أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليلي فريد - محفوظ قد سلمكم الأمانة كاملة أنتم من أضاعها














المزيد.....

محفوظ قد سلمكم الأمانة كاملة أنتم من أضاعها


ليلي فريد

الحوار المتمدن-العدد: 1470 - 2006 / 2 / 23 - 11:42
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قيل (والعهدة على الراوي) أن نجيب محفوظ قد اشترط على ناشره الحصول على موافقة الأزهر قبل إعادة نشر رواية أولاد حارتنا في مصر.. وأيضا أنه طلب قيام أحد الكتاب الإسلاميين بكتابة مقدمة الكتاب.
أقول (والعهدة على الراوي) لأنه لا أحد يحق له أن يلومك لو تعاملت بحذر مع كل ما يقال عن لسان شيخ على أعتاب المائة لا يري ولا يسمع ما يدور في العالم حوله إلا من خلال أعين وآذان الآخرين. وحتى لو افترضنا الإخلاص الكامل والتنزه عن الغرض في كل هؤلاء فإن ما يخرج من فم الشيخ الجليل لا يمكن أن يزيد عن كونه رد فعل لما يسمح له بأن يعرفه.
وبصراحة فإن من يحب محفوظ بصدق عليه أن يتركه في هذه المرحلة في سلام ولا يصر على استنزافه لآخر قطرة كما هو الحال الآن.
الكثير للأسف يستغلون نقطة الضعف المعروفة عنه وهي الأدب الجم والمجاملة التي تمنعه من أن يصد من يقترب منه. في الأيام الخوالي عندما كان يتصدر المائدة الممتدة في كازينو أوبرا صباحية كل يوم جمعة ويتحلق حوله الأحباء والمعجبون والأدباء الشبان، كان الرجل ينصت بصبر عجيب لما يصر البعض على إسماعه من أحاديث مملة ومحاولات أدبية ساذجة. ومهما بلغ من تفاهة ما يسمعه فلا يفعل أكثر من أن يتحايل على إنهاء الموقف المزعج بفكاهته الحلوة وضحكته المجلجة.
المهم استنفر هذا الخبر بعض الأدباء والكتاب في مصر فاستنكروا هذا الموقف واعتبروه سابقة خطيرة للاعتراف بحق السلطة الدينية في فرض الرقابة على الإبداع.
هذا كلام جميل.. ولكن مهلا.. هل هي فعلا سابقة خطيرة ستحملون محفوظ وزرها أم هي مجرد اعتراف بواقع أليم أنتم المسئولون عن ترسيخه؟
تعالوا نتحاسب.. ماذا قدم محفوظ.. وماذا قدمتم:
محفوظ قدم عملا فكريا عظيما استحق إشادة خاصة به في سياق منحه جائزة نوبل للآداب. أما مجتمعكم فاستقبل هذا العمل بوصفه بالإلحاد ونعت صاحبه بالكفر وأحل فقهاؤكم دمه وغرس أحد أبنائكم نصلا باردا في عنقه النحيل.
محفوظ قدم خلال عمره المديد زادا لا ينضب من الفكر المستنير والمبادئ الإنسانية الراقية والفن البديع. أرقه التردي الذي أصاب المجتمع فبذل المستحيل في سبيل دق نواقيس الخطر وإيقاظ النائمين.
هو من الأشخاص القلائل الذين تحققت لديهم المصالحة الكاملة بين المبادئ والأفعال، فكانت حياته مثالا يصعب أن يجود الزمان بمثله للاستنارة والبعد عن التعصب والانفتاح على العالم والإيمان بالعلم والاعتماد على العقل.
أعطي كل ما عنده بسخاء من خلال أعماله الأدبية ومقالاته الثرية وشخصه النادر المثال.. فإذا كان ما بذله قد وقع على تربة طاردة، جاحدة فاسألوا أنفسكم من المسئول.
الرجل الآن في الخامسة والتسعين مما يعني واقعيا أنه قد دخل إلى مرحلة التقاعد منذ عقود ثلاثة. لذا فمحفوظ وعظماء جيله قد تركوا لكم الساحة الثقافية لمدة ثلاثين عاما تسرحون فيها وتمرحون.
فماذا فعلتم لحماية من لا يملك سوي العقل والقلم ممن يواجهه بالرصاص والسكين أو على أحسن الفروض بالتخوين والتكفير والاغتيال المعنوي والتضييق على الرزق؟!
ماذا فعلتم عندما رأيتم كيف تستنفر حشود الشباب. تنطلق هادرة مدمرة تتوعد بالويل والثبور كاتب أو شاعر من أجل قصة أو قصيدة لم تقع عليها عين أحد هؤلاء الهائجين المائجين؟!
ماذا فعلتم لحماية الاستقلال الفكري وإيقاف هيمنة المؤسسات الدينية على كل مظاهر الإبداع؟!
كم منكم دافع عن حرية الرأي والعقيدة دفاعا صريحا بلا لبس ولا استثناءات؟! كم منكم قد أدان الإرهاب إدانة واضحة بلا لف ولا دوران؟! كم منكم ثبت على موقف شجاع اتخذه يوما ولم يتراجع عنه نتيجة ترهيب أو ترغيب؟!
عشتم لتروا مصركم بعد أن كانت تصدر للعالم القطن الناصع البياض صارت من أكبر مصدري الإرهاب الأسود. فماذا فعلتم؟!
أصبح مهرجانكم الإعلامي الكبير: معرض الكتاب يضم بين جنباته إصدارات تصول وتجول في عوالم الجن والعفاريت وتحقير العقائد المخالفة. تدخله فتفاجئ بوجود طوابير شبيهة بطوابير الجمعية تكتشف أنها من أجل الحصول على قنينة من بول البعير الذي يشفي من جميع الأمراض.
لماذا نذهب بعيدا.. لابد وأنكم تذكرون جريدة مصر الأولي وكيف كانت يوما متعة ننتظرها بشوق ولهفة. حتى من كان لا يملك ثمن كتاب، كان يكفي بقروشه القليلة أن يدخل من خلال صفحاتها إلى العوالم المسحورة لمحفوظ والحكيم ولويس عوض ويوسف إدريس وحسين فوزي.. وعندما تركها هؤلاء الرواد ماذا أصبحت على أيدي أجيالكم؟ هل نسترسل أم أنتم تعلمون؟ صفحات من المتاجرة بالدين وتسطيح العلم. من تغييب العقول والحض على الكراهية.. حتى البقية الباقية من الرجال المحترمين آثر معظمهم السلامة وتحصنوا ببروجهم العاجية لا يتناولون في كتاباتهم إلا مواضيع هامشية وأفكار مجردة معزولة تماما عن المعركة المصيرية التي يواجهها مجتمعهم بين قوى التقدم وجحافل الرجعية.
محفوظ قد دفع ثمنا غاليا لمسيرته التنويرية .. الأصابع العبقرية التي خطت أولاد حارتنا وغيرها من الدرر قد عجزت عن الكتابة منذ الهجمة الجبانة الآثمة.
ولكن الرجل العظيم قد ترك ملحمته الخالدة بين أيديكم. فإن شئتم انشروها على الملأ بفخر واعتزاز وإن شئتم اخفوها وتبادلوها سرا كالبضاعة الممنوعة.
فقط دعوا الشيخ الجليل في سلام ولا تطالبوه بأن يحارب لكم معركتكم.. إنها حياتكم وحياة أبنائكم..
لقد سلمكم محفوظ الشعلة المقدسة فلو شئتم حافظوا على الذبالة الباقية عسى أن تتوهج من جديد ولو شئتم اتركوها تخمد واقبعوا في كهوف الظلام.



#ليلي_فريد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رصاص في المسجد واختطاف الإمام.. حادث يشعل المنصات اليمنية
- يا غنماتي.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد على القمر الصنا ...
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- أكسيوس: فوز ممداني جعل نبرة كراهية الإسلام عادية في أميركا و ...
- انتخابات الصوفية بمصر.. تجديد بالقيادة وانتظار لبعث الدور ال ...
- حاخام يهودي دراغ.. صوت يرتفع دفاعا عن الإنسانية
- ثبتها حالاً تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعر ...
- “تحديث ثمين” تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصناعية بإشار ...
- شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية ...
- عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليلي فريد - محفوظ قد سلمكم الأمانة كاملة أنتم من أضاعها