أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - علاء الدين الظاهر - المحاضرة الاخيرة















المزيد.....

المحاضرة الاخيرة


علاء الدين الظاهر
استاذ رياضيات

(Alaaddin Al-dhahir)


الحوار المتمدن-العدد: 5763 - 2018 / 1 / 20 - 03:25
المحور: سيرة ذاتية
    


الجمعة التاسع عشر من كانون الثاني 2018 هو يوم محاضرتي الاخيرة وكانت مخصصة حسب الجدول التدريسي لطلاب قسم الفيزياء. بعد اسبوعين او ثلاثة من الامتحانات سأبدأ اجازة لمدة شهرين ثم اعود لأسلّم المفاتيح الالكترونية لمكتبي وللبنايات التي يسمح لي بدخولها في غير ساعات الدوام الرسمي. بعدها تبدأ حياتي التقاعدية.
وقف اليوم في مدخل قاعة التدريس رئيس قسم الفيزياء وزميلة وزميل وثلاثة طلاب متقدمين من نفس القسم. تصورت انهم كانوا في اجتماع في غرفة مجاورة لكنهم دخلوا معي الى القاعة وطلب رئيس القسم مني السماح له بالحديث لبضعة دقائق. تصورت انه سيعطي الطلاب تعليمات حول اجتماع او تغيير طارئ فقلت له مازحا (سأعطيك دقيقة واحدة فقط). شكرني فيها على السنوات التي قمت بها بتدريس الرياضيات لطلاب قسم الفيزياء وأسِفَ لأني لم ارغب بالاستمرار بالعمل لعامين في قسم الفيزياء بعد تقاعدي. بعد انتهاء كلمته قام الحضور بالتصفيق ثم تقدمت الزميلة وقدمت لي باقة كبيرة من الورود وبدت في حالة عاطفية (هي طالبة سابقة لي) مما اثار عاطفتي ايضا ثم تبعها الطلاب الثلاثة في مصافحتي وتقديم هدية طلاب القسم مما اثار عاطفتي اكثر. شكرت الجميع على هذه المفاجأة السارة وذكرت له ان رئيسة قسمه السابقة كانت من تلامذتي. قبلت دعوت رئيس قسم الفيزياء للغداء مع بعض الزملاء من قسمه وفي وقت قريب. هناك بالطبع دعوة مماثلة من قسمي (الرياضيات) ولأسباب عديدة رفضت اجراء حفل توديع من قسمي وفضلت عددا محدودا من الزملاء على مائدة غداء. انتهت المحاضرة كما بدأت في جو رائع.
قبل بضعة سنوات سألني رئيس قسمي في ذلك الحين إن كنت ارغب بالعمل لعام بعد تقاعدي فكان جوابي سأفكر بالموضوع قبل بلوغي سن التقاعد بشهور لكن الحكومة الهولندية حلّت الموضوع عندما مددت سن التقاعد لمدة عام لمن هم في سنّي. قبل بداية العطلة الصيفية الماضية جاء طلب رئيس قسم الفيزياء اعلاه وكان طلبا مغريا من الناحية المالية لأنه سيزيد من راتبي التقاعدي ومن الناحية الذهنية والجسدية لست مستعدا للتقاعد. فكرت جديا في الموضوع اثناء العطلة الصيفية وقررت ان اعتذر لأن الحياة اهم من المال واكبر من الحياة الجامعية. قضيت سبعة وثلاثين عام وثمانية اشهر في التدريس الجامعي وقبلها خمس سنوات في الدراسة العليا. حان وقت الراحة.
لا يزال ذهني غير مستعد للحياة التقاعدية ولا تزال صحتي بخير ولا زلت متعودا على النهوض مبكرا والذهاب الى العمل وليست لدي افكار محددة عمّا سأفعله غير السفر والانصراف الى هوايتي في التصوير وهناك افكار غير ناضجة عن عمل تطوعي في مجال حماية البيئة وإذا فقدت عقلي سأتوجه للعمل السياسي في العراق.
كنت محظوظا بأساتذة ممتازين علميا ودوليا وكنت محظوظا بزمالتي لزملاء مشهورين وممتازين دوليا وقد اعود في وقت لاحق لكتابة بعض المقالات عنهم وعن بعض طلابي. يمكنني ان اقول ايضا اني كنت محظوظا بالحصول على عمل في جامعات غربية متقدمة في وقت كانت الشواغر معدومة. هذا العمل وفّر لي حياة كريمة لكن الحظ وحده لا يكفي إذا لم تملك المؤهلات للحصول على الوظيفة اولا، والاهم من ذلك الامكانيات للاحتفاظ بها في جو تنافسي حاد ودعم مالي حكومي يتقلص كل عام. وفوق كل هذا وذاك لا يكفي ان تكون جيدا بل ان تكون مُربحا. إذا لم يكن الدخل الذي تجلبه للجامعة من خلال التدريس والمنح والعقود الخارجية يزيد على راتبك وعلى تكاليفك فإن فرص بقائك في الوظيفة لا تزيد على ثلاث سنوات في احسن الاحوال. وفي حالتي فإن الدخل الذي اجلبه للجامعة يغطي راتبي وتكاليفي ويضيف حوالي سبعين الف يورو سنويا الى موازنة القسم. وهذا المبلغ سيستمر حسب نظام التمويل لثمان سنوات بعد تقاعدي.
لم اكن لأثير هذا الموضوع لولا ان احد خريجي دورات التهريج الحزبي في موسكو إدعى اني اقبض راتبي من وزارة الداخلية، هذه واحدة من مهازل هذا المهرّج. الاستاذ جامعي في هولندا يقبض راتبه من وزارة الداخلية الهولندية!!!!!! الـ (شتازي) في المانيا الشرقية والـ (كي جي بي) كانت تدفع رواتب جواسيسها وفي كل مهنة. هذه الامور لا تحدث في جامعات الدول الغربية. لا تجبروني على فضحكم. لدي زملاء اعزاء في جامعة موسكو واحدهم نشر مذكراته ولدي زملاء في جامعات المانيا الشرقية ومنهم الراحل هانيو والتر الذي اصبح وزيرا في حكومة هلموت كول ولدي حاليا زميلة روسية (غرفة مكتبها الى جانب غرفة مكتبي) حصلت على الكانديدات الروسية اولا ثم الدكتوراه الهولندية وكان والدها بروفسورا في الفيزياء في جامعة موسكو. خلّوها سنطة كما يقول التعبير العراقي.
ومن الادعاءات الكاذبة التي اطلقها المهرّج المذكور اعلاه هو ان الراحل وليد السلام اشرف في البرتا على رسالتي للماجستير. وليد السلام كان متخصصا في الدوال الخاصة وهو لا يعرف شيئا عن موضوع تخصصي في احد فروع التبولوجيا التفاضلية مثلما انا لا اعرف شيئا عن تخصصه والفرق بين الموضوعين مثل الفرق بين الادب الصيني القديم والادب الايطالي الحديث. وزوجة الراحل وليد السلام حية ترزق وهي شريكة له في الاختصاص. علاقتي مع وليد السلام كانت طيبة ومهذبة لكنها لم تكن حميمة ولم يساعدني في اي شئ. كان المشرف على رسالتي للماجستير اميركيا من اصل ارمني وكانت بيني وبينه خلافات في السياسة حيث كان يؤيد ريغان وكنت اكره ريغان. كنت ادعم احتجاز الرهائن في السفارة الاميركية في طهران وابرره بتخوف الايرانيين من انقلاب مثل الذي اطاح بحكومة مصدق في عام 1953 وكان بالطبع مع حكومته الاميركية وضد ايران. لكن ما كان اكثر ايلاما له هو انجاذب الحسان لي وبكثرة بينما كان هو يتيما في هذا المجال. وعلى اي حال نجحت مهنيا من دون مساعدة احد وتغلبت على كل الصعاب ولم تكن تلك الصعاب قليلة.
هذا المهرّج الذي فشل في كل اوجه الحياة لم يكتب في كل حياته جملة صادقة واحدة لا عني ولا عن غيري. كل كتاباته هي في الواقع تقارير حزبية غايتها اغتيال الشخصية او تمجيد المغفور له الاتحاد السوفيتي. هذا المهرّج لم يخرج من جو المزايدات الحزبية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ويا ريت لو التزم بكل ما يقوله ويدعيه عن نفسه وعن ايديولوجيته لأن سلوكه يناقض كل هذا وذاك وفي كل وجه.
ستنتهي حياة اكاديمية اتذكر فيه زملاء رحلوا وزملاء تقاعدوا. سأتذكر حياة قمت فيها بتدريس ما لا يقل عن خمسة عشر الف طالب غربي بعضهم حصل على كرسي الاستاذية في جامعات غربية ممتازة او مراكز تدريسية رفيعة والبعض الآخر انصرف الى العمل في مراكز البحوث او في الشركات وتطوير الصناعات المختلفة. ستبدأ حياة لا اعرف كيف تبدأ.



#علاء_الدين_الظاهر (هاشتاغ)       Alaaddin_Al-dhahir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض الخرافات الدينية: تعال فهّم حجي احمد اغا
- الحرب النووية الكورية بين احمقين
- حسن العلوي في « خطى » نحو الوراء
- بين عالمين: التنظيم والفوضى على رابطين على اليوتيوب
- دواعش 1963 ومذكراتهم ولماذا يجب محاكمتهم
- فرحة بعض الشيوعيين العراقين وبعض اليساريين العرب بفوز ترمب، ...


المزيد.....




- فيديو مخيف يظهر لحظة هبوب إعصار مدمر في الصين.. شاهد ما حدث ...
- السيسي يلوم المصريين: بتدخلوا أولادكم آداب وتجارة وحقوق طب ه ...
- ألمانيا تواجه موجة من تهديدات التجسس من روسيا والصين
- أكسيوس: لأول مرة منذ بدء الحرب.. إسرائيل منفتحة على مناقشة - ...
- عباس: واشنطن هي الوحيدة القادرة على إيقاف اجتياح رفح
- نائبة مصرية تتهم شركة ألبان عالمية بازدواجية المعايير
- -سرايا القدس- تعرض تجهيزها الصواريخ وقصف مستوطنات غلاف غزة ( ...
- القوات الأمريكية تلقي مساعدات منتهية الصلاحية للفلسطينيين في ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- وسائل إعلام تشيد بقدرات القوات الروسية ووتيرة تطورها


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - علاء الدين الظاهر - المحاضرة الاخيرة