أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس خضر - رغبة في البكاء أيضا














المزيد.....

رغبة في البكاء أيضا


عباس خضر

الحوار المتمدن-العدد: 431 - 2003 / 3 / 21 - 04:08
المحور: الادب والفن
    


 

أسيرُ...
ولي رغبةٌ في عناقِ القطاراتِ السريعةِ مِن الأمامِ،
لي رغبةٌ في الركضِ بالاتجاه المعاكسِ للخطِّ السريعِ،
لي رغبةٌ في مشاكسةِ الجدارِ برأسِي حتى يسقطَ أحدنا،
لي رغبةٌ في التدلّي من طرفِ الضوءِ عارياً كما خلقتني،
لي رغبةٌ أنْ أعودَ لأمِّي، فلا أُولدُ مرة أُخرى،
لي رغبةٌ أنْ أخطفَ المدينةَ وأعلّقني في عنقِها أبداً،
لي رغبةٌ أنْ أقتلَ ايكاروسَ وأشوّه هاملتَ على هواي،
لي رغبةٌ في البكاءِ حتى تغرقَ المدينةَ


أسيرُ...
وأقدّمُ للقادمينَ دونَ أغانٍ وصلةَ رقصٍ في العرباتِ،
وأمضي، وإنْ كانت المدينةُ بعيدةً...
وأتدثرُ بلهفةٍ تملأُ الـ(هناااا ك)، كلّما جُنّ الليل…
وأسيرُ لأشجاري التي تملأُ أرضَ القيامةِ دونَ حروفٍ،
فلطالمَا هفا المسيرُ لسقوطٍ ضخمٍ على الرخامِ،
ولطالما هفا القلبُ لبياضٍ سادرٍ حتى النخاع


أسيرُ...
وما من مدينةٍ لعيوني،
ما من قبرٍ في الأجسادِ الصاهلةِ جنبي،
ما من امرأةٍ تقدرُ أن تشعلَ فتيلَ لهفتي مرةً أخرى،
ما من قدرٍ عظيمٍ يوازي حرائقي،
ما من موتٍ أثيرٍ يلمُّ حثالةَ بقائي لصورةٍ أنيقةٍ،
ما من شيءٍ بعدَ اقترابِ الخريفِ من نهايةِ المقهى،
شاهدوا:
وريقاتي تسقط،
وجهي يهبُ عبثَهُ للعواصفِ،
الخطُّ الأسودُ يسقط،
المرأةُ التي تشبثتْ بأزرارِ قميصِي الأخير،
معطفي،
والمدينةُ تسقط  ...
سلاماً إذن،
 سلااااااما،
أيُّها البقاءُ،
سأضربُ كتفكَ بقدمٍ واحدةٍ لا أكثرَ،
فالطريقُ نحوَ الماءِ بعيد،
وليس لي غيرُ دقائقَ معدوداتٍ ولكنْ من مستحيلٍ،
وقدمٌ وهبتُها للسقوط


أسيرُ...
والآلاف تمرُّ. . القوافلُ، الرصاصُ، الرملُ، الحمائمُ  والمحار ...
يمرُّ... الحزن، المدى، السماء  والنجوم ...
يمرُّ... الخوارج، القرامطة، الزنج، الهيبيون، النازيون، العاشقون، الثوريون، اللوطيون، القتلى، الجلادون ...
تمرُّ... راياتٌ سودُ، بيضُ، قوسُ قزحٍ، لونُ الماءِ، لونُ الدم ...
يمرُّون...
والمدينة هي،
بمراثيها وأغانيها،
في حرائقها وطوفاني،
في طوفانها وحرائقي،
في رحيلي وبقائي
المدينة هي،
وأنا الخرائطُ
وزعتُ على الأرضِ خلاياي ...
وسرتُ


أسيرُ...
وروما الجميلة بطولِ الوجعِ أضواءٌ خافتةٌ في الثيابِ،
شعرٌ أسودُ يبحثُ في الليلِ عن رباطٍ للصباح،
معطفٌ للشوارعِ لئلا يطالُها البردُ في الشتاء،
وأنا بعثرةُ المدينةِ هناااااااااااااااااااااااااااااااااك
يا روما الجميلة، روما القريبة، روما البعيدة!
أما من حجرٍ؟ لأهبَ الآلهةَ لعنةً في الجبينِ…
أما من حجرٍ؟ فالبحرُ لعنةٌ أُخرى بيني وبينَ واليابسة…
أما من حجرٍ؟ فقد عاهدتُ الشوارعَ أن أعانقَ في شهقةِ الصباحِ مثواي…
يا روما الحزينة، أمَا وصلتُ إلى وجعي؟
أم سيعودُ بي الطريق مرة أُخرى إلي؟!
 

أسير...
وما من وطنٍ للآلهةِ
ما من حجرٍ للجبينِ
ما من وطنٍ للحمائمِ
ما من حجرٍ للبقاءِ
ما من وطنٍ للعاشقِ
ما من حجرٍ للحكايةِ
ما من وطنٍ للملائكةِ
ما من حجرٍ للريحِ


أسيرُ...
وأطرقُ الأبوابَ
الواحدَ تلوَ المدينةِ،
فلم يجدني أحد،
ولم أجدني مرمياً هنا أو هناك،
ولم يكن الطريقُ، ولو مرة واحدة،
غير نهايةِ الطرقاتِ


أسيرُ...
ولي رغبةٌ هائلةٌ في عناقِ القطاراتِ السريعةِ من الأمام...
رغبةٌ في الصراخِ حتى تتصدع المدينة
   


شاعر وكاتب عراقي مقيم في ألمانيا
[email protected]
                          

 



#عباس_خضر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل إلى الشعر الشعبي العراقي
- رسالة لصحيفة الراية القطرية


المزيد.....




- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...
- من القبعات إلى المناظير.. كيف تُجسِّد الأزياء جوهر الشخصيات ...
- الواحات المغربية تحت ضغط التغير المناخي.. جفاف وتدهور بيئي ي ...
- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس خضر - رغبة في البكاء أيضا