحزاب والنقابات على مرتكز العقد الاجتماعي والوفاق الطبقي المؤديين الى استقرار مفيد للتطور. وكل ذلك بمعزل عن الدين، ولم يذكر ان العقبات الداخلية شكلت مطية سمحت بنجاح التدخلات الخارجية المؤثرة والمعوقة، علما بأن شعار خاتمي يتطلب ليس فقط طرحه على المجتمع الديني لأنه محكوم بقرار الحاكم الفرد وسلطته الأحادية وصلاحياته المطلقة، وإنما إيجاد متطلبات انغرازه في تكويناته الاجتماعية الناضجة والقادرة على تطبيقه، وهي غير قائمة في إيران.
ان العلاقات الدولية كانت موجودة وما زالت على رغم مزاحمتها اليوم ومناهضتها من شعوب العالم، بعد مقارنتها بعلاقات بدأت تتكون على مبدأ حوار الثقافات والحضارات والمشاركة والمساواة. حتى إن خاتمي يعلن أسفه ويعترف بأن بعض الدول الكبرى التي حققت الديموقراطية في داخلها (اعتراف هام بالديموقراطية يجب ان يدحض الديموقراطية الدينية) تساعد وتبرر قيام ووجود الدكتاتوريات في دول اخرى، علما بأن الديموقراطية تجاوزية للسيادة ايضا.
لهذا لم يستطع خاتمي الخروج عن نظام الولاية الشمولي والقاطع في أحكامه وقوانينه ودستوره المؤكد على هويته التي لا تشمل الجنسيات الاخرى من الاقليات والمذاهب والاثنيات (مشكلة اللاجئين العراقيين الى إيران ما زالت مستمرة) وفي هذا منتهى الخطورة والضعف، كونه لا يملك مرجعية نافذة وإنما شرعية شكلية كواجهة للدولة الدينية العسكرية وثقلها المادي والمعنوي، ولا يستطيع اتخاذ مجرد قرارات مستقلة، او نابعة من تأثير حجم أصوات ال78 من الشعب، النسبة التي حازها في الانتخابات الاخيرة بحيث يمضي فترة حكمه الثانية، التي مرت منذ انتصاره، بمسار متعثر تراوح بين مشكلة تنصيبه رئيسا للجمهورية، التي تأخرت بحجة ان مجلس القضاء الأعلى غير مكتمل، وهناك عشرة أعضاء من أصل اثني عشر عضوا، من دون الاخذ بعين الاعتبار ان عشرة أعضاء اكثرية غالبة بشكل ساحق على أساس المفهوم الديموقراطي. ففرض الولي الفقيه ومعه رفسنجاني وتحرك شاهروردي، اختيار اثنين من أصل اربعة قضاة أعضاء كان قد رفضهم البرلمان قبل الانتخابات، فأعاد الكرة لاختيار اثنين من أصل الاربعة، بما يشبه المقايضة، فإما الموافقة والرضوخ للسلطة الدينية المحافظة، وإما تأخير التنصيب وربما إفشاله. وهكذا كان، وتراجع خاتمي، وهو الذي ناشد خامنئي بعد إعلان النتائج، من اجل إطلاق سراح الطلاب المعتقلين منذ سنة 1999، ولم يستجب لطلبه. وهذا ما حصل في تشكيل الوزارة، حيث تم التأليف بمشاركة رموز محافظة، او معتدلة، تشكل احتياطا للولي الفقيه والنظام الديني الاوتوقراطي. هذا عدا عن الميزانية والوظائف والاعتقالات التيار الليبرالي واختيار المرشح إضافة الى الجيش والحرس وأجهزة الأمن والمؤسسة الدينية، على رغم التنوع في داخلها، ملتفة حول حكم الولاية. ولم يشأ خاتمي ان يصطدم مع السلطة المهيمنة، وتراجع أمامها، مما يشير الى مأزقه حيث يفرض عليه، إما التراجع المتواصل أمام التشدد المحافظ وينتهي الى مهزلة، او ان يهادن مراوحا بين مد وجزر، وضابطا حركته في إطار التراكم البطيء للإصلاح، وهذا طريق صعب وشبه مستحيل مستمر منذ فترة حكمه الاولى . وإما المواجهة مما يهدد بالمنازعات الدموية، فربما تتوّج بإنقلاب عسكري لا يخرج عن علاقة خارجية او ثورة اقتتال لا تحمد عقباها في عهد أفقد العصر الراهن قابليته للثورات نظرا لتآكل عناصر نجاحها واختلاف الظروف المؤثرة في قيامها.
ان الفهم اللغوي لمعنى الاصوليات، بإعادتها الى الأصول، الاسلام أصل، وكذلك القومية (اي انها تكونت كفكر ومادة، بحكم تواصلها مع الجذور التي قبلها)، يعاند المصطلح المفهومي الذي يضع الاصول في مجالها الواقعي العملاني، والذي يكون، عبر ممارسات هذه الاقانيم، حشرها في إطار اجتزاء التطرف من كل نظرية، بحيث يصبح التأصيل دعوة للمزيد من المحافظة والتطرف والانكفاء المضاد للتطور والنهوض والانفتاح.
إن التطرف داخل او خارج أية نظرية هو نتاج لأحد الاختلالات، في قضايا الاتجاه الاساس او الفلسفة، النظرية الكبرى، والمثال نتائج الهزائم بعد الثورات والحروب وانهدام النموذج الرمز المعنوي، او في الانهيار الاقتصادي وتخثر السياسة، او في التخلف والتمزق الاجتماعي، او في انهيار منظومة القيم وارتكاسات الثقافة التي لا تنفصل عن المصالح والغايات. وعناوين ذلك كثيرة، ففي فرنسا، ((الجبهة الوطنية)) بزعامة لوبن، هي نتاج حرب الجزائر، وازدياد هجرة العرب وتكاثرهم، مع كل ما يحملون من هموم وعادات وتقاليد متباينة مع ظروف البلد الاصلية. ان وضع المشكلة في الانحراف الاصولي او التيار المحافظ المتشدد (هناك تيار محافظ متنور) هو نوع من المهادنة مع النظرية ذاتها وغض الطرف عن جوهر أزمتها وماهيتها الجامدة. فلا يجوز القول: بهذا المعنى، ان الدين لا هو صحيح ولا هو غير صحيح، بل هو دين وكفى، ليرفع الى سدة الألوهة التي لا يطالها الحوار، وبهذا تصبح دولته مقدسة، هي الاخرى، لا يبلغ شأوها النقد حتى يرجم بالتكفير، علما بأن الدين براغماتي نفعي يتماهى مع المصالح والقوى، وتندرج على قواعده كل التباينات للتيارات المختلفة. فلهذا لا تختصر الاصوليات فقط اشكالية نظرية التخلف، بل تلحقها الأديان والفلسفات المقيّدة للتطور.
فالاصلاح من داخل الدين، كشعار متواتر في حركة الزمن الديني، لم ينتج مع عصر النهضة إلا تسلسلا بدأ مع الطهطاوي الذي حاول الجمع بين التراث والحداثة، مرورا بكل من الأفغاني ومحمد عبده، اللذين طرحا أسلمة العلمنة، ووصولا الى رشيد رضا، حيث كان في شبابه مؤيدا لأسلمة النهضة، أما بقية عمره فقد كفّر الحداثة، ومهّد لولادة التيار المتطرف بقيادة سيد قطب والبنا، وغيرهما ممن اقترح مبدأ الحاكمية لله والاسلام هو الحل وتكفير من هو خارجهما.
فالتلفيقية لم تعطِ نتيجة إيجابية حتى الآن، بل شكلت مقتلا للعديد من التجارب النهضوية التي سقطت في خدمة المحافظة والهجنة الدينية المعطلة لأي إصلاح حقيقي باتجاه التطور العام على كل المستويات.
ان ((الديموقراطية الدينية)) هي من الشعارات الحديثة او الجديدة، وهنا بمعنى الطارئ والجدة، او الناتئ الذي يجب تسويته وتمهيده وتطويعه على قاعدة القديم المقدس، لا تلتقي مع الاتجاه الذي يتطور في متوالية هندسية تصاعدية، من القديم الى الجديد، يتوالد ويتناسل باستمرار، بمعنى المتغيّر والمتحوّل بشكل دائم، حيث ينهي التطور الماهية الثابتة، والجوهر الجامد في حدود الزمان والمكان والتاريخ والقوى، نحو المتحوّل في ديمومة سيارة لنيل الحقيقة التي لا تتبدى أبدا في نهائية خالصة، وإنما في امكانية متواترة ومتوافرة ومحققة أفضل مما كان وأجدى نفعا. فالاسلام الأول عصر النبي، أما عهد الخلافة فيختزن في داخله العديد من الاشكالات يجذب كقاعدة بقوة النص والسيف والخليفة، الملخصة للمقدس الإلهي كل ما ينشأ حتى ((الديموقراطية)) ويلغيها بالدينية.
أما الديموقراطية العلمانية فهي تجاوزية وتطويرية نحو التحديث الذي يواظب على التحول والذي يطال حتى الديموقراطية ذاتها.
لم ينتصر خاتمي، إلا كواجهة للنظام الديني بكل مشمولاته، على رغم كثافة مؤيديه، مما يشير الى ان الشعب لم يحقق فوزا على المحافظين الذين لم ينتصروا فقط على الاصلاح، وإنما انتصروا على إيران ومنعها من البعث كدولة ومجتمع قادرين على بناء ذاتهما ديموقراطيا، الامر الذي يعارض الديني، ولهذا فإما إيران دولة دينية وإما ديموقراطية، ولا يمكن ان تكون ديموقراطية دينية.
 كاتب لبناني.



#سعد_عصام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...
- -السداسية العربية- تعقد اجتماعا في السعودية وتحذر من أي هجوم ...
- ماكرون يأمل بتأثير المساعدات العسكرية الغربية على الوضع في أ ...
- خبير بريطاني يتحدث عن غضب قائد القوات الأوكرانية عقب استسلام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لمسيرات أوكرانية في سماء بريان ...
- مقتدى الصدر يعلق على الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريك ...
- ماكرون يدعو لمناقشة عناصر الدفاع الأوروبي بما في ذلك الأسلحة ...
- اللحظات الأخيرة من حياة فلسطيني قتل خنقا بغاز سام أطلقه الجي ...
- بيسكوف: مصير زيلينسكي محدد سلفا بوضوح


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سعد عصام - خاتمي وإيران والديموقراطية الدينية