أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرى الحكيم - دم بلا ألوان














المزيد.....

دم بلا ألوان


سرى الحكيم

الحوار المتمدن-العدد: 1475 - 2006 / 2 / 28 - 09:27
المحور: الادب والفن
    


ها أنذا وحيدة تماما .. كعصفور تهدم عشّه ..

فاعيد بخيالي الباذخ سيدي تعمير كل ماكان هنا يوما يزيّن شوارع مدينتي العتيقة ..

هنا .. ومن بين جدران غرفتي الصاخبة بتفاصيلها الانثوية والطفولية ..

تفتقد شبابيكي بشرفتها لقبة طالما كنت اتأملها بعين من امل وشغف مبك .. فأدعو .. وأدعو.. كي يمنحني الرب نصف امنية ..

واليوم .. لم اعد المس من ذكرياتي الا أصغرها وكومة من حجارة بحائط عتيق هدّ جدران روحي قبل ان يهدم ..

فلم يبق لي هذه اللحظة الا بقايا ضريح برائحة الانبياء لطالما نذرت له النذور والبخور لأحتفظ بك ووطني بكل الوجع الذي يسكنك اليوم ويسكنه ..



استحضرك الآن سيدي في فجر عراقي مدجج بغصة الألم وصخب المدن ..

كنت احلم بك .. واحلم باليوم الذي ادور فيه مكلّلة مجلّلة بثياب عرس حول قبة من ذهب .. لأبدو كعشتار مليكة يباركها الله لك ..

فخذلني القدر .. وخذلتني كل أيام الفرح التي انتظرتها فغادرتني قبل ان تسجل حضورها المؤجل ... فايقضني على صوت مفزع جلدني .. وترك شرخا في جدار الروح واقبية القلب ..

اغتال طفولتي بذكرياتها العتيقة الصارخة بانتمائي لهويتي وعقيدتي وعراقيتي ..

في تلك اللحظة .. اصيبت ذاكرتي بشلل مغمى عليه .. وبدأ جرح يتقطر ويندف اوردة القلب فيستحيلها لخيوط من دمار عاصف ..



آه حبيبي ..

عبثا حاولت تخيّل ماكان يجري ..بأنه مجرد مزحة واغتيال مؤقت لأحلامي وذكرياتي .. وأيام كان قد رحل بها عمري ..

حاولت ان استوعب كل الصراخ الذي سكنني وسكن شوارع وازقة مدينتي الثكلى ..

لكن شيئا ما كان يصفعني بقوة الزلازل لاصحو من هذا الغثيان اللامنتهي ..

أدركت حينها ان دموعي بدأت تفور لتبلل تفاصيل وجهي ..

وان اللعنة عرفت طريقها لابوابنا .. وستظل تطرقها لتجرنا لمستنقع من فرقة وشتات ..

لأننا لم نقدس هدية الرب لنا ..

أتراك تدرك ماتبقى لنا اليوم صديقي !!

قباب من ذهب أخذتها رياح الجهل .. فاستحالت لأكوام من حجر مشبع بالألم !!

أخبرني بربك ..

لماذا نطمس عبق النبوة ؟؟

لماذا نشعل انتماءاتنا ونذبح بعضنا .. ؟؟

لماذا نشرخ التأريخ والعقيدة نصفين

نصف لك .. والآخر لي !!!

ألا تدرك بانك جزء مني .. قبل ان تعلن احتلالك لكل النقاط المضيئة في قلبي ؟؟

ألا يدركون بأن سيّدنا الحسن جدّي هو جدّك ؟؟

تراك بماذا تفكر الآن ؟؟

ستسأل نفسك ربما لماذا أسألك انت وانا أملك كل الأجوبة مسبقا بأمضاءة مليئة بالحيرة والقهر ؟؟

وأدري بأنك تدري بأن جرحا ثنائيا يمزج (بيني .. وبينك) فينزف كما تنزف قباب( جدّي .. وجدّك) بكل الصمت والأسى

فيا ملاذي ..

لقد اقتحم الغرباء اليوم باب عراقك ..

واطعموني عوسجا ممزوجا بملح علقم

فصلّي ارجوك من اجل وطن

ومن أجلك وأجلي

كي يكون دم أبنائنا بلا فصائل

دم عراقي ّواحد مقدّس ..

دم لايعرف شكل الالوان ..



#سرى_الحكيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اخططُ لاستعمارك
- نسيج القرنفل
- !!ياحب امسي.. وصديق غدي
- محاولات لاغتيال ذاكرتي


المزيد.....




- الذكاء الاصطناعي بين وهم الإبداع ومحاكاة الأدب.. قراءة في أط ...
- مخيم -حارة المغاربة- بطنجة يجمع أطفالا من القدس والمغرب
- بصمة الأدب العربيّ: الدّكتورة سناء الشّعلان (بنت النعيمة)
- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرى الحكيم - دم بلا ألوان