أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أثير محمد علي - في يوم ما














المزيد.....

في يوم ما


أثير محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 1485 - 2006 / 3 / 10 - 11:44
المحور: الادب والفن
    


- الله نور السموات و الأرض ... نورٌ على نور...

في يوم ما، بينما الصمت يلفّ ضجيج المدينة و الذاكرة، فتح عينيه. كانت عقارب الساعة قد تجاوزت العاشرة بقليل في إحدى الساعات المنبهة.

انسلّ من فراشه و استوى واقفاً غير مبالٍ برطوبة الأرضية، مشى بخطوات ثقيلة متجهاً إلى الحمام. هناك أدار صنبور المياه النحاسي و تناول لوح الصابون. في عمق المرآة أمامه طالعه وجهٌ أسيان لم يتعرف عليه.

- أعمالهم كالسراب بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً...

استأنس بالماء و سكن إليه متابعاً عادته اليومية و لكن دون أن ينظر للمرآة مرة أخرى، و دون أن يفوه في دخيلته بأي تعليق.
أرهف الحسّ قدر استطاعته و سمع أصوات باعة جوالة تدلل على بضائعها، ميّز جلبة غلمان على وشك الوصول لسن البلوغ، حدّق بعينيه للأعلى مصغياً لمواء قطط تمارس فعل حفظ النوع قرب المداخن و هوائيات الإستقبال التلفزيوني.
تذكّر رسماً من الحمم المنهمرة فوق إحدى البيوت في دفتر مدرسي، و من ثم بدأ بلصق قطع مبعثرة في المخيلة لراهبة عارية تجوب آفاق ديرها برفقة رجالٍ يرتدون معاطفاً منشاةً و أحذية مدببة.
طافت به الرؤى إلى عشاق يغطون رؤوسهم بأقنعة واقية، و يتنزهون في غابات عذراء مسورة بمقابر طليت أجداثها بالجير الأبيض.

- ألم تر أنّ الله يسبح له من في السموات و الأرض و الطير صافّاتٍ كلٌّ قد علم صلاته و تسبيحه...

بلا انتباه عاد ليغسل يديه من جديد، و لكن هذه المرة بماء و صابون وفيرين.

مضى حيز من الوقت و هو يجتاز ممراً طويلاًً رُصفِت أرضيته ببلاطات شطرنجية مربعة تناوبت ألوانها بين العاجي والرمادي. دخل الغرفة التي اعتاد العمل فيها، ومن المكتب المغطى بأوراق غير مرتبة و أشياء أخرى، نقّل بصره بين كراسي الخيزران و الكتب المرصوصة فوق الرفوف، لاحظ الغبار الهرم، وأرسل نظرةً عابرة إلى البساط الزاهي المُشترى عند ناصية رصيفٍ بعيد في المكان و الزمان.
اللوحة الوحيدة المتكئة على الجدار العاري بدت له حينئذٍ حيادية، رغم شعاع من الشمس كان قد عبر فرج الستارة الضيق، و تساقط على بقع النور المرتجفة و المرسومة فوق قماش الرسم.

- يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار... أفي قلوبهم مرضُ أم...

احتل مقعده خلف المنضدة، شكر أحدهم كان قد أحضر له فنجان قهوة يتصاعد بخارها متمايلاً في الفراغ.
تمرمرت أفعى ملساء لزجة بعمر قرون مديدة في صدره و ابتسمت له ساخرة عندما كان يفكر بنوعه الحي و يحاول خلق تشكيلاتٍ جماليةٍ بأنامل كفيه.

في لحظةٍ محددة كأية لحظةٍ أخرى أمسك القلم و بدأ بكتابة السطور الأخيرة من قصةٍ موجزةٍ تدور تفاصيلها في يومٍ ما بعد أن تجاوزت الساعة العاشرة بقليل.

بغتة ارتفع صوت مرتل القرآن متناغماً بامتنان رتيب:

- الحمد و الشكر لله العلي القدير.

أجابته همهمات غير موقّعةٍ للفيفٍ غفير من سكان الحي:

- الحمد و الشكر له.

كان الجار، ساكن الطابق العلوي، مسجّىً في تابوته الخشبي مستكيناً، و منتهياً من الفعل الأخير في سيرته الذاتية.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة و المسرح العربي، بدايات و تقاطعات حداثية


المزيد.....




- البندقية وزفاف الملياردير: جيف بيزوس يتزوج لورين سانشيز في ح ...
- شاهد.. الفنانون الإيرانيون يعزفزن سمفونية النصر في ساحة الحر ...
- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أثير محمد علي - في يوم ما