أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمر بن أعمارة - لماذا استوطنا حواشي العصر ؟















المزيد.....

لماذا استوطنا حواشي العصر ؟


عمر بن أعمارة

الحوار المتمدن-العدد: 6081 - 2018 / 12 / 12 - 21:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لماذا استوطنا حواشي العصر ؟
بقلم: عمر بن اعمارة
في طريقنا إلى العصر أضعنا البوصلة
لا أدري من هو طبيب الشعوب هذا الذي وصف لنا في مرحلة ما من تاريخنا هذه الحمية الحضارية المدمرة: (اهجروا عقولكم واسكنوا غرائزكم، تفلحون في دنياكم ولآخرتكم) وعلى أي معطيات: (حضارية، تاريخية، اجتماعية، اقتصادية، دينية، عرقية، لغوية) استند واشتغل ؟ ولماذا ؟ وإلى متى سنستمر مداومين ومنضبطين لهذه الحمية القاتلة، رغم أننا لم تصبنا أي تخمة عقلية في تاريخنا إلا في لحظات قليلة ومتأخرة وذلك مع كوكبة محدودة: (المعتزلة، الجاحظ، بن الرواندي، البيروني، الخوارزمي، الرازي، ابن سينا، ابن رشد، ابن خلدون...) ؟
من هو هذا الذي يصر على أن يحشرنا دائما وأبدا مع فصيلة العقول المنتهية الصلاحيات والمتعودة على الأوهام والمعجزات والخرافات ؟ حدود وسياجات من كل الجهات ودوائر مغلقة أينما وليت وجهك، ما هذا الفائض من الجهل و المنع الذي نغرق فيه ؟ عقول عجاف والمشاعر تصحرت ولم تعد تجود، إنه القحط الذي استوعب كل شيء، مع انسداد في الآفاق. لماذا نحن على هذا القدر الكبير من الفشل الدائم والابتذال المستمر ؟ هل أتينا صفر اليدين إلى هذا العالم ؟ أو حتى بدون أي مهمة ؟ أنقذونا من هذا التملق المفرط وعن هذا التنويه الزائد بالذات المترهلة. ألا نمثل إلا النماذج الفاشلة والمخيبة ؟ لماذا في كل مرة نصر على الإعلان بصريح العبارات وبكل وقاحة عن كرهنا لكل ما هو عقل وعقلانية ؟ لماذا كلما فشلنا في خطوة ما، نحول الآخر إلى مشجب نعلق عليه كل أخطائنا وهفواتنا ؟ لماذا لا يعرف النقد الذاتي طريقه إلينا ولو بنسب متفاوتة أو حتى قليلة ؟ لماذا في كل أعمالنا نشتغل مع الإصرار على استحضار الثلاثي القاتل: (الجن، الآخر، الحسد والعين)، ونغيب المرأة والطفل والشباب في كل مشاريعنا، ونفتح أبواب موائدنا الفكرية لكل رهط ينتمي إلى عالم السحر والشعوذة ونستدعيهم، تارة باسم الطب النبوي والحجامة وأخرى باسم الرقية الشرعية أو بدعوى طرد العكس والنحس والحسد والأرواح الشريرة ؟ أي من الشرور سوف لن تعرف طريقها إلينا بعد أن فرطنا في عقولنا وامتطينا كل الأوهام والخرافات والأساطير؟ كل الأوثان التي حاربناها مازالت حاضرة وبقوة ولم تأفل بعد. لماذا أصبح كل شيء أكثر قبحا ومسخا مما كان عليه من قبل ؟ ما الذي جعلنا نكن كل هذه العداوات لكل ما هو عقل وفكر وفلسفة وعمل جاد ؟ لماذا وضعنا كل هذه المسافة العريضة بيننا وبين العلم والمعرفة ؟ لماذا هجرنا كل ماله علاقة بالمنطق ؟ فحتى الهدم لم يعد ينجز بدون منطق ولا خطط. لماذا لا نجاور النمور و النسور واكتفينا بمجاراة الغربان والخفافيش ؟ كل فرد منا بداخله أجراس عديدة، فلماذا نصر دائما ونلح على استعمال الجرس الذي يدعونا إلى المزيد من الكسل والاتكال والانتظار بدلا من أجراس اليقظة والاتجاه نحو المستقبل ؟ لماذا نحسن الإنصات إلى الصوت الشيطاني في أنفسنا ولا نصغي إلى الصوت الملائكي فينا ؟ لماذا غيبنا صوت الله في كل أعمالنا ؟ لماذا لا نتذكر ونستحضر المسافات الشاسعة التي تفصلنا عن غيرنا ؟ إننا لا نستطيع أن نكون شيئا آخر غير أنفسنا ولا أن ننتمي إلى أي شكل للحياة دون حضورنا الكامل فيه. ما هذا الوضع الذي نحن عليه الآن ؟ وكيف أصبحنا على ما هو نحن عليه ولماذا ؟ شظايا التخلف فينا أصابت جميع الميادين والمجالات. هل نحن شعوب قاصرة ولا نشتغل إلا تحت الفضاءات ذات السقوف المنخفضة ؟ أي وعد قطعناه على أنفسنا كي نظل على حواشي التاريخ وأن لا نسكن إلا ظل الحضارات ؟ في كل مرة نخدع أنفسنا ونقدم صورا زائفة عنا هي غير صورنا الحقيقية، فما أحقرنا حينما نزيف أصولنا وحينما ننظر في مرايا غير مرايانا نحن. كل المؤشرات: الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية، الثقافية والدينية تخبرنا على أننا أخطأنا الطريق وتشير إلى أننا منحدرين في اتجاه الحضيض وكل أشكال المستنقعات، كل الاحصائيات، كل الأرقام، كل الاستمارات، كل التوقعات وكل النتائج تفصح وتكشف عن شيء واحد هو: أننا نتموقع على حواشي و هوامش العصر:(استبداد، إقصاء وتهميش، هجرة وتهجير، حروب أهلية وطائفية، جهل، أمية، سوء تغدية، أمراض بكل أطيافها من الاجتماعية إلى الجسدية والنفسية، فساد أهلك الضرع والزرع وعم كل المجالات من التجارة إلى السياسة حتى الأخلاق والدين، فقر متعدد اخترق المادة والفكر إلى أن اجتاح حتى الدم، بطالة وعطالة عمت كل شيء من اليد العاملة إلى العقول النيرة، تعليم منهار ونتائج غير مشرفة، تنمية تراوح مكانها ولا تنمي إلا التفاهة والسفاهة والضحالة: مؤشر التنمية البشرية في الحضيض، تخلف علمي، ركود في الاقتصاد مع العجز الدائم في الميزان التجاري، ديون داخلية وخارجية، لا دخل فردي إلا الهم والغم مع استفحال المشاكل الأسرية (بطالة، فقر، ديون، تسول، دعارة، أمراض، تحايل، هذر مدرسي، طلاق، سكن غير لائق).
كل السفوح كانت من نصيبنا ونحن قاطنيها، فلماذا استوطنا كل التوافه وغادرنا أماكن الجد ؟ هل ننتمي إلى منطقة رمادية خارج مدار العصر؟ هل هناك من يدفع في اتجاه تحويلنا إلى مجرد قطع أثرية لتأثيث متاحف الأمم والتاريخ ؟ أو كي نصلح فقط كسرديات مضجرة للحكي ؟ علينا أن نسأل ونبحث عن ما هو شكل الحياة المناسب لنا ؟ ولماذا فشلت كل المشاريع في مرافقتنا للذهاب إلى التنمية المستدامة والعيش الكريم وأفق الإنسان الحديث ؟ ما أقسى السلطة حين تنظر إلينا من خارج أنفسنا ولا ترى فينا إلا مجرد أوغاد يجب وأدهم. يبدو أن هذه الأنظمة الحاكمة لا ترانا، وحين ترانا فهي لا تنظر إلينا إلا كبؤر توتر أو كدوائر الخوف، هكذا تحولنا إلى مشاريع للأمن لا غير. الملاحظ أن الأنظمة الحاكمة الحديثة في طريقها إلينا أضاعت بوصلة التنمية الحقيقية والتقطت مقص المنع والتحريم وسياسة الإقصاء والاستبداد والبطش التي ليست الإجابة المناسبة لشكل وجودنا في هذا العصر. إن العقل الكسول المحدود يبحث على كل ما هو مريح وغير مكلف له لذلك تراه يلتجئ إلى جميع أشكال الاختزالات والاختصارات وإن اقتضى الأمر بالتهميش والإلغاء. ماذا يعني سحب كل أفق من هذه الشعوب ؟ إذ كلما توغلنا في المستقبل يتضح لنا أكثر أنه يتم تضييق مساحة الأمل المرجوة ويتضح أكثر فأكثر أن هذه الأنظمة لا تملك من أفق لهذه الشعوب غير برامج عدمية أو أمنية مكثفة تغيب فيها الأرض والإنسان كأفق والوطن كحاضن. هذه الأنظمة نسجت ووضعت شكلا للحياة على مقاس عقولها الإجرائية الأمنية البشعة ومصالحها الشخصية، هو نمط عيش جاهز ومعد سلفا توفره لنا ولا نحضر فيه إلا كقطعان ماشية. هذه الأنظمة المستبدة يبدو أنها لا تملك من وصفات لنا إلا الوصفة الأمنية المبنية على المنع والحدود والحصار والقمع، هكذا أصبحت مساحة العزلة والإقصاء والتهميش تتمدد وتتسع أكثر فأكثر كلما توجهنا نحو المستقبل دون أفق الانتظارات المناسبة لذواتنا.



#عمر_بن_أعمارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سراب -الاعجاز العلمي- في القرآن والسنة
- صحوة اسلامية أم مزيد من الانحدار نحو الحضيض ؟
- الصخرة المثيرة الملعونة


المزيد.....




- اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية تصدر بيان ...
- حدثها اليوم وشاهدوا أغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- السعودية.. فيديو تساقط أمطار غزيرة على المسجد النبوي وهكذا ع ...
- فرنسا تعزز الإجراءات الأمنية أمام أماكن العبادة المسيحية
- المجلس اليهودي الأسترالي يتضامن مع مظاهرات طلاب الجامعات الد ...
- طالبة أمريكية يهودية ترفع دعوى قضائية ضد جامعتها المتهاونة م ...
- -نيتسح يهودا- - هل تعاقب واشنطن وحدة عسكرية إسرائيلية لأول م ...
- السلطات الفرنسية تحذر من خطر إرهابي كبير خلال فترة الأعياد ا ...
- فرنسا تشدد الإجراءات الأمنية قرب الكنائس بسبب المستوى العالي ...
- نزلها عندك.. نزل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على الأقما ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمر بن أعمارة - لماذا استوطنا حواشي العصر ؟