ياسين عبد اللطيف
الحوار المتمدن-العدد: 1505 - 2006 / 3 / 30 - 08:48
المحور:
الصحافة والاعلام
• عنَّ بفكري سرير "بروكست" ووجد في نفسي الرضا والمصافحة؛ وأنا بصدد الرد على القوى المرائية الحمقاء؛وفكرها اللاهوتي الذي يخالطه الجهل والجنون ,وهم يرددون هناهينهم الأمنية:("ويها" بني عبد الدار ...."ويها" حماة الأدبار .......ضربا بكل بتار) ـالتي ساءها ما كتبت، وما سأكتب عن الإعلام السوري,الحكومي, المحلي,الرديء بامتياز؟.
ـوبروكست هذا شخصية أسطورية لقاطع طريق, لا يكتفي بقطع الطريق على السابلة؛ وترويع الآمنين؛ وسلب مالهم وحلالهم, بل كان يضع ضحيته على سرير خاص به فإن تجاوزت رجلا الضحية حدود السرير قطعها, وإن قصُرت شدها بحبال حتى تصبح بطول السرير!
ـ وعليه أقول:لم يعد الشاهد على عصره فرداً, وحيداً, يتلهى بأحزانه كمطالع القصائد الذاتية الهامسة التي تبعث على الشجا والأنين, بل أصبح ضميراً متطوراً رهن التكوين؛ ينصهر في الضياء العام بعد أن اشتدّ الأذى وامتدّ إلى مُهجنا وأرواحنا، وآمالنا وأحلامنا وهو يكنس كل فرص الحياة من أفواهنا، ومن بين أيدينا ومن حولنا. فيا عجباً من هذا الأمر؟!
• أنا لا ألقي بظلي على أحد؛ فتأخذه الرِّعدة. وموقفي هذا ليس انحياشا عن النخب السياسية والثقافية، ولا استيحاشا من السلطة السياسية، ولا وصلا، ولا إفراطا بحسن النية، لأن الطريق إلى "جهنم الحمرا" معبّد بالنوايا الحسنة!
وما أحسن من قال من قبلي:
"ولستُ بمذعن يوماً مطيعاً إلى من لستُ آَمنُ أن يجورا "
ووراء هذا الوعي أبعاد مضاعفة، تنأى بالكريم عن الرجاء الكذوب؛ في ظل هذه الحالة الملتاثة، للتحرر من كل وسواس ثقافي، وسياسي،كاذب وأثيم. لذا آثرت الكتابة، والغوص في غمارها ـ كخيار وحيد ـ لأن الكتابة عبادة، قانونها الخلوة، وآلتها الجوع.ولأن السكوت كلما أمتد وقته؛ وزمانه، أفنى وأذل الناس والحجارة. ولا أريد لصمتي الطويل أن يكون ترنيمة في المعبد الوثني ّ!
• لا مطمع عندي في هذه المقالة، ولا الآتيات من خياتها إلا إقامة الحوار أولاً، محاولة مني لثقب هذا الاختناق السرمدي، الذي حل بنا كالبلاء، في مواجهة شهوة البلاهة، والعناد الإنساني، وكذلك دفع دسائس صغار الأعيان والمخبرين الذين إن قلت نعم: اعتروك. وإن قلت لا: لاموك بتذللِ من يكيد لك، وبك، وعليك؟!
ما الذي جرى يا ترى؟! اجتهدت من حرصي، وادّعيت من موقع العارف الخبير، ووقفت على مأزق إحدى أهم مؤسسات الدولة: الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون. وقدمت شهادتي للملأ، بالحجة والعلم واليقين، ودلّلت عليهم، وعلى خطلهم وعثارهم بتقديم دعواي بحرفية فنية عالية، من داخل المؤسسة الوطنية الإعلامية. قدمت جهداً فنياً فردياً علمياً، لا تقوم به في العادة إلا المؤسسات المختصة في عالم الميديا!
وكانت النتيجة: ردة فعل محمومة! إذ استناحَ السدنةُ، وتناحبوا على هذا الأمر، إلى حد الذهاب إلى تفتيش النوايا والقلوب "ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور".
قال كبيرهم: تباً للإصلاح والمشاركة، ولهذه البدعة الجديدة!!! أيريد هذا الإعلامي أن يسلب منا وظائفنا، الإرثية- الزمانية؟ بدعوى إصلاح المؤسسة الإعلامية، واستبدال المعايير الثابتة والحصرية في إسناد الوظيفة العامة، بنبذ الفئوية والمناطقية وضرورة رفع يد الروافع الأمنية عن المؤسسة الإعلامية الوطنية، وإحلال مبدأ المشاركة على أساس المواطنة تحت ظل العلم السوري الذي يوحّد صوتنا نشيده الجميل؟! لا على أساس علامة القفز المظلي! لا............. وربِّ العزّة لن يحدث هذا في أيامنا؟! ثم استدرك مكملاً:
لهذا الإعلامي الحق في العمل الذي نختاره له، وليس له الحق في ثماره اليانعة التي هي لنا ولأبنائنا، ولأهلنا الأقربين، ولما ملكت أيماننا. وهذا الحق هبة نعطيها له ولغيره ـ فقط ـ من أجل متعة العمل، لا لجني الثمار؛ وكنوع من التمارين الروحية على بطون خاوية!
والردّ مني على كبيرهم بسيط: إن وظيفتي الإعلامية، هي مواطنتي في كل هذه المخمصة، واختلاط مفهومي الحق والحظ. ولن أغادر مواطنتي التي هي خط دفاعي الأخير كإنسان وكاتب محترف هجر المراثي إلى أناشيد الصباح والأمل: أقيلوني من الإعلام الرسمي، لن أستقيل؟
يا كبيرهم: لا أدري لم تذكرتُ حكاية نبي الله يوسف مع الوظيفة؟! بالتأكيد البعد الفلسفي والاجتماعي لمعنى أن تكون عندك وظيفة، ولك وظيفة، - أي رسالة - هو الذي جاء بالحكاية إلى فكري وخاطري. لقد طلب نبي الله يوسف عليه السلام ـ وظيفة دنيوية بلسانه. أتراه كان يريد حقاً له على الأرض التي يحكمها البشر بقانونهم الوضعي، وهو نبي مرسل من الله خالق الكون ومالك السماوات والأرض؟! وعلى لسان يوسف، قال تعالى: "وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلمّا كلّمه قال إنك اليومَ لدنيا مكين أمين* قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم* ولقد مكنّا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء........."سورة يوسف الآيات 53ـ54ـ55
والسؤال الملحّ، لماذا طلب النبي يوسف الوظيفة؟ طلبها ليتحرر من عبوديته في الأرض في بيت مالكه. وحين سيتحرر من هذه العبودية سيصدّق الناس نبوءته! ونحن جميعا نريدها، لأنها حقّ لنا تكفله الشرائع والقوانين، حتى نتحرّر من إسار هذه العبودية المستحكمة التي تقوم على الأثافي الثلاث: الإقصاء والتجويع والتخوين!
وللقارىء الكريم أقول: كنت ومازلت أتحدث عن الوظيفة التي نمنع من ممارستها في أبسط أشكالها؛ عن الحق، عن الرسالة لا عن المناصب أتحدث؟
بعد هذا: بمن أتعلّق، ولمن أتملّق؟.
#ياسين_عبد_اللطيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟