صورة الاسلام في الغرب

بدور زكي محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1489 - 2006 / 3 / 14 - 11:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

بعد هدوء العاصفة التي اثارتها صحيفة جيلاند بوستن الدنماركية وزيارة خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي الى جدة ثم عمان ودمشق وتصريحه بانه يحمل رسالة احترام للعالم الاسلامي ، الى جانب الاعلان عن توجه وفد من رجال الدين الدنماركيين الى القاهرة ، قد يجد الذين بالغوا في الاحتجاج ضد الدنمارك شعبا وحكومة ، ان الطريقة العنيفة التي عبروا عنها كانت مجدية لتلقين الاوروبيين درسا عن قوة المسلمين . لكن ما غاب عنهم انهم وجهوا ضربة قاسية لملايين المسلمين في الغرب ورسخوا صورة المسلم الارهابي في الذهنية الاوروبية . كما ان تهويل الغضب وتسييسه دفع الكثيرين الى فتح الملفات القديمة للصور المسيئة الى الاسلام ، سواء مايعود منها الى القرن الخامس عشر في كنيسة سان بيترونيو في مدينة بولوغنا الايطالية مثلا او الحديثة في الصحف الاوروبية وما كتبه عبد الله عزيز في كتابه ( عقيدة محمد والا) الذي ضمنه المئات من الصور والتعليقات المسيئة للنبي (ص) والانبياء والسخرية بقصص قرآنية بأحاديث مختلف عليها . ما حدث ان الاساءة قد وقعت وتخطت حدود الدنمارك والمسلمون تلقوا ترضيات كثيرة وعلى مستويات عالية ، فماذا بعد ؟ لعلها فرصة لتصويب النظرة الى الاسلام في اوروبا والاكثر مسؤولية في هذا الشأن هم العلماء والمؤسسات الدينية غير المسيسة ، غير ان الامر لايقتصر على الاسهاب في الحديث عن سماحة الاسلام بعمومية اعتدنا عليها ولكن بالتركيز على مواضيع اساسية في العلاقة بين الاسلام والمسيحية تاريخيا وحاضرا ، مثال ذلك :


*تسليط الضوء على الآيات التي تمجد بالسيد المسيح وتوضح مكانة السيدة مريم في القرآن الذي تضمن سورتين باسم آل عمران ومريم .


* التركيز على المأثورات الدينية التي تدعوا الى التعامل الحسن مع اهل الكتاب ، بل حتى مع المشركين ( مثال تسامح الرسول مع من آذوه من قريش وقوله لهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء ) وهذا يقتضي اعادة النظر في المقولات التي تدعوا الى اذلال اليهود والنصارى ، كالذي ينسب الى الرسول (ص) انه قال : " لاتبدأوا اليهود والنصارى بالسلام واذا لقيتم احدهم في طريق فاضطروه الى اضيقه " أو الذي نقله عبد الرحمن بن غنم من انه حمل رسالة نصارى الشام الى الخليفة عمر ابن الخطاب ، وقد اشترطوا على انفسهم شروطا مذلة ، فصادق عليها واضاف ، ومن هذه الشروط ان يجزوا مقاديم رؤوسهم ولا يظهروا الصليب في كنائسهم وان لايعمروا ما تهدم منها ولا يرفعوا اصواتهم في وداع موتاهم. وقد تكون رواية بن غنم هذه سببا في ان اقباط مصر حتى الآن لايستطيعون اصلاح اي جزء من كنائسهم الا باذن الحكومة . وفي هذا الشأن يمكن لعلماء المسلمين من جميع المذاهب ان يلتقوا لمناقشة كيفية تطويرالتشريع الاسلامي بما يملكوا من ادوات فقهية تستند الى القرآن نفسه ، بخاصة وان ليس هناك اتفاق بين الفقهاء على مسألة الناسخ والمنسوخ في القرآن ، كما ان بعض الخلفاء الراشدين كانوا قد اجتهدوا في تجميد نصوص قرآنية تتعلق بسهم المؤلفة قلوبهم وآية الفيئ ، استنادا الى حجج عقلية ، وكذلك فعل فقهاء بعد الراشدين والصحابة حين قالوا بعدم وجوب كتابة الدين ( خلافا لما نصت عليه الآية 282 من سورة البقرة لان الامية كانت متفشية ولابد من حفظ مصالح الناس . واجتهد الفقيه المالكي الونشريسي في عدم الأخذ بحديث حرمان آل البيت من الزكاة حين وجد انهم افتقروا في زمن القرن التاسع الهجري .



*توضيح موقف الاسلام من العبودية ، فكثيرا ما تثار هذه المسألة ضد المسلمين وتراثهم ، بخاصة بعد تولي جبهة الانقاذ في السودان للحكم وما اقترفته قوات الدفاع الشعبي حين اسرت الجنوبيين المسيحيين فاسترقت الرجال واغتصبت النساء على اساس انهن مما ملكت ايمانهم . ومع ان الاسلام وجد الرق سائدا في الجاهلية الا انه لم يلغه كما الغى الزنا والربا والميسر وغير ذلك ، وترك الامر لتطور المجتمع وضمير فقهائه ومدى ادراكهم لمقاصد الشريعة ، فما الذي حصل ؟
لقد عجز الفقهاء عن تحمل هذه المسؤولية ، فلا هم استندوا الى سيرة الرسول وانصافه للعبيد المستضعفين الذين كانوا من اوائل المصدقين بالدعوة الاسلامية ولاهم تمعنوا في الآيات الكثيرة التي تحث على عتق الرقيق تقربا الى الله وتكفيرا عن الذنوب . وقد اسرف بعضهم في بيان احكام العبودية بشكل يتنافى مع الحس السليم ، مثال ذلك قولهم بأن السيد اذا قتل العبد لا يقتل واذا اصابه دون القتل يقدر المصاب بالقيمة المالية للعبد ، ولم يجدوا ضيرا في معاشرة الجواري دون زواج ، بل وبيعهن بعد معاشرتهن . وقد روى احد المؤرخين بزهو ان القائد موسى بن نصير جلب معه من شمال افريقيا ثلاثين الف عذراء .


* الاهتمام بالخطاب الديني تجاه المرأة وتجنب ترديد المقولات المسيئة لانسانيتها والتي توحي بأن الدين للرجال فقط ، في الوقت الذي كان للنساء دور بارز في اظهار امره على الناس .

* اعلان علماء المسلمين ومؤسساتهم المعتبرة البراءة من كل افعال الارهابيين ومجازرهم التي تقترف باسم الاسلام ، وبذل الجهد للتأثير في نوعية الخطب الدينية في المساجد ، سواء في ديار الاسلام أو في دول الغرب . ومن المهم تحديد معنى مصطلح الجهاد تاريخيا بما يتناسب مع جوهر الدعوة الى التوحيد الذي لا يمكن ان يقوم على فكرة القتل والاكراه في الدين ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وهذا يقتضي مناقشة صريحة لبعض الآيات التي يستند اليها من يحتكرون تفسير الجهاد وفق مصالحهم .

#بدور_زكي_محمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات