أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - -فهد- والتشاركية العراقية التاريخية (1/3)















المزيد.....

-فهد- والتشاركية العراقية التاريخية (1/3)


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 5830 - 2018 / 3 / 29 - 17:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تعلم "فهد" يوسف سلمان يوسف، اسس الشيوعية واولياتها، على يد فاسيلي، الداعية الشيوعي الذي كان يعمل خياطا في مدينة الناصرية، ومع انه عمل بداية ضمن تيار جعفر ابو التمن " الحزب الوطني العراقي" فرع الناصرية، الا انه واخيه داود، انجذبا لفاسيلي، ربما لبواعث دينية، ولانهم اقلية ضئيلة جدا، داخل مدينة تعددية، ولم يصبح "فهد" مؤهلا كي يتصدى لمهمة بناء "الحزب الشيوعي"، الابعد ان درس مايعتبره النظرية الماركسية، في روسيا، اي انه لم يكن قد حمل من مقومات الوعي الاشتراكي، سوى ماكان تلقاه من خارج العراق، فلم يكن ليخطر له، اي مصدر اخريعزز به انتماءه، او منطلقات وعيه الاشتراكي الشيوعي، ليعطيه بالاخص بعدا وطنيا.
ولم يكن هو من نوعية، او طينه الشيوعيين غير الاوربيين الغربيين، ممن يعود لهم الفضل في الانتقال بنظرية الاشتراكية الحديثة، ومااتى به ماركس ناحية "التطبيق"، بعد ان ثبت فشل تقديرات ماركس، حول امكانية تطبيق الاشتراكية في اوربا الغربية، على اعتبارها الارفع بنية، ومن ثم الانضج والاكثر اهلية للانتقال التاريخي، وهذا ماقد فعله لنين على المستويين النظري والعملي التطبيقي، بغض النظر عما اذا كان ماقد فعله، ينتمي لعالم الاشتراكية بالفعل، ام انه طريق لاختصار عملية الانتقال الى الراسمالية، في بلد متاخر، من ناحية النمو راسماليا، ونصف شرقي، من الممكن استعمال الطابع الاستبدادي التاريخي الذي يشوب بنيته، في تعزيز دينامية الجانب الانتقالي القسري، ومع كل هذه الملابسات، الا ان الحصيلة كانت انتهت للاقرار ب "الماركسية اللينينة"، باعتبارها ماركسية العصر.
ولايجوز نسيان حالات وتجارب اخرى، اتسمت هي الاخرى بالابداعية المحلية، مكرسة ذات النهج الذي اختطه لنين، باعتماد الذهاب المتاخر للراسمالية، بوسائل طابعها "اشتراكي"، اي بالاستفادة من المنتج الاوربي بوجهيه، العملي التاريخي الراسمالي، والنظري النقيض للراسمالي، المستحيل التحقق في ارضه بعد تحويره، كما هو الحال في الصين على وجه التعيين، وهي بعد تجربة روسيا، التجربة الضخمة الصافية الدالة، على الانتقال للراسمالية الموجهة، بوسائل غير راسمالية كلاسيكية.
وفي الحالتين كما في غيرهما، وجد قادة يتبنون الاشتراكية والماركسية، ضمن سياقات وطنية وتاريخية، واجهت مستجدات، بعد الانقلاب البرجوازي الراسمالي الحديث في اوربا الغربية، وبالاخص بعدما افرزته اوربا من ضمن عقلانيتها التفكرية من افكار، بدت لابل كانت عمليا، ولعبت، دور استكمال عملية التحول الراسمالي، خارج نطاق اوربا الغربية، موئل التحول الكلاسيكي، مع انها اتخذت طابع ومعنى الانقلاب التاريخي، اللاحق على المرحلة الراسمالية، بما يمكن ان يعد واحدة من اضخم واكثر اشكال تحايلات التاريخ، والتمظهرات غير المحسوبه لمتغيراته واحداثه، حتى الكبرى والفاصلة منها.
في العراق، لم يحدث شيء من ذلك الذي عرفته روسيا، او الصين، او بعض بلدان اوربا الشرقية، ولم يكن لشخص مثل "فهد" ـ اذا ماتجاوزنا على تجربة "حسين الرحال" الاسبق ـ اي اثر، او ملمح من الديناميات التي ميزت التجارب الآنفة، ومع انه كان اكثر من سواه، سواء اكان لنين، أوماوتسي تونغ، توفرا على الاسباب الداعية الى الاحتكام للخصوصية والميزات البنيوية التاريخية، ومع هذا، فقد مال كليا، لتبني اشكال مبسطه واولية من الماركسية، تركزت بصورة اساسية، على " الحزب" ..الاداة التي هي مبتكر لينيني، لم يسبق لماركس ان عرفه، بما يشير بوضوح الى تباين المصدرين التاريخيين والبنيويين، فلنين "مالعمل"، هو ماركس القسرية الشرقية الاستبدادية، وهو مالايمكن ان يكون من مبتدعات الغرب الراسمالي، بمبتكره الرئسي اللبرالي، في وقت يصبح فيه الحزب، اداة تختصر فيه النظرية، وتحورلدرجة تبدل اغراضها،بصيرورتها الاجرائية العملية، والمركزية التراتبية البيروقراطية، الهرمية، ومن ثم الفردية، مايخضع الجانب النظري، لاشتراطات اجرائية موجهه واحادية انتمائية مسبقة.
لم يكن " فهد" مؤهلا لان يكون اشتراكيا عراقيا، اي ان يتصدى لابتداع صيغة ثالثة غير الماركسية الاوربية الغربية، او الماركسية اللينينية وتفرعاتها، وتوابعها الشرقية، الامر الذي كان يفوق قدراته بما لايقاس، بالاخص اذا مااخذنا بالاعتبار، ناحية الحقائق الوطنية والتاريخية البنيوية، وهو ممايتعدى وعيه ومستوى ادراكه بسنوات ضوئية، خصوصا لناحية التفكير ب"مجتمع اللادولة" او المجتمع التحولي المزدوج الرافيديني، مع مايترتب على مثل هذا الانشغال من خروج على الدائرة "الاشتراكية " الاحادية، الطبقوية الاوربية الغربية، كما هي مشخصة في النظرية الماركسية.
وفي حين كان هو يقف على ارض، هي محور الاصطراعية التغييرية الكبرى التاريخية، نحو "مابعد الراسمالية"، و"مابعد غرب"، فلقد كتب عليه ابان ممارسته نشاطه، ان يقع في الدولوية الصراعية، داخل معسكر الغرب، وممكناته المتاحة عند نهايات القرن التاسع عشر، والعشرين، مع تحولة الى معسكرين، وضع هو نفسه ضمن المعسكر الذي يحمل راية الاشتراكية منهما، متبنيا كل مايخص الرؤية الغربية، والهيمنة المفهومية الغربية عن العراق وتاريخه، باعتباره جزءا من العملية التاريخية، كما تتمثل بحسب الوصفة الغربية الاستعمارية، في الاندراج، لابل الانصياع، لاليات ومقتضيات السوق الراسمالية العالمية، فلم يخطر له على بال مثلا، ان يكون للعراق من حضور، او نوع آليات تشكل وطني، سابقة على الاندراج ضمن تلك السوق، مع ان العراق من بين بلدان العالم الثالث، كان من اكثر المناطق تاخرا من حيث التاثر بالراسمالية والاستعمار، وحضورهما، بحيث لم يتعرف على بدايات مثل هذا التغلغل، الا في اواخر القرن التاسع عشر، ليبقى برانيا وهامشيا، وخارج البنية المجتمعية.
ذلك بينما كان للعراق، تاريخ من التشكل الوطني التاريخي الحديث، يوازي زمنيا قمة التاريخ الاوربي الحديث، ويعود الى القرن السابع عشر، حيث تبدأ الدورة الحضارية العراقية الثالثة، بعد الدورة الاولى السومرية البابلية، والثانية العباسية القرمطية، ومن سومر الحديثة، وبعد تراجع مفاعيل حقبة الانقطاع التاريخي الثانية 1258 / حتى القرن السابع عشر/، بدات "الاتحادات القبلية"، تؤشر لعودة انبعاث المجتمعية العراقية من الاسفل، كما هو قانون تشكل ونمو مجتمع الازدواج الرافديني، مع "اتحادقبائل المنتفك"، وفي حين كان نمط التشكل العراقي، بصيغته الحديثة الثالثة، قد القى على العقل العراقي، وعلى المستوى الكوني، استعادة تجديدية لمقتضيات الكونية المودعة في البنية العراقية، فقد مال الحداثيون مجتمعين، وفي مقدمهم الماركسيين، وكدليل على نكوصهم، وعجزهم عن ادراك مقتضيات اكتشاف ذاتهم التاريخية، لتبني رؤية بديلة، مستعاره وجاهزه، راحوا يجدون بها تعريف هويتهم الوطنية والتاريخية.
يكرر زكي خيري، احد اهم المتابعبن والمفسرين القلائل، المواكبين من الداخل، لظاهرة الشيوعية وتاريخها في العراق، القول بان "فهد" كان له الفضل في " توطين الماركسية وتظبيقها وفقا للخصائص العراقية"، ومايقوله او يظنه، مع اخرين على شاكلته على كثرتهم، مجرد ارسال لقول ايديلوجي، عاجز هو الاخر، عن وضع الظاهرة المذكورة، في المكان الذي تستحقه، وتحتله بالفعل كحالة استعارة، غير مبدعة، اتخذت شكل النقل بلا اي اعتبار للخاصيات الوطنية التاريخية، في مجتمع، هو بطبيعته "تشاركي" على المستوى التاريخي، سوى انه كيان مختلف عن كل الكيانات المعروفة على مستوى المعمورة، بماهو كيان ازدواج، بنمطين مجتمعيين متصارعين، هما "مجتمع لادولة"، يتشكل اولا وجنوبا، في ارض السواد، و "مجتمع دولة تمايزية قاهرة"، يقوم شماله عادة، ويتركز داخل مدن محصنة، يمارس حلب الريع بالقوة والغزو الداخلي، قبل ان يعود الى داخل مدنه المحصنه اشد تحصين وقلاعه.

والمجتمعان مستقلان عن بعضهما كليا، يتعذر على اي منهما اختراق الآخر، بينما هما معا يخضعان لالية الدورات، والانقطاعات الحضارية التاريخية، ما دام صراعهما لاحل له، وهو مصيري لاتنازل، ولاتسويات يمكن ان تطرأ عليه، كظاهرة كيانية استثنائية، مايؤدي الى انهيار البنية الحضارية التي تضمهما كليهما، بالاخص مع فعل الدائرة الثالثة، الحاضرة، والاصيلة هي الاخرى، ضمن آليات وجودهما، حيث الحدود مصدر الغزوات، والسلالات المسلحة المنحدرة باتجاه المصب الخصيب، الجذاب، وسط مساحة قاحله من الجبال والسهول والصحاري، من الشرق والشمال والجنوب.
ـ يتبع ـ



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تباشير انتهاء عصر الراسمالية والاشتراكية؟
- العيشية المجنحه: عراق الحروب العشرة(2/2)
- المعيشية المجنحة: عن خطل الثباتية الارضية(1/2)
- الشيوعية والتشيع العراقيان .. ردم الهوة؟
- ملحق بالوثائق: الشيوعيون هل حرضوا؟
- الشيوعيون هل حرضوا على قتل الصدر؟
- خرافة فكر العرب ابان نهضة الغرب (2/2)
- خرافة فكر العرب ابان نهضة الغرب ( 1/2)
- ثورة العشرين بمواجهة الثورتين الفرنسية والروسية ( 2/2)
- ثورة العشرين بمواجهة الثورتين الفرنسية والروسية(1/2)
- مازق الجناح الشيوعي: قوى مضادة للوطنية ( 3/3)
- مأزق الجناح: ومصائر وطنية التشبه بالغرب (2/3)
- مازق الجناح-الشيوعي- من العملية السياسية الطائفية
- بنية العراق وتهافت المنظور الغربي (3)
- بنية العراق وتهافت المنظور الغربي (2)
- بنية العراق وتهافت المنظور الغربي(1)
- بغداد ليست عاصمة العراق/2 ؟
- بغداد ليست عاصمة العراق؟
- افول الغرب و-العملية السياسية- الثانية (1/3)
- العراق الثاني: أم العراق المفبرك؟


المزيد.....




- معارضون خارج المملكة ينظمون مؤتمر -البحث عن الديمقراطية في ا ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مبنى في مستوطنة شتولا شمال ...
- الشورة.. والمصالحة الصعبة
- سويسرا تنظم مؤتمر -السلام في أوكرانيا- وروسيا تقلل من جدواه ...
- فون دير لاين تدعو لاستئناف حل الدولتين
- تجديد واسع في قيادات الجيش الإسرائيلي على خلفية الانتقادات ا ...
- تونس.. إحالة 40 متهما على الدائرة الجنائية المختصة في الإرها ...
- الخارجية الأمريكية تكشف عن مطلبين سعوديين قبل تطبيع علاقاتها ...
- بزعم معاداة السامية.. قمع أمريكي لاحتجاجات طلابية تدعم غزة ب ...
- أردوغان: نواجه ضغوطا من الصهيونية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - -فهد- والتشاركية العراقية التاريخية (1/3)