أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - آية كامل رباح - وهم -الوجود- عبر عالمنا -المفترض-














المزيد.....

وهم -الوجود- عبر عالمنا -المفترض-


آية كامل رباح

الحوار المتمدن-العدد: 5813 - 2018 / 3 / 12 - 22:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ بداية الخلق وحلم الإنسان بالخلود لا يفتأ ينمو ويتجدد، من أسطورة جلجامش مرورا بوهم أخيل الذي شاهدته الآلهة وهو يبكي ضحية الجزء الخالد فيه كما جاء في قصيدة لويز غليك، حتى أيامنا هذه لا نزال نمتلك هذه النزعة إلا أننا تمكنا من حصرها أو من جعلنا موضع سخرية أمام أنفسنا بسببها.
ذلك ما منحتنا إياه مواقع التواصل أو فلأسميها مواقع العرض الاجتماعي، ذلك أنه عندما يضع أحدنا صورة فإنه يتخيل أنه صار مؤهلاً لأن يُرى من قبل كثيرين حتى لو كانت الحقيقة غير ذلك، كذلك عندما نكتب شيئا، لدرجة أننا قد نصاب بالاختناق إذا كتبنا أو صورنا أنفسنا صورة جميلة دون أن ننشرها ونتلقى المديح، الأشياء غير المنشورة باتت تنتقص شيئا من وجودها رغم حقيقتها الصادقة بين أيدينا، يا للبؤس! لقد تلوثت أرواحنا بالكامل، أفكر ها هنا بفرناندو بيسوا الذي وجدوا بعد وفاته آلاف الصفحات الذي كان يخبئها في صندوق في غرفته المعزولة دون أن يقرأها أحد. كم بذل من الأيام محاطًا بانعكاسه الصادق ذاك الذي لم يعد الإنسان المعاصر قادرًا على تحمله. بل لقد بات غير قادر على إخفاء تحامله على صديق أو غضب من رئيسه في العمل، هذا العقل المثقوب يرشح أولًا بأول على مواقع ستذرها الرياح آجلا، أتساءل هل كان بيسوا لينشر كتاباته أول بأول لو كان يمتلك فيس بوك مثلا؟
لم نتوقف عند هذا الحد، فلقد وصلت قناعاتنا الداخلية إلى حد أن الله نفسه يقرأ ما نكتب مما دفعنا لنشر الأدعية والمثاليات، لاحقا اعتبرنا أن ما نكتبه أيضا قد يصل للموتى، في الحالتين حتى لو كان اعتقادنا خاطئا وكنا نضع الأشياء لأجل إثبات شيء لأنفسنا العاجزة فتلك تبدو جريمة أبشع تنم عن نرجسية وشرك عميقين مما لو اعتبرنا ذلك لأجل الله والموتى حقًا. وتكمن المصيبة في أننا لا نفكر جيدًا. فهذه المواقع أيضًا منحتنا كما من الرضا والحرية عوضا كثيرين عن ندوبهم وجهلهم.
إضافة إلى ذلك قد نتخيل أننا أحببنا شخصا ما أو صادقناه فقط لأننا حادثناه في وقت كان كلانا يبحث عن الأخذ لا العطاء، لقد عمقت طرق التواصل هذه أنانية العلاقات، فإذا كان بإمكاني أن أحظى بمن يحبني فقط لأني أخبره أسراري وأرسل له الرموز الجوفاء فلماذا أضحي في حياتي الحقيقية لأجل ذات الشعور بالرضا الذي أعيشه الآن؟! وتلك معادلات تعتمد على حجم الإنسان فينا والذي يتضاءل لا محالة ويا للسخرية على حساب الجزء الخالد فينا وهو أننا موجودون والجميع يروننا ويضعون اللايكات والتعليقات المادحة أي أننا باقون!
لقد وقعنا في شرك اعتقاد يقيدنا في النهاية، فلا شيء خالد ولا أحد يأبه، الله في سمائه والموتى في قبورهم ونحن كائنات تدب على الأرض في حياة لن تتكرر وها هي تنسحب منا ونحن نشيد ذاكرات افتراضية وعلاقات افتراضية وحتى مواسات في الهواء، نحن نقع في شرك يحررنا لوهلة من وجودنا الحقيقي الثقيل لأجل حياة افتراضية مزينة لكنها خفيفة جدا كالرمال التي لا شك ستختفي إلى الأبد يوما ما.
من يأبه لتلك الدموع على وسائدنا وارتجافات قلوبنا الصغيرة لدى هبة مشاعر حقيقية، أعتقد أن الواقع هو الرهان الحقيقي الوحيد مهما كان بسيطًا ومحدودًا وهامشيًا للآخرين ودون نزعة الخلود الكاذبة.



#آية_كامل_رباح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- جهاز تتبع وكمين مسلح.. تفاصيل إحباط مخطط مراهق واتهامه بحياز ...
- -خطاب انتحار-.. الداخلية المصرية تكشف تفاصيل عن وفاة برلماني ...
- ما الذي يُفاقم العواصف الرملية الخطيرة ويجعلها أكثر خطورة؟
- طهران تستبعد محادثات قريبة مع واشنطن.. وعراقجي يسخر من نتنيا ...
- بميزانية تصل إلى 64 مليار يورو بحلول 2027.. ماكرون يعلن مضاع ...
- إسرائيل: مستشار مقرب من نتنياهو يواجه اتهامات بتسريب معلومات ...
- الكاميرون ـ أقدم رئيس في العالم يرشح نفسه لولاية ثامنة
- احتفالات بالعيد الوطني الفرنسي.. متى تم إقرارها؟
- طهران غاضبة بعد قصف منشآتها النووية واغتيال علمائها النوويين ...
- الذكاء الاصطناعي يثير توترات في هيئة تحرير مجلة لوبوان


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - آية كامل رباح - وهم -الوجود- عبر عالمنا -المفترض-