المطلوب دعم سوريا بالفعل لا بالقول

حسن دليلة

الحوار المتمدن-العدد: 1481 - 2006 / 3 / 6 - 10:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تردّد في الأخبار أنّ إجتماعات سريّة تعقد بين أمريكيين وإسرائيليين تهدفُ إلى وضع سيناريوهات للتعامل مع النظام في سوريا وقد جاء في الأخبار كما كشفت عنه بعض الصحف الاسرائيلية بأن إحدى هذه السيناريوهات هي إزاحةُ الرئيس بشار الأسد عن السلطة في سوريا وتسليم شخص آخر مكانه ينفّذ رغبات أمريكا وإسرائيل أو إضعاف نظام الحكم في سوريا عن طريق خلق فتن وإضطرابات داخلية . وكأنهم امتلكوا كامل الحق في التصرف بالشأن السوري بعيدا عن رأي الشعب السوري وقواه الأساسية . هذه هي ديمقراطية أمريكا التي تحاول تصديرها إلى الخارج.
لقد أصبحت سوريا هدفًا يتم التصويب عليها كل يوم فلماذا كل هذا الهجوم وكل هذه الضغوط على سوريا وما هو المطلوب عربيًا ودوليًا لدعم سوريا . أليس المفروض أن تؤخذ العبرة من العراق الشقيق الذي حوصر إقتصاديا وسياسيًا لسنواتٍ عديدةٍ ثمّ بدأ العد العكسي لإجتياحه عسكريًا عندما لم يستطع الحصار أن يغيّر في نظام الحكم فكان إنهاك قوى المجتمع والشعب أولاً ثمّ الانقضاض عليه عسكريًا ثانيًا بحيث أصبحت الدولة والمجتمع سهلة المنال . ورغم أن النظام القائم في العراق قبل الاجتياح الأمريكي كان بعيدًا عن شعبه متسلطًا عليه إرتكب بحقه أفظع الجرائم ولم يكن يحظى بتأييد من الدول العربية أو العالمية ورغم كل المآخذ على النظام العراقي السابق وعزلته داخليًا وخارجيًا فقد كان التحرّك الشعبي العربي والعالمي لدعم العراق واسعًا وصل الى أقصى مداه حتى في أوروبا وأمريكا وخاصةً في الدول التي اشتركت في الاجتياح العسكري . ولكن وإن كان كل ذلك لم يعطي نتائج مثمرة إلا أن ذلك يمثّل مدّاً شعبّيًا واسعًا وتعاطفًا غير مسبوق للشعوب رغم أن القرار كان قد اتخذ بشن الحرب .
وهذا المدّ الشعبي العربي والعالمي نراه اليوم يزداد قوةً وحدةً لنصرة سوريا كلما ازدادت الضغوط الأمريكية عليها . هذا التأييد الشعبي الواسع لا بدّ وأن يترك آثاره العملية على حكومات الدول كافة وخاصة الحكومات العربية والصديقة والتي يجب عليها أن لا تقف متفرجة تعطي النصائح فقط وانما عليها أن تتخذ مواقف مبدئية ومواقف فاعلة تترك آثارها على الصعيد العالمي بحيث تجعل أمريكا تفكّر أكثر من مرّة قبل أن تتخذ أي عقوبات ضد سوريا وتفكر ألف مّرة قبل أن تتخذ القرار بشن الحرب عليها . هذه المواقف مطلوبة من حكومات الدول العربية أولاً ومن حكومات الدول الصديقة ثانياً فعلاً لا قولاً . ممارسةً عمليّةً باعلان المواقف المؤيدة لسوريا والمنهضة للاجراءات الأمريكية ضدها وإتخاذ القرارات التنفيذية لهذه المواقف على أرض الواقع لا ممارسةً نظرية برفع الشعارات فقط بحيث تشعر الولايات المتحدة ومن معها بأنها لم تعد قادرةً على التحكّم بمصائر الحكومات والشعوب وهذا ما سيقلب الطاولة رأسا على عقب فيما لو إستطاع البعض من حكامنا العرب ولا أقول الجميع بأن يقولوا لا لأمريكا في ممارسة الضغوط على سوريا وعدم تنفيذ مطالبها بهذا الشأن . فسورية اليوم هي حجر الزاوية في البناء العربي وبسقوطها سيتاح المجال للولايات المتحدة واسرائيل لهدم كل البناء العربي وإعادة صياغته من جديد وفق مخططاتهم الإستعمارية ومشاريعهم التوسعية . ودعم سوريا لا يأتي بالسلاح والجيوش فسوريا لديها جيش قوي يدافع عنها وهي تستطيع تأمين السلاح عند اللزوم لكن الدعم الأساسي يأتي بالمواقف الفعلية المناهضة لأعدائها وعدم تلبية مطالبهم التي تنال من وحدة سوريا وصمودها فكسر الحصار الاقتصادي مثلا سيكون أقوى من أي سلاح أو جنود ترسلهم إلى ساحة المعركة
وان الثقة كبيرة ومطلقة بأن هذه السيناريوهات المسبقة والتي يرتبها العدو في الخفاء لن تلقى قبولا من الشعب السوري في الداخل أو في الخارج والذي سيقاومها بكل أطيافه السياسية مهما تلونت وتباعدت وستكون عاملاً لتوحيد الصف الداخلي وتماسكه في سوريا ونأمل أن تكون محلّ رفضٍ من الحكومات العربية والصديقة . وأنا واثق أيضا بأن العدو عندما يجد الجدار قوّيًا ومتماسكًا فلا بدّ له من إعادة الحساب . لذلك فانّ المطلوب الآن وبدون تردّد الدعم الكامل لسوريا بالفعل لا بالقول . أقول ذلك لأننا تعوّدنا أن نسمع كلامًا فقط دون أن نرى أفعالاً . فهل يعي الحكام العرب اليوم مسؤولياتهم تجاه سوريا ... نأمل ذلك

المحامي حسن دليلة
سوريا

#حسن_دليلة (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل