أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أرام عبد الجليل - دراسة حول الآليات الدولية والمحلية لمحاربة الإفلات من العقاب















المزيد.....



دراسة حول الآليات الدولية والمحلية لمحاربة الإفلات من العقاب


أرام عبد الجليل

الحوار المتمدن-العدد: 1538 - 2006 / 5 / 2 - 11:39
المحور: حقوق الانسان
    


                                             "... وتكاثر الجرائم يؤمن عدم العقاب عندما تسير الدولة إلى الانحلال، وفي عهد الجمهورية الرومانية، لم يحال قط مجلس الشيوخ (السناتور) أو القناصل ممارسة حق العفو، والشعب نفسه لم يمارس هذا الحق، مع أنه نقض في بعض الأحيان أحكاما خاصة به، وتكاثر صدور أوامر العفو ينذر بالآثام، لن نبقى بحاجة إلى العفو في الزمن القريب، وفي الإمكان تقدير ما يترتب على هذا من العواقب، هنا أحس أن قلبي ليختلج فيحبس قلمي، فترك مناقشة هذه المسائل للرجل الصالح الذي لم يعثر قط، ولم يحتج هو نفسه إلى العفو".
جون جاك روسو، العقد الاجتماعي، الفصل الخامس، ص 52.
 
 
منطلقات وأهداف الدراسة:
 
تعالج هذه الدراسة مسألة الإفلات من العقاب في جوانبها القانونية، السياسية والأخلاقية، وإدراك الآليات الدولية والمحلية لمناهضته، من خلال سياقات وتجارب دولية تنتمي إلى أنساق سياسية وثقافية مختلفة.
كما تجعل هذه الدراسة من بين أهدافها الأولى، مواجهة إفلات مهندسي جرائم، وانتهاكات حقوق الإنسان من العقاب، اظافة إلى أهداف أخرى من بينها :
-    رصد التطور النوعي الذي عرفته العدالة الجنائية الدولية ، متمثلة في المحكمة الجنائية الدائمة ، كإفراز موضوعي للفعالية والمقاومة التي أبداها المجتمع المدني العالمي ( نضالات الحركة الحقوقية والمساندين لها ، مجموعات الضحايا وذويهم ،.... ) . حيث أثر هذا الجانب على منظومة القضاء الجنائي الدولي بصفة خاصة ، والقانون الدولي عامة ، وهذا ما دفعني في جانب من هذه الدراسة إلى رصد وتحليل هذا التطور .
-    رصد البناء القانوني لعدم الإفلات من العقاب في السياق المغربي من خلال ( الدستور، القانون الجنائي والمسطرة الجنائية)، وتحليل قاعدة إفلات الجلادين ومرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على مستوى الواقع، وعلى مستوى الممارسة والخطوات السياسية، من خلال تجربة ( هيئة الإنصاف والمصالحة )، التي تعتبر واحدة من بين أزيد من ثلاثون لجنة للحقيقة في العالم، ورغم أن لجان الحقيقة تعد آليات غير قضائية إلا أنها تساعد على متابعة ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان، حيث يمكن لها أن تكمل عمل النيابة الجنائية بجمعها وتصنيفها وحفظها للأدلة التي يمكن استخدامها في توجيه الاتهام الجنائي، والمحاسبة القضائية، وأن تقترح وتقيم الحجة على صور مختلفة للمحاسبة أقل من العقاب الجنائي، مثل المسؤولية المدنية وإقالة المسئولين، ورد الحقوق ومشروعات خدمة للمجتمع. اظافة إلى ذلك فان لجنة الحقيقة تعتبر منهجا من مناهج الأكثر اتصالا نظريا وعمليا بالعدالة الانتقالية   (La justice Transitionnelle)إلى جانب مناهج كإقامة الدعوى القضائية على مرتكبي الانتهاكات من الأفراد، حيث نرى انه لايمكن أن نتعامل مع العدالة الانتقالية إلا باعتبارها مناهج متكاملة غير قابلة للانتقائية أو للتحريفية، و تحت أي مبرر أو ذريعة كالخصوصية والمصالحة الوطنية أو الصفح الجميل.
-    وبما أن الدراسة تتصل بالقانون الدولي العام، و القانون الدولي الجنائي، فان هذا الفرع يتطلب عند البحث في أحد موضوعاته قدرا من التعمق في فهم أحكام القانون الجنائي الوطني، والقانون الدولي بكل ما يحملهما هذان الفرعان من خصائص ذاتية تختلف عن الآخر. فالعلاقة بين القانون الدولي والقوانين الداخلية كانت ولازالت موضوعا لخلافات عديدة في الرؤى الفقهية، والنظريات المختلفة بين مدارس الفقه، خاصة عندما يتعلق الأمر بإبرام ونفاذ نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية والالتزامات الناشئة عنه والتي من شئنها ان تضع حدا لافلات الجلادين من العقاب في مناطق شتى من العالم حيث يسود قمع القرون الوسطى، وتهدر كرامة الإنسان بدون إحساس بالذنب أو الخطأ  وبلا خوف من العقاب أو سلطة القانون .
-    كما تمكننا هذه الدراسة من فهم جانب من الحقل السياسي المغربي من خلال تعاطي النظام السياسي مع حقوق الإنسان كرافد من روافد المشروعية خاصة بعد بروز مؤشرات التعاطي مع التركة الحقوقية للعقود الماضية، وبمعنى أدق فإن "سياسة حقوق الإنسان استعملت كأداة من أدوات "تحديث" موارد مشروعية النظام السياسي في المرحلة الراهنة، بإعادة إنتاج القيم السياسية "المخزنية" عن طريق استيعاب واحتواء كل التطورات.."[1].
-    وفي إطار السعي إلى إحلال التوازن داخل الحقل السياسي المغربي يتم اللجوء إلى استخدام بعض الآليات سواء من قبل السلطة السياسية، أو من طرف مكونات المجتمع المدني"[2]. ويتأتى ذلك عبر آلية حقوق الإنسان والمطالب المرتبطة بتسوية انتهاكات الماضي، عبر رفع المذكرات إلى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ، أو هيئة الإنصاف والمصالحة، وهي تشكل ايوالية لتصريف توجهات ممانعة للمقاربة الرسمية لطي صفحة الماضي.
-    إذا كانت "وظيفة التعددية الحزبية المغربية تحيل على المنطق الباطني لنظام سياسي فريد من نوعه يجيد التوفيق بين استخدام المرجعيات، والمصادر وتندرج في المنطق العميق للتعددية المستبدة"[3]، فإن النظام السياسي يعمل على نقل التجربة إلى الحقل الحقوقي باعتباره حقل حيوي، وفرعا آخر لإدارة الصراع السياسي مع خصوم الماضي، ويحيلنا ذلك إلى دينامية النظام السياسية وارتكازه إلى سياسات الإقصاء والاحتواء، عبر اختراق "الحركة الحقوقية" وجعل جزء منها يشتغل ويدعم المقاربة الرسمية لطي صفحة الماضي، بتبني مشروع "هيئة الإنصاف والمصالحة"، والتراجع عن مشروع إقامة "اللجنة الوطنية المستقلة للحقيقة"، الصادر عن توصيات المجتمع المدني والحقوقي في المناظرة الوطنية للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب. وهذه الوظيفة تجعلنا نقيس مستوى المقاومة في جانبين :  مقاومة الجلاد للإفلات من العقاب ، ومقاومة وصمود الضحايا لمواجهة هذا الإفلات والهروب من العدالة .
-    كما تدفعنا الدراسة إلى إدراك الاختلاط الحاصل بين " السياسي " و"القانوني "في مجال التعامل مع نظام المحكمة الجنائية الدولية (…) فليس هناك قانون محايد على الإطلاق، ولم يسبق للنظام الدولي منذ عرفه المجتمع الكبير أن كان محايدا على الإطلاق أو متشددا لمبادئ القانون الطبيعي، أو لقواعد العدالة والإنصاف"[4]، حيث ستظهر العراقيل الحقيقية على المستوى الإجرائي بالنسبة لاختصاصات ، وقوانين المحكمة الجنائية الدولية، التي تعارضها الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما سوف يضع الحكومات والمجتمع المدني العالمي في محك حقيقي للدفاع عن اختيارات العدالة الجنائية الدائمة.
-    و يحيلنا موضوع الدراسة كذلك إلى ضرورة وضع تصور واضح حول "مفهوم الأمن والنظام في علاقته بممارسة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية تعبيرا عن الجميع على الإرادة الحقيقية في تجاوز سلبيات الماضي، ووضع ضمانات للمستقبل حتى لا تتكرر المآسي"[5].
-    كما تبين لنا  الدراسة أيظا أن عنف الدولة والانتهاكات الجسيمة "تتجاوز مفهوم المصلحة العليا للدولة (La raison d état) ، و تبرز طبيعة النظام السياسي والتصور الذي يحمله بصفة مضمرة، تجاه الإنسان والمجتمع وتجاه الأفراد، ومن خلاله يمكن الكشف عن ثبات النظام واستمرار بنيته، والعقلية المرافقة لها ، وعن حقيقة تغيره وتطوره"[6].
 
ولملامسة هذه الأهداف ، فسوف نقوم بعرض هذه الدراسة في شكل حلقات تدرس الإمكانيات التي توفرها المحكمة الجنائية الدولية على مستوى بنيتها التنظيمية واختصاصاتها القانونية ، لمناهضة الإفلات من العقاب على المستوى الدولي ، ثم دراسة هيئة الإنصاف والمصالحة، كهيئة غير قضائية بالتطرق إلى إطارها التنظيمي بالمقارنة مع "لجان حقيقة" في تجارب عالمية( تيمور الشرقية ، جنوب إفريقيا ، الأرجنتين ، التشيلي ، غانا ...) ، من خلال الأنظمة القانونية الداخلية لها ومنجزاتها، ثم بالتطرق إلى عدم الإفلات ومبرراته في السياق المغربي من خلال المرجعية الدولية للعدالة الانتقالية، والسياقات التاريخية خاصة في التجربة اليونانية والأرجنتينية.
إمكانية انفاذ نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية من خلال التطرق إلى الإشكاليات التي يطرحها التصديق على مستوى التشريع و القوانين الداخلية ( القانون الجنائي ، المسطرة الجنائية ) ، وبالاعتماد على مقارنة نماذج دولية سابقة ( فرنسا ، اسبانيا ، لوكسمبورغ ....) ، ثم  إلى التعرف على الأدوار المتوقعة من  المجتمع المدني العالمي أن يلعبها  في إطار الائتلاف الدولي الخاص للمحكمة الجنائية الدولية، لدفع الدول التي تعرف الافلات المتواصل للجلادين ومرتكبي الانتهاكات من العقاب .
 
 
توطئة
 
إن الغاية من تأسيس الدولة ليست السيادة، أو إرهاب الناس أو جعلهم يقعون تحت نير الآخرين، بل هي تحرير الفرد من الخوف، وجعله يحتفظ بالقدر المستطاع بحقه الطبيعي في الحياة، وإتاحة الفرصة لأبدان وأذهان الموجودات العاقلة لتقوم بوظائفها كاملة في أمان تام، بحيث يتسنى لهم أن يستخدموا عقولهم استخداما حرا دون إشهار لأسلحة الحقد ،أو الغضب أو الخداع، وبحيث يتعاملون معا دون ظلم أو إجحاف. فالحرية إذن هي الغاية الحقيقية من قيام الدولة[7].
 
كما أن ظاهرة العنف السياسي، وإن كانت تبدو ظاهرة عادية في التاريخ، تمثل انحرافا في طبيعة السياسة (كممارسة وكمجال)، بمضمونها المدني الحديث، لأن المنخرطين في العنف يتجاهلون أن المصالح والحقوق –وهي هدف كل عمل سياسي- مشتركة ومتداخلة. ويسوغ للمجتمع تحصيلها بشكل شرعي وسلمي ودون عنف أو إكراه ينجم عنه الإضرار بمصالح الآخرين، لأن في ذلك فضلا عن الحيف والإجحاف تهديدا للتوازن السياسي والاجتماعي للاجتماع الوطني، وهو المقدمة المثلى لكل أنواع الاصطراع الأهلي الوحشي"[8]، وهكذا فما ينشئ المجتمع السياسي ويكونه، سوى اتفاق فئة من الناس الأحرار، الذين يؤلفون أكثرية على الاتحاد وتأليف مثل هذا المجتمع، وعلى هذا الوجه فقط، نشأت وتنشأ كل حكومة شرعية في العالم[9]، "فتمتع كل فرد بحريته لا يهدد سلامة الدولة ،أو التقوى أو حق السلطة العليا، بل هو بالإضافة إلى ذلك ضروري للمحافظة على ذلك كله"[10].
 
ومن ظواهر العنف السياسي هو ما تعبر عنه تقنيات، وآليات ممارسة السلطة عند فقدانها الشرعية، حيث يعمد النظام السياسي إلى تحصيل هذه الشرعية بالقوة بدل الرضا الجماعي، وما ينتهي إليه ذلك من إقفال الحقل السياسي أمام المجتمع، وما يترتب على الحياة السياسية من غرامات فادحة، بأعمال القمع وتقييد الحريات وهضمها، ومنع الحياة الدستورية، أو إبطال العمل بها، وتنظيم حملات الاعتقال ضد المعارضين، وسيادة المحاكمات غير العادلة أمام قضاء لا يتمتع باستقلالية حقيقية في سلطته…، ويطال هذا العنف حتى المجال الاجتماعي-الاقتصادي[11].
   ولما كان العنف السياسي يتسم بارتكاب فظائع واسعة النطاق، وبالانتهاك اللاإنساني لحقوق وكرامة الإنسان، فإنه يصبح من الضروري إقرار شكل ما من أشكال العدالة..[12] 
"وإذا كانت جرائم الحكومات الاستبدادية في القرن 20، لا تختلف كثيرا عن جرائم الحكومات الاستبدادية قديما، فإن سلوكها قد أصبح يمثل قضية شائكة جدا بالنسبة لمجتمع هذه الحكومات ومواطنيها بنسبة كبيرة، لأن قضية حقوق الإنسان قد نالت اهتماما خاصا على المستوى الدولي طيلة فترة السبعينات، بفضل ظهور منظمات تهتم بالدفاع عن حقوق الإنسان (…) وعلى هذا الأساس، لا يمكن للحكومات الديمقراطية الجديدة أن تتفادى انتهاك حقوق الإنسان من قبل المسؤولين السابقين، بالرغم من أنه لم يسبق، في أغلب الحالات، أن طرحت مسألة متابعة ،ومعاقبة جرائم من هذا النوع داخل هذه المجتمعات"[13].
ففي السيناريوهات التي لا يمكن فيها تجنب التفاعل اليومي بين الضحايا ومرتكبي الانتهاكات، سواء في الساحة السياسية أو الشارع، يكون الماضي المؤلم حاضرا بصورة حية ومثيرة، مما يحتم مواجهته بصورة متعمدة ومتأنية، إذا كانت الغاية هي الوصول إلى مجتمع يعيش في سلام حقيقي مع نفسه، كما أن احتياجات المجتمعات في حالات ما بعد انتهاء الصراعات عادة ما تكون هائلة وشديدة الإلحاح[14]، وترتبط بتحديات، ورهانات الانتقال الديمقراطي الذي يواجه ثلاث أنماط من المشاكل الانتقالية والسياقية ثم البنيوية[15].
إن إقرار آليات للعدالة في حالات ما بعد انتهاء الصراعات، تستهدف أكثر جمهور الضحايا، ومرتكبوها والمحيدين، ثم المجتمع الدولي الذي عانا خلال الصراعات الدولية وما خلفته من آلام، وضحايا.
فقد كان العالم يأمل أن تكون الحرب العالمية الأولى هي الحرب التي سوف تنهي جميع الحروب، إلا أنه وبمرور فترة قصيرة من الزمن، تورط العالم مرة أخرى في نزاع أكبر في أبعاده، وبعد إماطة اللثام عن أهوال الحرب العالمية الثانية تعهد المجتمع الدولي بأن لا يتكرر ذلك مرة أخرى. وبالرغم من ذلك فقد اندلعت منذ ذلك التاريخ ما يقرب من (250) نزاعا مسلحا على المستويات المحلية والإقليمية الدولية، نتج عنها بالإضافة إلى انتهاك حقوق الإنسان، والمرتكبة بمعرفة الأنظمة القمعية رقم تقديري للضحايا يتراوح ما بين (70) إلى (170) مليون قتيل، وذلك بالإضافة، إلى النتائج الوخيمة التي لا يمكن استيعابها، أو التعويض عن أضرارها المفجعة المادية والمعنوية، ولقد ساعد على ذلك ضعف الرادع وأحيانا عدم وجوده مطلقا، باعتبار أن وسائل تحديد المسؤولية الجنائية لازالت متأخرة على النطاق الدولي.
ومنذ انتهاء محاكمات قادة النازية في نورمبرج، دأبت الحكومات في معظم الأحوال على تطبيق سياسة واقعية ملائمة، يتم من خلالها التفاوض بالمسؤولية الجنائية والعدالة مقابل الوصول إلى حل سياسي، ونتاجا لهذه السياسة فإن الجرائم المنصوص عليها في قوانين الشعوب، مثل الجرائم ضد الإنسانية، الإبادة الجماعية، الممارسات المرتبطة بالتعذيب…الخ، قد انتشرت في جميع أرجاء المعمور، وبدلا من أن تقوم الحكومات بمنع ، والحد من تلك الجرائم ومتابعة تنفيذ العدالة ،فقد ساند بعضها تلك الانتهاكات[16]، بمنطق الصراع التاريخي أو الإثني بين القوميات.
ولقد أدت المطالبة بتطبيق العدالة الجنائية منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى إلى إنشاء خمس لجان تحقيق دولية، وأربع محاكم دولية خاصة، استفادت من دعم الحكومات ، التي أدركت أهمية وجود آليات المسؤولية الجنائية ، والعدالة كقيم دولية معترف بها ، و كسياسة ضرورية للحفاظ على النظام الدولي وإعادة السلام.
وقد أسهب الناشطون ،والأكاديميون على حد السواء في تعداد الأسباب إلى إقرار "مبدأ عالمية العقاب " ،الذي يجعل العالم بأسره كيانا اجتماعيا واحدا يطلق عليه اصطلاحا (civitas maxima) أو (Umpost state) أي الدولة الأسمى، وذلك من خلال فرض الحماية الجنائية على جميع أعضاء هذا المجتمع، بتعقب مرتكبي الجرائم في أي مكان يفروا إليه وتقديمهم إلى المحاكمة"[17]، حيث لم يتجاوز مفهوم العدالة الجنائية المنظور الإقليمي إلى النطاق الدولي، الذي بات يستهدف استكمال منظومة العدالة الجنائية.
كما أن حدوث التحول السياسي بعد فترات العنف، يجعل المجتمعات تنتهج مختلف السبل القضائية ،وغير القضائية للتصدي لجرائم حقوق الإنسان[18]، وللتعامل مع جرائم الماضي، وبالتالي فإن عدم الإفلات من العقاب يكتسي قيمته الفلسفية، والإجرائية في سياق تطور العدالة الجنائية الدولية، ومناهج العدالة الانتقالية.
 
أولا: الإفلات من العقاب، مشكلة عالمية
"اللا عقاب هو قمة الأكذوبة، الصمت والنسيان، وانتهاك لذاكرة الأفراد والجماعات"[19]. فالإفلات من العقاب في "المفهوم القانوني" هو "غياب العقوبة عند خرق قاعدة من قواعد القانون الجنائي"، ويمكن تعريفه بشكل أدق، هو "غياب حق أو فعل يرتب المسؤولية الجنائية للفاعلين المنتهكين لحقوق الإنسان، وكذا المسؤولية المدنية والإدارية والأخلاقية، وهذا يجعلهم يفرون من كل تحقيق يمكن أن يضعهم محط اتهام، إيقاف أو إصدار حكم قضائي، ورغم حصول الفاعل المتهم ، وحصول ضرر للضحايا"[20].
إن الإفلات من العقاب "يقصي الكثير من الحقوق ، والواجبات الأساسية التي يجب أن تضمن لكل واحد: حق الحقيقة، واجب الحقيقة، حق العدالة، واجب العدالة… فاللاعقاب يشمل مجالات مضاعفة، معنوية، سياسية، قانونية…"[21].
فالإفلات من العقاب يمكن اعتباره في حد ذاته انتهاكا مضاعفا لحقوق الإنسان، فهو يحرم الضحايا وأقاربهم من الحق في إقرار الحقيقة والاعتراف بها، والحق في إقرار العدالة، والحق في الإنصاف الفعال والتعويض، وهو يطيل أمد الأذى الأصلي الذي لحق بالضحية من خلال السعي لإنكار وقوعه، وفي هذا انتهاك آخر لكرامة الضحية وإنسانيته[22].
1-     المتابعة والعقاب أم الصفح والنسيان؟
لقد أفرزت إشكالية الإفلات من العقاب على المستوى العالمي تيارين متوازيين، لكل منهما حججه ومبرراته:
أ- تيار المساءلة والعقاب:
"تنطوي إشكالية مكافحة اللاعقاب بالطبع، على جانب بيداغوجي ،بحيث يجب أن يعلم أنصار اللاعقاب أن طرحهم يتناقض مع ضرورتين: أولهما ذات طبيعة أخلاقية، وثانية ذات طبيعة تاريخية"[23].
·        من الناحية الأخلاقية (éthique) :
-         إن ذلك يفرضه الكشف عن الحقيقة والإنصاف، فمن واجب النظام الحالي أخلاقيا ، أن يقوم بإدانة ومعاقبة الجرائم البشعة التي ارتكبت في حق الإنسانية ، حيث تمثل المتابعة واجبا أخلاقيا تجاه الضحايا وأسرهم[24].
-         "ترتكز الديمقراطية وتنبني على احترام القانون، لذلك من البديهي أن تتم البرهنة ، على انه لا أحد يعلو على القانون ، وخاصة الشخصيات السامية والعسكرية ورجال الشرطة"[25]. ويتعلق الأمر هنا، بأخلاق المسؤولية، وتكمن في التذكير الرسمي والدقيق بحدود سلطات المقررين والمنفذين، ثم دور العدالة في دولة الحق والقانون:
    فالمقررون على اختلاف مستوياتهم لم تكن سلطتهم مطلقة أبدا ، وهي محددة بمقتضى القانون بمعناه الواسع، والمبادئ العامة للقانون كما تم تحديدها بدقة منذ عدة قرون من لدن دول الحق، كما تم توسيعها باستمرار، فلا يحق لأي مسؤول سام أن يشيد لنفسه "حديقة سرية" (jardin secret) . إذ بوسعه أن يتصور أنه يمتلك سلطة التصرف دون التعرض لأي عقاب.
    أما المنفذون، فإن مهمتهم تتمثل في الحفاظ على الأمن ميدانيا في إطار القانون والمشروعية، حيث يتعلق الأمـر بنـظرية الحـرابات الذكـية (La théorie des baïonnettes intelligentes)، التي تعني على أن العون العمومي –مدنيا أو عسكريا- أن يرفض تنفيذ أوامر رؤسائه إذا لاحظ أن الأمر ينطوي على مس غير مشروع بأحد الحقوق، فليست هناك أية صعوبة في التمييز بين الأمر المشروع ، والأمر التعسفي، بل والإجرامي.
    أما بالنسبة للقضاة، فينبغي تذكيرهم بأن دورهم، هو تأمين العدل في استقلال تام ،  حتى لو تورطت شخصيات من أعلى درجات سلم تراتبية السلطة السياسية، وبعدم إضفاء طابع الشرعية على أفعال جلية اللاشرعية في الجرائم المرتكبة باسم المصلحة العليا للدولة.
-         كما أن المساءلة تعطي إحساسا بالأمان للضحايا ، وتوجه تحذيرا لمن يفكرون في ارتكاب انتهاكات في المستقبل، وتعطي قدرا من الإنصاف لمعاناة الضحايا، وتساعد على كبح الميل إلى ممارسة العدالة الأهلية (أن يقتص الناس لأنفسهم بأنفسهم)، كما تتيح فرصة هامة لتوطيد مصداقية النظام القضائي الذي أصابه الفساد والدمار، أو الذي لم يكن يعمل على نحو سليم فيما مضى[26].
-         يمكن أن تساهم المحاكمات في إرساء روادع خاصة وعامة والتعبير عن إدانة عامة الناس للسلوك الإجرامي وتوفير شكل مباشر من المحاسبة لمرتكبي تلك الأعمال والعدالة للضحايا، والمساهمة في زيادة ثقة الناس في قدرة الدولة ورغبتها في إنقاذ القانون، وفي بعض الحالات المساعدة على إعادة تأهيل المجرمين.
-         تعتبر المسؤولية الفردية عنصرا أساسيا في الأنظمة الديمقراطية، باعتبارها "كشف عن الحقيقة"، لذا يجب الإلحاح على ذلك "إذ لا يمكن التضحية بفرد واحد لصالح عدد كبير من المواطنين، و إذ لا يمكن الكشف عن معاناة هذا الشخص فحسب، بل وتحميل المسؤولية في ذلك للدولة ، وأعوانها أيضا"[27]. فالرسالة الهامة التي تنقلها المحاكمات الجنائية في هذه الحالة، "مؤداها أن أفرادا بعينهم، هم الذين ارتكبوا الجرائم المعنية ، وليس جماعات عرقية أو دينية بأكملها، بما يؤدي إلى التخلي عن أفكار اللوم والذنب الجماعيين، الذي كان يمكن لولا ذلك ،  أن تستخدم لإشعال الجولة التالية من أعمال العنف"[28]
·        من الناحية التاريخية (Historique):
-         يعتبر النضال ضد اللاعقاب أمر ضروري لكتابة تاريخ الانتهاكات، فلكل شعب الحق في ذاكرته وكتابة تاريخه في إطار نقاشات حرة ودقيقة، يفصح من خلالها الفاعلون والشهود عن كل ما يعرفونه. فالتاريخ يكتبه المؤرخين، وليس للعدالة إلا النقاشات القضائية ، والحقائق أو الشكوك المتولدة عنها لتساعد في الأبحاث التاريخية[29].
-         إن الضرورة التاريخية، تعتبر أن التاريخ هو حق لأجيال المقبلة والحالية على حد سواء. "ومن واجب الدولة أن ترصد كافة الوسائل لكتابة هذه الذاكرة، من حرية البحث الكاملة، عبر العدالة من بين طرق أخرى في إطار مكافحة اللاعقاب، الوسائل المالية، الموارد البشرية، الشجاعة السياسية لكل أولئك الذين لهم ما يقولونه…"[30].
ب- تيار الصفح والنسيان:
من حيث المبدأ لا توجد أية حدود للصفح، أو أية معايير خاصة به. ومن حيث المفهوم فقد تم تشجيع الغموض على مستوى النقاشات السياسية بالخصوص التي عملت على إحياء هذا المفهوم ،ونقله عبر مختلف مناطق العالم، بحيث يتم الخلط بطريقة متعمدة في الغالب بين الصفح ، ومجموعة من التيمات القريبة منه (الاعتذار، الندم، العفو، التقادم..) ، باعتبارها مجموعة من الدلالات التي تنتمي إلى مجال القانون، أو لفرع خاص من القانون الجنائي الذي لا يمكن من حيث المبدأ ، أن تختزل فيه الصفح أو نلحقه به.
وبالرغم من الطابع الملغز، والغامض لمفهوم الصفح، فإن المشهد والصورة واللغة، كعناصر يحاول البعض أن يضبطها ويكيفها جميعا لموروث ديني إبراهيمي (نسبة إلى إبراهيم الخليل). "فالصفح لا يصفح سوى عما لا يمكن الصفح عنه"، بحيث يبدو الصفح وكأنه المستحيل بعينه، إذ لا يمكن تحقيق الممكن إلا عن طريق غير الممكن.
ذلك، أن مجموعة من الجرائم الفظيعة (التي "لا يمكن الصفح عنها" إذن)، تبدو كأنها تنفلت ، أو أن البعض يعمل على تسهيل إفلاتها من محاسبة العدالة الإنسانية، لذلك فقد انتعشت الدعوة إلى الصفح (بفعل وجود ما لا يمكن الصفح عنه)، وتم بعثها وتسريع وثيرتها من جديد[31]، حيث تنطلق من الحجج التالية:
-         لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية بدون مصالحة، لذلك ينبغي على الأطراف الاجتماعية الرئيسية أن تتجاوز خلافاتها وتنسى الماضي، وأن تقبل ضمنيا ، أو علانية بعدم معاقبة جرائم الماضي.
-         لقد تم انتهاك حقوق الإنسان في العديد من الحالات، من طرف القوى الحكومية ، وقوى المعارضة على حد سواء. لذلك سوف يمكن العفو العام الديمقراطية ، من امتلاك أسس متينة أكثر مما لو تم التوجه نحو متابعة أحد ، أو كلا الطرفين قضائيا.
-         يجب على العديد من الشخصيات والأطراف أن تتوزع فيما بينها مسؤولية الجرائم التي ارتكبت من طرف الأنظمة الاستبدادية.
-         يصبح العفو ضروريا إذا كنا نرغب في بناء الديمقراطية على أسس متينة، فبالرغم من أننا سنجد دليلا أخلاقيا وقانونيا صالحا يمكننا من تبرير الاتهام، فإنه لن يصمد أمام الضرورة ، والواجب الأخلاقي الذي يتمثل في ضرورة بناء ديمقراطية تمتاز بالاستقرار الكافي، فترسيخ الديمقراطية أهم بكثير من معاقبة الأفراد[32].
2-     العقبات الرئيسية لإلغاء الإفلات من العقاب:
يحصل الإفلات من العقاب "إما بحكم الواقع de facto أو بحكم القانون de jure"[33]، ويمكن "أن تتم أي مرحلة، قبل العملية القضائية أو خلالها أو بعدها"[34]، وسوف نقوم في هذا الاتجاه  باستعراض بعض الانتهاكات المألوفة التي تساعد على الإفلات من العقاب:
 
أ‌-       غياب التحقيقات الكاملة والمستقلة:
تستوجب مواثيق حقوق الإنسان الدولية التحقيق في كل الادعاءات الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان، ويشترط ميثاق الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية والمذلة (المهينة) ، أو العقاب تحقيقا سريعا وحياديا أينما كان هناك أساس معقول للاعتقاد بوجود فعل أو تعذيب، كما أن الميثاق يوضح أن هذا الواجب لا يعتمد على شكوى مقدمة رسميا من قبل الضحية، و أنه يشترط أن للضحايا الحق بالشكوى، وأن تفحص قضاياهم بسرية وحيادية، ولا تجري تحقيقات غالبا في العديد من البلدان حول الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، على الأخص تلك المتصلة بالتعذيب ، والقتل غير المشروع والإعدامات غير القانونية. حتى وفي الحالات القصوى عندما تؤدي الانتهاكات إلى موت الضحايا، ومن النادر فتح أية تحقيقات بشأنها، وعندما يؤمر بالتحقيق، فإن التحقيقات لا تنفذ أولا تتابع إلى النهاية. وبالتالي فإن لا الطريقة ، ولا النتيجة كانتا متاحتين[35]، وفي أغلب الأحيان تقوم أجهزة الأمن والسلطات الحكومية بعرقلة الوصول إلى الحقيقة من خلال:
-         "ميثاق الصمت": وهو نظام معمول به في كثير من أجهزة الشرطة، ويؤدي إلى تواطؤ وإحجام الضباط عن تقديم أدلة مهمة ضد زملائهم، المتورطين في ارتكاب الانتهاكات.
-         إخفاء الأدلة: إن الممارسات غير القانونية عند الاحتجاز، مثل عدم قيام الضباط بتعريف أنفسهم ، أو تسجيل أسماءهم في المحاضر، أو إبقاء المحتجزين معصوبي الأعين، أو في أماكن احتجاز سرية، أو حرمانهم من الاتصال بالمحامين أو الأقارب أو الأطباء[36]، أو بدفن ضحايا التعذيب، أو أولئك الذين اعدموا من غير محاكمة من دون السماح لعائلاتهم برؤية جثثهم، وتشجيع المسؤولين الطبيين على تزوير التقارير (فالتفسير الرسمي الأكثر استعمالا لحالات الوفاة هو الانتحار أو النوبة القلبية). فهذه الممارسات وغيرها… تسهل الإفلات من العقاب من خلال إخفاف الخيط الذي يربط بين الجريمة ومرتكبيها، وقد تكون النتيجة في كل الحالات هي أفدح أشكال الظلم.
ب- التحقيقات أو إجراءات المحاكمة الطويلة أو غير الملائمة:
يحدث في بعض الأحيان أن تتولى التحقيق في حالات التعذيب نفس الهيئات التي مارس العاملون فيها الانتهاكات، أو من خلال وضع التحقيقات تحت ولاية المحاكم العسكرية التي تفتقر إلى الاستقلال والنزاهة[37]، وحينما تفتح التحقيقات، فإن غالبا ما تكون طويلة –في بعض الأحيان تستمر عقدا كاملا- مما يشير إلى فشل الأجهزة القضائية ، والإدارية بالتعامل بكفاءة مع قضايا الانتهاكات، وغالبا ما تمتد الجلسات القضائية والإدارية والتأديبية لعدة سنوات، بحيث لا يتاح محاكمة الموظفين المتهمين بسبب انقضاء الفترة القانونية التي تجبر محاكمتهم.
إن الحصانة التي يتمتع بها الموظفون سببها الفترة الطويلة التي تستغرقها التحقيقات القضائية ، بالإضافة إلى أن الضحايا والمدعين يحتاجون إلى وقت طويل لجلب موظفي الأمن لتحقيق العدالة، ويؤدي كل هذا إلى عدم تشجيع الضحايا على تقديم الشكاوى ويزعزع ثقة المواطنين في النظام القضائي[38]. وقد تنشأ هذه العقبة أيضا عندما تنتقي الدولة وسيلة للمسؤولية غير ملائمة بالمقارنة مع الانتهاك الذي وقع، كتبني دولة ما لسياسة منع العقاب عند اختيارها للجنة تحقيق كوسيلة للمسؤولية عن جريمة الإبادة الجماعية مع وجود حائل أكيد للمحاكمة[39].
ج- حرمان الضحايا من إمكانية الانتصاف لأنفسهم:
ينص البند (13) من ميثاق الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب "على الدول أن تأخذ الخطوات اللازمة لضمان المشتكين والشهود ضد أية سوء معاملة ، أو تهديد لشكاويهم أو بسبب تقديم أدلة".
وعلى الرغم من ذلك، يتم إرهاب الضحايا الذين يستبد بهم الخوف أصلا، حتى يلزموا الصمت عما حدث لهم، ومعاقبة الضحايا والمشتكين والشهود، أو مقاضاتهم بتهم جنائية مضادة. وفي كثير من الأحيان لا يتيسر للضحايا الذين ينتمون للقطاعات الفقيرة والمهمشة من المجتمع أن يطلبوا العون من المحامين ، أو المنظمات غير الحكومية، وقد لا يعرفون سبل الانتصاف القانونية المتاحة لهم، وهذه العقبات تفسر سبب قلة عدد الشكاوى بالنسبة لحدة المشكلة[40].
د- الاستهانة بأحكام القضاء وعدم وجود مستويات مناسبة للعقوبات لمرتكبي الانتهاكات:
تتجاهل السلطات السياسية في بعض البلدان عادة الأحكام الصادرة عن القضاء مما يقوض مبدأ سيادة القانون، ويعزز الإفلات من العقاب[41]. ويساعد ذلك أيضا أن يتم مقاضاة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان شبه منعدمة في كثير من الدول ، والأحكام الصادرة عموما متساهلة لدرجة أنها تخلق نوعا من الحصانة، فالموظفون المحكوم عليهم بجرم التعذيب في بعض الدول، والذين ما زال استئنافهم (للحكم) قائما، يتم اختيارهم للالتحاق بدورات تدريب عالية، وبينما قد تكون الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية متناسبة مع خطورة الجريمة المرتكبة، فإنها تخفف بشكل كبير بالاستئناف الذي قد يصدر أحكام لا سجن فيها[42].
هـ- الحصانة:
إنها أكثر أشكال القانون للإفلات من العقاب سفورا، فكثيرا ما تسنها القوانين خلال حالات الطوارئ ، أو في الحالات الأخرى التي تعلن فيها الحكومات وجود تهديد خاص للقانون والنظام، أو في خلال الفترات السياسية الانتقالية، لتعزيز المصالحة الوطنية.
إن استمرار الإفلات من العقاب لا تعود كما يبرر البعض دائما إلى "مواجهة الدولة بعد انتهاء النزاع لأولويات مختلفة، أو تعجز عن توفير الكوادر اللازمة لشغل تلك الوظائف القضائية ومباشرة مهامها بجد وإخلاص"[43]، بل يعود في سياقات أخرى، إلى "عدم وجود الإرادة السياسية (…) وأن المنطق الذي يقول " أن احترام حقوق الإنسان لا يمكن تحقيقه إلا عند مستوى معين من التنمية الاجتماعية والاقتصادية  " ليس له أساس من الصحة، إذ أنه ليس فقط في البلدان ذات التاريخ الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان أو تلك التي تمر خلال فترة من القلاقل السياسية العميقة ، ومراحل التغير الاجتماعية والاقتصادية التي يحدث فيها انتهاكات لحقوق الإنسان، ويبقى منتهكو تلك الحقوق محصنين بالإفلات من العقوبة"[44].
 
هوامش
 
1 . انظر أحمد بوجداد، الملكية والتناوب، مقاربة "الاستراتيجية، تحديث الدولة وإعادة إنتاج النظام السياسي بالمغرب، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2000، ص 63.
2 . انظر محمد ضريف، المغرب في مفترق الطرق، قراءة في المشهد السياسي، الطبعة الأولى، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، 1996، ص 106.
3انظر جون كلود سانتوشي، الأحزاب السياسية المغربية تحت محك السلطة، تحليل دياكروني وسوسيو-سياسي ل "تعددية تحت المراقبة.. (ترجمة محمد محمادي) مطبعة النجاح الجديدة، دفاتر وجهة نظر، عدد 3، ص 114.
4 . انظر تاج الدين الحسيني، م.س، ص 15.
5 . د. أحمد أبادرين، الحريات العامة، المسألة الأمنية، ندوة عنف الدولة، المنظمة من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة في مراكش، 11 و 12 يونيو 2004.
6 . د. العلمي الإدريسي رشيد، تطور مفهوم المصلحة العليا للدولة في النظرية السياسية، ندوة عنف الدولة، م.س، ص 8.
 
7 . سبينوزا، رسالة في اللاهوت والسياسة، ترجمة حسن حنفي، القاهرة، 1971، ص 446.
8 . إن الطرق إلى العنف لا يؤخذ به في عموميته وعلى وجه الإطلاق، ذلك أن هناك حاجة (أخرى) للتمييز بين نوعين آخرين من العنف: بين العنف الشرعي والعنف غير المشروع، فينتمي إلى العنف الشرعي كل نوع من أنواع استعمال القوة لانتزاع الحقوق أو لإقرارها على النحو الذي يرفع الظلم، ومن ذلك استعمال القوة لطرد الاحتلال واستعادة الأرض والسيادة، أو استعمال العنف لكف الظلم الاجتماعي.
إن شرعية هذا النوع من العنف متأتاة من واقع اغتصاب عرض للحقوق… أما العنف غير المشروع، وهوالذي يهمنا، فهو كل استعمال للقوة للاحتفاظ بحق مزعوم، أو لانتزاع حق قابل لأن ينتزع بدون عنف. وفي جملة هذا العنف، ما تمارسه الدولة التسلطية من قمع وتنكيل بمعارضيها، أو ما تقوم به الجماعات المعارضة من عنف مسلح ضد الدولة وضد المجتمع، فالسلطة تزعم لنفسها شرعية الحكم دون سواها، وتتجاهل مطالب الآخرين، فلا تجد من وسيلة غير إخراسهم بالقوة. والمعارضة –بدورها- ترى لنفسها حقوقا تأباها عليها السلطة أو قسم من المجتمع، فلا تجد غير العنف والقوة سبيلا لانتزاعها أو لفرض الاعتراف بها. وبالتالي فإن الفرق بين العنفين واضح، يبرر الأول أن مستعمله صاحب حق، وأن الذي يقع عليه غير ذي حق، أما الثاني فلا يبرره شيء مادامت  الحقوق مشتركة وأنها قابلة –بالتالي- لأن توزع على نحو يراعي مصالح الجميع…
انظر، عبد الإلاه بلقزيز، العنف والديمقراطية، منشورات جريدة الزمن، الكتاب الثاني، مايو 1999، ص 25-28.
 
9 . انظر جون لوك، في الحكم المدني، ترجمة ماجد فخري، بيروت 1959، ص 197.
10. انظر، سبينوزا، م.س، ص 452.
11 . أنظر عبد الاله بلقزيز، م س ، ص.ص 30-40.
12 . انظر في هذا المعنى، تيل ج. كريتز، التقدم والتواضع: البحث المتواصل عن العدالة في حالات ما بعد انتهاء المركز الدولي للعدالة الانتقالية، ص 3.
العنوان الأصلي للدراسة هو :
Progress and Humility: the ongoing search for past-conflict justice.
Neil J.Kritz (Director, Rule of low program, United states institute of peace).
 
13. انظر صامويل هنتنغتون، إشكالية الانتقال الديمقراطي والافلات من العقاب ، ترجمة عبد الغفور دهشور، منشورات الأفق الديمقراطي، الطبعة الأولى، أبريل 2004، ص 15.
وهو في الأصل عنوان لفصل ترجمة دهشور عبد الغفور عن الترجمة الفرنسية، للطبعة الإنجليزية للكتاب الأصلي:
Troisième vague : les démocratisations de la fin du XX siècle traduit de l’américain par François Burgess, Nouveaux Horizons.
14 . انظر، نيل ج. كريتز، م.س، ص 3.
15. فالمشاكل الانتقالية تتولد مباشرة عن ظاهرة الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، حيث يجب العمل على إقامة نظام انتخابي ودستوري جديد ، وإبعاد الشخصيات الرسمية المساندة للاستبداد واستبدالها بأنصار الديمقراطية وإلغاء أو تعديل القوانين المناقضة للتوجه الديمقراطي،وحل أو إجراء تغييرات عميقة على مستوى المؤسسات الإدارية مثل الشرطة السرية… فقد واجهت العديد من الدول أثناء المرحلة الانتقالية مشكلتين أساسيتين:
1-    كيف سيتم التعامل مع الشخصيات الرسمية في الحكومة الاستبدادية التي خرقت حقوق الإنسان (وهو ما يمثل مشكل الجلاد؟)
2-  كيف سيتم تحجيم الدور السياسي للمؤسسة العسكرية ووضع نموذج للسلوك المهني لضبط وتقنين العلاقات بين المدنيين والعسكريين (وهو ما يمثل "مشكل الطاغية"؟).
أما المشاكل السياقية وهي تتولد عن طبيعة المجتمع وبنياته العسكرية ووضع نموذج للسلوك وثقافته وتاريخه الخاص. وتختلف من بلد إلى آخر، بين المدنيين والعسكريين (وهو ما يمثل أثناء موجة الدمقرطة الثالثة، كالتفاوت السوسيو-اقتصادي والصراعات الطائفية وضعف معدل النمو الاقتصادي…
ثم المشاكل البنيوية، التي ستواجهها الديمقراطيات الجديدة بعد ترسيخ حكمها وتحقيق درجة من الاستقرار، وتتولد هذه المشاكل عن طبيعة سير النظام الديمقراطي ذاته، وتتمثل أساسا في الوصول إلى طريق مسدود لصعوبة اتخاذ قرار معين والاستعداد لممارسة الديماغوجية ،وعدم تكافؤ مجموعات المصالح الاقتصادية، وقد لازمت هذه المشاكل العديد من الأنظمة الديمقراطية القائمة منذ زمن بعيد، ويبدو على وجه الاحتمال، بأن ديمقراطيات الموجة الجديدة لن تسلم بدورها من هذه المشاكل..
انظر صامويل هنتنغتون، م.س، ص 13-14.
16. انظر محمود شريف بسيوني، المحكمة الجنائية الدولية، مدخل لدراسة أحكام وآليات الإنفاذ الوطني للنظام الأساسي، دار الشروق، الطبعة الأولى، القاهرة، 2004، ص 61-18.
17 . انظر عبد الفتاح محمد سراج، مبدأ التكامل في القضاء الجنائي الدولي (دراسة تحليلية تأصيلية) دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، القاهرة، 2001، ص 1.وترجع فكرة حكومة العالم إلى الفقيه ستويكس Staics الذي يرى أن العالم يربط بين أعضائه الشعور بالاتحاد الإنساني Humanity Union ، وهذا الشعور يفترض وجود دولة أسمى، وكيان واحد يعبر عن وجود الدولة الأم Mother country ، التي تنهض بمسؤولية إقامة العدالة الجنائية بين جميع الدول. وقد عبر الفقيه "كريستيان وولف" عن هذا المعنى باصطلاح Civias maxima ، ولا شك أن هذا المبدأ يستجيب لما سبق وردده الفقيه الإيطالي "بكاريا" الذي قال "أنه من أنجح الوسائل لمنع الجريمة الإيقان بعدم وجود مكان يمكن أن يفلت فيه المجرم من العقاب.
للتفصيل في هذا المعنى، انظر:
Edward M.wise: Extradition: the hypothesis of a civitas maxima and the maxim ant dedere ant judicare “Rev. INT’LE Droit penal. Vol. 62. Pp 109-134.
 
وأيضا صادف أبو هيف، القانون الدولي العام، منشأة المعارف الإسكندرية، 1990، الفقرة 166، ص 299.
ورد في عبد الفتاح محمد مسراج، نفسه، الهامش رقم 2، نفس الصفحة.  
18 . تقرير المركز الدولي للعدالة الانتقالية، لسنة 2003-2004، ص 1.
19. Genevière Jacques, Beyond Impunity, An Ecumencial approab to justice and reconciliation, conseil ecuménique des Eglises. Genève 2000.
20. Louis Joinet, question de l’impunité des auteurs des violations des droits de l’homme (civils et politiques). Rapport final pour la commission des droits de l’homme des Nations Unites, (E/CNU/sub.2/1997/20/Rev.1).
21. Louis Joinet, Lutter contre l’impunité, dix questions pour comprendre et pour agir, Paris , La découverte, 2002. P : 9.
22. ساهموا في القضاءعلى التعذيب، أمنستي، 2000، ص 73-71.
23. Abderrahim Berrada, La défense de l’impunité est irrecevable, Casablanca, le 20 avril 2000. P : 20. ( تم الاعتماد عل الترجمة في دهشور عبد الغفور مرجع سابق)
 
24. صامويل هنتنغتون، م.س، ص 16.
25. Abderrahim Berrada, op.cit, p : 21.
26. انظر، نيل ج.كريتز، م.س، ص 3-4.
27 . صامويل هنتنغتون، م.س، نفس الصفحة.
28 . نفسه، ص 17.
29. نيل ج.كريتز، م.س، ص 4.
30 . فالأمثلة التي يطرحها عبد الرحيم برادة في هذا الاتجاه، هو كيف سيتأتى للمؤرخين استغلال ،أو كيف سيستغلوا بنجاح المعلومات التي تمخضت في فرنسا في العقود الأخيرة عن محاكمات Barbie و Papon  في تاريخ النازية، ونظام Vichy  والمقاومة، وموقف الفرنسيين من احتلال ألمانيا القومية-الاشتراكية لبلادهم، ومن سوف ينازع في قضية (بن بركة) في معرفة الحقائق كاملة، عن تورط بعض الدول وقادتها حالما يتم الرفع الكلي لسر الدفاع، عن وثائق القضية لدى السلطات الفرنسية.
Voir, . Abderrahim Berrada, op.cit. p : 22.
31 . Ibid. p : 23.
 
32 . انظر جاك دريدا، التباسات الصفح والاعتذار، حوار Michel wieviorka  عن مجلة Le monde des débats ، ديسمبر 1999، ترجمة عبد الغفور دهشور، م.س، ص 126-131.
ففي هذا الاتجاه، يوضح جاك دريدا الدلالات الفلسفية العميقة لمفهوم الصلح والإصلاح باعتباره شيء غامض غير مكشوف عنه، حيث أن علينا أن نقبل على مستوى العقل والشعور بأن هناك أشياء تحدث وهي تتجاوز كل مؤسسة وكل هيئة قانونية-سياسية، خاصة حينما يتعلق الأمر بمسألة الصفح، إذ يمكننا أن نتخيل وجود شخص ما يعاني من ارتكاب ما هو أسوء في حقه شخصيا أو في حق أقاربه أو أفراد من جيله أو الجيل الذي سبقه. ويطالب بالإنصاف والعدل، وتقديم الجناة أمام القضاء لمحاكمتهم وإصدار العقوبات في حقهم من طرف هيئة المحكمة، ومع ذلك يصفح داخليا ومن قلبه. وبمقدرونا أن نتصور ونقبل أن أحدا ما سيرفض دائما الصفح حتى بعد الانتهاء من إجراءات العفو والإعلان عن براءة المتهم، وسيبقى سر هذه التجربة غير مكشوف ولا يستطيع القانون ولا السياسة الحصول عليه،
وسيبقى بالنسبة للأخلاق نفسها بمثابة السر المطلق، لكن سوف أجعل من هذا المبدأ الماوراء-سياسي مبدأ سياسيا أو قاعدة أو انحيازا لموقف سياسي ما: بحيث ينبغي في مجال السياسة، أيضا أن نحترم هذا السر وكل ما يتجاوز السياسي وكل ما أصبح خارج المجال القانوني وهذا ما يسميه دريدا "الديمقراطية المقبلة"، فعلى مستوى الشر الجذري الذي تحدثنا عنه واللغز الخاص بالصفح عن ما لا يمكن الصفح عنه، والغموض الذي يكتنفه هناك نوع من "الجنون" يتفادى رجل القانون ورجل السياسة الاقتراب منه أو امتلاكه بدرجة أقل. ولنتصور أن إحدى ضحايا الإرهاب أو شخصا ما تعرض أبناؤه للذبح أو الاختطاف، أو شخصا آخر تعرض أفراد أسرته للقتل داخل الأفران المعدة لحرق الجثث، قال "إنني أصفح" أو "إني لا أصفح"، ففي الحالتين معا،" لست متيقنا من أنني فهمت، أو أنني متيقن من عدم الفهم أو عاجز عن إبداء رأي معين في جميع الحالات، وسيبقى من المستحيل الوصول إلى هذه المنطقة من التجربة، لذلك ينبغي على أن أحترم السر الذي يفسر ذلك كما أن ما سنقوم به بعد ذلك، جماهيريا، سياسيا وقانونيا يبقى هو الآخر صعب للغاية…""
جاك دريدا، م.س، ص 150-151.
33 . ولقد أشار إلى ذلك، رئيس الأوروغواي سوينغينتي (Sanguinitti)  قائلا:
"أيهما أكثر صوابا، ترسيخ الأمن داخل بلد أصبحت فيه حقوق الإنسان محترمة، أم البحث عن الإنصاف ذا الأثر الرجعي مما سيهدد الأمن والاستقرار القائمين"، للاضطلاع حول الحجج والمبررات الخاصة بأنصار الصفح، انظر: صامويل هنتنغتون، م.س، ص 8.
34. محمود شريف بسيوني، م.س، ص 8.
35 . ساهموا في القضاء على التعذيب، م.س، ص 73.
 
36. انظر الكتاب الأبيض، مقدم الاجتماع الى الوزاري الأورو-متوسطي، مرسيليا في 15 نوفمبر2000، ترجمة وتحرير مؤسسة الأرشيف العربي، الأردن، عمان، ص 7-9.
وتتوفر العديد من الأمثلة حول هذه العقبات في دول شتى، فقد أخفقت تونس في التحقيق في موت فيصل بركات والذي توفي بسبب التعذيب في 1991، وكذا مصر حول وفاة المحامي عبد الحارث مدني في أبريل 1994، انظر على التوالي تقارير منظمة العفو الدولية حول تونس، مصر:
-        Tunisia : Repression thrives on impunity.2- Nov-95 (MDE 30/19/95).
-        Egypt : Indefinite detention and systematic torture : The forgotten  victims 3-Jul-95 (MDE 12/13/96).
37 ساهموا في القضاء على التعذيب، ص 73.
38 . نفسه، ص 74. وأيضا:
- Louis joinet, Lutter contre l’impunité, op.cit, P : 102.
 
39انظر تقارير منظمة العفو الدولية الصادرة في هذا الشأن:
-        Algeria : Fear and silence : a hidden human right crisis, 19-Nov-96 (MDE 28/11/96).
-        Algeria : civilian population caught in spiral of violence, 18-Nov-97 (MDE 28/23/97).
انظر الكتاب الأبيض، م.س، ص 9.
40. انظر محمود شريف بسيوني، م.س، هامش رقم 6، ص 9.
41 . انظر، الكتاب الأبيض، م.س، ص 7-9، وأيضا
-        louis joinet. Op.cit, P : 97.
وكذا ساهموا في القضاء على التعذيب، ص 74.
42 . ساهموا في القضاء على التعذيب، م.س، ص 75-77.
-         louis joinet. Op.cit, P : 105.
43 . انظر الكتاب الأبيض، م.س،
44 . وهذا الرأي هو ما يقدمه شريف بسيوني كمانع للعقاب، بحكم الواقع، انظر بسيوني، نفسه.
45 . لقد عرفت بلدان المنطقة الأوروبية، انتهاكات لحقوق الإنسان، في ظل أشكال عدة لحصانة مرتكبيها من العقاب، فمثلا قد عبرت كل من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن قلقهما بشأن فشل فتح التحقيق بانتهاكات حقوق الإنسان وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة في عدة بلدان أوروبية كما حدث في قضية "أوزموفالو" الذي مات في المعتقل في السويد في مايو من العام 1995، و"سيجي لابيت" الذي توفي مباشرة بعد إلقاء القبض عليه في المملكة المتحدة في ديسمبر 1994، وفي بلجيكا وبعد انقضاء سنتين على فتح التحقيق في موت "سميرة آدمو" بعد محاولة تسفيرها من بلجيكا إلى نيجيريا في سبتمبر 1998، فإن نتائج التحقيق لازالت غير معروفة ولم يقدم أحد للعدالة، وفي يوليوز 1998، وجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فرنسا مذنبة في نقض الأعراف الدولية بخصوص التعذيب وبضرورة إجراء محاكمة عادلة خلال مدة معقولة للمواطن المغربي/الهولندي الجنسية أحمد سلموني، والذي عذب في بوبيني سنة 1991.
ولقد أصدرت منظمة العفو الدولية، تقارير حول الإفلات من العقاب في بعض الدول الأوروبية (1996-2000) وذلك بشكل موثق منها ما يلي:
-         Europe: Failures at fifty: Impunity for torture and treatment in europe on 50th anniversary of European convention Human rights NOV-00 (EUR 01/04/00).
-         Europe: concerns in europe: January june 2000,21 Aug-2000 (EUR 01/03/00-this report is issued every six months).
-         Federal republic of Germany: continuing pattern of police ILL-Treatment, 03 JUL 97 (EUR 23/4/97).
-         United Kingdom, Deaths in custody: lack of police accountability, 24 May 00 (EUR 45/42/00).
-         UK (Northem Ireland): End impunity for ILL-treatment: the David Adams casse, 04-NOV 99, (EUR 45/45/99).
[1]   لقد تم تنظيم يومي 18 و19 نونبر 2004 بقصر الأمم المتحدة بجنيف من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان ورشة عمل للخبراء حول تحيين مبادئ مكافحة الإفلات من العقاب .ولقد هدف هذا اللقاء التأملي الى  إتاحة أكبر قدر ممكن من النقاش وتبادل الأفكار بهدف تحيين المبادئ الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب. ويشارك فيه خبراء ورجال قانون وحقوقيون قادمون من عدة بلدان، بالإضافة إلى ممثلي المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة. تجدر الإشارة إلى أنه في أبريل 2004 أقرت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أهمية محاربة الإفلات من العقاب وطلبت من الأمين العام تعيين خبير مستقل من أجل تحيين مجموع المبادئ الدولية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها من خلال اعتماد مبادرات عملية للقضاء على الإفلات من العقاب تأخذ بعين الاعتبار التطور الحاصل في القانون الدولي وتطبيقاته وفي شتنبر 2004 عين الأمين العام لفترة مدتها سنة الأستاذة ديان اورنتليشر خبيرة مستقلة من أجل تحيين مبادئ الإفلات من العقاب .



#أرام_عبد_الجليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول الاصلاح الدستوري في المغرب الكبير * قراءة في تجربة مجهضة


المزيد.....




- اعتقال اثنين من أعضاء المعارضة الفنزويلية
- تل أبيب تدرس احتمال إصدار المحكمة الجنائية مذكرات اعتقال بحق ...
- الآلاف يتظاهرون في جورجيا من أجل -أوروبا- وضد مشروع قانون -ا ...
- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...
- نتنياهو قلق من صدور مذكرة اعتقال بحقه
- إيطاليا .. العشرات يؤدون التحية الفاشية في ذكرى إعدام موسولي ...
- بريطانيا - هل بدأ تفعيل مبادرة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا ...
- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...
- اجتياح رفح أم صفقة الأسرى.. خيارات إسرائيل للميدان والتفاوض ...
- احتجاجات الجامعات الأميركية تتواصل واعتقال مئات الطلاب


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أرام عبد الجليل - دراسة حول الآليات الدولية والمحلية لمحاربة الإفلات من العقاب