أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رولا حسن - -الطوارق- حكاية الصحراء في مرآة التخييل الروائي














المزيد.....

-الطوارق- حكاية الصحراء في مرآة التخييل الروائي


رولا حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1538 - 2006 / 5 / 2 - 11:36
المحور: الادب والفن
    


على امتداد الصحراء المغربية – الأفريقية تقوم الحكاية – في جزئها الأول – لتعيد الى ذاكرتنا قصص وحكايات قديمة كانت تحدث في الصحاري العربية قبل الإسلام حول الأخذ بالثأر كشريعة قتل اقتصاصاً من القاتل المبادر بين قبيلة وأخرى مما أدى الى حروب كانت تدوم عشرات السنين.

--> في رواية «الطوارق»، للكاتب ألبيرتو باثكث – فيفروا (ترجمة عبدو زغبور، دار ورد، دمشق 2005) «غزال صياح» (الإنموشار) من نبلاء قبيلة «كيل – تالغيموس القديرة» (شعب اللثام – شعب الأماهغ) الذي لا يقهر، المعروف بين الاحياء بلقب «الطوارق» والشخصية المحورية التي تدور في فلكها الاحداث، يطارد عبر امتداد الصحراء وأرض الخواء والظمأ ورمال الموت، خصوماً حكوميين يتمكن من قتلهم واحداً تلو الآخر، بسبب قتلهم احد ضيوفه، منتهكين بذلك احد أهم التقاليد العربية لحياة الطوارق في الصحراء.

تبدأ عملية الثأر الطويلة بقتله للطارقي «مبارك بعد سعد» بالسيف، لأنه كان دليل القائد العسكري الى مضاربه، وتلك جريمة لا يمكن غفرانها، ولأنه «غزال صياح»... منوط به جعل الآخرين من الطوارق يدركون أن سنن أو عادات سلالته في الصحراء يجب ان يستمر احترامها لأنها سنن وعادات متكيفة مع الوسط الذي يعيشون فيه، ومن دونها لا يوجد امكان للبقاء على قيد الحياة.

ومن ثم قتله الضابط «غالب الفاسي» قائد موقع «عدراوس» الذي قتل ضيفه، يحوله رجلاً مطلوباً ومطارداً من الحكومة في عمق الصحراء ومفازاتها وهي متمثلة بالعسكر... مطاردة يختلط فيها الاسطوري بالواقعي مما يجعل كل ما يحدث – على رغم المفاجأة – قريباً من التصديق ويمس في شكل حاد أرواحنا. لكن الصحراء وأرض الخواء و»تيك دابرا» ليست أصعب لدى «غزال صياح» من اللحظة التي يفقد فيها حريته... يقول: «حياتنا قاسية لكننا نعوض عنها بكوننا احراراً واذا فقدنا هذه الحرية فقدنا الدافع للحياة».

في سياق المغامرة الاسطورية ينزاح البعد الفردي الى افق سياسي ليوضح ما هو أعمق: رحيل الاستعمار الفرنسي عن المغرب العربي الذي سعى ليبقى الشعب جاهلاً. فسنوات الاستقلال لم تؤتِ ثمارها في جعل الشعب افضل وأكثر ثقافة، بل فُسرت الحرية في احيان كثيرة خطأ. اذ اعتبروا ان تحررهم من الفرنسيين يتيح لهم ان يفعلوا ما يشاؤون، كأن يستخدموا القوة للحصول على ما يريدون، فكانت الفوضى والاضطرابات السياسية الدائمة وبدت السلطة اكثر ما تكون غنيمة ولع بها الجميع وليس شكلاً من قيادة الأمة نحو مصيرها الافضل. هكذا طفحت السجون باللصوص والسياسيين من المعارضة وبالطبع لم يكن ثمة مكان فيها لشخص مثل «غزال صياح» الطارقي الذي ولد ليعيش في فضاءات بلا حدود.

ومن خلال هذا الانزياح من الفردي الى الجماعي، ومن الذاتي الى الموضوعي، تكتسب الرواية بعداً موضوعياً ومعرفياً يشير الى ان الروائي متفهم في شكل دقيق للصراع السياسي وآلية الفساد القائمة في العالم الثالث وخصوصاً العالم العربي.

بيد ان ما يلفت الانتباه في الرواية، هو الشمول في رسم الشخصيات وبخاصة الشخصية المحورية، فتبدو مآزق الشخصيات الداخلية ذاتية بقدر ما هي موضوعية (سياسية) حيث الانقسام الداخلي لشخصيات الرواية، يجعلها تتناقض في اقوالها وأفعالها. فالملازم رازمان ذهب ليبحث عن الطارقي مع اقتناعه بما يفعل هذا. فتجتاحه رغبة في الخوض معه في الصحراء، هرباً من كل الفساد الذي يحيط به.

في «الطـــوارق» نحن امــام روايـــة حكائيــة بامتياز، تذكرنا بحكايا الجدات قبل النوم، حيث يزدحم المتوقع بغير المتوقع، فنحن دائماً على حافة «ما الذي يحدث»؟ وما يحدث يفاجئنا دائماً، ليوقعنا في مطب المدهش والجميل، وذلك بأسلوب شيق ولغة خالية من التعقد، منسجمة مع اختلاف الشخصيات التي تتوالد من جراء الاحداث، متناغمة مع تصاعد الحدث، مكملة نسيج الحكاية، لتزيد من تشويقها وسحرها، وذلك عبر فضاء الطبيعة الصحراوية في كل ما تحتويه من جغرافيا شعورية وحيوانات ونبات. الا ان كل ذلك لم يصحر الاحساس، بل لامس ذلك الاحساس الشفيف لعزلة جارحة لحد الموت عند «غزال صياح» المطارد كحيوان وحيد في خواء صحراء، تمتد بلا نهاية لكنها تشكل حياة أو حرية انسان يحبها.

ما أود الاشارة اليه اخيراً، هو انه لولا ذلك الاندماج الحميم بين ذاتية المترجم و»آخرية» الروائي، لم تصل الينا «الطوارق» برعشاتها. ولئن كان هذا الاندماج امتلاكاً، فإنه ظل امتلاكاً لـ «آخرية» ومستقلة، فلم يحدث خلط للاصوات، انما بقي التمايز واضحاً بترك مسافة بين المترجم والروائي.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تكريم الأديبة سناء الشّعلان في عجلون، وافتتاحها لمعرض تشكيلي ...
- ميريل ستريب تعود بجزءٍ ثانٍ من فيلم -Devil Wears Prada-
- ستيفن سبيلبرغ الطفل الذي رفض أن ينكسر وصنع أحلام العالم بالس ...
- أشباح الرقابة في سوريا.. شهادات عن مقص أدمى الثقافة وهجّر ال ...
- “ثبت الآن بأعلى جودة” تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لمسل ...
- الإعلان عن قائمة الـ18 -القائمة الطويلة- لجائزة كتارا للرواي ...
- حارس ذاكرة عمّان منذ عقود..من هو الثمانيني الذي فتح بيوته لل ...
- الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة
- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة
- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رولا حسن - -الطوارق- حكاية الصحراء في مرآة التخييل الروائي