أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فؤاد مرعي - توسّع امبريالي باسم الديموقراطية














المزيد.....

توسّع امبريالي باسم الديموقراطية


فؤاد مرعي

الحوار المتمدن-العدد: 430 - 2003 / 3 / 20 - 02:58
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

تُنذر الحرب الوشيكة على العراق بتداعيات عربية حاسمة. فأنباء الحشود العسكرية في منطقة الخليج تشير الى ان احتلال شبه الجزيرة العربية قد اكتمل قبل ان تبدأ الحرب. انها لحظات للتأمل والتفكير في صدمة سياسية قومية بدأت أصداؤها تتردد في أعماق المجتمعات العربية. فهذه المجتمعات تجد نفسها اليوم على درجة من الضعف والهوان لم تكن في مستوى الآمال التي انتظرتها بعد عقود من الاستقلال.
يزيد من جهامة هذه الصورة مشهد النظام العربي الرسمي وهو يتآكل أمام أعين الشعوب العربية عند أول امتحان له بعد ترنّح عملية التسوية السلمية. هكذا، لم يفعل مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في بيروت العام الماضي، سوى تأكيد الحقيقة الكبرى التي بات يعرفها الشارع العربي لكنه يرفض ان يصدّقها: <<نحن عاجزون عن الحرب، إذاً نحن عاجزون عن صنع السلام>>. لقد ادى انهيار التسوية السلمية في المنطقة، واشتعال الانتفاضة الفلسطينية، الى انكشاف الوضع العربي العام أمام التحديات والمخاطر الجديدة، الى أن أتت محنة الشعب العراقي في مرحلتها التراجيدية لتفقأ الدُمّل العربي المقفل على نسيج من القيح الفاسد. انها بلا شك أوقات تستدعي التأمل وإعادة النظر في الحسابات. فالصورة أكثر سوريالية من ان تحتمل مشاهد عاطفية. والمفارقات أدهى من ان تواجَه بأساليب تقليدية.
ان المشهد العربي الراهن ينجلي عن حقائق مذهلة تختزن العناصر التالية:
أولا تفسّخ النظام العربي بحده التنظيمي الادنى (الجامعة العربية) مع ما يُرافق ذلك من تهافت للانظمة السياسية فرادى وجماعات وبنسب مختلفة أمام الهجوم الاميركي الكاسح المتعدد المستويات. فبعد ان كانت الادارة الاميركية متسامحة، الى هذا الحد او ذاك، مع حلفائها العلنيين والسريين، باتت اليوم تطالبهم بإصلاحات ديموقراطية!! مما يعني ان الحكومة الاميركية تبنّت نظريا ولأسباب استعمارية كولونيالية هدفا استراتيجيا ما انفك الشارع العربي يُطالب به حكامه من دون جدوى. انها لمفارقة تدعو الى التأمل والدرس.
يُضاف اليها مفارقة اخرى مفادها <<ان تلك الانظمة العاجزة عن الحرب في الخارج ما زالت تُبدي مزيدا من القمع في الداخل>>! وهي تطرح (اي الانظمة) معادلة غريبة عنوانها: <<إما استمرار صيغ الحكم الاستبدادية الوراثية، وإما الحروب الاهلية>>! في الوقت الذي تطرح فيه الادارة الاميركية معادلة اخرى مفادها: <<إما قيام أنظمة ديموقراطية <<صُوَرية>> ذات تبعية مطلقة، وإما احتلال مباشر للأرض العربية>>! مما يعني في الحالتين انه لا قرار مستقلا للشعوب العربية، ويعني أيضا ان التظاهرات وغيرها من أشكال التعبير السلمي عاجزة وحدها عن إخراج العالم العربي من هذا الفخ المحكم الذي يفتح الآفاق على اضطرابات وصراعات شتى (عنف ثورات حروب أهلية).
ثانيا لقد فتحت الازمة العراقية الباب واسعا أمام نقاش متجدد حول جدوى الخيارات الديموقراطية داخل المجتمعات العربية كعنصر قوة او ضعف في معارك الدفاع عن الارض والسيادة والثروات. يحدث هذا في ظل متغيرات كونية كبرى من سماتها تحول العالم الى قرية صغيرة ذات نظام اقتصادي واحد وسوق حرة واحدة لكن بثقافات متعددة ومصالح متنافرة ونزعات قوية لامتلاك أفتك أنواع الاسلحة. ففي ظل هذه الغابة لن يمنح الأقوياءُ الضعفاءَ فرصة التقاط الأنفاس. ان الصيد يكون جيدا عندما تكون الضحايا متعَبة، هذا ما ينطبق على الوضع العراقي بعد حربين مدمرتين وحصار اقتصادي طويل.
ثالثا ان تخلف النظام العربي عن اللحاق بأفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، ادى الى بلبلة فكرية وسياسية في المجتمعات العربية.. هذه الاخيرة باتت تدرك انه من العار ان تُترَك مهمة إلحاقها بالشعوب الاخرى لقوى الاستعمار الجديدة، كما باتت تُدرك ان آليات الاستبداد الداخلية تلجم طاقات المجتمع العربي وتحرمه من إمكانيات الصمود في وجه التحديات الخارجية، إذ لا يمكن تطوير المجتمع والحفاظ على أمنه عن طريق اضطهاد عموم المواطنين وازدراء آرائهم. هذه السياسات أصبحت كريهة وعقيمة ومكشوفة (وهي بالمناسبة سياسات باتت تمارسها الادارة الاميركية بعد 11 أيلول بحجة مكافحة الارهاب).
ان العالم ينقسم اليوم بين مدافع عن السلام بمفهومه الواسع (الاجتماعي والسياسي والثقافي والديني... الخ) ومدافع عن الحرب بنتائجها المأساوية. ان هذه المعركة سوف تقرر، ليس فقط مصير العلاقات الدولية، او مصير العلاقة بين الشمال والجنوب، او بين الاغنياء والفقراء، وانما أيضا مصير فكرة الديموقراطية ذاتها في الغرب. فقوى الحرب ليست ديموقراطية بطبيعتها. والمتظاهرون الذين نزلوا الى شوارع لندن وباريس وروما وغيرها من العواصم كانوا يمارسون حقا ديموقراطيا تحاول قوى اليمين المتطرف ان تتجاهله. ففي ظل سعار الحرب وقرقعة السلاح لا ديموقراطية بين الأمم، ولا ديموقراطية بين أفراد الأمة الواحدة.
رابعا ان غياب الشارع العربي عن المسرح السياسي في لحظة شديدة الحساسية كلحظة الهجوم على العراق، بإمكانه ان يُلحق ضررا بالغا بالمصالح العربية، وبقضية السلام والديموقراطية، لكن أشدّ الضرر سوف يلحق بهذه القضايا إذا ما تم اختزال جموع العرب (والمسلمين) بجماعة أسامة بن لادن، او بجماعة الانظمة العربية المتحالفة مع أميركا وبريطانيا. ان هذه الخدعة الاعلامية من شأنها ان تضعف جبهات المقاومة العربية للمخططات الاميركية، خصوصا على الساحتين: الفلسطينية واللبنانية السورية. فهل فات الوقت على القيام بما من شأنه ان يمنع هذا المسار الخطير؟ وهل باستطاعة الشعوب العربية ان تفرض على أنظمتها سياسات أكثر استقلالية وأكثر ديموقراطية؟ ثم، هل باستطاعة قوى السلام العالمية ان تقف في وجه التوسع الامبريالي الأميركي على حساب الشعوب الضعيفة؟ انها اسئلة برسم المستقبل.
 كاتب لبناني

...  
©2003 جريدة السفير



#فؤاد_مرعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استبداد الشمال ومحنة الجنوب


المزيد.....




- بالأسماء.. أبرز 12 جامعة أمريكية تشهد مظاهرات مؤيدة للفلسطين ...
- ارتدت عن المدرج بقوة.. فيديو يُظهر محاولة طيار فاشلة في الهب ...
- لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب ...
- جرد حساب: ما نجاعة العقوبات ضد إيران وروسيا؟
- مسؤول صيني يرد على تهديدات واشنطن المستمرة بالعقوبات
- الولايات المتحدة.. حريق ضخم إثر انحراف قطار محمل بالبنزين وا ...
- هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأ ...
- هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه
- Polestar تعلن عن أول هواتفها الذكية
- اكتشاف تأثير صحي مزدوج لتلوث الهواء على البالغين في منتصف ال ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فؤاد مرعي - توسّع امبريالي باسم الديموقراطية