أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - يوسف بن الغياثية - هل تُؤْمِن بما نُؤْمِن به ؟














المزيد.....

هل تُؤْمِن بما نُؤْمِن به ؟


يوسف بن الغياثية

الحوار المتمدن-العدد: 1499 - 2006 / 3 / 24 - 10:28
المحور: المجتمع المدني
    


هل سنضطر إلى التفضيل بين الإيمان والحرية ؟
كنا قد حضرنا ندوة في جامعة محمد الخامس حول دور العقائد في الحوار الحضاري العالمي. ولا أذكر كثيرا مما وقع في الندوة إذا استثنينا بعض الأحداث التي مازالت عالقة ."، وأذْكُر أن أحد الإخوة الموريتانيين سألني بعد المداخلة سؤالا ربما كان غريبا بعض الشيء هو : "هـل تؤمن بما نؤمن به ؟"
وكنت أجبت الطالب أنني لن أرد على هذا سؤاله حتى لا تتحول إلى تقليد أو عـرف يُلْـزِم الناس بأنْ يصرحوا بعقائدهم قبل الإقدام بأي عمل اجتماعي ونحوه. ومن ثَـمّ، بقي سؤاله معلقا ويحسن به أن يبقى كذلك. إن السؤال عن العقائد مُخِـلٌّ بالتوازن الاجتماعي وبالسِّلْـم أيضا. وعدت بعد أُمّـة أتساءل عن لو أجبته بكوني لا أؤمن بما يؤمن به هو أو غيره ؛ فبماذا يمكننا أن نتنبأ لو أخبرته ؟ ماذا لو أتيح لهذا أن يتسلط على رقاب الناس ؟
والحقيقة أني لست مضطرا للإجابة على مثل هذا السؤال ؛ بكل بساطة لأن السائل غير معني بالإجابة عليه، قطعا وبته ! ومثل هذه الأسئلة - مع اعتقادي - أنها بريئة وتنِمّ فقط عن صدمة مما طرحته الورقة التي عرضتها، على بساطة ما طرحته فيها، والذي لم يكن خارقا.
وكان مما تعرضت إليه فيها أنني افترضت أن حرب الردة لم تكن حربا دينية صِرْف، بقدر ما هي حرب سياسية عادية تحدث إلى اليوم حين تعلن مقاطعة أو إقليم من الانفصال عن المركز. فقد رفض الخليجيون (اليمامة والبحرين وغيرها) آنذاك إيتاء الزكاة ، باعتبارها ضريبة تُسلَّـم إلى خزينة الدولة المركزية بالمدينة المنورة. وامتناعهم عن أدائها معناه من وجهة نظر المدينة والقائمين فيها تمردا على الشرعية وتقويضا للنظام القائم.
وأقول هذه وجهة نظر تُبْحَث بما لها من صواب وتسديد وبما لها من قصور وخطإ أيضا. ونحن هنا لا ندخل في خانة المحاسبة الإيمانية. ولهذا السبب لم أقبل الإجابة عن السؤال الذي طرح عليّ لأنه لا علاقة له بتحليل قطعة من تاريخنا المجيد ونقدها حلوة كانت أو مُـرّة، بيضاء ناصعة كانت أم سوداء حالكة. إنها في النهاية جزءٌ من كياننا ووجداننا، وكوننا نعيد التفكير فيها وتقليب النظر في بعض من فترات هذا التراث لا يعني أننا نتبرأ منها لصالح اعتناق "سانت بارطيلمي" [La Saint-Barthélemy] ، مثلا. فالحروب الدينية لا تزال قائمة بسبب البحث عن الإجابة عن السؤال : "هـل تؤمن بما نؤمن به ؟" "هـل يؤمنون بما نؤمن به ؟"
إنه بسبب هذا السؤال، ذهب الآلاف إلى القبور بحد النصال.. وبقدر ما أثار سؤال هذا الطالب الكريم البسمة التي تُنبِئ عن المحبة والدهشة، بقدر ما رأيت في سؤاله قرعا لأجراس محاكم التفتيش والتقصي وقد يُعتبَـر إعلان حرب على العقائد المخالفة والآراء التي لا تنسجم مع السمفونية العامة، والتي قد لا تُستساغ ؛ ولو أني لا أملك سوى رأي مخالف، لا عقيدة مخالفة.
ولكن، إذا كان هذا فيما بيننا - نحن المسلمين - فماذا عنا مع غير المسلمين ؟ وما يمكن أن نقوله عن التطرف في الإسلام، يقال عنه في اليهودية والهندوسية والبوذية والنصرانية، والتاريخ يشهد على كل هذه المتناقضات الدينية والمجادلات العقدية وحتى التصفيات الجسدية، وقد ذكرنا أمثلة من الردة وحروبها، ومحـن الطائفة السُّنِّية مع المعتزلة في قضية "خلق القرءان"، ومحـن هؤلاء مع السنة عندما استردوا السلطة ؛ ومن ذلك مذابح الحروب الدينية في فرنسا التي تعد من الدوافع إلى اعتبار الدين سبب البلايا ومصدر الرزايا عند من يذهب هذا المذهب في أوروبا والغرب عموما. ولا حديث عن المقلدين من بني جلدتنا والذين لا يفرقون بين السياقات الثقافية والفروق التاريخية بين حضارة وأخرى...
إن السؤال : "هـل تؤمن بما نؤمن به ؟" سؤال مُتَّهِـم ؛ يتهم المسؤول ويفترض تغليبا لانحرافه وأنه أحوج إلى التقويم، إن لم يكن التأديب والتصحيح، وربما الاستتابة أو التعجيل به إلى دار البقاء... أما معاناة المسؤول فتكون كبيرة جـدا. فتحصل المعاناة من جانبين :
أما الأول : فهو الخوف من هجوم السائل بالعنف المادي أو الرمزي، وهو خوف طبيعي يحصل لأي إنسان يدخل دائرة اتهام أو يكاد، وخصوصا في حال اتهامه ظلما بشيء، وما أدراك ما جريرة الخروج من المِلّة أو التصنيف داخل خانة العداء للأمة.
وأما الثاني : فهو الخوف على السائل نفسه من أن يعطي لنفسه صلاحيات هي لله وحده وليست لغيره. "إن الدين عند الله الإسلام "، وليس لأحد آخر أو غيره...
ومن ثَـمَّ، فرفقا بالسائل وانفتاحا عليه ربما يدع الواحد منا ييريده أن ينأى بنفسه عن الاعتداد بإيمانه فيزكي نفسه، ويتعالى بعقيدته ودينه مثل ما تعالى صاحب الجنتيْن على صاحبه وهو يحاوره . وذهب به الظن إلى أن الساعة قد لا تقوم. وحتى وإن قامت ورُدَّ إلى بارئِه ليجدن أحسن منها منقلبا !! ويبدو أن هذا الإنسان كمن اتخذ عند الله عهدا..
إذن، فكما يُتعالى بالمال والعلم والقوة بأنواعها، قد يُتعالى أيضا بالإيمان وتزكية النفس.. فهل تؤمـن بما نؤمـن به ؟ هل يؤمن أولئك بما نؤمن به ؟ لم تعد القضية هي هل نؤمن، ولكن كيف نؤمن ؟



#يوسف_بن_الغياثية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين الإنسان ؟؟
- محمد الدنمارك ومحمد القرءان، لا يلتقيان
- إله واحد وكتابان وثلاثة أديان
- الإرهابي في ضيافة روبي : مقالة في إرهاب الـ-ڤيديو كليب


المزيد.....




- الضفة الغربية: نزوح جماعي وهدم واسع للبيوت في مخيمي نور شمس ...
- تبادل مئات الأسرى العسكريين بين روسيا وأوكرانيا
- ليبيا.. اللجنة الاستشارية تسلم تقريرها النهائي لبعثة الأمم ا ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطن -اغتصب حدثًا واعتدى علي ...
- رئيس غانا يفرض عقوبات صارمة على وزرائه في حملة موسعة لمكافحة ...
- مسؤول في الجيش الإسرائيلي: -حماس- قد تصبح أكثر عنفا تجاه الأ ...
- قتلوا زوجي وثلاثة من أبنائي واختفى زوج ابنتي
- سوريا.. اعتقال عقيد سابق بالنظام المخلوع متورط بـ أحداث السا ...
- نظارة ذكية لمساعدة المكفوفين في تحسين حياتهم اليومية
- الاحتلال يمدد اعتقال الصحافي سعيد حسنين


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - يوسف بن الغياثية - هل تُؤْمِن بما نُؤْمِن به ؟