أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسيم ابو ظفار - الديمقراطية والحرية















المزيد.....

الديمقراطية والحرية


ياسيم ابو ظفار

الحوار المتمدن-العدد: 1477 - 2006 / 3 / 2 - 09:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


* الديمقراطية :
الفكر نتاج مــادة عالية التنظيم ألا وهي الدماغ البشري( حسب مفهوم المادية الجدلية )، وهذه المقولة هي العقدة الأساسية في الفلسفة ..
يتضح لنا من هنا وبشكل جلي أنّ الإنسان هو أعلى قيمة في الوجود كما يقول ( كارل ماركس ) ، أقول ذلك دون العوم فوق أمواج الإيديولوجيات ..
إذن يبقى العلم بكل مدارسه واتجاهاته هو القوة الجمعية المقررة لجميع حقائق التاريخ على اختلافها ، ولا يخضع لاتجاه واحد أو لرؤية أحادية الجانب . وبتعبير آخر ، إنّ الحقائق ، التاريخية لا تستطيع أية إيديولوجية في العالم ، مهما كان حجمها وقوتها ترويضها وتسويغها لصالحها . ومهما كانت الآليات المستخدمة لتدجين العقل البشري وتشويه الفكر الإنساني . ومن هنا قد نصل إلى رؤية يقينية بأنّ العقل البشري هو أرقى ثمرة كونية ، بيولوجية وسوسيولوجية ، هذا العقل ، الذي استغرقت قوانين تطوره ملايين السنين حتى وصل إلى هذا المستوى من الرقي في التصبّير والتكوين .. وتعد الديمقراطية ثمرة من ثمار هذا التطور .
على هذا الأساس ، إنّ الديمقراطية ، كما قلنا في كتاباتنا السابقة ، منظومة قيم إنسانية وأخلاقية ، وجدت منذ القدم في مختلف الرسالات الأرضية والسماوية ؛ هذه المنظومة ، التي تنطوي على قيم المحبة والإخاء والسلام والعدل والإنصاف ؛ أمّا كبنية مؤسساتية فظهرت كثمرة من ثمار المجتمع المدني ، هذا المجتمع ، الذي هو نتاج وخلاصة صيرورات تاريخية اقتصادية متطورة . وبمعنى آخر ، إنّ المجتمعات المدنية ظهرت مع التطور الصناعي الصاعد في أوربا ، والتي أساسها الثورة الصناعية في انجلترا قبل أكثر من قرنين من الزمن.. وعلى هذا الأساس، فإنّ الديمقراطية كبنية فكرية ومؤسساتية، حـال كونــها


نتاج المجتمعات المدنية المتطورة ، لها دلالة واضحة وكبيرة على تطور الفكر الجمالي للبشرية ، أي تعتبر حلقة متقدمة في هذا المجال ، وهو يعد إشارة واضحة لتطور الوعي الحقوقي والأخلاقي ، هذه الأخلاق الإنسانية ، التي تعتبر أرقى مرتبة في السلوك الواعي لبني البشر .
إذن ، الوعي الديمقراطي الحقيقي ، يعدّ وعياً متطوراً مؤشراً ومحـدداً ، بوضوح ، حـاجـات الإنسان التاريخية لبناء مجتمع متحضر عصري، تذوب فيه مختلف أشكال الوعي المتخلفة، كالوعي البدوي والإقطاعي والاستبدادي والوعي الاقصائي بهذا القدر أو ذاك . والسؤال ، الذي يطرح نفسه هنا ، هل نستطيع تحويل الوعي الاجتماعي المتخلف ، بجميع أشكاله ، لاسيما الوعي الاستبدادي ، إلى وعي ديمقراطي ، في الوقت الحاضر ، ومن ثمّ تحويله إلى وعي مؤسساتي .. ؟ للإجابة :
1/ يحيلنا هذا السؤال ، في جميع الأحوال ، إلى الماضي القريب ، أو البعيد ، لتاريخنا ، لقراءة واقعنا ولو بصورة تقريبية أو موجزة ؛ لأن الماضي مفتاح الحاضر ، والحاضر ، بطبيعة الحال ، مفتاح المستقبل . أولاً ، ولأن التجربة أداة معرفية وعامل حيوي وفعّال ، في مجال البحث ، كما تنهل منه التجربة من وسائل تبصير به وإضاءات معرفية ، على مستوى المطبق والمنجز، ومن هنا يمكن استخلاص الدروس، بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية ، إنْ أردنا ذلك ، وإنْ اخترنا ذلك سبيلا .
عاشت مجتمعات البلدان النامية عقوداً أو ردحاً من الزمن وهي تعاني من أنماط حياتية متخلفة ، على مستوى البنى التحتية والبنى الفوقية . والثانية نتاج الأولى ..
* الانقلابات السياسية :
إنّ معظم الانقلابات السياسية ، التي حدثت في العالم النامي فشلت في إرساء المقومات الحقيقية لعملية البناء الاجتماعي الإنساني ، للأسباب التالية :
1/ إنّ هذه الانقلابات ، في معظمها ، قادها العسكريون ، والعقلية العسكرية ، كما هو معروف ، لا تمتلك أفقاً فكرياً وسياسياً واسعاً ، أكثر من الأفق الذي يعبّر عن مصالحها الأنانية والفئوية الضيقة ولكونها هكذا ، فهي لا تتوانى عن استخدام مختلف الإيديولوجيات الاستبدادية ، التي تعبر عن العقل السياسي التسلطي المتطرف ، لسحق جميع معارضيها من الفئات والقوى السياسية الأخرى ، لأنها تتعامل دوماً بالعقل السياسي ذي البعد الواحد ؛ وشتّان ما بين الوعي العسكري والوعي الديمقراطي .
* الطبقة الوسطــى :
تعتبر المؤسسة العسكرية ، بحكم طبيعتها الدكتاتورية ، قد عملت وتعمل دوماً ، على تغييب هذه الطبقة الوسطى ، والتي غالباً ما يطلق عليها البرجوازية الوطنية ، لانخراط الفئات الديمقراطية والليبرالية تحت خيمتها ، كالمثقفين والمبدعين والمفكرين ، وهي تشمل أيضاً فئات أخرى من الموظفين والتجار وغيرهم ، وإذا أرادت أن تعمل ذرة خير فهي تسعى ، جاهدة ، لخلق رأسمالية الدولة ، من قبل بعض المتنفذين سياسياً في المراكز العليا للدولة . وهذا ما حدث في كثير من البلدان النامية وخصوصاً في العالم العربي . وفي ظلّ هذه الأحوال ، نرى في العقود الماضية ، أن البرجوازية ، في العالم العربي، لم تستطع النفاذ من شرنقة تخلفها ؛ إذْ اتجهت اتجاهين : اتجاه عقاري واتجاه كومبرادوري ، أي اتجاه تجاري وسيط بين السوق المحلي والسوق العالمي . وحال ذلك دون ظهور صناعات متطورة ، وبالتالي منع نشوء مجتمعات مدنية ، وقد أدى هذا بدوره إلى تعطيل الولادة الطبيعية للوعي الديمقراطي ..
* الديمقراطية وازدواجية السلوك :
في ظلّ هذه الأوضاع المتعاقبة والمتفاقمة ، نشأت أحزاب وقوى سياسية متعددة في هذه البلدان ، تدين بمبدأ الديمقراطية ، لتحقيق مصالحها الفئوية لا أكثر، حتى لو كانت تلك الأحزاب والقوى السياسية صادقة فيما تدّعي ؛ إن الإشكالية هنا ، تكمن ، أولاً : في مواجهة عقبات كثيرة ، لأنّ موجهات السلوك الاستبدادي أكبر من قدرتها وطاقتها ، كموروث اجتماعي . ثمّ أنّ هذه القيادات السياسية نفسها ولدت من رحم الاستبداد ، فلابد أن تسقطه على غيرها، ثانياً.
وهناك مسألة أخرى ، لا تقلّ خطورة عما سبق . إنّ المجتمعات المتخلفة تحكمها الطبيعة البدوية أو البدائية ، وبتعـاقب الأزمنة والدهور أصبحت هذه القيم المتخلفة تحفر في قعر اللاوعي الجمعي أو الذاكرة الجمعية ، وصارت جزءاً من التكوين النفسي والاجتماعي للفرد والمجتمع . فكل هذه الأسباب ، وأسباب أخرى ، ساعد على تغريب سلوك الفرد في المجتمعات النامية ، وأغرقته في متاهات اللاواقع . وهناك سبب آخر عانت وتعاني منه جميع شعوب الشرق ، لا أريد ذكره هنا ، لا يخفى على القارئ اللبيب ، ساعد على تغييب أفكار الواقع ، ثمّ إسقاط الواقع بالخيال أي استبدال الواقع بالوهم ! مما أصاب البصير بالعمى الفكري وإنفلونزا العقل السياسي ..
* الحــــرّية :
يعرّفون الحرية ، على أنها وعي الضرورة ! أي بمقدار ما يتحرر الإنسان من قيود الجهل والظلم والتخلف ، بهذا القدر أو ذاك ، يكون حـراّ ، أي أنّ الحرية تساوي التحرر .. وتقول الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان ، في أحد بنودها ، إن الناس ولدوا أحراراً . وقال الخليفة عمر بن الخطاب (رض) : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟ أي أن الله خلقنا أحراراً. ويقول الشاعر :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
إنّ المجتمعات المتخلفة عانت على مرّ الأزمنة والدهور ، من ثقافات الاستبداد والقمع والتغييب ومختلف أشكال الإرهاب الفكري والنفسي والسياسي . والتاريخ البشري هو صفحات ناصعة وشاهدة على ذلك ؛ فالأنظمة الدكتاتورية لا تتوانى أبداً عن ممارسة مختلف أشكال الزيف والتضليل ، من أجل إشاعة تلك الإيديولوجيات المقيتة والأساليب الرخيصة ، كإتّباع سياسة ذر الرماد في العيون وتأسيس آليات وموجهات خاصة بها ، لتحقيق والمحافظة دوماً على مصالحها الفئوية. وفي القرن العشرين ، المنصرم ، استطاعت الإيديولوجيات الحاكمة تشويه الوقائع وتدنيس الحقائق التاريخية للشعوب ، بهذا القدر أو ذاك ، مستخدمة وسائل وشعارات هدفها تبليد الحس الإنساني للشعوب ؛ فـتارة تستخدم شعارات قومية شوفينية ،

تارة أخرى ، تستخدم الدين كعملة للارتزاق والتآمر السياسي لتبقي الآفاق مفتوحة أمامها ، لتحقيق مصالحها الضيقة على حساب مصلحة الشعب والأمة . وقد استثمرت ، هذه الأنظمة ، بالدرجة الخاصة فرص الاستقلال ، استقلال وارداتها من التبعية الأجنبية ، لتهيمن بكامل ثقلها السياسي لتبدأ مرحلة احتلال وطني ثاني باسم معاداة الاستعمار والصهيونية والامبريالية !! وتستمر في توجهها السياسي المعادي المزدوج لتكيل الضربات لمختلف القوى الوطنية والاجتماعية والحركات الديمقراطية (لتحلل) معاداتها للقوى الأجنبية كالاستعمار والامبريالية وغيرها من ترهات الألفاظ السياسية ، وتستمر في هذه الازدواجية السياسية القاتلة لتشرّد أصحاب الكفاءات والعقول العلمية إلى تلك البلدان الامبريالية . وهذا ما حدث فعلاً ، في القرن الماضي ، في العراق والعالم العربي . وهناك إحصائية لعام 1985 تفيد أنّ في كل مستشفى من مستشفيات الولايات المتحدة يوجد طبيب واحد عربي من كلّ ثمانية أطباء .. هذا دليل على ( صحة ) ادعاء الأنظمة العربية بقيامها بالخطط التنموية الانفجارية ، ومشروع الانبعاث الحضاري ، والتي كثيراً ما كانت تتشدق به . وهذا أيضاً مشهد من مشاهد الفجائع للديمقراطيات القومية الانبعاجية .. الانبطاحية ..
إنّ ما حدث في العالم العربي ، وفي العراق خصوصاً ، في الحقب الماضية وما تلا أحداث الاستقلال ، من جرائم سياسية وبشاعات بحق الإنسانية ، والتي ذكرنا قسماً منها في موضوع بيبليوغرافيا الإرهاب ، والذي نشر في حينه في جريدة الصباح البغدادية ، قبل عامين، هو شاهد ودليل على (الشهامة) العربية للأنظمة الاستبدادية ، التي توالت على العرش في العراق ، وكذلك ما حدث ، نظير ذلك ، في البلدان العربية الأخرى ، وكلّ شيء كان يرتكب باسم الحرية والقومية والديمقراطية ، وما زالت هذه القوى تنفث بسمومها وترتكب الفواجع باسم حجج ومسميات لأنها فقدت امتيازاتها ونفوذها السياسي ، بدلاً من أنْ تلجأ إلى الطريق الصحيح والقويم وتساهم ببناء وحدة الوطن والشعب ومهما كانت الأسباب والظروف ، خاصة في هذا الظرف العصيب والدقيق والمتلابس ، لأن المحتل ليس هو الشعب ، وليس الشعب هو المحتل ..
إذن ، إذا كنا نؤمن ، حقاً ، بالحرية ، التي هي أنبل وأسمى غايات الإنسان ، منذ بدء الصيرورة والتكوين ، فمن الأفضل مراجعة النفس والضمير ، مراجعات علمية موضوعية تاريخية ، لنرى ما لنا وما علينا؛ فالمشروع التنموي الحضاري يتطلب ذلك ، وأول ما يتطلب ، حسب اعتقادي ، التخلص من غثيان مخلفات ثقافات الاستبداد السياسي ومختلف أشكاله الأخرى، والتي تتجلى ، بكل وضوح ، بغريزة الاستسلام المازوخية لثقافة القطيع السادية ، التي عانى منها شعبنا وشعوب المنطقة زمناً طويلاً . الحرية نتاج صيرورة اقتصادية اجتماعية نفسية تطورية متحررة من سطوة الاستبداد والكراهية والعنف وجميع البنية المادية والاجتماعية المتخلفة ؛ شرطها ، في الوقت الراهن ، التضامن والتكافل والتنازل المتقابل لمصلحة الوطن والأمة ..

* * *



#ياسيم_ابو_ظفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسيم ابو ظفار - الديمقراطية والحرية