أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء غريب - رع وسيرجي














المزيد.....

رع وسيرجي


أسماء غريب

الحوار المتمدن-العدد: 5917 - 2018 / 6 / 28 - 14:13
المحور: الادب والفن
    


أكان لا بدّ أن تظهرَ
وتُعرّفَ بنفسك
وتقول لي إنّكَ إله الشمس؟!
ماذا يعني كلّ هذا،
أنك أخيراً، وبعد كلّ هذه السنوات
من الصّبر والجَلَدِ الشديديْنِ
تعرّفت إليّ وعليَّ
وبتَّ تأتي للقائي
كلّما أويتُ إلى سرير السرّ!
*
يا لحظّي العظيم
رع ها هنا في بيتي،
أعني في قلبي
لا، بل أقصدُ في جبهتي
ثم ماذا بعد؟
ماذا بعد زياراتكَ هذه
وأنت تُطلّ عليّ كلّ يومٍ بعينك الكبيرة
ولا أعرف أين أنتَ
ولا لماذا كلّ هذا؟
قل لي بصراحة يا رع:
ما الذي تريده منّي؟!
*
النومُ، ولا أنامُ كبقية خلق الله
والأكلُ، ولا آكل ككافة العالمين
والحرفُ ينزفُ منّي
شلالات لا أعرفُ أينَ أقودها
ثم ماذا بعد؟
لقد أصبحوا ينادونني بالعارفة
أعلمتَ بهذا الأمر؟
إنها مأساة يا سيّدي
فأنا لا أعرفُ شيئاً
وحتّى إنْ عرفتُ
فلن ينفع كلّ ما عرفته
في شيء أبداً أبدا!
الكلّ يمشي وسيمشي وفق ما أردتَ
في العدَمِ مُنذ القدم
ولن يُغيّرَ في الحياة شيئاً
ما عرفتُه أو ما قد سأعرفه غداً
*
ثم ماذا بعد؟
آه، لقد نسيتُ أن أشكرك البارحة
وأنت تُقدّم لي المُخْرج الكبير
سيرجي أيزنشتاين
قلتَ لي إنّ ظهوركَ
كان بمناسبة حُبّك للمخرجين السينمائيين
وإنّي انتبهتُ لهذا الأمر جيدا،
نعم يا صاحبي رع
لقد رأيتُ فيما بعدُ أنكَ كلّ ليلة
تطلُّ عليّ من غرفةٍ مظلمة
ظننتُها في البداية غرفة تحميض الصّور
لكنّك صوّبتَ ما ذهبتُ إليه
وقلتَ إنّها غرفة المونتاج
وكيف لا تكونُ كذلك
وأنت تحبّ توليف كلّ شيء
فكلُّ الحياة عندكَ مشاهدُ
لا بدّ أن يتمّ توليفُها
وإخراجُها بشكل جيّد جدا
قبل أن يبدأ العرضُ الكبير!
*
لكنكَ لمْ تقُل لي بعد،
لماذا تتدخّلُ أيضا في إخراج أحلامي؟
ولماذا في كلّ يوم
تأخذُ من مخزونات ذاكرتي مقطعا ما
وتعرضُه على منْ رحَل قبلي من الأحبّة
دون أن تستأذنني في ذلك ولو لمرة واحدة؟
قل لي يا رع
لماذا تقومُ بهذا،
لماذا في كل ليلة تجلسُ وراء شاشات المونتاج
وتبحثُ في ذاكرتي عن شيء تعرضه على الموتى؟
*
بالمناسبة يا رع
لقد رأيتُ في غُرفتكَ أخِي
وكذلكَ أمّي وأبي
ورأيتُ هامان وآمون وأخناتون
ورأيتُ الحورَ العين، بناتَ اليمن السعيد
وكذا الحور الفرعونيات الفاتنات الجمال
ورأيتُني أنا أيضا مستلقيةً فوق سرير السرّ،
والسلاطينُ والأمراء الأتقياء منهم والطّغاة
يأتون لعيادتي بمناسبة شفائي
هكذا كانوا يقولون
*
شفائي من ماذا؟
لا أعلمُ، لكني سأسأل أخي أيزنشتاين
فحتماً عنده الجواب
وكيف لا يكونُ كذلك
وهو صاحبُ مدمّرة بوتمكين
العارف بمونتاج الجاذبية
ودَوْرِ الصورة الثابتة والمتحركة
في الأفلام القصيرة والطويلة
وكذا الصامتة والصائتة
*
بالمناسبة يا صاحبي رع،
كلّ أفلامك التي بتَّ تعرضُها عليّ صامتةٌ
أحتاجُ إلى بعض الصّوْت والحركة
لكن يبدو أن ما من حلٍّ
فكل أبطال أحلامي
عفوا، أقصدُ أفلامي
قادمون من العالم الآخر،
والموتى كما تعرفُ يا صاحبي رع
صامتُون لا يتكلّمون
وإنمّا فقط ينظرون
وهُم في كلّ ليلة
لا يكفون عن التحديق فيّ
من غرفة المونتاج الكبيرة
متراصّين بالعرض
في صفوف أمامية طويلة
وخلفَهم أيزنشتاين
يراقبُ كلّ شيء
وهُم أمامه
ينظرون ويبتسمون،
فقط يبتسمون!



#أسماء_غريب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متلازمة زليخة
- ليلة بيضاء
- حكاية سفينة
- شجرة الأحديّة
- اشْهَدْ أيّهَا البَحْرُ الأسْوَدُ


المزيد.....




- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء غريب - رع وسيرجي