أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض السندي - شيعة العراق بين الإحتلالين البريطاني والأمريكي (ج3 والأخير)















المزيد.....

شيعة العراق بين الإحتلالين البريطاني والأمريكي (ج3 والأخير)


رياض السندي
دكتوراه في القانون الدولي، محام، أستاذ جامعي، دبلوماسي سابق، كاتب

(Riadh Alsindy)


الحوار المتمدن-العدد: 5777 - 2018 / 2 / 4 - 02:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القسم الثاني-الشيعة والإحتلال الأمريكي (2003-2017)
وقد إستمر حكم السُنّة طيلة العهد الملكي برعاية الاحتلال، فالإنتداب البريطاني للفترة منذ قيام دولة العراق عام 1921 وحتى قيام ثورة 14 تموز 1958 في العراق، وتولى الشيعة حكم العراق بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم للفترة من (1958-1963). لتعود بعد للسُنّة ثانية بعد انقلاب 8 شباط 1963 بقيادة المشير الركن عبد السلام محمد عارف ثم أخوه عبد الرحمن، ثم مجيء حكم حزب البعث العربي الاشتراكي للفترة من (1968-2003)، حيث الاحتلال الأمريكي للعراق، وتسليم السلطة للأحزاب الإسلامية الشيعية منذ 2004 وحتى يومنا هذا. وبعد مرور قرابة 15 عاماً على سلطة الأحزاب الشيعية في العراق، تبدو نظرة البريطانيين إليهم محل نظر. وتبدو ملاحظات المس بيل عنهم موضوعية إلى حد كبير. ويبدو قرارهم في عدم منح السلطة لهم وتسليمها لمكون عراقي آخر قراراً صائباً جنب العراق الإنزلاق إلى مهاوي الطائفية والولاء المذهبي وهدر سيادة الدولة وتبديد ثرواتها الوطنية منذ قيام دولة العراق الحديث.
وعلى عكس توجه الاحتلال البريطاني عام 1917، فقد جاء الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 بإستثمار فكرة إستبعاد الشيعة في المرة السابقة وحثهم على المشاركة في هذه المرة لترسيخ الطائفية والمذهبية في العراق لتقويض أسس الدولة بعد أن سعى البريطانيون لإقامتها وبناءها في المرة الأولى.
وقد درس الولايات المتحدة الشيعة عن كثب، وساعدها في ذلك الشيعة الأمريكيون من أصل عراقي. ووجدت فيهم خصائص عديدة تستحق الإستثمار بالإضافة لما توصل اليه البريطانيون قبلهم بمئة عام. فبإستثناء الخصائص العربية والإسىلامية والعراقية، فقد وجدوا فيهم مايلي: -
1. التمرد وعدم الخضوع للسلطة.
2. التخلف في مجتمع عشائري-ديني-مذهبي يُقَدِم الإعتبارات العشائرية ويخضع لسلطة المرجع الديني حتى لو تعارضت مع قواعد القانون، ويميل إلى نصرة المذهب أينما كان.
3. الفوضى وإعتماد القوة لحل خلافاته.
4. حب المغانم والإنقياد للمصلحة الشخصية.
5. التظاهر بالمظلومية.
6. الإستعداد لخيانة المصلحة العامة.
وتثبت مذكرات الحاكم المدني الأمريكي في العراق بول بريمر مدى إستثمار مسألة مظلومية الشيعة التاريخية في الخلافة يوم السقيفة المشار اليه في أعلاه، فكتب بأسلوب تحريضي مخادع، دغدغ فيه مشاعر الشيعة مما قاد الى زرع الطائفية الدينية في العراق لعقود عديدة، حيث يقول: -
"قلت، "دكتور جعفري، إنسجاماً مع قرار الأمم المتحدة، يعتزم الائتلاف إنشاء إدارة مؤقتة بأسرع ما يمكن. ونحن نأمل أن يتعاون القادة المسؤولون في الطائفة الشيعية مع هذا المسعى. ولا شك في أن إرتكاب الشيعة اليوم الخطأ نفسه الذي ارتكبوه في سنة 1920 يعدّ مأساة.
هزّ راسه مقرّاً بما أشرت اليه. ففي أعقاب الحرب العالمية الأولى، عندما تقدّمت القوات البريطانية داخل مقاطعات الإمبراطورية العثمانية المنهارة، في بلاد ما بين النهرين، أطاع الشيعة العراقيون فتوى مرجعهم الديني بعدم التعاون مع "الصليبين". فهمّش هذا القرار الشيعة من حكم بلدهم. والآن ها هو التحرير يقدّم لهم فرصة جديدة بعد ثمانين عاماً.
بالمقابل، تعاون العراقيون العرب السنّة، الذين تمتّعوا بقرون من المعاملة التفضيليّة، في ظل الحكّام العثمانيين السنّة، مع الاحتلال البريطاني، وبقوا الطائفة المميزة تحت حكم الملكية التي أنشأها البريطانيون أولاً، ولاحقاً في أثناء النظام البعثي.
بدا الجعفري غارقاً في التفكير، فقد تحديته للنزال، وأشرت بوضوح الى أنّ القطار سيغادر المحطة ويرجع الى السياسيين أمر الصعود اليه".
وقد إحتل الأمريكان أرض العراق يرافقهم عدد من الشيعة الذين تجنسوا بالجنسية الأمريكية والبريطانية والسورية. وكان في مقدمة هؤلاء إثنان من الشيعة المتجنسين بالجنسية الأمريكية، وهما رند رحيم-فرانكي وأحمد الجلبي. رند رحيم هي شيعية امريكية من أصل عراقي أصدرت بالإشترك مع أحد المختصين الامريكيين وهو غراهام فوللر كتابا باللغة الانكليزية بعنوان (The Arab Shi’a: the forgotten Muslims). وهكذا فقد استطاع الامريكان ان يعيدوا العراق الى صراعات (سقيفة بني ساعدة) لعام 632 م. وشعر الشيعة بان فترة انصافهم قد حلت وبان الوقت قد حان للأخذ بثأر (الحسين)، فانطلقوا يبحثون عن (يزيد)، وبدءوا يتصرفون على هذا الأساس، مما قاد الى شيوع الانتماء الطائفي وانعدام المواطنة. وبإحتلال العراق عينت رند رحيم سفيرة للعراق لدى واشنطن في تشرين الثاني 2003. إلاّ أن السلطات الامريكية قد خيّرتها بين الاحتفاظ بمنصبها كسفيرة للعراق أو الاحتفاظ بجنسيتها الأمريكية، ففضلت الخيار الاخير وتركت المنصب في اب 2004 بعد تسعة أشهر فقط.
أما أحمد الجلبي ويعرف ب "عراب الإحتلال" فقد أظهر ولاءه لإيران بمجرد أن وطئت قدمه أرض العراق، وفي آيار 2003 زار أحمد الجلبي إيران ونقل لها معلومات حساسة، فقلبت له أمريكا ظهر المجن، ولم يتولى أي منصب مرموق حتى وفاته، ومازالت الشبهات تحوم حول آخر فنجان قهوة شربه قبل وفاته بساعتين يوم 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2015. ومن المؤكد أن للولايات المتحدة مصلحة استراتيجية في إقحام إيران في المستنقع العراقي، لإنها لن تجد أكثر من إيران عداءً للعراق، وهي كفيلة بالإنتقام منه نيابة عن أمريكا، ليتسنى معاقبتها لاحقاً. ومن دون احمد الجلبي، لم يكن ممكنا حصول التقارب الأميركي-الإيراني والتعاون في العمق الذي قاد الى حرب 2003. فالخطيئة مطلوبة والجزاء مفروض.

جاء الشيعة إلى الحكم محملين بقيح متراكم منذ 14 قرناً، غذّته نظرية متكاملة في الإمامة وولاية الفقيه. فأسقطوا الدولة العراقية التي بنيت منذ ثمانية عقود. وتكفلت مربيتهم الحنون إيران بالإنتقام من العراق في تدمير البنى التحتية للدولة، فقضوا على كل من لم يؤيدهم، بدءا بالبعثيين، ثم السُنَّة، ثم المعارضين لسياستهم، والمنتقدين لعملائهم، ثم الوطنيين من أي دين ومذهب. ثم شرعوا في سرقة ثروات الدولة لتجاوز نظام العقوبات الاقتصادية الدولية المفروض على إيران، بحجج وذرائع شتى، منها التعويض عن خسائرها في حرب الخليج الأولى 1980-1988، دون سند قانوني. ثم توسعوا في إنشاء الميليشيات المسلحة، وهناك اليوم 67 ميليشيا مسلحة في العراق ، بحيث أن كل مكونات العراق أصبح لديهم قواتهم المسلحة الخاصة. فمسيحيو العراق -وهم مكون مسالم جداً- قد انشأوا سبعة جماعات مسلحة لحماية مناطقهم في ظل غياب سلطة القانون وإضعاف الجيش العراقي ، وعلى غرار ذلك، أنشأ الأيزديون في العراق ميلشياتهم الخاصة وهكذا.
أما في مجال التفجيرات، فعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات حديثة، إلاّ أن العراق شهد 65 ألف تفجير خلال بين اعوام 2003 و2009.
وفي مجال الخسائر البشرية، فقد بلغ العدد الإجمالي لقتلى العنف بمن فيهم المقاتلين 268,000، وفقاً لموقع بريطاني محايد.
أما في المجال المالي، ف "أن موازنات العراق منذ العام 2003 وحتى العام الجاري بلغت 850 مليار دولار، مؤكداً أن الفساد أفقد البلاد 450 مليار دولار ... وبحسب منظمة المسح الدولي ومنظمة الشفافية الدولية، فإن العراق يحتل المرتبة السادسة أو السابعة قبل الأخيرة بدرجة 16 من 100 في مؤشر الشفافية الدولية."
ومنذ بداية كانون الثاني/يناير من العام 2014 وحتى 30 من تشرين الأول/أكتوبر 2017 حددت إدارة الهجرة الدولية وتتبعت عمليات النزوح، ووصلت إلى أن أعداد النازحين في العراق 3 ملايين و174 ألف الذين نزحوا داخل الأراضي العراق.
أما الفوضى فقد شهدت كل المجالات، وفي مجال الإعلام فقط، فقد تجاوز عدد محطات الراديو الـ 52 محطة اذاعية، وبلغ عدد الصحف اليومية الصادرة في بغداد لوحدها ما يزيد عن الـ 150 صحيفة بالإضافة إلى عدد مماثل في بقية المحافظات، وبلغ عدد القنوات الفضائية والأرضية 47 قناة.
لقد أفرزت وقائع الصراع السُني- الشيعي طبيعة كل منهم. وهذه أهم نقطة في طبيعة الشخصية. فالسُني، عند بلوغ الصراع أوَجُه، يلجأ إلى الانتحار من خلال تفجير نفسه على خصومه. أما الشيعي فإنه يلجأ الى جلد نفسه وتعذيبها بشتى الاشكال، وهذا ما نجده أساساً في ممارساته لطقوسه الدينية. وإذا كان السنُي سادياً في تعامله، فالشيعي بدا مازوشياً. وهذه كانت واحدة من أهم النقاط التي دفعت الأمريكان الى تفضيل تسليم السلطة لهم، لأنهم لا يشكلون ضرراً عليهم وعلى إستراتيجيتهم.
إلاّ أن تغييراً قد طرأ في التوجه الرسمي الأميركي بعد مجيء إدارة ترامب منذ مطلع عام 2017. وظلّ ترامب يردد أثناء حملته الانتخابية، وفي أكثر من مناسبة أن إسقاط نظامي صدام والقذافي كان خطأ، فالعالم كان أكثر أمنًا بوجودهما. وفي وقت لاحق، اعتبر غزو العراق أسوأ قرار في تاريخ الولايات المتحدة. فهل كان يقصد بذلك منح السلطة للأحزاب الشيعية لحكم العراق؟ لا سيما وأن نتائج ذلك كانت كارثية على العراق والمنطقة بأسرها.
إن المشكلة تكمن أساسا في إقحام الدين بالسياسة، لان ذلك يقود الى تقسيم الشعوب الى طائفتين متعارضتين، هما: المؤمنون والكفار، مما يفقد التعايش والإنسجام المطلوب بين شعوبها. وكما قالت المس بيل قبل قرن تقريباً إذا ما سلمت السلطة إلى الشيعة: ".. ستكون عندك دولة يسيرها المجتهد، وهو أمر خبيث جداً" . وبالفعل، ونظراً لإعتماد المذهب أساساً في إدارة الحكم، فقد ذهب العراقيون يقاتلون خارج حدود الدولة دفاعاً عن المذهب، في سوريا ولبنان واليمن، وصارت وزارة الخارجية تهتم بشؤون أتباع المذهب الشيعي في لبنان والبحرين والسعودية، بل وصل الأمر إلى أبعد مدى فدافعوا عن شيخ شيعي في نيجيريا.
فهل أدرك العراقيون وفي مقدمتهم شيعة العراق أن هتافهم أثناء انتفاضتهم عام 1991 القائل: "لا ولي إلا علي، المطلوب حكم جعفري"، كان شعاراً لا يصلح لحكم الدولة وإدارة البلاد، وقاد إلى نتائج كارثية لا تقِلُ سوءاً عن نتائج الدكتاتورية، وأن مسألة إقامة الدولة المدنية على أساس المدنية، هو الحل الأمثل.



#رياض_السندي (هاشتاغ)       Riadh_Alsindy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيعة العراق بين الإحتلالين البريطاني والأمريكي (ج2)
- شيعة العراق بين الإحتلالين البريطاني والأمريكي (ج1)
- مسيحيّو العراق والإنتخابات القادمة
- تناسب الدين مع الشخصية
- تاريخ الصحافة السريانية النسويّة في العراق
- الكلمة التي قسمت العراق
- الجوانب القانونية للاستفتاء الكردي
- أيلول الاسود في العراق
- أسرى التاريخ
- نحَنُ ومُحمَد (ومشكلة العقل ذي البعد الواحد)
- مَنْ يُمثّل مسيحيي العراق؟
- المتقلبون في العراق
- العبادي وسياسة المشي على الحبل
- المعارضة العراقية بعد 2003 وإرهاصاتها
- العشاء الأخير للعبادي في واشنطن
- مسيحيو العراق ... البيت المنقسم على ذاته
- حكم الشيعة في العراق (البزوغ والأفول)
- ابراهيم الجعفري وإخفاقاته الداخلية والخارجية
- هل أزفت نهاية الاسلام السياسي؟
- العبادي – الطيب السيء


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل فلسطينيين اثنين في جنين بعد مهاجم ...
- رئيسي يندد بالعقوبات الغربية المفروضة
- إزالة 37 مليون طن من الحطام المليء بالقنابل في غزة قد تستغرق ...
- توسع الاتحاد الأوروبي - هل يستطيع التكتل استيعاب دول الكتلة ...
- الحوثيون يعرضون مشاهد من إسقاط طائرة أمريكية من نوع -MQ9-.. ...
- -الغارديان-: أوكرانيا تواجه صعوبات متزايدة في تعبئة جيشها
- هجوم صاروخي من لبنان يستهدف مناطق في الجليل الأعلى شمال إسرا ...
- السيسي يوجه رسالة للعرب حول فلسطين
- الأمن المصري يضبط مغارة -علي بابا- بحوزة مواطن
- نائب نصر الله لوزير الدفاع الإسرائيلي: بالحرب لن تعيدوا سكان ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض السندي - شيعة العراق بين الإحتلالين البريطاني والأمريكي (ج3 والأخير)