أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميلاد السوقي - قصة دجاجة















المزيد.....

قصة دجاجة


ميلاد السوقي

الحوار المتمدن-العدد: 1541 - 2006 / 5 / 5 - 11:31
المحور: الادب والفن
    


نحن قد نبكي من شدة فرحنا، فلماذا لا نضحك من شدة أحزاننا؟

نعم، لا حرية لشعب يضحك من وراء البحر، وبما أن ليبيا كانت تستورد العمالة والفول والزوجات من مصر، كما تستورد النكت، فإن عملية الاكتفاء الذاتي التي تمارسها قطاعات النظام الجماهيري لمحاولة إنتاج الضحك قد نجحت تماما، فالحزن سلعة متوفرة، كذلك النساء وخاصة عند الفقراء، فهي أيضا سلعة متداولة، ولا يمكنك الاتجار بها وبيعها للناس، فهم لن يشتروها منك، فالناس تتحصل على هذه السلعة مجانا.

في سهره مصرية بحتة، ولا يهمنا إذا كانت شرعية، أو محفوفة بالمحرمات. المهم أنه كان يحضرها مجموعة فراعنة، بينهم أشخاص لهم شهرة عربية كبيرة مع آَلة السمسمية. استهل ذلك الفرعوني الحديث بقصة حلوة، فالمصريون يحبون ويجيدون الأحاديث السكرية، نظرا لارتفاع ثمن السكر، ويمكن بسبب ذلك أن الكثير من المصريين مصابون بالتسوس. ما علينا، قال ذلك الشخص.

كان هناك مواطن مصاب كما الأغلبية بفقر حاد، وبعد ستة أشهر من العمل، نزل راتبه أخيرا. راتب لشهر واحد، وهذا الفلان رجل غريب، كان دائما يحمل في جيبه صورة له، مع جثة خروف، في آخر مرة ذبح فيها قربان عيد الأضحى منذ سنوات خلت، وكان يستعمل هذه الصوره للحلفان، فإذا لم يصدق أحد حديثة مثلا بأنه لم يتقاضى راتبه منذ ستة أشهر، كان يخرج من جيبه صورته مع لحمة الخروف الوطني، ثم يضع عليها يده، ويردد: وحق هذه النعمة أن ما أقوله صحيح.

أراد هذا المسكين أن يفاجيء زوجته وأولاده بسيد الطعام الذي لم يتناولوه منذ زمن، فذهب إلى مكان توجد به شركة الدواجن واللحوم. كانت بناية كبيرة. نظر إلى اللافتة، ثم إلى راتبه. حينها قام بحذف كلمة مواشي وركز على الدواجن، وقرر قرارا حاسما أن يشتري دجاجة! نعم دجاجة كاملة.

دخل البناية، وكله اعتزاز وثقة، وتبدو السعادة على محياه .. ألم يقبض معاشه ؟

سأل موظف الاستقبال عن مكان شراء الدواجن قائلا: أريد أن أشتري دجاجة، نعم دجاجة كامة. فأشار الموظف إليه أن يذهب إلى الطابق الأول.

في الطابق الأول سأله الموظف الذي لم يقبض مرتبه منذ مدة هو أيضا:
الموظف : تفضل يا أستاذ ..
المواطن : أريد أن أشتري دجاجة .. نعم دجاجة كاملة ..
الموظف : وهل تريدها حية أم مذبوحة ؟
المواطن : أريدها مذبوحة .
الموظف : الدجاج المذبوح في الطابق الثاني .. شكرا ..

الطابق الثاني

المواطن : أريد أن أشتري دجاجة .. نعم دجاجة كاملة، وتكون مذبوحة ..
الموظف : هنا هو المكان الذي تريده، ولكن هل تريدها بريشها أم منتوفة الريش ؟
المواطن : بالطبع أريدها منتوفة الريش .
الموظف : عفوا الدجاج المنتوف الريش في الطابق الثالث .

الطابق الثالث

المواطن بصوت متوتر قليلا للموظف : أريد أن أشتري دجاجة. نعم دجاجة كاملة، ومذبوحة، ومنتوفة الريش.
الموظف بهدوء : هذا هو مقصدك، ولكني أتساءل، هل تريدها نظيفة من الدماء والأمعاء، ومقطوعة الرأس والأرجل؟
المواطن وقد بدأ يفقد احتياطي صبره : بل نظيفة من كل شيء.
الموظف : عفوا يا سيد، ليس هنا مطلبك، بل في الطابق الرابع.

بدون (شكرا)، صعد هذا المواطن الدرج، وهو يقول بصوت مسموع أن عدم توفر المصاعد الكهربائية يعتبر تشجيع للرياضة الجماهيرية من قبل الحكومة.

الطابق الرابع

المواطن بصوت مرتفع للموظف : يا بني آدم .. أريد أن أشتري دجاجة. نعم دجاجة كاملة، وأريدها مذبوحة، ومنزوعة الريش، ونظيفة من كل شيء.
الموظف : ارتاح يا أخي، ولا تنزعج، هنا تجد مطلبك، ولكن أتساءل، هل تريدها مجمدة، أم طازجة؟
المواطن : بل أريدها طازجة.
الموظف : أنا آسف جدا، ولكن الدجاج الطازج هو من اختصاص الطابق الخامس.
المواطن معربدا : وينك يا طولة البال؟

الطابق الخامس

الموظف : أهلا وسهلا، أي خدمة؟
المواطن : نعم. أريد أن أشتري دجاجة. دجاجة كاملة، وأريدها مذبوحة، ومنزوعة الريش، ونظيفة من كل شيء، وتكون طازجة.
الموظف : هذا القسم يختص بطلبك، ولكن هل تريدها في كيس، أم تمسك أفخاذها العارية بيدك؟
المواطن في حالة غضب شديد : طبعا في كيس.
الموظف : إذا انتقل إلى الطابق السادس، وهناك تجد مطلبك.
المواطن وقد أعطاه ظهره متجها إلى الطابق السادس ومعربدا بألفاظ بذيئة وبصوت مرتفع: لم نأكل لحم منذ مدة ليست قصيرة، وحين حصلنا على المال لم نتمكن حتى من شراء دجاجة. دجاجة واحدة. هل كفرت بطلبي؟

وقبل أن يجيب نفسه، لقيه في الطابق السادس رجل، يبدو من هيئته أن له مكانة كبيرة في الشركة. فقال له الرجل، وعلى وجهه ابتسامة عريضة : على رسلك يا رجل، لماذا أنت غاضب هكذا، ونحن موجودون هنا فقط لخدمتك. تفضل، ما هي حاجتك؟
فقال له المواطن الغاضب : أريد أن أقابل رئيس هذه الشركة.
الرجل : أنت تقف أمامه بكل تواضع .. وهو في خدمتك تفضل..
المواطن : يا سيدي .. أريد أن أشتري دجاجة. دجاجة كاملة، وأريدها مذبوحة، ومنزوعة الريش، ونظيفة من كل شيء، وتكون طازجة. وأتمنى أن توضع في كيس، لأني كما تراني، لا أحمل كيسا، ولا أستطيع حملها بيدي إلى البيت، وأنا سوف استقل الجريمة التي تسير على الإسفلت، أقصد سوف استقل الحافلة، وأعدك .. نعم أعدك إذا فكرت يوما أن أشتري دجاجة مرة ثانية، سوف أحضر معي كيسا، وهذا وعد رجل.
الرجل مبتسما : اهدأ يا رجل، لقد وصلت .. هذا هو الطابق الذي يختص بالدجاج المذبوح، والمنتف الريش، والنظيف من كل شيء، والطازج الغير مجمد، والموضوع داخل أكياس تحمل شعار الشركة. نحن في الحقيقة سعداء لتعاملك معنا، ونعلمك بأنه لا يوجد لدينا أي دجاج حي أو مذبوح، طازج أو حتى مجمد. ولكن سألتك بالله، ما رأيك في النظام عندنا؟

حينها أغشي على الحضور من شدة الضحك، وحين فرغ ذلك المصري المشهور جدا في الوسط الفني، حين فرغ من ضحكته الصرصورية، والدموع تملأ عينيه قال: نعم مصر هي أم الدنيا، والمصريون أهل نكته بصحيح، وهم من اخترع الضحك والفرفشة. حينها قاطعه الرجل الذي روى القصة قائلا: هذه التى رويتها الآن لكم، ولا أعلم إذا كانت قصة حقيقية أو نكتة .. ليست مصرية، بل هي ليبية..

حينها تمتم هذا المشهور قائلا: "جاعوا أولاد الـ ... "!!!

المغفور له بإذن الله
ميلاد السوقي
العجوز دائما



#ميلاد_السوقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرمان أمير المؤمنين


المزيد.....




- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...
- فيلم السرب 2024 بطولة احمد السقا كامل HD علي ايجي بست | EgyB ...
- أستراليا تستضيف المسابقة الدولية للمؤلفين الناطقين بالروسية ...
- بعد إطلاق صندوق -Big Time-.. مروان حامد يقيم الشراكة الفنية ...
- انطلاق مهرجان أفلام السعودية في مدينة الظهران


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميلاد السوقي - قصة دجاجة