أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - الماركسية وأثر الثقافة والهويّة في التغيير















المزيد.....

الماركسية وأثر الثقافة والهويّة في التغيير


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 5986 - 2018 / 9 / 6 - 10:21
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الماركسية وأثر الثقافة والهويّة في التغيير.
بقلم : تاج السر عثمان
أشار انجلز في مؤلفه "انتى دوهرينغ " (1877) : أن الماركسية تحولت إلى علم باكتشاف المفهوم المادي للتاريخ ونظرية فائض القيمة التى كشفت سر الاستغلال الرأسمالي .
بهذين الاكتشافين تحولت الماركسية إلى علم ، وأصبح الواجب تطويرها في كل الاتجاهات ، ولأن العلم لا يعرف النهائية والاكتمال ، فان تطوير الماركسية عملية مستمرة ، وتنبع من منهجها الديالكتيكي الذي ينظر للظواهر في حركتها وتطورها وشمولها وتحولها وتغيرها الدائم ، وعليه فان التجديد ينبع من التغير المستمر في الواقع ومن منهج الماركسية النقدي والثوري الذي يؤكد علي الدور الحاسم للعامل الاقتصادي في التغيير، الا أنه لايقلل من أهمية العوامل الاجتماعية والثقافية والدينية وتاريخ وهويّة البلد المعين وتقاليده الثورية في التغيير، وذلك بحكم التأثير المتبادل بين البنية التحتية والبنية الفوقية في المجتمع داخل التشكيلة الاجتماعية المحددة.
كان اكتشاف ماركس للمفهوم المادي للتاريخ نقطة تحول مهمة في تطوير علم الاجتماع ودراسة التاريخ، فما هو المفهوم المادي للتاريخ؟.
انطلق ماركس في الفهم المادي للتاريخ من حقيقة بسيطة : الناس قبل أن يمارسوا السياسة والفن والدين عليهم أن يوفروا احتياجاتهم الأساسية من : مأكل ومشرب وملبس ومأوى ، ولكى يتم ذلك عليهم أن ينتجوا ، ولكى تتم عملية الإنتاج لا بد من توفير وسائل الإنتاج والعمل البشرى، وأثناء عملية الإنتاج تنشأ علاقات بين الناس تسمى علاقات الإنتاج تتعلق بالملكية والتوزيع ، وحول البنية التحتية للمجتمع التى تتكون من قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج تنشأ بنية فوقية تتعلق بأفكار الناس السياسية والدينية والفلسفية والفنية . الخ . وحدة البنية التحتية والفوقية أطلق عليها ماركس التشكيلة الاجتماعية .
على أن العلاقة بين البنية التحتية والفوقية معقدة ومتشابكة وذات تأثير متبادل ، صحيح أن البنية التحتية لها تأثيرها على البنية الفوقية ، ولكن البنية الفوقية أيضا لها تاثيرها في البنية التحتية ، فالعلاقة ديالكتيكية بحيث يصبح من الصعب الحديث عن أدنى وأعلى وخاصة في مجتمعات ما قبل الرأسمالية .
وهذا أيضا يقودنا إلى العلاقة بين الوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي والتى ذات تأثير متبادل ، صحيح أن الوجود الاجتماعي يحدد الوعي الاجتماعي ولكن الوعى الاجتماعي يؤثر في الوجود الاجتماعي ويعمل على إعادة تشكيله.
أشار انجلز في خطابه على قبر ماركس : أنه مثلما اكتشف دارون قانون تطور الأنواع بالانتخاب الطبيعي ، اكتشف ماركس قانون تطور المجتمع البشري ، فقبل ماركس كان علماء الاجتماع يرجعون تطور المجتمع البشري الى أفكار الناس ، ولكن ماركس انطلق من العكس ، من الإنتاج المادي وإعادة إنتاج النوع البشري باعتباره القوى الحاسمة في تطور المجتمع البشري .
ومنذ اكتشاف ماركس حدثت تطورات كثيرة في علوم الاجتماع والآثار والتاريخ والأنثروبولوجيا وغيرها أثرت الفهم المادي للتاريخ ، مثلما حدثت تطورات في علم البيولوجيا أثرت وطورت نظرية دارون حتى اكتشاف الشفرة الوراثية في عصرنا الحالى . كما حدثت تطورات في علوم الفيزياء والفلك والجيولوجيا ، كان لها الأثر الكبير في تطور تلك العلوم و الفكر البشري . فما أن تظهر نظرية تفسر ظواهر معينة ، حتى تظهر ظواهر جديدة تحتاج لنظرية جديدة لتفسيرها وهكذا تطورت النظريات والعلوم .
في علم الاجتماع على سبيل المثال : كانت مساهمة عالم الاجتماع مورغان الذي درس المجتمعات البدائية للهنود الحمر بعد أن عاش وسطهم لمدة عشرين عاما ، استند انجلز على تلك الدراسة في مؤلفه : أصل الدولة والعائلة والملكية الخاصة (1884) ، والذي أشار فيه إلى أن الدولة هى نتاج تطور المجتمع في لحظة معينة بعد تفكك المشاعة البدائية وظهور الملكية الخاصة ، أو بعد ظهور المجتمعات الزراعية الرعوية ، كما أشار فيه إلى التقسيم الاجتماعي للعمل بين المرأة والرجل في المجتمعات البدائية حيث يذهب الرجال إلى الصيد ويقوم النساء بالعمل المنزلى من نسيج وإعداد الطعام وتربية الأطفال والتقاط الثمار وصيد الحيوانات الصغيرة غير المؤذية .
أشار أيضا إلى المساواة بين المرأة والرجل في المجتمعات المشاعية البدائية ، وبتفكك المجتمع البدائي وظهور المجتمعات الطبقية بعد اكتشاف الزراعة والرعي ظهرت عدم المساواة بين الرجال والنساء ، وكان ذلك أول هزيمة لجنس النساء في المجتمع البشري .ومنذ دراسة انجلز تلك تطورت الدراسات التى تناولت قضية تحرير المرأة بمدارسها المختلفة .
وبعد مورغان تطورت دراسات الثقافات للمجتمعات البدائية ، مع الاختلاف النابع من ظروف كل مجتمع ، ولكن السمة العامة تؤكد صحة المفهوم المادي للتاريخ والذي كان هاديا ومرشدا لدراسات كثيرة حول النوع ، ودراسة العلاقات المتبادلة والمتشابكة بين الاقتصاد والدين والسياسة وأنظمة القرابة التى تتداخل فيها العلاقة بين البنية التحتية والفوقية للمجتمع . وقد تناول الماركسي ارنست ماندل في مؤلفه ( النظرية الاقتصادية الماركسية ) أمثلة كثيرة من دراسات معاصرة في علوم الآثار والاجتماع والآنثروبولوجيا وثقافات المجتمعات البدائية ، أكدت صحة المفهوم المادي للتاريخ الذي اتخذه ماركس مرشدا له في دراساته وأبحاثه مثل رأس المال .
كما أنه من الخطأ تعميم اللوحة الخماسية التي أشار اليها ماركس لنشأة وتطور الرأسمالية في أوربا ( تشكيلة بدائية ، رق ، اقطاع ، رأسمالية ،اشتراكية ) على كل التاريخ البشري ، في حين أن ماركس كان يعارض تحويلها إلى نظرية فلسفية وتعميمها على كل بلدان العالم ، وأشار إلى ضرورة دراسة خصوصية كل مجتمع بذهن مفتوح وبطريقة مستقلة ، وفي هذا الإطار أشارماركس في مؤلفه ( مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي ) إلى نمط سادس خاص ببعض بلدان الشرق ( الصين ، مصر ، الهند ، .. الخ ) ، يتمايز عن الأنماط المشار لها في لوحته الخماسية ، أطلق عليه نمط الإنتاج الآسيوى ، وهو يتعلق بملكية الدولة للأرض والرى مقابل خراج يدفعه الفلاحون للدولة . وقد حاول بعض الماركسيين تعميم نمط الإنتاج الآسيوى على كل البلدان غير الأوربية وهذا أيضا غير صحيح ، والسليم هو الدراسة المستقلة لكل مجتمع بذهن مفتوح لمعرفة واقعه وخصوصيته .
الجانب الآخر الذي انتقده انجلس في كتاباته الأخيرة اعتبار الاقتصاد هو العامل الوحيد الحاسم في التغيير ، فالى جانب الاقتصاد هناك عوامل أخرى: دينية ، قومية ، ثقافية، سياسية ، تقاليد كل بلد وهويتها وشخصيات القادة فيها تسهم في التغيير ،صحيح أن للاقتصاد دور حاسم ولكنه ليس الوحيد .
اما الماركسي انطونيو غرامشي ، فقد طور ملاحظة انجلس ، وأشار الى أنه من الصعب تحديد أى العاملين الاقتصادي أو الثقافي هو الحاسم في التغيير ، وأن الثقافة ضرورية لبناء القاعدة الاجتماعية نفسها ، وأن النظام الرأسمالي لا يعيد إنتاج نفسه بوسائل اقتصادية أو بالقهر ، وانما يعيد إنتاج نفسه بوسائل ثقافية أيضا ، وبالتالى من المهم التأثير الثقافي والأخلاقي للطبقة العاملة وأن يكون لها مثقفين عضويين مرتبطين بها ، كما انتقد المفهوم المبتذل للمادية الفلسفية التى تلغي دور الإنسان والممارسة باسم الحتمية التاريخية وتلغي التفكير النقدي ، وأشار الى أن التاريخ ليس له معنى الا بارتباطه مع التاريخ الإنساني ، كما أشار ماركس ان الإنسان ليس نتاج سلبي للبيئة ، بل يسهم في إعادة تشكيل البيئة نفسها .
النقطة الثانية التى ركز عليها انجلز : أن المفهوم المادي للتاريخ ليس بديلا لدراسة تاريخ كل بلد على حدة بهدف معرفة واقعه وخصائصه بذهن مفتوح ، وليس حشره في المخطط المسبق للوحة الخماسية أو نمط الإنتاج الآسيوى أو أي مخطط أيديولوجي مسبق .مثل هذا الفهم ضار بالمفهوم المادي للتاريخ. أى أن الماركسية منهج لدراسة الواقع بذهن مفتوح بدون تصورات مسبقة بهدف معرفته واستيعاب سماته وخصائصه والعمل على تغييره إلي الأفضل.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجربة الحوار والاتفاقات مع النظام
- الذكري 72 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني - 2-
- الذكري 72 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني
- كارل ماركس : حياته وأعماله
- كيف نشأت المسألة القومية في السودان؟
- 29 عاما من الدمار والفشل وأكاذيب الحوار
- دولة تنموية أم وطنية ديمقراطية 2_2
- دولة تنموية أم وطنية ديمقراطية؟
- الكيد السياسي في إعدام الحلاج والسهروردي ومحمود محمد طه
- طبيعة ووظائف الدولة في سلطنة دارفور
- انجلز والثورة المهدية : قراءة وتحليل.
- بمناسبة مرور 200 عام علي ميلاد كارل ماركس
- أوضاع الطبقة العاملة السودانية خلال فترة الحرب العالمية الثا ...
- طبيعة ووظائف الدولة في مملكة الفونج
- خطل دعاوى الحوار والمشاركة في انتخابات 2020
- لنواصل الحملة من أجل اطلاق سراح كل المعتقلين..
- أحداث يناير 2018 وتفاقم أزمة النظام
- الذكري ال 33 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
- طبيعة ووظائف الدولة في فترة الحكم التركي - 1821- 1885م
- سواكن مدينة أثرية تاريخية.


المزيد.....




- اندلاع اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل أبيب ...
- الولايات المتحدة: اعتقال مئة من المتظاهرين المؤيدين للفلسطين ...
- اعتقال الشرطة الأمريكية متظاهرين في جامعة كولومبيا يؤجج الاح ...
- الحزب الشيوعي العراقي: معا لتمكين الطبقة العاملة من أداء دو ...
- -إكس- تعلّق حساب حفيد مانديلا بعد تصريحات مؤيدة لأسطول الحري ...
- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تاج السر عثمان - الماركسية وأثر الثقافة والهويّة في التغيير