أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبدالرحمن حسن الصباغ - المترف والنشّال















المزيد.....

المترف والنشّال


عبدالرحمن حسن الصباغ

الحوار المتمدن-العدد: 6270 - 2019 / 6 / 24 - 19:34
المحور: كتابات ساخرة
    


حدثنا الراوي عن الشيخ عبدالرحمن الحالم قال قال,أثناء العطل وخصوصا الصيفية يضج مترو باريس بالسواح من كل انحاء العالم وخصوصا أولائك القادمون من الجانب الغني منه مما يجعل هذه الفترة من السنة تعتبر موسم الصيد الوفير بالنسبة للنشالين الذين هم أيضا يأتوها من بعض أنحاء العالم ولكن العالم الفقير المعدم سواءً جاؤوا من نفس أوربا أو من خارجها, يدخلون فرنسا بسمات سياحية كأقرانهم الأغنياء ولكن الهدف ليس للنزهة وإنما هو لممارسة المهنة بسرقة ما يمكن سرقته من محفظات أو جوازات سفر وبطاقات مصرفية وكذلك هواتف نقالة أو آلات تصوير ...وهم عادة ما يغزون المترو وخصوصا تلك الخطوط التي تمر بالمناطق السياحية على شكل قطعان تصل حدود الستة أفراد أو أكثر يحيطون بالفريسة حتى ولو كان مع أصدقائه وأهله ويعزلوه عنهم ثم وبكل خفة يسلبوه محفظته أو أي شيئ ثمين مما يحمل,وهم من الصلافة بمكان حيث أنهم لايهابون أو يهمهم إنتبه االركاب لحركاتهم أم لا فتراهم يواصلون نشاطهم في سلب الضحية وبنفس الوقت يوجهون نظرات حادة ومتوعدة للركاب لمن يجرأ منهم أن ينبه المسكين أو المسكينة ,وحتى لو حصل وأنتبه الشخص المسروق فتجدهم يعالجون الموقف بكل برود ولا يأبهون له ولإعتراضه أو تذمره فيغادرون العربة بكل بساطة ليركبوا المجاورة لها تماما ويستمرون بعملهم الدؤوب دون أي رادع أو خوف ,بل إن الأمر يبدو معكوسا فالركاب هم الذين يختلجهم الرعب عند ولوج هؤلاء لعربة من عربات المترو والتي طالما تُسمَع فيها نداءات بين فينة وأخرى تحيط المسافرين علما بأن هنالك نشالين قد ولجوا المترو فإنتبهوا لجيوبكم.بالرغم من التطور في المناورة وتوزيع المهام الذي صاحب مهنة النشل فلا زال هناك منهم من يفضل أن ينشط بحرفته لوحده وهم عادة من مواطني البلد نفسه من أبناء أحياء الفقر الباريسة أو من إحدى ضواحيها المهمشة. يقول شيخ الحالمين وقد رأى نشالا شابا ينشط لوحده ....كنت جالسا خلفه أرقبه منذ أن ولج عربتنا وتطلع بالركاب يتفحصهم حتى أستقر رأيه أن يقف الى يسار رجلاً مسناً يجلس على أحد المقاعد الصغيرة القابلة للرفع,سترابونتان, كان واقفا بجسمه الرياضي الممشوق,كمال أجسام, يرتدي بنطلون جينز فوقه قميص بنصف كم سماوي مشجر يكشف عن ذراع غليضة موشمة وبقصة شعر كأنها عش لقلق وقد جعله بلونين من الأعلى أرجواني ومن الأسفل أزرق غامق,واقفا فوق رأس ذلك العجوز الذي كان قد إنتبه له فأخذ يراقبه خلسة وبحذر ,ذلك أن الشاب على ما يبدو كان يرصد جيبة قميص الرجل العجوز وما إنفك للحظة عن سبر محتواها بعينين خبيرتين وكف يده مرفوعة يداعب بها أذنه تارة و أنفه تارة أخرى بأصابع ترتجف متأهبة للأنقضاض على جيبة الرجل المسكين والذي لم يكن يعرف إن كان الأمر مجرد دعابة سمجة من قبل هذا الشاب أم هو جادا يريد سرقته بكل وقاحة,وللحقيقة أنا نفسي كنت أضنها نوع من الكوميديا المقصودة لأضحاك الركاب, والكلام للشيخ الحالم, لأن حركاته ونظراته وتعابير وجهه كلها توحي بأنه يمثل دور النشال بطريقة كاريكاتيرية مبالغ بها,وسواء كان ألأمر كذلك أم لا فالرعب كان باد على وجه الرجل العجوز لأبعد الحدود وبدلا من أن يغير مكانه بقي مسمرا في مقعده بإنتظار ما سيفعل ذلك الشيطان الواقف الى جانبه كالنسر الذي يتأهب لينشب مخالبه في جسم الفريسة.ففي كل حركة ولو صغيرة من أصابع النشال كان لها ما يقابلها عند العجوز من رعشة رأس أو هزة كتف, وبينما كنا ,أنا والركاب,في ترقب وتربص لحالة المد والشد بين الضحية والنشال توقف المترو في محطة جورج الخامس عند وسط شارع الشانزليزيه الشهير ليصعد منها شابا جميلا في منتهى الأناقة بحلته البيضاء وربطة عنقه الذهبية متأبطا حسناوتين واحدة سمراء بشعر قصير ترتدي شورت جينز فوق جوارب سوداء شبكية مغرية وقميص أزرق فاتح شفاف فاضح من دون أكمام والأخرى شقراء بلون التبن ذوائبه تصل لخصرها ترتدي تنورة قصيرة من الستان الأسود من شدة ضيقها تكاد تتقطع على جسدها المثير تعلوها قمصلة خفيفة سوداء فوق قميص من الحرير الرماني مفتوح الأزرار بما فيه الكفاية , وانتشرت حالا في العربة كالنار في الهشيم رائحة عطر لهّاب توقض الدب من سباته. لقد كان المنظر يشد الأنتباه حقا وخصوصا أن الثلاثة كانوا يتصرفون بطريقة إستفزازية وكأن الحافلة ملكهم لهم وحدهم فتارة يتبادلون القبلات الطويلة والعميقة وأخرى الهمسات التي يعقبها ضحكات فاجرة والفتى المترف مغترا بشبابه يفعل ما بإستطاعته من حركات ومناورات لجذب أنظار الركاب إليه.ومن بين الركاب طبعا صاحبنا النشال الذي نسى الرجل العجوز وراح يحملق بالشاب المغرور ويتفحصه من كل جوانبه والذي لم يكن يبعد عنه سوى أشباراً قليلة فأدركت أنه قد وجد فيه ضالته المنشودة مقارنة بالآخر البائس,وفجأة صرخ النشال وهو ينظر بحدة تجاه الشاب.... لماذا تحدق بي بهذه الطريقة هل تعرفني؟أم تراني خطفت ثدي أمك من فمك ها... بيبي إخبرني؟فأجابه الشاب وقد دهش ,سيدي هل توجه الكلام لي؟فأجابه النشال طبعا لك أنت يا بيبي أمه ..... سألتك لماذا تحدق بي أجبني,هل تريد صورتي؟كان الموقف واضحا للجميع ما عدا للشاب والفتاتين ,أن النشال كان يفتعل مشكلة ليتمكن من سرقة الشاب.قال الشاب بتعال مبالغ به وهو يبتسم وينظر لصديقتيه آسف ..لاأعتقد أن نظري يمكن أن يقع عليك أنت بالذات ...وإلتفت الى صديقته السمرا ء ليرى ردة فعلها على جملته فأجابت بضحكة قصيرة فأنتهره النشال وهو يفتعل العصبية ,أضنك تسخر مني بيبي ؟وتتصور أن طرحتك البيضاء تجعلك أعلى شأنا من الآخرين ....في حين أنك مجرد بيبي بحفاظته ... هههه أدر ظهرك لتريها للناس ههههه.قال الشاب أنت حقا شخص غير مؤدب.. فرد النشال وهويتقدم منه أتشتمني يا قذر ثم أخذ بتلابيبه وجرد له لكمه قوية أفقدت الشاب توازنه وأسقطته على الأرضية والنشال فوقه يكيل له اللكمات الثقيلة وكأن له معه ثأرا قديما والآخر شبه مغمى عليه والمرأتان يصرخن ويستغثن بالركاب ولا مغيث ,وقبل أن يصل المترو للمحطة التالية مد النشال يده وأخذ المحفظة وكانت فعلا مكتنزة ثم غادر المترو راكضا, ذلك أن الفتاة الشقراء كانت قد سحبت عروة الأنذار بالخطر أثناء العراك فتوقف المترو في المحطة بإنتظار مجيئ السائق للأستفسار ,.وصل السائق أخيرا وأستمع للفتاتين ثم ذهب ليخبر تلفونيا مسؤول المحطة لأجراء اللازم بإستقدام الشرطة والأسعاف,غير إن النشال كان قد هرب وأصبح الآن في مأمن. وفي هذه الأثناء وبإنتظار المسعفين والتحقيق والشاب لايزال مطروحا على الأرض وقد تلطخت حلته بالدم والتراب أعلن سائق المترو عبر السماعات بأن مترو شاتو دي فنسان / لاديفانس,خط رقم 1 سيتوقف لمدة غير معلومة بسب حادث إعتداء على مسافر فعلى الركاب المسرعين أن يختاروا وسائط نقل أخرى أو خط آخر ,حدقت الفتاتين بعيون بعضهن البعض ثم نزلن من المترو غير ملتفتتين لنداءات الشاب يرجوهن بالبقاء معه.نظر الرجل العجوز للشاب نظرة عطف وإمتنان وقال وهو يغادر أشكرك يا صاحبي,...أجابه الشاب مندهشا....ولكن على ماذا يا ترى؟ ثم لما لم يتلقى جوابا من الآخر.. أردف يهمس وكانه يحدث نفسه... يا الهي أننا حقا نعيش في عالم عجيب.



#عبدالرحمن_حسن_الصباغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفخ الياباني
- فصخ
- سياحة لأيران على عهد الشاه محمد رضا بهلوي
- في السعادة والسعدان
- خصومة قديمة
- في الأفق يلوح طوفان جارف؟
- أخطاء شائعة وملاحظات على هامش الحضارة السومرية
- في نشأة الموسيقى وعلاقتها باللغة [نظرية في أصل النغمات الرئي ...
- كركوك أسم سومري


المزيد.....




- ضحك من القلب مع حلقات القط والفار..تردد قناة توم وجيري على ا ...
- مصر.. الأجهزة الأمنية تكشف ملابسات سرقة فيلا الفنانة غادة عب ...
- فيودور دوستويفسكي.. من مهندس عسكري إلى أشهر الأدباء الروس
- مصمم أزياء سعودي يهاجم فنانة مصرية شهيرة ويكشف ما فعلت (صور) ...
- بالمزاح وضحكات الجمهور.. ترامب ينقذ نفسه من موقف محرج على ال ...
- الإعلان الأول ضرب نار.. مسلسل المتوحش الحلقة 35 مترجم باللغة ...
- مهرجان كان: -وداعا جوليا- السوداني يتوج بجائزة أفضل فيلم عرب ...
- على وقع صوت الضحك.. شاهد كيف سخر ممثل كوميدي من ترامب ومحاكم ...
- من جيمس بوند إلى بوليوود: الطبيعة السويسرية في السينما العال ...
- تحرير القدس قادم.. مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 25.. مواع ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبدالرحمن حسن الصباغ - المترف والنشّال