أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أَكُرِمَ عَبْدُ الْقَيُّومِ عبَاسَ - الْعُثُورُ عَلَى السّلَامِ عَنْ طَرِيق تَفَادِي الْحَيَاةِ فَاطِمَةُ أَحَمْدِ إبراهيم، إيقونة مِنْ بِلَادَيْ















المزيد.....

الْعُثُورُ عَلَى السّلَامِ عَنْ طَرِيق تَفَادِي الْحَيَاةِ فَاطِمَةُ أَحَمْدِ إبراهيم، إيقونة مِنْ بِلَادَيْ


أَكُرِمَ عَبْدُ الْقَيُّومِ عبَاسَ

الحوار المتمدن-العدد: 5810 - 2018 / 3 / 9 - 17:56
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


الْعُثُورُ عَلَى السّلَامِ عَنْ طَرِيق تَفَادِي الْحَيَاةِ
فَاطِمَةُ أَحَمْدِ إبراهيم، إيقونة مِنْ بِلَادَيْ

أَكُرِمَ عَبْدُ الْقَيُّومِ عبَاسَ
8 مارس 2018م

" لَا عُذُرُ لِمَنْ أَدَرَّكَ الْفِكْرَةُ وَتُخَلَّى عَنهَا " الشَّهِيدُ جُورْج حَبَشِ

للمرة الأولى منذ خمسينات القرن الماضي ، تحتفل النساء السودان باليوم العالمي للمرأة ، دون أن تكون إيقونة النساء في السودان حاضرة وعيناها تلمع فرحاً ، وإبتسامتها تعلو وجهها. رحلت في سلام العام المنصرم الإستاذة فاطمة أحمد إبراهيم ، أول نائبة برلمانية في السودان ، والقيادية النسوية التاريخية ، وأحدى رائدات الحركة النسوية في السودان وإفريقيا . حيث أنها، ورفيقاتها أسساً في منتصف القرن الماضي الأتحاد النسائي السوداني ، الذي تحدى في ذلك الوقت مجموعة من العلاقات الاجتماعية التي تقوم على قواعد مادية تمكن الرجال من الهيمنة على السلطة، النفوذ و الموارد بين الأسر و العائلات ، بحيث تصير السلطة والتحكم في الموارد بأيديهم و تكون النساء ضعيفات و عاجزات و تابعات للرجال.
بذلت الأستاذة فاطمة جل حياتها من أجل المرافعة، المناصرة والعمل من أجل المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بين الرجال و النساء .حيث عاشت و انتقلت ومعيار فعلها كما قال هنري ثورو"الإنسان يكون غنياً قياساً بعدد الأشياء التي يستطيع الاستغناء عنها". أمنت في حياتها ونضالها بأن كل شيء لا يساوي شيء ولا شيء قد يساوي كل شيء. هذا ما فضح الكثيرين في غيابها، فهناك من إدعى ضألة مسهامتهما وهناك من تسأل عن ماذا قدمت لشعبها، والأدهي من تحدث خارج نطاق المجال العام دلوفاً إلي حياة الأشخاص. ففي تقديري هي لا تحتاج منا للكتابة بقدر حوجتنا للتأمل بعمق في رؤية ما نحن عليه بصورة نقدية ، وتشخيص حجم المساهمة الحقيقة لها ، تأمل لا يدعو إلى الجزم بالأشياء، بل ينطلق من إعادة النظر في كل إطار الحراك السياسي الاجتماعي العام.
أكتب هنا ليس دفاعاً عنها فتكفيها الثقة العامة Generalized trust، التي لاتعطى دون وجه حق. غير ان كل هذا الجهد الذي اقتنص للمرأة السودانية أرضية كبيرة في المشاركة المجتمعية، لا يلغي أن هناك خصوماً عتيدين للمرأة السودانية كمنوا في الظلام في انتظار فرصة تسنح للانقضاض على رائدة نهضه المرأة. ثمة سلفيون وجماعات ظلامية تنظر الى مكتسبات المرأة ولاسيما في السنوات الأخيرة، على انها تراجع لمشروع " الدولة الاسلامية"، الذي وفق رؤيتهم يقضي بعودة النساء الى البيوت، وقوامة الرجال عليهن، وينظرون الى التراث نظرة خاطئة تقضي بأن المرأة عورة يجب اخفاؤها. ومن الانصاف ايضاً القول بأن خصوم حقوق المرأة ليسوا جميعاً من هذا التيار الرجعي المتشدد، لكن لم يكن هولاء وحدهم، فقد أصابتها النيران الصديقة أيضاً ممن جنوا ثمار نضالها ورفيقاتها، تماشياً مع الظاهرة كونية التي تؤكد العلاقة العضوية بين الأصوليات الدينية والرأسمالية .
أن المنطلقات الفكرية التي طرحها التيار الذي قادته الأستاذة فاطمة، يرى أن عدم المساواة وتوزيع الأدوار داخل المجتمع وثيقة الصلة بالإنتاج و إعادة الإنتاج، وأن من يملك الموارد و الوصول إلى الموارد و يتحكم في استخدامها ، وكذلك في العائدات و المنافع التي يتم تحقيقها من جراء الإنتاج، الذي يتحول إلى سلطة سياسية واقتصادية و اجتماعية ومعرفية.
لذلك كان دأبها منصباً على حصول المرأة على المساواة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، من خلال المساواة في التعليم والوظائف الحكومية والمشاركة السياسية ، إضافةً إلى بناء قدرات المرأة في الريف والمدن . هذا التيار ظل يحارب كل معالم الفقر التي تنتتج عنها مظاهر التخلف في المجتمع ، من جهل ومرض وعادات اجتماعية وثقافية . ساهم هذا الجهد وجهود أخرى في سهولة بلوغ عدد مقدر من الفتيات والنساء من الطبقات الفقيرة في انحاء السودان المختلفة ، لدرجة من التحكم في الموارد المادية ، بما فيها الغذاء، الدخل، امتلاك الأراضي ،و أشكال أخرى من الأموال و الثروات ، وكذلك الموارد الاجتماعية بما فيها العلم و المعرفة ، و السلطة والنفوذ و التقدير و الاحترام داخل الأسرة أو العائلة، على المستوى المحلي في الريف وحواضر المدن.
لذلك ظلت الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم إيقونةً لنساء السودان ككل ، والنساء المنحدرات من الطبقات الفقيرة والمجموعات المهمشة والضعيفة علي وجهه الخصوص، حيث كانت لها أياد بيضاء على كثيرين من نساء السودان ، وهي تنافح وتدافع عن الفقراء. لكنها في ذات الوقت مثلت عقبة كوؤد أمام مشاريع التيارات الأصولية وقواعد الراسمالية وتجلياتها الفكرية . لكن ظل يكفيها هذا السند التلقائي والرصيد المجتمعي ، الذي قد لايحسن المثقفون قراءته ويجيد ذلك الفقراء والبسطاء وهم أكثر حكمة ، أو كما قالت فرجيينا ولف "يختلف القارئ العادي عن الناقد والمثقف. فهو أسوأ تعليما منهما، كما أن الطبيعة لم تكن سخية وهي تقدر له حظه من الموهبة. إنه يقرأ من أجل المتعة الشخصية، لا لتحصيل معارف أو تصحيح آراء الغير. يقوده -قبل كل شيء- نزوع غريزي لخلق نوع من الكل (whole)، من مختلف الأشياء التي يقابلها. فيخلق لوحة لشخصية، أو مخطط لحقبة، أو نظرية في فن الكتابة".
تشير البيانات والإحصائيات إلى حالة من النمو والتطور في وضع المرأة السودانية خلال العقود الماضية، حيث نسبة النساء اللائي تقلدن مناصب تنفيذية عليا خاصة في الخدمة العامة 20 %، ونسبة النساء اللائي يشغلن وظائف إدارية عليا في الخدمة العامة 19.2%، ونسبة النساء اللائي يشغلن وظائف إدارية في المستوى الوسيط في الخدمة العامة 22.3%. علاوة على أن نسبة المرأة في قوة العمل بلغت 77.8% ، وفي القطاع غير الرسمي 85%، منه 78% في القطاع الزراعي التقليدي. كما أن معدل النشاط الاقتصادي للنساء واللائي تترواح معدل أعمارهن فوق 51 عاماً من أكثر من معدل الذكور الذين تتاروح أعمارهم 51 عاماً وما فوق.
ﻋﻨﺩ ﺩﺭاسة ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻓﻲ ﺃﻱ مجتمع من ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ لابد ﺃﻥ نضع ﻓـﻲ اعتبارنا العوامل التي تؤثر على الاختلافات و التمايزات بين ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ التقليدية ﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟحضرية الحديثة ، ﻭالتي تحدد ﺍﻷﺩﻭﺍﺭ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ التي تؤديها ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ داخل وخارج ﺍﻟﻤﻨﺯل ﻓﻲ مؤسسات المجتمع الحديث . هذا التداخل كان تحدى كبير أمام الحركات النسوية في طرح قضايا حقوق ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ، حيث ﺃﻥ وضعية النساء ماهي ﺇﻻ نتاج ﻟﺘﻔﺎﻋل بين سياق ﺍجتماعي وسياق مادي . كانت فاطمة أحمد إبراهيم تدرك هذه الأبعاد ، وأن النضال في سبيلها، يتطلب درجة من الإلتزام الصارم ، حيث أنها تعبر عن نضال من أجل مجتمع كامل . ومن هنا تصدت لكل القضايا الوطنية، وظلت مؤمنة بحق الفقراء في العدالة الاجتماعية ، الذي لا ينفصل من قضية حقوق المرأة حيث أن القضية واحدة، وأن أي خطوة على هذا الجانب، تفيد في كل الجوانب الأخرى. كان إلتزامها الأخلاقي والقيمي مثلاً يحتذى به ، وقدمت صورة للمرأة القائدة في المجال العام والمنطلقة من إرثها الثقافي والاجتماعي ، والمتمسكة بقيم مجتمعها . ورغم أختلاف الكثيرين معاها فكرياً وسياسياً ، لكن الجميع أتفقوا عليها كرمز وطني ونسائي صابر و جسور و شجاع حيث أن الخائفون لا يصنعون الحرية. عاشت فاطمة أحمد إبراهيم و رحلت ، ولم تخضع أوتساوم على مبادئها ، رهنت حياتها بكل ما آمنت به ، ولم تضعف أوتلين في زمان أشتري فيه الكثيرون والكثيرات بقايا الدنيا ومظاهرها وباعوا أصل الحياة وجوهرها. لم تهادن المناضلة الجسورة مشاريع العبث والظلام ، ولم تبيح لنفسها أن تجني ثمار نضالها تقلباً في نعيم الحكومات أو المناحين ، فهي تدرك أن السم في الدسم . عاشت بسلام ورحلت بسكينة وماتركته خلفها من رصيد كبير يصب في خانة رأسمال المال الاجتماعي الذي لايصدم أمامه رأس المال المادي ، فكل مشوار تقطعه احدى الفتيات أو النساء في أصقاع السودان في طريقها للمدرسة أو الجامعة أو العمل يصب في خانة رأس المال الاجتماعي ، بل حتى كل صوت نسائي يرتفع في المجال العام مطالباً بالحق والعدالة هو نتاج لصبر وجهد هولاء النسوة وفي مقدمتهن فاطمة أحمد. حيث صارت النساء الأكثر فقراً أقل خضوعا و تبعية اقتصادية لرب الأسرة من اللواتي هن أفضل و أيسر حالا وقاطنات بالبيت، وصارت هولاء النسوة تعملن في مساواة نسبية مع الرجال، بفضل حق الأجر المتساوي للعمل المتساوي الذي انتزعته فاطمة ورفيقاتها في ستينات القرن الماضي، بجهد وطني خالص لاتشوبه شائبة الإرتهان لمشاريع خارج الأطار الوطني . فالسلام عليها في حلها وغيابها.



#أَكُرِمَ_عَبْدُ_الْقَيُّومِ_عبَاسَ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد أيام من وفاة امرأة في حادث مماثل.. دبّ يصيب 5 أشخاص في ...
- أرقام صادمة.. 63 امرأة يُقتلن في كل يوم تستمر فيه الحرب بغزة ...
- منحة المرأة الماكثة في البيت الجزائر 2024 أهم الشروط وخطوات ...
- المرأة المغربية في الخارج تحصل على حق استخراج جواز سفر لأبنا ...
- الشريعة والحياة في رمضان- الأسرة المسلمة في الغرب.. بين الان ...
- مصر.. امرأة تقتل زوجها خلال إعدادها مائدة إفطار رمضان
- الإنترنت -الخيار الوحيد- لمواصلة تعليم الفتيات في أفغانستان ...
- لماذا يقع على عاتق النساء عبء -الجهد العاطفي- في العمل؟
- اختبار الحمض النووي لامرأة يكشف أن أسلافها -كلاب-!
- تزامنا مع تداول فيديو ظهور سيدة -شبه عارية-.. الأمن السعودي ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - أَكُرِمَ عَبْدُ الْقَيُّومِ عبَاسَ - الْعُثُورُ عَلَى السّلَامِ عَنْ طَرِيق تَفَادِي الْحَيَاةِ فَاطِمَةُ أَحَمْدِ إبراهيم، إيقونة مِنْ بِلَادَيْ