|
( تحية دافئة إلى صديقي الغالي جليل حيدر )
أنيس الرافعي
الحوار المتمدن-العدد: 5836 - 2018 / 4 / 5 - 00:04
المحور:
الادب والفن
( تحية دافئة إلى صديقي الغالي جليل حيدر )
منذ " طائر الشاكو ماكو "، منذ " شخص بين الشرفة والطريق " ، منذ " صفير خاص " ، منذ الغبطة القصوى و الأولى لاكتشاف تلك القصيدة المختلفة المختلقة المختنقة القادرة على إضعاف مناعة المطلق الشعري و جليل حيدر مستقر في خلايا وجداني مثل علة عضال و منغرس في أرض ذائقتي كبيرق حرب خفاق. والآن ، أعود إليه القهقرى مترعا بالشجن و الدهشة و الشوق في ديوانه الجديد " كأن " ( دار سطور ، بغداد ، 2018) . أعود إلى ذياك " الكائن الأحمر" الطاعن في نأي المنفى و المواقف المبدئية المطهرين من وعثاء الايديلوجيا ، الذي يقدم على الدوام - عمدا - قراءة خاطئة للنسيان . نعم ، قراءة مضللة و مموهة للذكرى . إذ من تحاصره الأوجاع و الملمات و الخيبات من شتى الأنحاء مثل " قطيع من التماسيح في مستنقع " ، يكون مجبرا على تهجير حياته الهاربة و سيرته الممزقة صوب هشاشة البدد لا صلابة الديمومة. صوب خفوت القناطر الصغيرة لا ضياء الجسور . صوب وهن الذبول لا غطرسة التفتح . صوب براءة الشكوك لا قسوة البراهين . إنها الهزيمة النكراء " لليقين في حياء الجملة " . خروج الذات القصية من بداهة الإيقاع إلى غموض الخاطر المكسور. عودة النفس في نهاية المطاف إلى لغتها العتيقة البدائية : الصمت . الصمت البليغ النازف المجروح بكبرياء في معارك قذرة من ابتكار الوقت وتدابيره الجائرة. تلك اللغة التي سمع بول تسيلان أصداء خريرها القديم و سماها ب " البئر الخرساء التي تسقي الصمت . تسقي ما بعد الماء و تغدو أخدودا للعطش" . صمت العين و الروح وهما تقعان في شرك محكم نصبته لهما أداة تشبيه جارحة كالوجود . ولوجهما الحثيت إلى المناطق الناتئة و المسننة للكينونة، إلى دهاليز الأمداء الساكنة التي يمكن العثور عليها بعد " القفز فوق عدمية اللغة " كما نعتها الناقد الفرنسي ميشيل آر. جليل حيدر في هذا الديوان العميق معتق النصوص متقن الصنائع يقتلع كل البذور السامة من شتائل الكلام و يمنح لطائر الشعر المتوحد فرصة أخيرة للتواري عن الأنظار . يطلب منه فحسب أن يترك قبض ظل و ريشة دالة عليه في المخيلة. و له الآن- بعد كل هذا المحو وبعد كل هذه المكابدة وبعد كل هذا الاستغناء - أن لا يعود إلى صاحبه .أن يظل بحوزتنا وفي عهدة اعجابنا إلى الأبد . شكرا لك يا جليل حيدر ، هيا أسد بابل الأشم على كل هذا الجمال الذي قضم أرواحنا و أرداها صريعة الحواف والتخوم ، حيث ثمة دائما مناطق عازلة ضد الفداحة، وثمة امكانية متاحة لانتظار " قطار آيب من الأمل " .
أنيس الرافعي
#أنيس_الرافعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
( تحية دافئة إلى صديقي الغالي جليل حيدر )
المزيد.....
-
البعثة الأممية في ليبيا تعرب عن قلقها العميق إزاء اختفاء عضو
...
-
مسلسل روسي أرجنتيني مشترك يعرض في مهرجان المسلسلات السينمائي
...
-
عيد مع أحبابك في السينيما.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك أ
...
-
في معرض الدوحة للكتاب.. دور سودانية لم تمنعها الحرب من الحضو
...
-
الرباط تحتضن الدورة ال 23 لجائزة الحسن الثاني لفنون الفروسية
...
-
الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 161 على قناة ا
...
-
-أماكن روحية-في معرض فوتوغرافي للمغربي أحمد بن إسماعيل
-
تمتع بأقوي الأفلام الجديدة… تردد قناة روتانا سنيما الجديد 20
...
-
عارضات عالميات بأزياء البحر.. انطلاق أسبوع الموضة لأول مرة ف
...
-
نزل تردد قناة روتانا سينما 2024 واستمتع بأجدد وأقوى الأفلام
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|